جاءت امرأة من العرب إلى سوق بني قينقاع في المدينة المنورة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلست إلى صائغ يهودي في سوق بني قينقاع. حاول يهود هذه القبيلة التعرض لها، حيث طلبوا منها أن تكشف عن وجهها، فأبت عليهم، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت عورتها، فسخر منها اليهود، فصاحت مستنجدة، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، فهجمت يهود بني قينقاع على المسلم وأردوه قتيلاً، فاستنجد أهل المقتول بالرسول صلى الله عليه وسلم، فحاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان بعدها ما كان من نزولهم على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم وطردهم من المدينة جزاء نقضهم للعهد الذي كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم. لقد غامر ذلك المسلم بحياته من أجل امرأة مظلومة لا يعرفها، ولم تكن حتى مسلمة. رباه النبي صلى الله عليه وسلم على إغاثة الملهوف، والملهوف في اللغة هو المظلوم الذي ينادي ويستغيث.
وفي عام 90 للهجرة أراد ملك جزيرة الياقوت التي أصبح اسمها فيما بعد سيلان، واسمها الآن سيرلانكا أن يتقرب من الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق، فأهدى إليه نسوة مسلمات ولدن في بلاده مات آباؤهن هناك، وكانوا تجاراً في تلك البلاد. تعرض قراصنة من ديبل للسفينة التي كانت تحمل أولئك النسوة بالإضافة إلى الهدايا التي أرسلها الملك لوالي العراق -وديبل هذه مدينة قديمة كانت في نواحي كراتشي- بتحريض من الملك داهر -والملك داهر كان آخر الحكام الهندوس في السند- استولى القراصنة على السفينة بما فيها ومن فيها، فصرخت امرأة من النساء الأسيرات: “واحجاجاه” مستنجدة به، فبلغ ذلك الحجاج، فغضب وأرسل ابن أخيه محمد بن القاسم على رأس جيش يزيد عدده على عشرين ألف مقاتل لمعاقبة داهر عن ظلمه. انتصر المسلمون على داهر وجيشه في السند، وكسروا شوكة عدوهم، وكان ذلك إيذاناً بفتح السند. إذن كانت الصرخة التي أطلقتها تلك المرأة المظلومة سبباً في تجهيز جيش كبير، والانتقام من الظالمين، وفتح السند. لبى المسلمون أصحاب النخوة والشهامة والمروءة نداءها، لأنهم كانوا نشامى لا يقبلون الضيم على أنفسهم ولا على غيرهم من الضعفاء.
وحين طغى إمبراطور الروم واسمه توفيل ميخائيل، واعتدى على المدن والقرى في بلاد الإسلام، حيث قتل وأحرق ودمر، صاحت امرأة من النساء المظلومات تستنجد بالمعتصم: “وامعتصماه”، فاتنفض المعتصم، ونادى بالنفير العام. وقبل أن يسير سأل العارفين ببلاد الروم عن أي بلادهم أمنع وأحصن، فقالوا له: عمورية. وكانت عمورية آنذاك مركزاً لنصارى الروم تمثل قوتهم، فسار إليها، وحاصرها في شهر رمضان من عام 223هـ، واستطاع أن يفتح عمورية بعد خمس وخمسين يوماً من الحصار والقتال.
صيحة امرأة مظلومة واحدة كانت سبباً لسقوط أمنع وأحصن قلاع الروم آنذاك وهي عمورية.
حين يرى من يملك نخوة أو شهامة أو مروءة ضيماً على ضعيف عاجز عن رد الظلم عن نفسه لا يستطيع أن يقف مكتوف اليد، ولا يستطيع السكوت على ذلك الظلم، فالمسلم الذي رأى امرأة تهان في سوق بني قينقاع لم يتخاذل ولم يضعف بل دفعته نخوته إلى قتل المعتدي رغم أن الصائغ المعتدي كان يهودياً، وكان في قومه، وكانوا كلهم يهود مثله، لم يخشاهم، ولم يبال بالعواقب، ولم يأبه بعددهم ولا قوتهم، بل انطلق إلى المعتدي، ووضع حداً لتجاوزه. دفعته نخوته إلى أن يغيث الملهوف.
واليوم كم من امرأة مظلومة في كشمير تصرخ، وهي مظلومة. تستنجد بإخوانها في الإسلام وإخوانها في الإنسانية. تستنجد بأصحاب النخوة والشهامة والمروءة، ولا مجيب! الهندوس الغاصبون لكشمير يقتلون ويحرقون ويرتكبون أبشع الجرائم في حق الشعب الكشميري الأعزل، حيث يقتل الشيوخ والأطفال والرجال بأشنع الوسائل الهمجية، وتُقتحم البيوت بالقوة وتُهتك أعراض النساء، حتى أعتى المجرمين يستنكفون عن مثل هذه الأفعال المخزية في حق الإنسانية. يمكننا أن نقول إن ما يحدث في كشمير هو إرهاب دولة، لأنهم يحكمونها بقانون الغابة. وإذا كان الحجاج بن يوسف الثقفي لم يستطع النوم قرير العين حين تناهى إلى سمعه صوت تلك المرأة المظلومة، وهي تستنجد به بصرختها المشهورة في التاريخ، بل جهز جيشاً بقيادة محمد بن القاسم ووجهه إلى الظالمين الذين طغوا في البلاد وآذوا العباد، ليردعهم عن ظلمهم، ويجازيهم على فعلهم، غير آبه بالعواقب وهو يخوض ذلك العالم المجهول، فحين يقع الظلم يزول كل خوف، وتختلف الحسابات. هكذا يكون أصحاب النخوة الذين يسبق فعلهم قولهم. نعم يفكرون ويخططون، ولكنهم لا يثرثرون دون طائل. والمعتصم بالله الخليفة العباسي صاحب النخوة والعزة وجه جيشاً عظيماً لرد كرامة امرأة وقعت في براثن ظلم الجيش الروماني الجبار، منتقماً من الطغاة والجبارين، ولم يكتف بذلك بل فتح عمورية وهي أمنع وأحصن مدينة رومانية آنذاك، ولم يبال بجبروت الرومان وقوتهم وعدتهم وعتادهم، ولا بالمتخاذلين الذين خوفوه من الذهاب إلى عمورية.
أين نحن اليوم من هذه النخوة والمروءة والكرامة؟ هل فقدنا كرامتنا؟ نسمع صراخ وعويل الشعب الكشميري الأعزل الذي مُنع عنه كل شيء، لا طعام ولا شراب ولا لبن للأطفال ولا دواء ولا علاج ولا رحمة ولا إنسانية، أصبحت كشمير اليوم ومنذ أربعة أسابيع سجناً كبيراً لا يسمح لأحد بالخروج منه ولا الدخول فيه. انقطعت صلته بالعالم وصلة العالم به، حتى المندوبين الدوليين الذين أرسلتهم المنظمات الدولية لم يسمح لهم بالدخول في كشمير. لماذا؟ ماذا يخفون عن العالم؟ هل يريدون إبادة الشعب الكشميري؟ هل يريدون تحويل المسلمين فيها من أغلبية إلى أقلية بالقضاء عليهم، والسماح للهندوس بالتوطن فيها، بل حثهم على ذلك ودفعهم إليه؟ نسمع صرخاتهم وصيحاتهم، ونرى صورهم وهم يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب. وإمعاناً في الظلم والبغي وتمادياً في جنون العصببية الهندوسية، قامت الهند بإلغاء الحكم الذاتي المحدود لإقليم كشمير، وفرض حظر للتجول فيها، مما جعل الحياة في كشمير أشبه بجهنم. كشمير اليوم تغرق في بحر من الدماء، وتعيش في جو من الحرمان حتى من أبسط الحقوق الإنسانية.
الشعب الكشميري ينظر إلينا كثيراً، وينتظر منا كثيراً ولكنه لن ينتظرنا كثيراً، فهذا قانون الله، لأننا إذا لم نؤد واجبنا تجاههم فسوف يأتي الله بقوم غيرنا، ثم لا يكونون مثلنا يحقق بهم الله إرادته، فالله غالب على أمره.
لقد اصبحنا نسمع الحقائق من حولنا كانها قصة من الخيال نتاثر بها كانها ضربة في الكوع و لكن للاسف سرعان ما ينتهي هذا الالم و يقع الاختيار على اضعف الايمان
و شباب الامة يقاتلون ليل نهار رجالا و نساء بجميع انواع الاسلحة و بكل ما أوتوا من قوة و لكن في لعبة البوبجي
لقد وفر لهم اعداء الامة ما يفرغون به طاقاتهم و غضبهم
و لك الله يا كشمير
لقد اصبحنا نسمع الحقائق من حولنا كانها قصة من الخيال نتاثر بها كانها ضربة في الكوع و لكن للاسف سرعان ما ينتهي هذا الالم و يقع الاختيار على اضعف الايمان
و شباب الامة يقاتلون ليل نهار رجالا و نساء بجميع انواع الاسلحة و بكل ما أوتوا من قوة و لكن في لعبة البوبجي
لقد وفر لهم اعداء الامة ما يفرغون به طاقاتهم و غضبهم
و لك الله يا كشمير