عقدت جلسات “اللقاء العام للطلبة الجامعيين السنّة مع العلماء والمثقفين” بمشاركة الطلبة من شتی الجامعات ومن مختلف المناطق في إيران في موضوعات «الطالب وعلاقته مع الله» و«الأصول الأربعة لسعادة البشر» و«الطالب واختیار الصديق» و«الطالب وتوفير الفرص» و«الطالب والزواج»، في الجامع المكّي، باستضافة جامعة دار العلوم زاهدان، صباح يوم الخميس 29 جمادى الثانية 1440.
عقد هذا اللقاء المعنوي بحضور عدد كبير من الطلبة الجامعیین السنّة، أتوا من مختلف مناطق البلد، مصحوبا بالبرامج الرائعة المتنوعة التعليمية الأخرى. بدأت برامج هذا اللقاء بشكل غير رسمي بعد صلاة المغرب يوم الأربعاء (28 جمادى الثانية) بتلاوة الأخ “یاسر محمدي”، وفي هذا القسم من البرامج التي استمرّت حتی المساء، قامت فئة أنشودة الشیخ محمد یوسف حسین فور، بتقديم أنشودتهم، كما تحدّث الدکتور “عبد اللطیف عيدخاني”، الطبیب وأخصائي أمراض الأطفال في مدينة “خواف”.
اعتبر الدکتور “عبد اللطیف عیدخاني” في هذا اللقاء «التقوی والابتعاد عن المنهيات الالهية» من أکبر الأذکار والعبادات، وتابع قائلا: إن الله سبحانه وتعالی سوّی صورة الإنسان فأحسن صورته في ظلمات ثلاث في رحم الأم، وأعطی له مزایا خاصة من الجسمیة والروحیة ليفكر في هذه النعم الوافرة والعطایا الکثیرة، ویحلّی نفسه بصفة التواضع والخضوع.
وأشار “عيدخاني” إلى أن قلب المؤمن عرش الرب، قائلا: لله تعالی هدف عظیم ومقصد کبیر من خلق الإنسان. خلق الإنسان لیوصله إلی أسمی المقام وأرفع المکانة التي هي العبودیة والقرب الإلهي؛ فلو نسي الإنسان هدف خلقته، لخسر خسرانا مبینا.
وتابع الدکتور عیدخاني: إن الذين قضوا أعمارهم مشوبة بالفساد والمعاصي، ثم یعودون إلی ربهم بالتضرع والابتهال، وینشغلون بالعبودیة والعبادة، حینئذ یشعرون بلذّة وحلاوة وفرح كأنهم أعطوا من الدنيا ما لم يعط غيرهم.
بدء برامج اللقاء العام للطلبة الجامعيين مع العلماء والمثقّفين بشكل رسمي
بدأ القسم الثاني والرسمي من برامج اللقاء العام للطلبة الجامعیین مع العلماء والمثقفين، بتلاوة آيات من کلام الله المجید بصوت الأخ “صدیق سالاري” من مدينة «بیرجند»، صباح الیوم الخمیس (29 جمادى الثانية). بعد التلاوة، قدمت فئة أنشودة «آواي دل» من مكتب شؤون الطلبة الجامعيين بدار العلوم زاهدان أنشودة في وصف النبي صلی الله علیه وسلم، ثمّ تحدث الدکتور “علي أصغر تباوار”، عضو المجلس العلمي بجامعة سیستان وبلوشستان، في موضوع الأنبياء، والاهتمام بالعمل، وأضاف مشيرا: إن سیدنا آدم عليه السلام في مجال الحرث والزرع، وسیدنا إدريس في مجال تعلم الخیاطة، وسیّدنا داوود في إنتاج الدروع، وسیدنا سلیمان في استخدام طاقة الإنسان والجن، كانوا أبدعوا أعمالا مهمة، هكذا سیدنا رسول الله صلی الله علیه وسلم قام بدور رئیسي في توفير فرص المشاغل والمهن لأساری “غزوة بدر”، وجعل فدیة کل واحد من الأسری، تعلیم الکتابة لإثني عشر من أبناء المسلمین.
وتابع الدکتور “تباوار” قائلا: کان لکل رسول من المرسلین حظ باهر في مجال العمل، وتتطلب الحاجة أن نقوم بدور رئیسي في إقامة النشاطات العملیة في هذا المجال، بالاستفادة من الإمکانیات التعلیمیة والقدرات التدریبية.
ثم ألقی «سبحان دهواري» الطالب الجامعي من جامعة طهران مقالة في موضوع «دورالطلبة الجامعیین في عملية التطوير وإزالة الحرمان»، وقرأ «أکبر بلوشي» الطالب بجامعة المثقفين بزاهدان، مقالة في موضوع «رحلة جمیلة بآمال جمیلة».
وکان “الشیخ عبدالغني البدري”، نائب رئيس جامعة دار العلوم زاهدان وأستاذ التفسیر والحدیث بها، هو الخطیب الآخر في هذا اللقاء، حيث تحدّث الشیخ “البدري” حول «الطالب الجامعي والقرآن».
الشيخ عبد الغني: إن الله تعالى أرسل كتب الله ورجال الله لهداية البشر
أشار الشيخ “عبدالغني البدري” إلى أن الله سبحانه وتعالی أرسل لهدایة الإنسان کتاب الله ورجال الله، قائلا: كل فرد من الأفراد، لو قوى ارتباطه بالقرآن، وقویت صلته به في کل زمان ومکان، لیشعر بسعادة وراحة الدنیا والآخرة. من أفضل اللیالي، هي اللیلة التي نزل فیها القرآن، والملك الذي نزل به إلی الأرض هو من أشرف الملائكة، والقلب الذي نزل علیه القرآن، يشرق ويلمع في الدنیا والآخرة.
وأضاف فضلیة نائب مدير الجامعة: «القرآن» کلام الله سبحانه وتعالی، وباقي الکتب والصحف السماویة لیست بکلام الله، بل مفاهیمها ومعانیها من جانب الله تعالی. ما إن یبدأ الرب الجلیل بالتحدث والکلام تصعق الملائكة کلهم إلا جبریل من الهیبة والعظمة التي سادت الجو،ّ وبعد الإفاقة يسألون: «ماذا قال ربکم» ثم یجیبون: «قالوا الحق». ثم ینزل جبريل بألفاظ الرب الجلیل علی قلب الرسول الکریم صلی الله علیه وسلم.
واستطرد نائب مدير جامعة دار العلوم زاهدان في الشؤون التعلیمية، قائلا: «التلاوة» و«الفهم» و«العمل» و«الفکر والتدبر»، و«النشر والتبلیغ» تعدّ من الحقوق الخمسة للقرآن الکریم، لو ركّزت البشرية ترکیزها الکامل علی هذه الحقوق الخمسة عاملة بها، لتسعد وترتاح، ولتدرك سعادة الدنیا والآخرة.
وفي الأخیر أوصی فضيلته الطلبة الجامعیین: أیها الطلبة الأعزة! إن كنتم تریدون السعادة والارتیاح، وتحبون أن تتحلوا بشمائل النبي الكريم وأوصافه وأخلاقه الكريمة، فعلیکم الالتزام والمواظبة علی تلاوة أوائل سورة المؤمنین والآیات الآخیرة من سورة الفرقان.
الشیخ المفتي محمد قاسم القاسمي: لا بد من تفقّد السعادة في القرآن والکتب السماویة، وفي کلمات الأنبیاء
تطرق فضيلة الشيخ محمد قاسم القاسمي، رئيس دار الإفتاء وأستاذ الحديث بجامعة دار العلوم زاهدان، في كلمته أمام الطلبة الجامعيين السنّة، إلى تعريف کلمة «السعادة» في البداية وأضاف قائلا: السعادة مصطلح جمیل، ومعناه الحظّ الجيد، وتحقيق الأحلام، والوصول إلى الأماني الجيدة.
وتابع: الجميع يبحثون عن السعادة، ويريدون أن يصلوا إليها؛ لکن ضدها البؤس والشقاوة والتدهور والمصیبة والکارثة والحرمان، والکل یحترزون منها، ويسعون أن يبعدوا أنفسهم منها.
ثم أشار فضيلة الشیخ إلى الأصول الأربعة من السعادة في ضوء کتاب “حجة الله البالغة” للإمام الشیخ الشاه ولي الله الدهلوي، وتابع قائلا: یقول الشاه ولي الله الدهلوي: إنني أدركت بالمطالعة المستمرّة، والتفکر في الکتب السماویة، والالتفات إلى الوحي وکلام الأنبیاء والحكماء، أن أصول سعادة البشر أربعة: «الطهارة»، و«التوجه إلی الله تعالی وإظهار العجز والتذلل أمام الرب»، و« السخاء والکرم»، و«العدل».
واستطرد مدير تحریر “مجلة نداء إسلام” قائلا: هذه الأصول والقوانین أساسیة؛ لو وُجدت مؤسسة أو مركز يوصل الإنسان إلى هذه الأصول الأربعة، فلا بدّ من الالتفات والانتباه إلى تعالیم تلك المؤسسة حتی یصل الإنسان إلی السعادة الحقیقیة.
ثم تابع فضيلته قائلا: یقول العلّامة الشاه ولي الله الدهلوي: «النفس» و«تأثیر البيئة» و«حجاب العقیدة»، هذه الثلاثة تعدّ من الموانع والحجب التي تمنع الإنسان من الوصول إلی هذه الأصول الأربعة للسعادة والفلاح.
وفي القسم الأخیر من کلمته أوصی فضيلة الشیخ المفتي محمد قاسم القاسمي الطلبة الجامعیین بــــ«إقامة الصلة والارتباط بالقرآن وعلم الدین»، و«الصلة مع المربي»، و«الصلة بجماعة الدعوة والتبلیغ»، و«الدعاء وطلب الهدایة من الله تعالی»، و«مجالسة الأخیار والصالحین»، و«الاحتراز من جلساء السوء».
برامج القسم النهائي من الجلسة
بدأ القسم النهائي من برامج لقاء الطلبة الجامعيين السنة مع العلماء والمثقفین بعد صلاة المغرب بتلاوة القارئ “ضياء الرحمن صحت”، أستاذ التجويد بجامعة دارالعلوم بزاهدان، وانتهی اللقاء العام بكلمة فضيلة الشيخ عبدالحميد – خطيب أهل السنة ورئيس جامعة دار العلوم زاهدان – وتقدیم الجوائز للمبدعین والنخب، والفائزين في مسابقة السيرة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام.
فضيلة الشيخ عبدالحميد: العلم ضروري للتطور والتقدم ورقي المجتمع
خصص فضيلة الشيخ عبد الحميد القسم الأول من كلمته في بيان أهمية العلم، وتابع قائلا: العلم من ضرورات التطور والتقدم وكرامة المجتمع، وبه ينال البشر القيمة والاهتمام، ولا يستحق الخلافة على الأرض من لم يكتسب العلم. ومن لا يعقل مكانة الدين والقرآن والتعاليم النبوية ولا يفهمها، يواجه الفشل والهزيمة في النهاية.
وأشار سماحته إلى “أن طلب العلوم الدينية والعصرية يزيد من قيمة الإنسان و صلاحيته”، وأضاف قائلا: إن الله تعالى فضّل آدم – عليه السلام – بالعلم، فعلّمه العلوم العصرية وجميع حوائج الناس بداية، ثم جعله رسولا ونبيا بعد خروجه من الجنّة وتوبته.
وتابع فضيلته مشيرا إلى أن الإسلام يقوي الطاقات ويجعلها مزدهرة، قائلا: الكثير من الكتّاب والمحدّثين والحكام كانوا عبيدا، فما إن نالوا حرّيتهم إلّا وطلبوا العلم وأصبحوا ذوي قيمة وكرامة. فلو هرب الإنسان من الدين، وأعرض، واتبع النفس والشيطان، وطلب الدنيا والمادية، يفقد قيمته لا محالة.
واعتبر فضلیته “القرآن” و”السنة” نعمتين عظيمتين لا مثیل لهما، وأشار قائلا: “القرآن” و”الحديث” كلاهما معجزتان للنبي الكريم، يرشدان الإنسان إلى الفوز والهدى، ويصنعان أخلاق البشر وأعماله، ويزيدان من قيمته وكرامته، ويريدان مجتمعا نجد مثله في العهد الأول من التاريخ الإسلامي.
العصبيات العرقية والطائفية والحزبية تغاير “النظرة الوطنية” وتواجه المآزق عاجلا أو آجلا
واعتبر فضيلو الشيخ عبدالحميد في القسم الآخر من خطبته “الرؤى القومية والطائفية” مغايرة للوطنية، محذّرا من عواقب تلك الرؤى، كما أكّد على التمسك بـاتخاذ النظرة المتساوية، قائلا: لنتفكر نحن في منافع الناس كلهم، فلتكن نظرتنا إنسانية ووطنية. النظرات العرقية والقومية والمذهبية والحزبية تخالف الرؤية الوطنية، وتجرّ لكل بلد ونظام العواقب الخطيرة. الرؤى القومية والمذهبية لا تدوم أبدا، بل تواجه المأزق والأبواب المغلقة.
لا بد من إزالة السؤال عن “المذهب” في استمارات التوظيف
وصرح فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا : يجب إزالة مصطلحي “الشیعي” و “السني” والسؤال عن “المذهب” عن استمارات التوظيف، ولا بد أن يحل مكانهما السؤال عن العلم، والتخصص، والجدارة، والتجربة، والوجدان. مع الأسف الكثير من المؤهلين حرموا من الخدمة للمجتمع بسبب الرؤى الطائفية.
توفير الحريات الدستورية يضمن الأمن والسلام في المجتمع
وتابع إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان، مشيرا إلى أن الحریة من حوائج الناس الأساسية: إن “الحرية” من حقوق الناس واحتياجاتهم الأولية والابتدائية، فلا بد أن يتمتع الناس بحرية البيان والقلم والتفكر، ويحظى أتباع كل ديانة ومذهب بالحرية في ممارسة عباداتهم وطقوسهم الدينية. إن توفير الحريات الدستورية يضمن الأمن والسلام في المجتمع.
نطالب حقوقنا المشروعة دون اللجوء إلى العنف
واستنكر فضيلة الشيخ عبد الحميد “العنف والتطرف”، وأضاف قائلا: نحن لا نعتقد بالحرب والعنف والاشتباك لأجل الحصول على الحقوق، بل نعتقد بالمفاوضة والحوار، ونرى أن نطالب حقوقنا من طريق المفاوضة، دون عنف وتطرف.
وأشار فضيلته قائلا: إيران تتعلق بإلايرانيين كلهم، ولا يكون أحد أكثر إيرانية منا. “طهران” و”إصفهان” و”مشهد” و”قم” و”زاهدان” وسائر المدن، مدن إيرانية كلها على سواء، فليتمتع كل إيراني من حقوق متساوية.
وعلى هامش الجلسة…
كانت برامج هامشية أخرى أيضا بجانب اللقاء العام للطلبة الجامعيين السنة مع العلماء والمفكرين، نشير إلى بعضها:
١ – عقد مسابقة للسيرة النبوية للطلاب والطالبات؛ ابتدأت مرحلتها الأولى، وهي المرحلة الكتابية، بعد صلاة العصر يوم الأربعاء (28 جمادى الثانية)، وانعقدت مرحلتها الثانية بعد صلاة العشاء، فتنافس في هذه المرحلة الفائزون العشر في الكتابة، وفي النهاية حاز ثلاثة منهم التفوق.
٢ – إقامة الطاولة المستديرة لمعالجة موضوع “الزواج ومعاییر اختیار الزوجة”؛ في هامش هذه الجلسة بعد صلاة العصر ليوم الخميس (29 جمادى الثانية). عقدت الطاولة المستديرة بموضوع “الزواج ومعايير اختيار الزوجة”، وأجاب في هذه الطاولة المستديرة الدكتور “عبيد الله بادبا”، والدكتور “محمد عثمان حسين بر”، والدكتور “عزيزالله مجاهد”، إلى ما وجه إليهم من أسئلة الطلاب.
3 – معرض الکتب و المنتجات الثقافیة.
في هامش هذا اللقاء زار الطلاب معرض الكتب التي عرضت بتنزیل ۴۰ في المئة.
وفي جنب المعرض، خص لتحمیل المحتویات الصوتیة والفيديوهات، والصحافة المحلية لدار العلوم بزاهدان، والمنتجات الثقافية لها غرفا، حتی یصبح الطلاب الجامعيون علی وعي ومعرفة لأحدث الأنشطة الإعلامية والمنتجات الثقافية.
التعريب: احسان الله مرادي، وإلياس نظري
تعليقات