اليوم :19 March 2024

فضيلة الشيخ عبد الحميد:

لا تحل مشكلات البلاد الإسلامية بالإدانة والتصعيد من أطراف النزاع

لا تحل مشكلات البلاد الإسلامية بالإدانة والتصعيد من أطراف النزاع

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (29 محرم 1442) إلى توقيع اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين، معتبرا ذلك من نتائج الاختلافات بين البلاد الإسلامية.
وأوصى فضيلته بالاجتناب من استخدام اللهجة التصعيدية التي يستخدمها قادة البلاد الإسلامية بعضها ضد بعض، مؤكدا على لزوم اتخاذ حلول جادة من جانب الدول الإسلامية المؤثرة في المنطقة لحل مشكلات العالم الإسلامي.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: الانقسامات والخلافات الجديدة التي نشأت بين بعض الدول الإسلامية مؤسفة؛ قامت بعض الدول الإسلامية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل وتوقيع اتفاقيات في هذا المجال، ورفضت دول إسلامية أخرى هذه الخطوة بقوة.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: برأيي، لا تحل مشكلات الدول الإسلامية بالإدانة وتصعيد اللهجات، بل يجب أن تجلس قادة البلاد الإسلامية التي لها تأثير في المنطقة كإيران وتركيا والسعودية وسائر البلاد المؤثرة في المنطقة، أن تجلس بعضها مع بعض، وتفكر لحل الاختلافات في العالم الإسلامي.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: الوضع الراهن نتيجة الاختلافات والانقسامات القائمة بين الدول الإسلامية، والأعداء يستغلون هذه الاختلافات. لقد أوقعت الاختلافات والانقسامات أكبر خسارة بمكانة المسلمين والدول الإسلامية، وكذلك بمنافع الشعب الفلسطيني وأمن المنطقة كلها.
وأكد فضيلته قائلا: الخلافات القائمة بين الدول الإسلامية يجب حلها من خلال الحوار والتفاوض. لماذا لا يتنازل زعماء الدول الإسلامية في مواجهة بعضهم البعض؟ لماذا يعجز قادة الدول الإسلامية من حل مشكلاتهم وقضاياهم من غير الاستعانة بأمريكا وروسيا وسائر القوى الكبرى؟!
وصرح فضيلته قائلا: على البلاد الإسلامية أن تقوم بحل مشكلاتها، ويراعوا في هذا المجال منافع الإسلام والمسلمين والعالم الإسلامي لتحل المشكلات والانقسامات.

حقوق الوالدين أعظم من بين حقوق الناس
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في القسم الأول من خطبته إلى تأكيد الدين الإسلامي على حقوق الناس لا سيما حقوق الوالدين، وتابع بعد تلاوة آية «وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا»: من الحقوق المهمة التي وضعها الله تبارك وتعالى على الإنسان، حقوق الوالدين، وهو أعظم حق بعد التوحيد الذي هو حق الرب تبارك وتعالى. لقد أكد الله سبحانه وتعالى على مراعاة حق الوالدين، وأوصى به.
وتابع فضيلته قائلا: الإسلام دين راعى حقوق البشر كاملا، وحق الوالدين على رأس الحقوق كلها. لم يؤكد الله تعالى على مراعاة حق مثل تأكيده على مراعاة حق الوالدين، بحيث بيّن حقوق الوالدين قبل الصلاة: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ”. لقد أخذ الله العهد من بني إسرائيل أن يراعو حقوق العباد بعد التوحيد، وأن يراعوا الصلاة بعد حقوق العباد، وجرى تأكيد على حقوق الوالدين بعد حقوق العباد.
وأضاف فضيلته قائلا: هناك شكاوي أن الأولاد لا يقومون بواجبهم تجاه الوالدين. ورد في الحديث أن صحابيا أتى إلى النبي الكريم يستأذنه في الجهاد فقال النبي صلى الله عليه وسلم «أحي والداك؟» قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد». وفي رواية: وتركت أبوي يبكيان، قال: «فارجع إليهما وأضحكهما كما أبكيتهما».
واستطرد مدير جامعة دار العلوم زاهدان قائلا: الخدمة للوالدين، ومحبتهما، وكسب مرضاتهما، ليس من الأعمال الصالحة بل جهاد في سبيل الله تعالى. يقول الله تعالى عن خصائص سيدنا يحيي عليه السلام أنه كان برا بوالديه، وقد أمر الله تعالى بالتواضع مقابل الوالدين قائلا: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}.
وتابع فضيلته قائلا: لقد علق الله تعالى مرضاته على مرضاة الوالدين؛ ورد في الروايات أن الجنة تحت أقدام الأمهات. فمن أراد الوصول إلى الجنة يجب أن يجعل نفسه تحت قدم الأم، ومن أراد أن يبارك له في عمره ورزقه تجب عليه صلة الأرحام والإحسان إلى الأقارب.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: يجب احترام جميع الناس ولا سيما الوالدين؛ هذا واجبنا الشرعي. ومن المؤسف أن يكون الوالدان أحياء، ويقصر الإنسان في خدمتهما، أو لا يبالي بهما، والبعض من الأولاد موفقون، يخدمون الوالدين، وينفقون فيهما، ويحملونهما على أكتافهم.
واعتبر فضيلته “الإحسان إلى الوالدين” مهما، وتابع قائلا: الصحابة كانوا حريصين على معرفة أفضل الأعمال، فقد سألوا النبي الكريم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها»، قال: ثم أي؟ قال: «ثم بر الوالدين» قال: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله».
حسب هذه الرواية يعتبر بر الوالدين أهم من الجهاد في سبيل الله؛ فإن لم يأذن الوالدان، ليس للولد أن يسافر لكسب العلم إلى المدرسة الدينية أو الجامعة أو الجهاد، لأن بر الوالدين جهاد كبير بنفسه.
وخاطب مدير جامعة دار العلوم زاهدان الأولاد قائلا: احسبوا الوالدين فرصة، ولا تسخطوهما بسبب المال والدنيا. لا تجبروا الوالد على الحلف من أجل المال، ولا تذهبوا به إلى المحاكم، ولا تبيعوا أموالهم وثرواتهم ولا تسرفوها. الخدمة إلى الوالدين أكبر حسنة تجلب مرضاة الله تعالى، وتكون سببا للنجاة في القبر.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى أهمية صلة الرحم قائلا: صلة الرحم والعلاقة مع الأقارب من التعاليم الأخرى للنبوة ومن تعاليم الدين الإسلامي. لما سأل هرقل أبا سفيان ولما يسلم، بماذا يأمركم نبي آخر الزمان؟ قال أبو سفيان: بصلة الأرحام، والصدق والعفاف.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: زورا أقاربكم، وساعدوهم إن كانوا فقراء، وعودوا مرضاهم، وأدخلوا السرور فيهم. زيارة الأقارب، وعيادة المرضى من أفضل أعمال يوم الجمعة.
وأضاف: من أهم ثمرات الدنيا هي المحبة، فعليكم بالمحبة مع الأقارب والجيران، وكافة الناس، وعاملوهم بالأخلاق الحسنة والكريمة، وإن لقاء الناس بوجه طلق وبجبين منفتح عبادة أيضا.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات