اليوم :29 March 2024

إثارة القلاقل حول تزايد عدد أهل السنة في إيران، أداة جديدة بيد المتطرفين

إثارة القلاقل حول تزايد عدد أهل السنة في إيران، أداة جديدة بيد المتطرفين

إثارة القلاقل حول تزايد عدد أهل السنة في إيران في الحفلات ووسائل الإعلام للتيارات المتطرفة في إيران، ليست قضية جديدة. تسعى هذه الوسائل الإعلامية حينا بعد حين أن تتقدم إلى الأمام بإثارة الخلافات المذهبية والطائفية وبمشروع “معاداة السنة” بتزوير الأخبار وتحريف الحقائق، كي يصطادوا من الماء العكر ويحققوا غاياتهم الشمولية ويصلوا إلى طموحاتهم.

تضخيم مصطلحات مثل “الوهابية” و”التيار التكفيري” وغير ذلك من المصطلحات في وسائل الإعلام، كان يساء استغلاله لأجل قمع أهل السنة في إيران والتضييق عليهم في الماضي من قبل هذه التيارات، والذي انخفض لونه في هذه الأيام. لأجل هذا، أصبحت إثارة قلاقل المذهبيين الشيعة حول تزايد عدد أهل السنة أداة جديدة بيد المتطرفين والتيارات المتشددة للضغط على أهل السنة في إيران.
في الأسبوع المنصرم، ادعى “ناصر رفيعي” عضو الهيئة العلمية لجامعة المصطفى العالمية في مؤتمر مذهبي، انخفاض عدد الشيعة ونموّ السنة  في البلاد. وقال: إن مراجع التقليد قلقون بالنسبة إلى انخفاض عدد الشيعة. قبل هذا أيضا تأثر آية الله مكارم الشيرازي من المراجع الكبار للشيعة بالتقارير الكاذبة والملفقة، وطالب بتكوين فريق عامل لمواجهة تزايد عدد أهل السنة في إيران.
لكن الحقيقة أن عدد أهل السنة لم يتزايد في السنوات الأخيرة، بل انخفض عددهم بسبب التأثر بسياسات تنظيم الأسرة والفقر والحرمان الذي يوجد بشكل مضاعف في المناطق السنية.
ادعى رفيعي أن المناطق السنية توجد فيها الأسرة تدار بأربع زوجات وأربعين ولدا. مع أن المتزوجين بثلاث أو أربع زوجات قليلون في بلوشستان، والكثير من أساتذة المراكز الدينية لديهم ولد أو ولدان.
ولكن القضية الأصلية في هذا المجال، هي ظهور الحقيقية الخفية التي ظلت طي الكتمان طوال عشرات السنين، وبدأت تظهر هذه الحقيقة في الآونة الأخيرة، وهي العدد الحقيقي لأهل السنة في إيران. فإن الأمر الذي تغير في السنوات الأخيرة لم يكن عدد أهل السنة، بل إعلان الإحصائية الرسمية لسكان البلاد التي لم تعلن قبل ولم يُعلن عدد أهل السنة بسبب بعض السياسات، والآن أيضا لا يُعلن رسميا عدد أهل السنة في البلاد. لكن انتشار بعض الجزئيات من الإحصائيات حول عدد أهل السنة في السنوات الأخيرة يدل على أن عدد أهل السنة كان أكثر مما يذكر في الإحصائيات غير الرسمية، وكانت هذه الإحصائيات أكثر مما كان يتصوره أهل السنة أنفسهم.
لو فرضنا صحة هذه القضية، فما هو ضرر تزايد عدد معتنقي مذهب من المذاهب الإسلامية للإسلام والمسلمين في بلد يدعي الوحدة بين المسلمين!؟
وإلى هذا أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة، في حوار له في شهر  محرم 1435: “لو فرضنا صحة هذه الإدعاءات، فما المشكلة في أن يشتري أهل السنة وهم إيرانيون وأبناء هذا الوطن وضحّوا للإسلام وبلادهم، وقد حضروا كافة المجالات السياسية والانتخبات رغم التمييزات والحرمان وحافظوا على الوحدة والأمن عبر التاريخ، في  سائر مدن إيران؟”
أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في ذاك الحوار إلى التقارير الملفقة والكاذبة التي تنقل إلى مراجع الشيعة حول دعوى شراء أهل السنة الأملاك والعقارات من الشيعة لتخفيض نسبتهم في تلك المدن.
وحول عدد أهل السنة أيضا أشار خطيب أهل السنة في زاهدان قبل هذا بأن عدد أهل السنة لم يتزايد، بل هجرة أهل القرى والأرياف الناشئة عن القحط والجدب لسنوات طويلة، غيرت التركيبة السكانية لبعض المدن، وهذا التغيير أيضا لم يكن بطريقة يؤثر في التركيبة السكانية لتلك المنطقة، لأن في كثير من هذه المدن كان أهل السنة هم الأكثرية في الماضي.
دعاوي المتطرفين حول عدد أهل السنة تطرح في حين أن جريدة “إطلاعات” قدّرت عدد أهل السنة بربع سكان البلاد سنة 1358. في السنوات التالية بعد الثورة كان أهل السنة يتبعون السيسات العامة للبلاد. ولو حدث تغيير في تركيبتهم السكانية كانت متلائمة مع عدد سائر الإيرانيين ومتاثرا بتلك السياسات العامة.
الشفافية حول الإحصائيات الرسمية للأقوام والمذاهب المختلفة والإعلان عنها عن طريق المصادر الرسمية تستطيع أن تنهي الكثير من الشوائب والظنون وتثبت مكانة كل طائفة من حيث تركيبتها السكانية.
 مع الأسف في بلادنا، خلافا للدستور الذي يؤكد على المساواة والأخوة بين الأقوام والمذاهب الإيرانية، يحرم الكثير من أهل السنة في التوظيفات والاستخدامات من حقوقهم القانونية بسبب استمارة التوظيف التي أدرج فيها خيار المذهب، بينما أهمل هذا الخيار في استمارة الإحصائيات الرسمية للبلاد، حيث اتخذ البعض بالإحصائيات غير الرسمية وتحريفهم الحقائق أداة للضغط على أهل السنة، إضافة إلى التميزات التي يواجهونها في التوظيفات.

مجموعة من نخب أهل السنة والجماعة في محافظة سيستان وبلوشستان

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات