اليوم :19 March 2024

فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

البعد عن الله تعالى يسلب راحة الحياة

البعد عن الله تعالى يسلب راحة الحياة

اعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (22 محرم 1442) البعد عن الله تعالى بـ “العامل الأصلي لزوال الراحة في حياة الإنسان المعاصر”.
وتابع فضيلته بعد تلاوة آية: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَىٰ} [طه: 124- 126]: يظن الكثير من أهل الدنيا أن الراحة والسعادة في أن يملكوا اقتصادا قويا، وتكون لديهم إمكانيات رفاهية واسعة. والكثير يظنون أنهم لو قاموا في الدنيا بارتكاب كل فاحشة وفساد لن يؤاخذوا. الفكرتان المذكورتان ناشئتان عن مكر الشيطان وغدره.
واستطرد فضيلته قائلا: الشيطان يأمر الإنسان بالفحشاء والمنكر، فإن الله غفور ورحيم، ولا يمكن لأحد أن يأمن مكر الشيطان إلا إذا لجأ إلى الله تبارك وتعالى، ويتغمده فضل الله تعالى.
وأضاف خطيب الجمعة قائلا: لو خالف الإنسان حكم الله تعالى يعاقبه الله ويبتليه بعذابه. يقول الله تعالى: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون}.
وتابع فضيلته قائلا: البيت الواسع المزود بكافة الإمكانيات لا يحمل لصاحبه الراحة والطمأنينة؛ الكثير من أصحاب السلطة، والرؤساء، والوزراء، والسياسيين لم يصلوا إلى الرفاه والراحة بأحدث الإمكانات. أحيانا يتعرض الإنسان لمشكلات الدنيا تنغض له الحياة، وقد ينتحر، كما أن الطاغية المعروف هتلر الذي كان أحد الطغاة والمستبدين وحكام العالم، لما رأى أن أحلامه لا تتحقق، انتحر وهو في ذروة السلطة.
واستطرد فضيلته قائلا: من نتائج الإعراض عن ذكر الله تعالى، أن الإنسان لا يجد راحة رغم امتلاكه أفضل أنواع الإمكانيات والثروات، وينتحر في النهاية، فحينما لا تتفق حياة المرء مع الفطرة يواجه المأزق. فمن فطرة الإنسان أن يكون مطيعا لله تعالى، وأن يكون ربانيا، وحينما يعرض المرء عن الله تعالى، يواجه المأزق في حياته.
وقال خطيب الجمعة في زاهدان: الصحابة كانوا يعيشون في الأكواخ والبيوت الطينية، وكان أكثرهم بلا مراكب، لكنهم كانوا يعيشون حياة طاهرة مطمئنة لا يعيشها حاكم معاصر لا في المسلمين ولا في غير المسلمين. الصحابة شعروا أنهم ولدوا من جديد ببعثة الرسول الكريم، وكانوا فرحين أنهم وجدوا الطريق، وكانت قلوبهم حافلة بالإيمان والتقوى، لكن المسلم المعاصر لا يعمل بواجبه، وترك طريق مسلمي الصدر الأول، وسيرة الرسول الكريم، وتعاليم الرب تبارك وتعالى، ويواجه أنواع المشكلات والمآزق. كل هذه المشكلات والقلاقل من نتائج ترك العمل على الشريعة. يوجد في عصرنا الكثير من المسلمين الأغنياء الذين لا يؤتون زكاة أموالهم، ولا يحجون، ولا يؤدون حقوق الناس.
وذكر خطيب أهل السنة “الدين” كأعظم ثروة قائلا: الدين أعظم شرف وثروة، يجب أن نحافظ عليه. يجب أن نكون دائما واعين، فالشيطان بالمرصاد، ويريد أن يوقعنا في المعصية ويسوقنا نحو ارتكاب المعاصي.

أفضل الصدقات ما يدفعها المرء في العافية وقبل الموت
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: الموت قريب، ولقاء الله قريب، لكننا نراه بعيدا. جمعنا الثروة والمال، ولا ننفق في سبيل الله تعالى. وقد يترك المرء الثروة ويذهب إلى الله تعالى صفر اليدين، ولا يقبل الله تعالى له أي عذر، ويقال له قد أعطيتك مالا فلم لم تدفع زكاته، ولم تتصدق. وما هو عذرك لأعفو عنك؟ ادخروا من هذه الثروة لآخرتكم. لماذا لا ترحمون على أنفسكم؟
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: أفضل الصدقات ما تنفقون في سبيل الله عند العافية والسلامة وحين تحبون المال وتحتاجون إليه. الإنسان حينما ييأس من الحياة، يوصي بأن ينفق من ماله في سبيل الله تعالى، مع أن الكثير من الناس أوصوا ولم يعمل بوصيتهم. فأنفقوا في سبيل الله في حياتكم وسلامتكم. يقول الله تعالى: {وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصّدّق وأكن من الصالحين}. يتضح من هذه الآية أن من الأمور التي تجعل المرء صالحا هو الإنفاق في سبيل الله تعالى. قيل لقارون: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين}.
وأضاف مدير دار العلوم زاهدان قائلا: يوجد في كل مدينة أيتام وأيامى، وعوائل السجناء، والطلبة، والتلاميذ، ومساجد لم يكتمل بنائها، يمكن لنا أن ننفق فيها، لكن لا ينبغي أن يكون هذا الإنفاق رياء، بل يجب أن يكون ابتغاء لمرضاة الله تعالى.
وتابع خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: ارحموا أنفسكم، ولا تكونوا بخلاء في حق أنفسكم. اعبدوا الله، واعملوا الصالحات، فلا يُعلم متى تنتهي هذه الفرصة، وانتهوا عن المعاصي لئلا تبتلوا بالآفات والاختلافات. يجب أن يكون الجميع ربانيين، مستغفرين بالأسحار، عاملين على الشريعة الإسلامية. كونوا مسلمين صادقين، واحفظوا ألسنتكم وأعينكم، واسلكوا سبيل الصالحين.
وأضاف قائلا: لو أن الله تعالى أزال الحجاب الذي بين هذا العالم والبرزخ، ورأى الناس ضجيج أهل القبور، يكرهون أقرب الناس إليهم، ويتركون المدن ويلوذون بالصحاري والوديان. من رأى عذاب عصاة جهنم، وعذاب الآخرة، لا يمكن له أن يعيش لحظة.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: جهنم ليست للكفار، بل الله تعالى يعذب العصاة والظالمين من المسلمين الذين هجروا القرآن والسنة. يجب أن نخاف قهر الله تعالى، والعذاب الذي يكدر الحياة ومن عذاب جهنم. لو أننا عملنا جيدا، سيمنحنا الله تعالى حياة مطمئنة بسبب العمل على القرآن والسنة واتباع سيرة الرسول الكريم.

مراعاة الحياء من الفروع الكبيرة لشجرة الإسلام القوية
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته إلى الحياء كأكبر أخلاق قائلا: الحياء من أركان شجرة الإسلام القوية ومن ثرواتها العظيمة. ورد في الحديث الشريف أن الإيمان بضعة وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان. قال النبي صلى الله عليه وسلم: استحيوا حق الحياء. الحياء درة ثمينة، وتعد أكبر زينة للرجل والمرأة، والمرأة المحرومة من الحياء لا قيمة لها رغم كل ما تملك من جمال وكمال.
وتابع فضيلته قائلا: الحياء مانع من المعصية تجاه تعاليم الشريعة. معنى الحياء ان نرى نعم الله تعالى، ونستحي من عصيانه؛ غياب الحياء يضر بالإيمان، والحياء يقوي الإيمان. يجب حفظ الحياء والصداقة والأمانة والتواضع، كما أنه يجب حفظ سائر الأخلاقيات والمعتقدات والأحكام.

إساءة الجريدة الفرنسية تصعّد التطرف والإرهاب
وأدان فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من خطبته الإساءة الجديدة لمجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية للرسول الكريم، معتبرا مثل هذه التصرفات بخطوات نحو تقوية التطرف والإرهاب في العالم، قائلا: ندين إساءة الجريدة الفرنسية إلى رحمة العالمين وسيد الكائنات، بكل قوة. وتابع خطيب أهل السنة قائلا: لم تعط حضارة من الحضارات ولا قانون من قوانين العالم للبشر حرية مطلقة أن يشتم غيره تحت ذريعة الحرية، والحرية الحقيقية أن لا تنتهك كرامة البشر.
وأكد فضيلته قائلا: الحرية التي تجرح مشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم وسائر أحرار العالم، ليست بحرّية، ونحن ندين مثل هذه الحرية.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: كما أن المسلمين ليس لهم أن يهينوا إلى مقدسات أي من الديانات السماوية وغير السماوية ، والقرآن الكريم منع من إهانة الأصنام والأوثان، لا ينبغي السماح للآخرين أن يسيئوا للقرآن الكريم والرسول العظيم وسائر مقدسات المسلمين.
وصرح فضيلته قائلا: إذا كانت هذه رؤية المسلمين، لماذا يؤذن في البلاد الغربية والأوروبية بالإساءة لمقدسات المسلمين.
واعتبر خطيب أهل السنة “تصعيد التطرف والإرهاب” من نتائج الإهانة لمقدسات الديانات والمذاهب قائلا: الذين يسيئون للمقدسات هم في الحقيقة حماة للإرهاب، ويكونون سببا للتطرف والإرهاب. من الممكن أن يستجيب أناس من المسلمين لمشاعرهم، فيهجموا على مكان انتقاما لهذه الإساءات، ثم يقول البعض إن المسلمين إرهابيون، مع أن المسيئين هم السبب لمثل هذه الأمور.
وأكد فضيلته قائلا: الإهانة إلى المقدسات نوع من الإرهاب، ومغاير لأمن العالم، وأمن البلاد التي ترتكب هذه الإهانات فيها.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات