أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (20 شعبان 1445) إلى الأضرار التي خلفتها الأمطار والفيضانات الأخيرة في المناطق الجنوبية من سيستان وبلوشستان، منتقدا قصور السلطات في حل مشكلات أهل هذه المناطق.
وقال فضيلته: بدلاً من التخطيط وإنفاق الأموال على “مشروع سواحل مكران”، وهو مشروع كبير وطموح، على المسئولين أن يقوموا بإعمار البنى التحتية للمناطق المتضررة من الفيضانات، والتي تتعرض للفيضانات والمشكلات كلما نزلت الأمطار.
لماذا لم تتمكن السلطات من التخطيط للوقاية من أضرار الفيضانات في جنوب بلوشستان؟!
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: للأسف هذه المرة الأخرى التي تعرضت فيها منطقة دشتياري والمناطق الجنوبية من سيستان وبلوشستان للفيضانات، وفشلت السلطات في هذا المجال. كانت أهالي هذه المناطق يدعون من أجل المطر وينتظرونه، ولكن الآن بعد أن هطلت الأمطار بعد عدة سنوات من الجفاف، دمرت حياتهم. لماذا لم تتمكن سلطات البلاد من التخطيط في هذه المجالات حتى يتم إصلاح البنى التحتية بالخبرة المناسبة وتتصدى لأضرار هذه الفيضانات؟
وتابع فضيلته قائلا: بنيت العديد من السدود من غير خبرة في إيران، وهناك عدد قليل من السدود في البلاد التي تتبع مبادئ وقواعد بناء السدود، ولم يتم التخطيط السليم للسدود أيضًا؛ بحيث المياة المتجمعة ورائها إما تتبخر، أو كان هناك مياه خلف السد وكانت الأهالي أسفل السد متعطشون، ولم تعط لهم من هذه المياه بسبب التوقعات الخائطة، وبسبب التنبؤات السيئة خلال موسم الأمطار فاضت المياه وتضررت المناطق.
وصرح فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: كان على مسؤولي النظام أن يخططوا وينفقوا لحل مشكلات أهل هذه المناطق، بدلاً من التخطيط والإنفاق على “مشروع سواحل مكران” الذي هو مشروع كبير وطموح، وبدلاً من جلب الناس من مناطق أخرى وتوطينهم على الشواطئ، لا تتركوا سكان هذه الشواطئ يغرقون في المياه وتدمر حياتهم. النفقات التي تريدون إنفاقها على شواطئ مكران وإقامة الآخرين على هذه الشواطئ، اصرفوها على أهالي هذه المناطق، وقوموا بحل مشكلات البني التحتية الخاصة بهم، فهؤلاء إيرانيون، ولماذا لا تعملون لمصلحة هؤلاء الذين يتعرضون دائماً للعواصف والفيضانات؟!
وأضاف قائلا: المياه التي تخرج من إيران وتصب في البحر هي مياه كثيرة؛ كان عليكم أن تحافظوا عليها، فبدلاً من تحلية مياه البحر، وهو مشروع جيد بالطبع، كان الأفضل والأقلّ تكلفة الحفاظ على مياه الأمطار واستخدامها، والتي هي أفضل المياه.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: للأسف في بلادنا أحياناً يتم صرف الأموال والاستثمارات لمشاريع كبيرة جداً، في حين أن بعض هذه المشاريع تكون خيالية، ولا نعرف من هم خبراء هذه المشاريع، ولكن بدلاً من هذه المشاريع الكبيرة، من الأفضل الاهتمام بشعب إيران الذي ليس لديه خبز ليأكله ويضيع بسبب الفقر والجوع. إذا كانت في البلد ثروات، فإن أفضل استخدام لها هو هذا الشعب. إن الاهتمام بالوطن أهم وأكبر من أي برنامج ومشروع آخر، وينبغي الاهتمام بالشعب حتى لا يقع في الفقر، فإن الفقر والجوع يؤديان إلى الفساد والبؤس.
وأضاف فضيلته قائلا: للأسف فقدت عملة بلادنا التي هي رصيد الوطن والشعب قيمتها، وانخفضت كثيراً قيمتها بين عملة كافة البلاد المجاورة والبعيدة، ومن المهم ألا يصاب شعبنا بالحرج أمام البلاد الأخرى بسبب عدم قدرتها على سداد ديونها، فالحفاظ على الشعب أمر حيوي ومهم ومؤثر.
على أهالي المنطقة الأعزة مساعدة متضرري الفيضانات
وأعرب فضيلة الشيخ عبد الحميد عن ارتياحه للأمطار الأخيرة وقال: لا ندري كيف نشكر الله تعالى على أنه أنزل علينا أمطار الرحمة بعد يأس وسنوات عديدة من الجفاف، وغطت هذه الأمطار الغزيرة التي فاجأت العديد من خبراء الطقس، جميع مناطق إيران وكذلك أفغانستان.
وتابع قائلا: لقد عانى شعب إيران وأفغانستان، وخاصة شعب منطقة سيستان من الكثير من المعاناة والمصاعب في فترات الجفاف الطويلة الماضية، ونأمل أن تنتعش البحيرات الجافة مع هطول الأمطار الغزيرة التي هطلت على أفغانستان وإيران، وأن تحل مشكلة نقص المياه.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى الأضرار الجسيمة التي خلفتها السيول في مناطق جنوب بلوشستان وقال: حاصرت السيول العديد من القرى في جنوب الإقليم وخاصة منطقة دشتياري، وانقطعت طرق الاتصالات، وقد دخلت الفيضانات إلى قرى الناس ومنازلهم ودمرت الأدوات المنزلية، والحمد لله لم يتم الإبلاغ عن وقوع خسائر في الأرواح حتى الآن، ولكن بالنظر إلى أن هذا الموسم هو أفضل موسم للزراعة في جنوب محافظة سيستان-بلوشستان، فقد تضرر العديد من المنتجات والمحاصيل الزراعية وهلكت.
وتابع فضيلته قائلا: من الضروري إرسال مساعدات شعبية لأهالي القرى التي غمرتها الفيضانات في جنوب المحافظة وأن تقوم المنظمات الحكومية بواجباتها في هذا الشأن، وإن مؤسسة محسنين الخيرية في زاهدان، وهي إحدى المؤسسات الشعبية، استقرت في مدرسة نوبنديان الدينية، وتقوم بجمع وتوزيع مساعدات الناس للتعاون مع متضرري الفيضانات. يقال إن المتضررين في المناطق التي غمرتها الفيضانات بحاجة إلى جرافات وحفارات ميكانيكية وطعام وبطانيات.
وأضاف: مساعدة الناس واجب إنساني، ويجب علينا أن نحاول إنقاذ الحيوانات أيضا. كان العلامة عبد العزيز رحمه الله يقول: إن الإنسان إذا اعتنى بمن أصابته مصيبة كان الرجاء عظيماً أن لا يبتليه الله تعالى بالبلاء والمصيبة، ولذلك فإن مساعدة الإنسان هو عمل إلهي وخيري، وقد شجع الإسلام على هذا العمل، كما شجعت جميع ثقافات العالم على هذا الأمر.
لن ينسى التاريخ محرقة غزة
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخرمن خطبته إلى أوضاع أهل غزة المظلومين وقال: للأسف استشهد أكثر من 30 ألف من سكان غزة حتى الآن، واليهود المقربون من “الصهيونية” ارتكبوا مجازر في غزة لن ينساها التاريخ، وبطبيعة الحال، فالإنسانية مهمة بالنسبة لنا، وإذا انتهك المسلمون حقوق اليهود فسوف نلومهم، كما نلوم غير المسلمين على التعدي على المسلمين، وقلنا: إنه لا ينبغي انتهاك قوانين الشريعة وحقوق الإنسان.
وتابع فضيلته قائلا: يتم استهداف أهل غزة النازحين والمشردين حتى وهم في طوابير للحصول على الخبز والمساعدات الإنسانية، وهذا أمر مؤلم للغاية، هؤلاء الشعب ليس لديهم طعام لأنفسهم ولأطفالهم، والكثير منهم يتناولون الأعشاب في عصر أصبح العالم متواصلا بعضه مع بعض، ويرى الناس في العالم هذه المشاهد، فإن الأمر صادم حقًا ويسبب الكراهية.
ولستطرد خطيب أهل السنة في زاهدان: عندما لم ينس اليهود المحرقة ويذكرونها دائما على أنها مظلومية تاريخية، فلماذا يصنعون محرقة أخرى الآن؟! نأمل أن يوقف الله تعالى الحرب بين إسرائيل وفلسطين وأن يتم حل هذا النزاع الطويل الأمد إلى الأبد حتى يتمكن هؤلاء الأشخاص من العيش معًا دون قلق.
اعتنوا بالمسجد المكّي و جامعة دار العلوم زاهدان
وأوصى فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأخير من خطبة الجمعة التي أقيمت في الجامع المكي بسبب المطر والبرد، عامة المصلين بالاهتمام بالجامع المكي وجامعة دار العلوم زاهدان، وقال: تنتهي الأعمال النهائية لبناء المسجد، ولكننا مدينون بشدة لتوفير مواد البناء وأيضا لدفع أجور العمال، لذلك نطلب منكم أيها الأعزاء المساعدة في استكمال المسجد، فهذا المسجد بيت الله؛ ابنوا بيت الله يبني الله تعالى بيوتا لكم في الدنيا والآخرة.
وتابع قائلا: جامعة دار العلوم زاهدان هي أكبر المراكز العلمية وتواجه مشكلات وتحديات، وفي هذا الشهر وفي شهر رمضان المبارك، وهما أشهر الصدقات والزكاة، اعتنوا بالمسجد المكي و جامعة دار العلوم زاهدان وغيرهما من المساجد والمدارس الدينية.
تعليقات