“شيرآباد” اسم حي يقع شمال مدينة زاهدان في محافظة سيستان وبلوشستان، ويُقدّر عددُ سكّانه بسبعين أو ثمانين ألف نسمة، لكن الذي يدخل هذه المنطقة لا يكاد يشعر بأنه يتجوّل في شوارع منطقة تعدّ حسب الموقع الجغرافي من مناطق إيران، بل قد يشعر أنه يجول في واحد من أفقر الدول، أو في بلد أنهكته الحروب.
حي “شيراباد” في مدينة زاهدان، منطقة محرومة من جميع الجهات؛ سياسيّا، واجتماعيّا، واقتصاديّا، ومحرومة أيضا من كافة الخدمات التي تعدّ الحقوق الأساسية لكلّ مواطن في أي نقطة من أنحاء العالم، وتعاني أيضا شتى أنواع المشكلات، وأبرزها أن الكثيرين من سكانها لا يمتلكون بطاقات الهوية، الأمر الذي أدى إلى حرمانهم من حقوق المواطنة كلّها، فعندما لا تمتلك بطاقة الهوية، لا حقّ لك في التعلم، ولا العلاج، والكثير من الحقوق الأخرى. وهذا لا يعني أن الذين يمتلكون البطاقات من سكان “شير آباد” لا مشكلات لديهم، بل هؤلاء لديهم مشكلاتهم أيضا، فعندما تضع قدمك في شوارع “شيرآباد” وأزقّتها، لا تكاد تجد صناديق للنفايات، ومن جانب آخر لا تقوم البلدية بجمع النفايات من هذه المنطقة إلا قليلا، وهو السبب في أن يقوم الناس بإلقاء النفايات في الأماكن الخالية التي توجد بالقرب من منازلهم وأماكن عيشهم، ولا شك أن هذا يهدد بتفشي أنواع الجراثيم والأمراض.
يتصارع العالم هذه الأيام مع أزمة كورونا، والجميع بما فيهم السياسيون الكبار والمواطنون العاديون يهربون من كورونا، لكن يبدو أن سكان شيرآباد يعيشون في عالمهم بغير أن تهمهم أزمة كورونا، فقد تحيط بهم وتهدد سلامتهم وعافيتهم أنواع من الجراثيم والفيروسات منذ سنوات. من المشكلات التي تهدد سلامة سكان “شير آباد” وعافيتهم، مرور مياه مجاري الصرف الصحي لبلدية زاهدان عبر هذه المنطقة، والسبب في ذلك أن البلدية لا تهتم بتطهير هذه المجاري، ولا بتسييجها، ولا يخفى أن قرب مجاري الصرف الصحي من المنازل السكنية بالغ الخطورة، لما أن المجاري مليئة بالآلاف من الأمراض والتهديدات التي تعرّض سلامة البشر لأخطار جدّية.
على الرغم من أن غالبية سكان “شيرآباد” من المراهقين والشباب، إلا أنه لا توجد حدائق عامة، ولا منتزهات، ولا مناطق ترفيهية فيها، لذلك نجد الأطفال في هذه المنطقة يلعبون بالإطارات البالية في الشوارع وبالقرب من القمامات.
معظم من سكنوا منطقة شير آباد، لجأوا إلى هذه المنطقة بسبب الفقر والمشكلات الأخرى، وقد أجبروا على بناء منازل غير قانونية، وعلى الرغم من هدم بعض هذه المنازل من قبل البلدية، لكن لا تزال هناك منازل يعيش فيها الناس، ولكن لا يمكن وضع اسم المنزل عليه، لأن وضع عدد من الكتل وجعلُ عدد قليل من الخشب فوقها لا يعدّ منزلا أمام القصور المرتفعة لسكان العاصمة.
يوفر الكثير من سكان “شير آباد” الكهرباء المنزلية بشكل غير قانوني ومباشر من الأسلاك العامّة، لأن دائرة الكهرباء لا تمنحهم التصريح لاستخدام الكهرباء.
أوضاع مياه الشرب في زاهدان بصفة عامة ليست مناسبة وصالحة، وسكان “شيرآباد” يشترون المياه لشربهم من صهاريج متنقلة.
على الرغم من أن إيران هي واحدة من أكبر مصدري النفط والغاز في العالم، لكن سكان سيستان وبلوشستان لم يزالوا محرومين من التمتع بنعمة الغاز، وهم لا يزالون يصطفون لتسلم جالونات من النفط أو الحصول على أسطوانات من الغاز كما كان الوضع في الماضي.
تعدّ “مؤسسة محسنين الخيرية” التابعة لجامعة دار العلوم لأهل السنة في زاهدان، هي الملجأ الوحيد في مشكلات سكان “شير آباد”، بحيث تتعرف على الأسر المحتاجة، وتوفر الدعم الكافي للمحرومين، وتخطو خطوات جادة لحل مشكلاتهم، لكن الحرمان والفقر أوسع حجما من أن يزول بمساعدات مؤسسة مهما كانت كبيرة.
ما أشير إليه كانت لقطات من الفقر والحرمان في واحد من المناطق الصغيرة في محافظة سيستان وبلوشستان، ولا يفوتنا أن سكان “شيرآباد” يعانون بجانب كل هذه المشكلات، من نقص في وجود المباني للمدارس يتناسب مع العدد السكاني، ومن نقص حادّ واضح أيضا في أدنى الخدمات الطبية، والعديد من المشكلات والاحتياجات الأخرى التي يلمسها من دخل هذه المنطقة أو عاش فيها فترة من الزمن ولو كانت قصيرة.
تعليقات