غادر فضيلة الشيخ عبدالحميد مدينة زاهدان، في ٤ ربيع الأول ١٤٤٠ عازما مناطق في جنوب سيستان و بلوشستان للاشتراك في عدة حفلات عُقدت بمناسبة تكريم خريجي بعض المدارس.
خطب فضيلة الشيخ بصفة ضيف خاص في جميع هذه الاجتماعات، وخلاصة برامج رحلته كما يلي:
١- زيارة علماء مدينة “بمبور” والاشتراك في حفل تكريمي للخريجات وحفاظ القرآن الكريم.
٢- الاشتراك في حفلة تكريمية عقدت لخريجي مدرسة “الحيدر الكرار” الدينية في قرية “سرجان” التابعة لمدينة “كنارك”.
٤- الحضور بين طلاب دورة الحديث الشريف بجامعة الحرمين الشريفين بمدينة “تشابهار” وتبيين حديث من أحاديث صحيح البخاري، وإجازتهم برواية الحديث بسنده.
٥- الحضور في حفلة عقدت لتكريم خريجي مدرسة “سلمان الفارسي” رضي الله عنه بـ “نكور” من توابع “تشابهار”.
٦- إلقاء الخطبة في حفلة مشتركة بين خرّيجي مدرسة “خزينة العلوم” ومدرسة “رحمانية” بـ “جكيكور”، ومدرسة “منار العلوم”.
٧- إلقاء كلمة أمام طلاب “دار العلوم” بمنطقة “نوبنديان” من توابع مدينة “تشابهار”.
٨ – وزيارات غير رسمية في هامش هذه الرحلة.
لقاء مع أهالي مدينة “بمبور”
شارك خطيب أهل السنة بمدينة زاهدان في حفلة التكريم للخريجات وحفاظ القرآن مساء الأثنين 4 ربيع الأول والتقى بأهالي مدينة “بمبور” حيث خطب فضيلة الشيخ بصفة ضيف خاص في هذه الحفلة.
بيّن مدير جامعة دارالعلوم في هذه الحفلة “العودة إلى القرآن” كالحل الوحيد من الأزمات والتحديات المعاصرة قائلا: القرآن يربّي الإنسان ويصنعه ويجعل منه إنسانا كاملا، كما هو يتسبب في الدنيا عزته وسيادته وفي الآخرة فلاحه.
وخاطب فضيلته أخيرا خريجي مدينة بمبور وأهاليها قائلا: أحيوا صلاة التهجد، فإن لها دورا ملموسا في تزكية النفس وصناعة التغيير. اهتموا بتعلم العلم، وكونوا واسعي الصدر، ومتعجلين في إنهاء الخلافات.
الرحلة إلى منطقة كنارك
بعد حفلة تكريم الخريجين في مدينة بمبور، لم يكن تعب السفر ومشكلات الطريق مانعا من أن يستمر فضيلة الشيخ في رحلته الدعوته ويتوجه إلى مدينة كنارك.
انطلق فضيلته مع مرافقيه في الساعة الثانية عشر من الليل إلى مدينة كنارك، ويوم الثلاثاء 5 ربيع الأول لبى فضيلته دعوة أهالي “كهير” و”سرجان” من توابع مدینة كنارك.
زار رئيس منظمة اتحاد المدارس الدينية لأهل السنة بمحافظة سيستان وبلوشستان عصر ذلك اليوم مسجدا جديد التأسيس في قرية كهير، وشارك بعد صلاة المغرب في حفلة عُقدت بمناسبة تكريم الخريجين في مدرسة “حيدر الكرار” في قرية “سرجان” وخطب فیها.
عدّ فضيلة الشيخ عبد الحميد في هذه الحفلة “ترك الصلاة” و”شرب الخمر” و”تعاطي المخدرات” و”القتل” و”الخيانة” و”المعاصي” و”المفاسد”، من أسباب انحطاط المسلمين وهزيمتهم في شتى الميادين، مصرحا: اليوم كل من يرتكب إثما يحمّل وزره على الآخرين ويبرئ نفسه كأنه خالٍ عن العيب. لقد عمّت مع الأسف المعصية في المجتمع بل تبدلت إلى سيل جارف، وأي إثم يصبح عامّا ويُرتكب علنا يجلب من وراءه سخط الله. الآثام تجلب للإنسان في الدنيا والآخرة وفي القبر المشكلات. فلنطهرأنفسنا بالتوبة وترك المعصية ولنعد إلى الله عز وجل.
وأضاف فضيلته في جانب آخر من كلمته: مع الأسف يواجه سكان الموانئ من “تشابهار” إلى “بندرعباس” وسائر المناطق الساحلية أزمة قلة المياه العذبة للشرب مع أن سائر البلدان يجعلون بالأجهزة الجديدة مياء البحر صالحة للاستعمال ويستفيدون منها.
وأشار خطيب أهل السنة بمدينة زاهدان قائلا: استثنت الولايات المتحدة مدينة “تشابهار” من العقوبات التي فرضتها على إيران، ولذلك لا بدّ أن تبذل عناية خاصّة إلى مناطق ساحلية، فكلما ينظر الإنسان إلى بعض المناطق الساحلية مثل قرية “جاردان” ویری الناس کیف یعيشون في القفار محرومين، يُخيل إليه أنه في بلد من البلاد الإفريقية المحرومة، وليس في إيران التي تمتلك معادن وثروات عظيمة.
وأضاف فضيلته قائلا: نصحيتي للشيعة وأهل السنة وجميع الطوائف والاتجاهات الإسلامية، أن يتحمّل بعضهم البعض، ولا بد أن يتحملوا مدارسهم الدينية ومساجدهم ومصلياتهم وصلاة الجمعة والعيدين وبقية الاجتماعات الدينية، ومن هذا المنطلق لا بد أن يتضامنوا، فالوحدة لا يمكن أن تأتي دون سعة الصدر.
مع طلاب دورة الحديث في جامعة الحرمين الشريفين في تشابهار
غادر فضيلة الشيخ عبد الحميد مدينة كنارك متجها نحو تشابهار يوم الأربعاء 6 ربيع الأول، وأجاز فضيلته لطلاب دورة الحديث بجامعة الحرمين الشريفين رواية الحديث بسنده، بعد تبيين حديث “إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة”.
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد في ضوء هذا الحديث، العلة الرئيسة لوجود المشكلات والأزمات الراهنة في البلاد، “وجود المديرين الضعفاء وغير المؤهلين” مؤكّدا على ضرورة الاعتناء بالعقل والتجربة والضمير والكفاءة والجدارة في تولية المسؤوليات، وأضاف قائلا: مع الأسف فوّض في العصر الراهن الكثير من المسؤوليات والإدارات في العالم إلى من ليسوا أكفاء مؤهلين لها، وبلدنا (إيران) مع الأسف ليس مستثى من هذه القاعدة، بحيث يعترف كبار المسؤولين بوجود مديرين ضعفاء.
وأضاف رئيس منظمة اتحاد المدارس الدينية بسيستان وبلوشستان: مع الأسف بدل التركيز على أصل “التأهل والجدارة” والاستفادة من كوادر وكفاءات الشيعة والسنة، نشاهد أن التمييز يسود تولية المسؤوليات. الكثير من نواب المجلس الذين ليس لديهم الكفاءة اللازمة لكنهم وصلوا إلى مجلس النواب من الطرق غير الشرعية، والتي تكون سببا للمشكلات في البلاد.
وأكّد خطيب أهل السنة على تفويض المسؤوليات إلى مؤهلين، وتابع قائلا: المخرج الوحيد من مأزق الأزمات والمشكلات، هو توسيد الأمر إلى أهله وإلى الخبراء والماهرين، وليس المؤهل فقط ذلك الذي يصلي أو يشترك في مظاهرة أو حفلة، كما أن الكثير صلوا ظاهرا في الصف الأول واشتركوا في مظاهرات سياسية، لكن بمجرد أن عثروا على منصب أو تربعوا على كرسي، ارتكبوا مفاسد اقتصادية كبيرة.
في حفلة تكريم خريجي مدرسة سلمان الفارسي الدينية في مدينة “نغور”
اعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد في هذه الحفلة، الشريعة الإسلامية خلاصة الديانات السماوية كلها، وعدّ القرآن الكريم خلاصة الكتب السماوية، وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاصة سير الأنبياء جميعا، وأضاف قائلا: جاءت الشرائع السماوية كلها لبناء الإنسان. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ربى في عصره أناسا عجزت البشرية أن تأتي بمثلهم.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في جانب آخر من خطبته إلى تعيين “موهبتي” كمحافظ لمحافظة سيستان وبلوشستان، معبترا “تعيين مديرين أقوياء، والمساواة بين مختلف الطوائف” من أهم تطلعات الناس من محافظهم الجديد.
وعدَّ فضيلته المساواة بين الطوائف والمذاهب من توقعات الشعب الأخرى قائلا: توجد في محافظة سيستان وبلوشستان نوع من التنوع القومي والمذهبي، وبإمكان المحافظ أن ينفذ العدل والمساواة من خلال استخدام المؤهلين وذوي المهارات من مختلف المذاهب والقوميات، من الشيعة والسنة والبلوش وغيرهم.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى فرص السياحة في محافظة سيستان وبلوشستان قائلا: في المناطق الساحلية مثل “تشابهار” و”بسابندر” توجد الجبال المريخية الجمیلة والخلابة التي بإمكانها أن تبقى من الأمكنة السياحية في سيستان وبلوشستان، كما يمكن أن يبنى طريق من “تشابهار” إلى “بندرعباس” وإلى أبعد منها لتنتقل الحافلات، ليتمكن الناس من التردد إلى هذه الأمكنة الجاذبة.
وعدَّ خطيب أهل السنة “الفقر والبطالة” من مشكلات بلوشستان قائلا: لقد انتشر الفقر والبطالة في هذه المناطق، ويعيش الكثير من الناس في القفر. نحن نتأسف كثيرا لأن المسؤولين ما استطاعوا التخطيط ولا تقديم الأولويات لحلّ هذه المشكلات.
وأضاف قائلا: نرجو من المحافظ الجديد ونواب المجلس والعلماء وبقية الإخوة أن يتحدوا ويتضامنوا لمزيد التفكير لحل مشكلات المناطق الساحلية، لا سيما مشكلة شح المياه الصالحة للشرب.
مع طلاب “دارالعلوم نوبنديان”
ألقى فضيلة الشيخ عبد الحميد في هذه الرحلة التي استغرقت أربعة أيام، كلمة أمام طلاب مدرسة “دارالعلوم” الشرعية في منطقة “نوبنديان” في 7 ربيع الأول في المسجد الجامع بعد صلاة الفجر، معتبرا فيها “علم الشريعة” أكبر ثروة يمتلكها الإنسان، وتابع فضيلته مخاطبا الطلبة: يمكن أن تزول التجارة وأن تنتهي الزراعة، ولكن العلم ثروة ترافقكم في الحياة وبعد الممات.
وأضاف فضيلته مشيرا إلى أن العالم لو لم يعمل بعلمه يستحقّ العذاب من جانب الله تعالى: العلم مع العمل يكون ناجيا، والعلم دون العمل يكون حجة على الفرد. فلو تعلمنا العلم لمرضاة لله وخدمةً للخلق، سنكون كرماء قيِّمين نُحترم في المجتمع ونُحبب عند الله تعالى، كما إن الملائكة تضع أجنحتها إكراما تحت أقدامنا.
بين أهالي قرية “كهناني كش” من توابع “دشتياري”
قال فضيلة الشيخ عبد الحميد في زيارة لأهالي قرية “كهنانيکش”: في المكان الذي يُسجد فيه لله تعالى، تنزل عليه البركات من عند الله تبارك وتعالى، ويعمر هذا المكان في الدنيا والآخرة، والعبادة تنور الوجوه، لذلك فاعتصموا بدين الله تعالى.
وأضاف فضيلته قائلا: أرسلوا أبناءكم ليتعلموا العلم، وأقيموا صلواتكم، وأطيعوا أوامر الله تبارك وتعالى، واجتنبوا المعاصي، وحاولوا حل مشكلات المجتمع بالنصيحة.
الخطبة في جلسة تكريم خريجي “جكيغور”
شارك فضيلة الشيخ عبد الحميد في جلسة مشتركة لمجموعة من المدارس عقدت في مدرسة “خزينة العلوم” مساء الخميس 7 ربيع الأول في مصلى منطقة “جكيغور”، وألقى فضيلته في هذه الجلسة كضيف خاص خطبة أشار فيها إلى أهمية الجلسات والمؤتمرات الدينية وتأثيرها في نشر العلم والدين وتعلم المسائل الدينية، وأضاف قائلا: الحفلات الدينية لها دور ملموس في نشر العلم والدين وتعلم المسائل والأحكام، فلو لم يكن الوعظ والتبليغ تقسو القلوب.
تطرق فضيلته إلى أن الاستقامة جانب مُشرق من جوانب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتابع قائلا: كان النبي صلى الله عليه وسلم جبلا شاهقا في الصبر والاستقامة. لقد تحمل فصولا من الجفاء والإساءة والخذلان والأذى من جانب الناس. إننا اليوم مع الأسف لا نستطيع أن نتحمل الشتائم والإهانات والأذى في سبيل الله، لأن محبة الدين وعظمته لم تتمكن في قلوبنا.
وأشار خطيب أهل السنة في مدينة زهدان إلى أهمية العمل في الإسلام قائلا: إننا ناجحون إن عملنا على السنن والفرائض والمستحبات. من المؤسف لنا أننا محرومون من القرآن الكريم.
وأدان فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من كلمته، بأشدّ العبارات الإهانات التي وردت في بعض الكتب المدرسية إلى الصحابي الجليل سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، واستطرد قائلا: الإساءة إلى سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب “دين وزندكي” في المرحلة الثانية من الثانوية، تسبب جرح مشاعر أهل السنة وانكسار قلوبهم. ليس لأحد أن يهين إلى مقدسات أهل السنة. الذين يهينون مقدسات إلى مقدسات أهل السنة، في الحقيقة يرفضون كلام المرشد.
وتطرق فضيلة الشيخ عبدالحميد إلى مكانة الصحابة العالية قائلا: لن تجدوا في العالم أستاذا ولا مربّيا يربّي تلاميذه مثل النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقدر ولن يقدر الفقهاء والعلماء من الشيعة ولا من السنة أن يربّوا تلاميذهم كما ربّى النبي الكريم الصحابة رضي الله عنهم.
العودة إلى زاهدان
غادر فضيلة الشيخ عبدالحميد مساء يوم الخميس ساعة ٢٣:٢٠ المناطق الجنوبية من بلوشستان راجعا من رحلته التي استغرقت أربعة أيام، إلى زاهدان، ووصل إلى زاهدان صبيحة يوم الجمعة ساعة ٤:٢٠.
تعليقات