فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

الشرق الأوسط هو الشريان الحيوي للعالم ويجب إبعاده عن التوتر والصراع

الشرق الأوسط هو الشريان الحيوي للعالم ويجب إبعاده عن التوتر والصراع

وصف فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (10 شوال 1445) بزاهدان، الشرق الأوسط بأنه “الشريان الحيوي للعالم، خاصة في مجالي التجارة والطاقة” محذرا من عواقب أي حرب وصراع وتوتر في الشرق الأوسط.

ينبغي للعالم أن يساعد لإنهاء التوترات
وأشار فضيلته إلى الأحداث والتوترات الأخيرة بين إيران وإسرائيل، قائلا: الحقيقة أن إيران أظهرت ضبطا للنفس في هذا الأمر؛ لقد تم استهداف القادة الإيرانيين في سوريا ولبنان، وأظهر المسؤولون في إيران ضبط النفس حتى لا تقع الحرب، وفي الحادثة الأخيرة التي أثارت رد فعل الحكومة والعسكريين الإيرانيين، كان الهجوم على مبنى القنصلية الإيرانية في سوريا، والذي قُتل فيه عدد من كبار القادة.
وأضاف: القنصليات تعتبر مراكز مهمة ودبلوماسية لكل دولة، وبالطبع هناك اختلاف في الرأي حول ما إذا كانت قنصلية دولة ما تعتبر جزءاً من أراضي تلك الدولة أم لا، لكن العالم كله متفق على أن القنصليات تمثل الدول وتحترمها كل دولة ولا يجوز مهاجمتها، لكن إيران ردت على الهجوم الإسرائيلي على قنصليتها في سوريا، وأعلنت أن هذا الرد كان بمثابة ردع، وذلك بهدف منع إسرائيل من القيام بمثل هذه الهجمات مرة أخرى.
واستطرد خطيب أهل السنة: إن الشرق الأوسط منطقة خاصة ومميزة للغاية وتختلف عن أجزاء أخرى كثيرة من العالم؛ يعد الشرق الأوسط الشريان الحيوي للعالم وأحد المراكز المهمة في العالم، خاصة في مجالات التجارة والطاقة، وجميع الدول دون استثناء لها مصالح في الشرق الأوسط، وإن وقعت منطقة الشرق الأوسط في نيران الحرب، فإن العالم كله سيعاني في مختلف المجالات، ولذلك ينبغي إبعاد منطقة الشرق الأوسط عن التوتر والصراع.
وأكد فضيلته قائلا: إذا ردت إسرائيل على هجمات إيران فقد ارتكبت خطأ. إلى متى ستستمر الحرب والصراع؟! يجب على العالم كله أن يتحد وأن يساعد في إنهاء التوترات والصراعات.

“القضية الفلسطينية” هي السبب الرئيسي للخلافات والتوترات؛ وينبغي لجميع البلدان التركيز على حل هذه المشكلة
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد: الموضوع الأساسي للخلافات والتوترات هو القضية الفلسطينية، وإلا ليس بين إيران وإسرائيل والدول الأخرى خلافات، وكل الصراعات مرتبطة بالقضية الفلسطينية، ولم يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من حلها على الرغم من مرور عدة عقود، ونتيجة لذلك فقد الكثير من الناس حياتهم في الحروب وآخرها حرب غزة التي قُتل فيها أكثر من 35 ألف شخص معظمهم فلسطينيون، ودمرت حياتهم.
وقال خطيب أهل السنّة في زاهدان: على الجميع أن يركزوا على حل القضية الفلسطينية، ومساعدة إيران في هذا المجال مؤثرة، ويجب على إسرائيل أيضاً أن تتعاون وعلى أوروبا وأمريكا وجميع الدول التي لها مصالح في القضية الفلسطينية أن تعمل معا لحل هذا النزاع. إذا لم يكن هناك عناد في القضية الفلسطينية، يمكن حلها. يجب إعادة الأراضي المحتلة إلى الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، كما تمت الموافقة على إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة في الأمم المتحدة.
وأضاف: حل القضية الفلسطينية هو لصالح العالم أجمع ولصالح الفلسطينيين وإسرائيل، ولا يستطيع أي من الطرفين أن يدمر الطرف الآخر، لذلك يجب على الجميع البحث عن حل عادل حتى لا تضيع حقوق أحد، فلو تركت القضية الفلسطينية للشعب لكان حلها سهلا، لكن السياسيين والأقوياء تولوا القضية.

بالحرب يتضرر الجميع
وصرّح فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: ننصح كافة أبناء المنطقة المنخرطين في القضية بشكل أو بآخر وجميع الأطراف والجماعات، بأن الحرب والصراع لا ينفع، ويجب أن تتوقف الحرب في غزة، وأن يتم التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، ويجب على العالم أن يقنع إسرائيل بالوقف الفوري لإطلاق النار.
وأضاف: في الوضع الحالي، ليست منطقة الشرق الأوسط فقط، بل العالم كله لا يمكنه تحمل حرب أخرى، ففي الحرب يتضرر الجميع، وعلى الجميع تجنب الحرب والتوتر، والاهتمام بحقوق بعضهم البعض والحلول العادلة والمنصفة.

على دوريّة الإرشاد أن تقوم بواجبها وهو “الإرشاد” وليس اللجوء إلى العنف
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من كلمته خلال خطبة الجمعة في زاهدان إلى قضية “دوريات الإرشاد” في البلاد، وقال: إن القضية التي تؤلمنا كثيرًا وتقلقنا جميعًا هذه الأيام هي قضية “دوريات الإرشاد” والعنف مع النساء. إن مسألة “العفة” و”الحجاب” مسألة شرعية، وتغطية الرأس واجبة عند أهل السنة، وهذا حكم شرعي، لكن جلب هذه القضية إلى العنف ليس بصواب.
وأضاف: نعتقد أن دورية الإرشاد يجب أن تقوم بواجبها وهو “الإرشاد”، وفي إيران تم التخلي عن بعض أركان الدين؛ فالصلاة والزكاة والصيام من أركان الدين وهي أهم من الحجاب، ولكن هناك حساسية مفرطة في مسألة الحجاب، حتى أن الرجال يدخلون، ويدفعون الفتيات، ويقولون لهن كلمات غير لائقة، ويمسكون بأيدي النساء وأقدامهن ويرمونهن في السيارة. أي شريعة أذنت بهذا؟! الشريعة التي جعلت الحجاب واجبا، نفس تلك الشريعة لم تسمح لرجل أجنبي أن يمس يد المرأة ويجرها.

تعتقد النساء أن كرامتهن لم تحفظ وتعرضن للتمييز في النظام الإسلامي
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: لماذا لا يُسأل العلماء والأكاديميون عن رأيهم في هذا الأمر؟ كان النبي صلى الله عليه وسلم يشاور الصحابة والشباب والرجال والنساء. الإسلام ليس حكما سياسيا فقط، ولم يكن الحكم الإسلامي مجرد أحكام وأوامر، بل كان حكمًا شعبيًا ويُستشار الناس فيه.
وتابع: نفس هؤلاء النساء الإيرانيات كن يرتدين الحجاب في الماضي. جميع الرجال والنساء الإيرانيين كانوا يصلون ويصومون في الماضي، ولكن يجب علينا دراسة سبب قيام بعض النساء بخلع الحجاب. علينا أن نجلس مع هؤلاء النساء ونستمع لهن؛ تعتقد النساء أنهن لم يصلن إلى مكانهن في ظل هذا النظام الإسلامي وتعرضن للتمييز. نحن أيضا نعتقد أن حقوق المرأة تم إهمالها؛ وخلال هذه السنوات لم يتم انتخاب رئيس أو وزير من بين النساء وكذلك من بين الأقوام. عليكم أن تجلسوا مع النساء، وتستمعوا لهن، وتقنعوهن، أو تفكروا في حقوقهن. الجماعات القومية والمذاهب لديها أيضا قضايا ومشكلات؛ يجب الجلوس والاستماع إلى كلامهم.

الحفاظ على كرامة المرأة هو احترام المجتمع كله
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان: يجب الحفاظ على كرامة المرأة، فهؤلاء النساء شرف الشعب، واحترام المرأة هو احترام المجتمع كله. أن يقوم الرجال بالقبض على النساء والتحقيق معهن، إذا كان مثل هذه الأمور متوافقة مع الشرع ونحن مخطئون، نرجو أن يقنعونا.
وصرح فضيلته: ينبغي أن نفكر في هذه المسائل. إذا لم يكن هناك تخطيط وحكمة، سوف تنشأ المشكلات، والإسلام دين الحكمة والتخطيط والمشورة والتفكير الصحيح. احرصوا على الحكمة حتى لا يسيء إلينا الأعداء ولا يضحكوا علينا. يجب علينا أن نتصرف بطريقة لا يهرب فيها الناس من الدين بعد الآن.

حالة اقتصاد البلاد حرجة للغاية
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى مشكلات البلاد الاقتصادية، قائلا: من أهم المشكلات الحالية في البلاد هي المشكلات الاقتصادية. الوضع الاقتصادي حرج للغاية.
وتابع فضيلته: المشكلات الاقتصادية لا يمكن حلها عن طريق المديرين الاقتصاديين فحسب، لأن الاقتصاد مرتبط بالسياسات والتعاملات الداخلية والخارجية.
وأضاف خطيب أهل السنّة: للأسف تركت المصالح الوطنية التي تخص الشعب كله لحالها ولم تفعل السلطات شيئاً. حل هذه القضايا يتطلب التشاور، وينبغي للمسؤولين الجلوس والتشاور مع الخبراء. نظام البلاد هو النظام “الجمهوري” و”الإسلامي”، وكلاهما يؤكدان على استشارة الشعب ورأيه.
وأضاف: الإسلام، وخاصة تفسيرنا للإسلام، لديه الكثير من القواسم المشتركة مع الديمقراطية، وإذا نظرت إلى أحداث صدر الإسلام وسيرة سيدنا علي رضي الله عنه، ستجد أن كل شيء يقوم على الاختيار والمشورة والاستماع للناس.

في الأمطار الأخيرة، لم تتم إدارة المياه وصيانتها بشكل صحيح
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من كلمته إلى الأمطار الأخيرة في سيستان وبلوشستان، وقال: الحمد لله، هطلت أمطار جيدة في المحافظة هذا الأسبوع، ورغم حدوث فيضانات، إلا أن هذه الفيضانات لم تكن بنفس شدة الأمطار السابقة، وغطت أجزاء أخرى من المناطق الجنوبية بالمحافظة.
وأضاف: في هذه الأمطار لم تحدث أضرار كثيرة في مناطق مثل زرآباد ودشتياري، لأن السدود تم تفريغها قبل هطول الأمطار، لكنها تسببت في أضرار في مناطق مثل كهير وكنارك، حيث لم يتم تفريغ السدود.
واستطرد: للأسف بعض المسؤولين لا يملكون صلاحيات إدارية ولم يلتفتوا إلى توصيات تفريغ السدود، وفي رأينا يجب محاسبة هؤلاء المسؤولين، ويجب محاسبة أي مسؤول يسبب الإضررا للناس بسبب عدم قيامه بواجبه.
وتابع قائلا: للأسف في هذه الأمطار لم تتم السيطرة على مياه الأمطار وصبت في البحر أو خرجت من البلاد، ولو تمت إدارة هذه المياه وصيانتها لكانت كافية لسنوات. الحفاظ على المياه لا يتطلب الكثير من المال، بل يتطلب التخطيط السليم. وبطبيعة الحال، نحن لا نقول إن الناس على الجانب الآخر من حدود البلاد لا ينبغي أن يعطوا الحق في الحصول على المياه، ولكننا نقول إن المياه لابد أن تدار على النحو الذي يسمح لنا نحن وسكان الحدود بالحصول على حقهم.

يجب على العلماء ورجال الدولة وعامة الناس أن يكونوا عاملين
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأول من كلمته خلال خطبة الجمعة في زاهدان، على ضرورة العمل و تابع قائلا: إن الله تعالى يقول: “يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون”. كافة فئات وشرائح المجتمع من علماء ورجال الدولة والحكام وعامة الشعب هم المخاطبون في هذه الآية، فالمهم هو العمل. علينا جميعا أن نكون عاملين. أمرنا الله تعالى أن نكون عاملين لما نقول، فإذا تكلم العلماء عن التقوى على المنبر ولم يلتزموا بالتقوى فإن ذلك يسخط الرب ويجعل كلامهم بلا تأثير، وسر نجاح الأنبياء والصحابة وأهل البيت أنهم عملوا بما قالوا.
وتابع قائلا: إذا نظرنا إلى سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي كان قدوة للعالم أجمع وخاصة للمسلمين، سنرى أنه صلى الله عليه وسلم كان يعمل أفضل مما يقول، وكان هذا سر نجاحه صلى الله عليه وسلم، وتأثيره في المجتمع، وكل يوم كان يزداد أتباعه والمضحون من أجله، وكان إبراهيم عليه السلام يتبع أوامر الله دون أن ينظر إلى نفسه أو إلى ضرره. كان المسلمون في صدر الإسلام عاملين ومعلمين للأخلاق وأتباعًا للأخلاق، وكانت معتقدات وأخلاق وممارسات الصحابة والمسلمين في صدر الإسلام مثالية.

لا شيء أكثر تأثيرا من الصدق
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: للأسف، يعاني المسلمون اليوم من ضعف العمل. ليس هناك ضعف في القرآن والسنة وتعاليم الدين الذي هو منهج حياتنا نحن المسلمين، ولكن الضعف فينا نحن المسلمين. اليوم هناك وهن في المجتمع، ومن ينصح غيره بالتوبة، لا يتوب إلا قليلا. أولئك الذين يوصون غيرهم بالتقوى، إذا لم تكن هذه الوصايا من أجل المجالس وخداع الآخرين، فلماذا لا يتقون هم بأنفسهم؟! عندما ندعو الآخرين إلى مخافة الله، علينا أن نخاف الله في أنفسنا.
وأكد فضيلته: على جميع المسلمين، وخاصة العلماء والمسؤولين، العمل على ما يقولون، فلا شيء أكثر تأثيرا من الصدق. تأثير الكلام بدون الصدق مؤقت. الصدق والدين والأمانة والتقوى والعمل أمور حيوية ومهمة للغاية، ويمكن أن تغير العالم وتؤثّر على الآخرين.

يجب أن نكون صادقين مع الله ومع الناس
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: علينا جميعا أن نعيد النظر في حياتنا ونقوم بتغييرات حقيقية في حياتنا. لا يكفي أن تكون عالمًا فحسب، بل يجب على العالم أيضًا أن يعمل ويتقي الله ولا يكذب أبدًا في حياته، ومقتضى الإيمان هو الخضوع للرب والبعد عن الخداع والرياء، ويجب أن نعلم أن الله حاضر دائما ويراقب أعمالنا، ولا نستطيع أن نخفي شيئا عن عين الله عز وجل، فإذا ارتكب الإنسان جريمة خلف الستار وخان، فإن الله تعالى يرى تلك الخيانة ويكشفها ويخزيه. إذا خاف العبد الله في السر والخلوة وعمل عملاً صالحاً، أظهره الله للآخرين.
وأكد قائلا: يجب أن نكون صادقين مع الله ومع الناس. إن النفاق مبغوض في نظر الله وعند عباده، ويتسبب في خزي الإنسان في الدنيا والآخرة، ولكن الصدق يزيد في كرامة الإنسان وقدره في الدنيا والآخرة.

لا بدّ من التخطيط لتعليم أولادنا
ونصح فضيلة الشيخ عبد الحميد في ختام كلمته عامة الشعب بتعلم العلم، وقال: العلم والمعرفة مصدر نمو الأمم. نصيحتي لجميع الشعب الإيراني، وخاصة لسكان المحافظة، الاهتمام بالعلم، ولا ينبغي للأسرة أن تشغل أبنائها بالشؤون الدنيوية فقط، بل تحاول أيضاً اكتساب العلم والمعرفة.
وأضاف: خططوا بإقامة دورات خلال العطلة الصيفية عندما يكون التلاميذ في عطلة، حتى يتمكنوا من اجتياز الامتحانات بسهولة، ويجب أن تكون العطلات أيام تقوية للدروس، ويجب أيضًا التخطيط لتعلم القرآن خلال هذه العطلة. خير الأسرة هي التي تهتم بتربية أبنائها وتعليمهم، وليس بعد الإيمان ثروة أفضل وأعظم من الأولاد.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات