اليوم :3 December 2024

تركستان ورمضان.. متلازمة الأخبار!

تركستان ورمضان.. متلازمة الأخبار!

كعادة الأخبار في مستهل كل رمضان: “السلطات الصينية تمنع مسلمي تركستان من الصيام”..
الخبر يتناقله المسلمون بكثير من الأسى، وكأنه خبر جديد يطرق مسامعهم للمرة الأولى، لكن حين يدققون قليلاً يجدون أن حال الترك الأصليين في تركستان الذين احتلت الأكثرية الهانية الصينية بلادهم بالتزامن مع إعلان قيام الكيان الصهيوني لم يتغير كثيراً منذ ذلك الحين. تركستان ككثير من بقاع المسلمين التي قضمها الأعداء قد دخلت جميعها تحت سلطات وصف القرآن بدقة سياستها التي ستنتهجها مع المسلمين الباقين في بلادهم بعد احتلالها في كلمات قصيرة معبرة : ” كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ “

فمراعاة العهود والمواثيق وأحياناً القرابة ليست في قاموس تلك الأمم التي استولت على ممالك المسلمين من القرم إلى الأندلس؛ فلقد حصلت المجازر وألوان الاضطهاد برغم أن بعض تلك الحالات حصلت فيها التعهدات واعتمدت المواثيق، كمثل ما حصل مع المسلمين في الأندلس من اضطهاد وصل حد القتل وتهجير الملايين عن بلدانهم بعد نقض أعدائهم لميثاق تضمن العشرات من البنود التي نقضها الإسبان جميعها، ولم يرضوا من المسلمين حتى بالتنصر الظاهري والخضوع الكامل لقوانين تلك البلدان.
والحقيقة أن ما نراه حتى اللحظة من ألوان العسف والاضطهاد، كما في حالتنا هذه (تركستان) مرده الأساسي عائد إلى عدم قدرة المسلمين في العالم على فرض إرادتهم وضياع هوية بلدانهم واستقلالها، وهذا أدى مع سقوط الخلافة إلى حالة يتم، جعلت من نموذج تركستان تعبيراً عن ضعف عام للحالة الإسلامية، بحيث نضحت على مسلمي تركستان.
وعليه؛ فقد تبدى مع الوقت أن خبر منع مسلمي تركستان من الصيام أو الصلاة، واضطهادهم حتى معيشياً سيظل متكرراً ما لم يكن للمسلمين في العالم كله مشروع جامع يعيد إليهم عزتهم وهويتهم واستقلالهم؛ فليست حالة تركستان أو القرم أو إفريقيا الوسطى.. إلا تجسيداً لأزمة شاملة قد تختلف في تفاصيلها، لكنها تتحد في أسبابها ومنطلقاتها؛ بحيث صار حلها جميعاً رهيناً بنهضة المسلمين.
من هنا؛ فإن تكرار الحديث عن هذا الاضطهاد وتفعيله إعلامياً وربما سياسياً، مثلما تفعل حكومة العدالة والتنمية التركية أحياناً، بحكم توجهها، وحكم رعايتها “الروحية والمعنوية” لكل الأتراك حول العالم، وبعض مسلمي الممالك التي كانت تحت سلطة الخلافة العثمانية، لن يفضي إلى تغيير جذري في أوضاع مسلمي تركستان، ما لم ينتظم ضمن سياق نهضوي شامل للمسلمين عموماً من كوالالمبور حتى طنجة، لا، بل تشمل حتى الأقليات المسلمة في كل بقاع الأرض من أقصى سيبيريا وحتى أقصى الغرب الكندي، وألاسكا.. ما عدا ذلك، لن يكون سوى مساعٍ حميدة لتحسين شروط “العبودية” ليس إلا، والتي لا تستقيم لا مع روح عقيدتنا وشريعتنا، ولا حتى التكوين النفسي والمجتمعي لرجال ونساء تركستان الأحرار.  

المصدر: موقع المسلم  

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات