اليوم :28 April 2024

فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

الولاية المطلقة خاصة بالله تعالى

الولاية المطلقة خاصة بالله تعالى

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (22 صفر 1445) إلى تبيين واجبات الحاكم في النّظامين الإسلامي والديمقراطيّ، فذكر “التواضع” و”الشعبية” و”خدمة الوطن” كأهمّ خصائص الحاكم في هذين النظامين.

لا قيمة للسّلطة إلّا إذا كانت لخدمة الشعب
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد: إن الله تعالى يحذر الإنسان من أن تخدعه الدنيا، في بعض الأحيان الثروة تسبب الكبرياء. قال تعالى: «إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى». في بعض الأحيان يسبب النسب الفخر، وفي بعض الأحيان يسبب المنصب والمكانة الفخر، في حين أن هذه كلها نعم ويجب على الإنسان أن يشكر ربّه على هذه النعم.
وتابع قائلا: إذا كان للإنسان منصب وسلطة وحكومة، فلا ينبغي أن يفتخر، لأنّ السلطة هي أيضا نعمة واختبار من الله تعالى؛ ربما كان هناك أصحاب سلطة فقدوها ولم يجدوا مكانا للعيش في الدنيا. لم يكتب الخلود والدوام لنعمة. لقد تواضع البعض لما وصلوا إلى السلطة لأنهم كانوا يعلمون أن هذه السلطة ليست مستقرة ودائمة، واعتبروا السلطة فرصة عظيمة لخدمة الشعب؛ تعتبر السلطة والحكومة ذات قيمة إذا كانت في خدمة الشعب، لكن البعض عندما يصلون إلى المنصب والسلطة يقعون في فخّ الكبرياء والغطرسة ولا يعاملون المراجعين بشكل جيّد.

يجب أن يكون الحاكم “متواضعاً” و”شعبياً” و”في خدمة الشعب” وهذه هي روح الإسلام والديمقراطيّة / إذا كان الشعب غير راضين، يصبح من الصعب على الحاكم أن يستمر في الحكم
وصرح خطيب أهل السنة قائلا: هناك قواسم مشتركة كثيرة بين “الإسلام” و”الديمقراطية”. “الاستبداد” لا مكان له في الإسلام والديمقراطية، فخلاصة الحكم في الإسلام والديمقراطية هي أن يكون الحاكم شعبيا و في خدمة الشعب، والحاكم يختاره الشعب، ويمكن للحاكم أن يبقى في السلطة مادامت تؤيده الأغلبية الساحقة من الشعب ويرضون به، وإذا كان الشعب غير راضين، فيكون من الصعب استمرار الحاكم في الحكومة، وبما أن الحاكم يُنتخب بأغلبية الأصوات، فيمكنه الاستمرار في الحكم بنفس الأغلبية، ويجب أن يُحظى الحاكم بدعم الأغلبية.
وأكد فضيلتُه قائلا: لا يوجد حاكم له السلطة المطلقة. السلطة والولاية المطلقة لله تعالى فقط. الحاكم الحقيقي هو الرّبّ، وولاية الحكومات المجازية في العالم مشروطة وفي إطار القانون، وفي النّظام الإسلامي في إطار الشريعة الإسلامية. فالحكم المطلق لله تعالى، ولا شروط ولا قيود للربّ عز وجل، لأن الله تعالى له ألوهيته وملكوته، والآخرون كلهم عبيد له، ولا يمكنهم أن يحكموا بما يخالف الشريعة والقانون الذي أعطى لهم الاختيارات والشعب الذين اختاروهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: خطابي عامّ، سواء في الإسلام أو الديمقراطية، لا تستطيع أي حكومة في العالم أن تدفع البلاد نحو تيّار مخالف للمصالح الوطنية وضد إرادة الشعب ومرضاتها؛ هذا هو واحد من تلك القيود، ولذلك من المهم أن يدعم الشعب الحاكم وأن يكون الحاكم في خدمة الشعب ويهتم بمطالبه، وأن تكون مطالب الشعب حيوية ومهمّة بالنسبة له.
وأضاف قائلا: ينبغي للحاكم أن يكون متواضعا، وأن يستمتع الناس بتواضعه، وللأسف في البلد هناك الكثير ممن لا يملكون هذا التواضع. ينبغي للمرء أن يكون متواضعا أمام الناس ولا يقول: إنني وزير أو محافظ أو عضو في البرلمان أو أنا صاحب المنصب الفلاني الأعلى. كنا منذ فترة نسمع المسؤولين يقولون: “نحن خدام الشعب”، لكن الآن نسمع أقل من هذه العبارات التي تدل على شعبية المسؤولين.

يعلم الجميع أن الشعب لم يكن مخطئا في جمعة زاهدان الدموية / كان من واجب المسؤولين أن يذهبوا إلى أصحاب التعزية ويهتموا بقضاياهم
وتابع خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: سئل أحد مسؤولي المحافظة عن التعامل مع قضية الجمعة الدامية، فأجاب أنهم لم يأتوا إليّ لحل المشكلة، بل ذهبوا إلى أشخاص آخرين والعمل في يدي. (هذا المسؤول قال هذا الكلام بينما) من حيث العرف، من واجبكم أيها المسؤولون أن تذهبوا إلى من أصيب بالخسائر ويعاني من الألم، وكان من واجبكم متابعة هذه القضية، وعندما يمكن لأحد المسؤولين أن يقوم بعمل ما، عليه أن يشعر بالمسؤولية ويسعى إلى رعايتها والقيام بواجبه، ولا ينتظر مجيء الآخرين إليه.
تابع قائلا: يعلم جميع المسؤولين أن الشعب لم يكن مخطئا في جمعة زاهدان الدموية. لقد اعترف المسؤولون بهذه القضية في أماكن مختلفة، ومن القيادة إلى المسؤولين الآخرين، يعرفون أن شيئًا خاطئًا قد حدث هنا؛ عندما يحدث ظلم كان يجب عليكم تحقيق العدالة، فهؤلاء مواطنوكم، والحفاظ على سلامة الشعب من واجبات الحاكم.

إذا لم يكن هناك عدل في النظام الإسلامي فقد كتبت وفاة ذلك النظام
واستطرد خطيبُ أهل السنّة قائلا: العدل أحد المحاور المُهمّة في النظام الإسلامي. إذا لم يكن هناك عدل في نظام إسلامي وأي نظام وحكومة، فقد اقترب أجل ذلك النظام وتلك الحكومة. كما أن الحكومات الديمقراطية تقوم على محور العدالة، فإذا لم تكن هناك عدالة، فهذه الديمقراطية باطلة وعديمة الفائدة. حرية التعبير والقلم والفكر هي من المحاور الأساسية للنظام الإسلامي والأنظمة الديمقراطية.
وأضاف قائلا: الأشخاص الذين قتلوا أو بترت أطرافهم في الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها البلاد، إذا كان هؤلاء الأشخاص معهم أسلحة وكانوا يقصدون قتل ضابط، فمن حق الضابط أن يدافع عن نفسه، أما إذا ضربوا بالحجارة والعصي فليس جواب الحجارة والعصي الرصاصة الحربية، وينبغي للعلماء أن يجيبوا على هذا السؤال ما هي عقوبة الضباط الذين قتلوا هؤلاء المتظاهرين؟ هل كان من حق الضابط أن يقتل هؤلاء الناس؟ ومن لم يكن له الحق فتجب معاقبته، وماذا سيفعلون لو كانت هناك حكومة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكومة الخلفاء الراشدين وعلي رضي الله عنهم؟ ماذا حدث للمعتقلين في مراكز الاعتقال؟ هذه هي القضايا التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار، وإذا لم نحل هذه القضايا اليوم، فإننا نعلم أن هنا إلهاً وأنّ ميدان الحساب أمامنا. لقد صبرنا وصبر الشعب، ولكن هذا الصبر ليس بمعنى العفو عن الحقوق، بل على أمل الحصول على الحقوق.

الناقد ليس عدوك؛ بل هو محسن إليك ومشفق عليك
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: إحدى المشكلات الموجودة منذ الماضي، هي عدم محاسبة المسؤولين. تمت كتابة رسائل مهمة إلى العديد من المسؤولين رفيعي المستوى، لكن لم يتمّ الردّ على هذه الرسائل، والعديد من هؤلاء المسؤولين لم يسمحوا للمواطنين باللقاء والتعبير عن مشكلاتهم وآلامهم. وفي سائر البلاد تكون هذه القضايا قليلة جدًا والمسؤولون يستمعون للشعب ويردون على الرسائل.
وأضاف قائلا: في الكثير من أنظمة العالم، تعمل جهات تفتيش وفرق البحث ويطلبون رأي المعارضين. النقد يؤخذ بعين الاعتبار في كل أنحاء العالم، لكن للأسف هنا يعتبر الناقد عدوّا، في حين أن الأمر ليس كذلك؛ النّاقد محسن وخادم، وينبغي الاستماع إلى الناقد الذي ينتقد بشكل محايد. يمكننا أن نقول بكلّ جرأة إن ما يقال على هذا المنبر (منبر الجمعة في زاهدان) هو خطاب حيادي وليس وراءه أي مصالح شخصية، ولكننا نقول هذا الكلام بما يتوافق مع مصلحة الوطن ومصالح الحاكم والشعب، ولذلك فإن الناقد ليس عدوك، بل هو صديقك والمحسن إليك، وإذا لم تستمع إلى النقد، فسوف تندم عليه يوما ما وتبحث عن الناقد.
وفي الختام قال فضيلة الشيخ عبد الحميد: نحن مع من ضاعت حقوقه ونتكلم عن آلامهم ومشكلاتهم عملا بالواجب والمسؤولية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات