اسمعي يا سورية

اسمعي يا سورية

(الحديثُ الذي ألقاه العلامة الداعيةُ “أبو الحسن الندوي” رحمه الله في الإذاعة السورية من دمشق عام 1956 م):

أحييك يا سورية تحية من أحبك صغيراً , وعاش في ذكرياتك وأخبارك دهراً طويلا ً ..
لقد سمع في طفولته ملاحم الإسلام , وفتوح الشام ، فعرف مدنك وقراك كما عرف مدن بلاده وقراها ، ودرس في شبابه تاريخ الإسلام، فرآك تشغلين منه مكاناً واسعاً , وتضعين إليه صفحاتٍ مشرقة لا يزال المسلمون يستمدون منها الإيمان, ولا يزال العرب يذكرون بها العهد الذي كانوا يحكمون فيه نصف المعمورة. أحييك يا سورية تحية من نفسي وعقيدتي وضميري ..
فكل منها يتنافس في تحيتك, وكل منها يدين لك بالفضل , فقد غمرت نفسي بالسرور والإيمان ببطولة من بذل نفسه وأراق دمه على أرضك , وقويت عقيدتي في انتصار الروح على المادة , والفضيلة على الرذيلة, وانتصار قوة الإيمان على قوة السيف والسنان , وقوة الأبدان , وكثرة الأعوان , وما اليرموك عنك ببعيد , وما يوم حليمة بسر ..
و أيقظت ضميري لفهم معان أسمى من السماء , وأعذب من ماء بردى , هي معاني الثقة بالله , وعلو الهمة في سبيل الله, والعطف على عباد الله, والعدل بين الناس, معان تجلت على أرضك وحواها تاريخك فتحيتي لك يا سورية تحية النفس والعقيدة والضمير.
أحييك يا سورية عن نفسي , وأبلغك تحيات ملايين من البشر يسكنون وراء البحار, ويحنون إليك على بعد الدار.
لا تستغربي يا سورية العزيزة هذا العدد الضخم , فإن على شواطىء البحر الهندي , ووراء جبال هملايا أمة كبيرة العدد, قوية العاطفة, صادقة الوداد, قد عرفتك قديماً, وأحبتك شديداً وذكرتك كثيراً.
ذكرتك كلما أذن المؤذنون, وكلما دوى في الفضاء صوت “أشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمداً رسول الله” كلما سمعوا الأذان ذكروا مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ذكروا بلالاً الحبشي (وفاته:20ه), فذكروا به الشام الذي آثره بالإقامة, والاستراحة إلى يوم القيامة.
ذكروك كلما سمعوا ببطولة بطل, ومغامرة مقدام , ذكروا به بطل الأبطال سيف الله خالد بن الوليد (وفاته:21ه)-رضي الله عنه- الذي تبسم في وجه الموت وسخر بالمخاوف, ورمى بنفسه في كل معركة ظن فيها الشهادة فخرج منها ظافراً منتصراً, ذلك البطل الذي استهان بحياته فعزت, وهانت نفسه عليه فكرمت, هو الذي أذاقك يا سورية لذة الإيمان والعدل والرحمة والمساواة, ولا يزال في حمص رمز قوة الإسلام , ومفخرة الشام.
ذكروك كلما سئموا الظلم والخيانة, وحنوا إلى العدل والأمانة, وكلما رأوا حيفاً من الحاكمين وقسوة في الفاتحين ذكروا ذلك الفاتح الرحيم الذي كتب لأهل الشام الأمان ورفع الحصار ورد إلى أهل حمص ما أخذ منهم من الخراج بحجة أن المسلمين مشغولون عن نصرتهم والدفع عنهم بما يستقبلونه من حرب حاسمة في اليرموك.
إنهم ذكروك كلما ذكروا (أمين الأمة) –أبو عبيدة بن الجراح-وكلما اشتدت الحاجة إلى قوي أمين, وفاتح رحيم, وكلما اشتدت الحاجة إلى قائد يجمع بين الشجاعة والرحمة, والبطولة والحكمة, والسياسة والدين, والشدة واللين.
ذكروك يا سورية كلما اشتغلوا بالحديث والفقه-وما أكثر من يشتغل في هذه البلاد بالحديث والفقه- وكلما مرت بأسمائهم أسماء حبيبة من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وقراء القرآن ورواة الحديث وفقهاء الأمة. كلما مرت بأسماعهم أسماء معاذ بن جبل (وفاته:18ه), وأبي الدرداء, وسعد بن عبادة, وأبي بن كعب, وبحثوا عن مدافنهم فوجدوها في ربوعك وأحضانك.
يذكروك كلما وجدوا طرازاً واحداً من الملوك والأمراء والحكام والوزراء مهما اختلفت الألقاب وتنوعت الأسماء , وجدوا الأنانية والأثرة, والمحسوبية, والمحاباة, والعبث بأموال الشعوب والترف على حساب الفقراء.
ذكروا تلك الشخصية الفريدة الفذة التي فاجأت التاريخ وفاجأت الانسانية في آخر القرن الأول الهجري, ولمع في أفقك يا دمشق نور أضاء له العالم , واستقبلته الإنسانية, فقد عم العدل واتجه المجتمع إلى الدين والأخلاق, ووجد كل أحد ما يحتاج إليه, وعمت الرفاهية وفقد الفقر المدقع, وبحث الناس عمّن يقبل الزكاة فما وجدوه , وخاف العصاةُ والمجرمون , وارتدع القساةُ والظالمون , تلك شخصية عمر بن عبد العزيز(61-101ه) – سلام الله على عمر بن عبد العزيز(61-101ه)- شخصيته كانت كوميض البرق وفلتة الدهر , لم يزل التاريخ يحنُّ إليها , ولا تزال الإنسانية تصبوا إليها وما من يوم والإنسانية إليها أشدُّ فقراً وأشدُّحنيناً ..
فلو لم تكن لك يا سورية حسنة سوى هذه الحسنة, ولو لم تنجب أرضك يا سورية غير هذا الوليد, لكفاك فخراً وكفاك فضلاً على الإنسانية, وشرفاً على البلاد .
وكم هنالك يا سورية من مناسبات كريمة تجدد ذكرك، وتلفت الناس إليك ..
فكم في مقابرك من عظماء الإسلام والأئمة الأعلام ..
كم فيها من المحدثين وعلماء الرجال كابن الصلاح (577-643ه) والذهبي (673-748ه) والمزي (654-742ه)…..
ومؤرخين كابن خلّكان (608-681ه) وابن عساكر (499-571ه), وابن كثير(701-774ه) , وأبي الفداء ..(672-732ه).
وأئمة كالنووي (631-676ه) وابن تيمية (661-728ه) وابن القيم(691-751ه)..
وصوفية كإبراهيم بن أدهم (وفاته:162ه) وأبي يزيد البسطامي (وفاته:261ه) ومحيي الدين بن عربي(560-638ه).
وفي حجرك يا دمشق يرقد ذلك الأسد الذي ملأ الفضاء بزئيره , وخلع قلب الغرب بشجاعته, كما ملكه برحمته وإنسانيته الرفيعة, ذلك الذي زحف إليه الغرب بأفياله وأبطاله, وأسوده وأشباله, وأجلب عليه خيله ورَجِله, فناهضه وحده, وكسره في “حطين” كسرة شنيعة لم يقم بعدها, وحفظ على الإسلام حرمه وحرمته , وعلى الشرق شرفه وكرامته ذلك صلاح الدين (532-589ه) – سلام الله على صلاح الدين (532-589ه) – فلولا هو لانتهى العالم الإسلامي وتحطم الشرق, وعاث وحوش الغرب في ربوعه يستأثرون بخيراته ويستبدون بحكمه, ويتحكمون في أمواله وأعراضه, ويضطهدونه في دينه وعقيدته, ويرزأونه في أخلاقه وروحه, وكان العالم الإسلامي كله مستعمرة غربية, وكان فيه عشرات “فلسطين” وعشرات “الجزائر”..-كان هذا الحديث على ما يظهر أيام احتلال الفرنسيين للجزائر-.
فلك يا سورية الكريمة منَّة على العالم الإسلامي وفضل على الشرق العربي في شخص صلاح الدين الأيوبي (532-589ه) الذي ترعرع على أرضك، وتنبل في تربية ملكك الصالح نور الدين (511-569ه), ومنه تولى قيادة الجيوش, وفي أرضك دفن.
لقد أتى عليك يا سورية – وكنت تسمين يومئذ الشام – حين من الدهر, وأنت تحكمين أكبر قطعة من العالم المتمدن المعمور, وكانت مملكتك العظيمة لم تكن لتقطع مسافتها في أقل من خمسة أشهر على أسرع جمَـَل, وكان الخراج يـُجبى إليك من الهند في الشرق, ومن الأندلس في الغرب..
ولم يزل سلطانك يتقلّص, ودائرة نُفوذِك تضيق, وحدود مملكتك تقصر وتنـزوي حتى انطويت على نفسك, واقتنعت بهذا القطر الذي يسمى “سورية” وتخليت عن القيادة العالمية, فما السر في ذلك يا سورية العزيزة, وما سبيل الرجوع إلى ذلك المركز العظيم؟
ولعلك تقولين: إن العراق هو الذي انتزع مني هذه الزعامة في القرن الثاني الهجري, وحلت بغداد محل دمشق فكانت مركز الخلافة، وكانت عاصمة الإمبراطورية الإسلامية العظيمة!
ولكني أوجه نفس هذا السؤال إلى العراق, فقد كان مصيره في منتصف القرن السابع كمصيرك يا سورية في القرن الثاني, إن سبب هذه النكسة العظيمة التي واجهتها أنت وواجهها العراق بدوره أعمق مما ظننته.
واسمحي لي أن أشرحه..
إن سر عظمتك يا سورية وسيادتك على العالم كله, سيادة دامت قرناً كاملاً, هو أنك تزعمت هذه الأمة التي بعثت بعثاً جديداً وكلفت تبليغ رسالة إنسانية عالمية..
تقدمت أنت بشجاعتك وطموحك وهمة خلفائك الذين كانوا يحكمون في دمشق, وتكلفت قيادة هذه الأمة, فكان قادتك العظماء يفتحون البلاد, وينشرون الإسلام, وينشرون الدين والعلم، ويعلمون الأخلاق والفضيلة, والإنسانية والكرامة, كذلك فعل محمد بن القاسم (72-95ه) في الهند, وطارق بن زياد (91-141ه) (670-720م) في الأندلس, وموسى بن نصير (19-97ه) في المغرب, فكان الفتح والرسالة مترافقين، وكان قادتك رسل الخير والفضيلة, ومشاعل العلم والإصلاح, وكانت جيوشك جيوش الإنقاذ, وكان رجالك رجال الإسعاف.. تخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده, ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام, ومن ضيق الدنيا إلى سعتها, وتضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم, وكان الناس في حاجة إلى هذه الرسالة حاجة الأرض الجدبة إلى الأمطار, وكانوا في حاجة إلى الحكم العادل حاجة المسجون إلى الحرية، فاستقبلوا رسله ورجاله، وتفتحت لهم قلوبهم وبلادهم, وارتمى العالم السليب الحزين في أحضانك كما يرتمي الطفل الصغير المذعور في أحضان أمه وأبيه, وتكونت دولة من أعظم دول العالم, وكانت لك وصاية على الشعوب والأمم.
ولكنك بدأت – ولا مؤاخذة يا سورية الحبيبة – تعتمدين على قوتك وفتوحك أكثر مما تعتمدين على قوة هذه الرسالة, وتعنين بجمع الأموال, أكثر مما تعنين بأخلاق الرجال, وصلاح الأحوال, وبدأ رجال الحكم, وعمال البلاد, وجباة الأموال يتخلفون في أخلاقهم وصفاتهم, وأصبحوا كسائر الحكام والعمّال في سائر الدول والحكومات, حتى لم يمض قرن على مملكتك العظيمة؛ حتى صار الناس يشعرون بذلك في نواحي المملكة, فقد حدَّث التاريخ أن رسل يزيد بن عبد الملك (71-105ه) ذهبوا إلى رُخّج وسجستان لتحصيل الخراج والأتاوة المفروضة عليها, فقال لهم ملك هذه البلاد واسمه رتبيل:
(ما فعل قوم كانوا يأتون خماص البطون سود الوجوه من الصلاة ؟ قالوا: انقرضوا! قال: أولئك أوفى منكم عهداً وأشد بأساً, وإن كنتم أحسن منهم وجوهاً) ثم لم يعطِ أحداً من عمّال بني أمية ولا عمال أبي مسلم (100-137ه) على سجستان من تلك الأتاوة شيئاً.
فقد خضع لك العالم يا سورية في القرن الأول, وقامت عليه وصايتك, لأنك كنت تمثلين ديناً جديداً قضى الله بظهوره وانتصاره, وتحملين الرسالة الكريمة التي تنقذ البشرية من الجهالة والظلم واستعباد الإنسان للإنسان, ولا تعيشين لنفسك ولمصالحك وشهواتك, بل تعيشين للعالم ولصالحه ولخير الإنسانية جمعاء, فمشى العالم كله في ركابك وأحبتك الأمم المفتوحة – ومتى أحبت الأمم المفتوحة فاتحها؟ – فاختارت لغتك وثقافتك ودينك وعقيدتك، أما وقد اشتغلت بنفسك وتخليت عن رسالتك, فقد انقطعت صلةُ العالم بك, وأصبحت قطراً من الأقطار, ودولة من الدول.
ولكن شأنك غير هذا الشأن يا سورية العظيمة, إن موقعك الجغرافي, وأهميتك الحربية, وتاريخك الماضي, وشعبك السليم المؤمن, كلٌّ يشير إلى أنك خلقت لغير هذا وأنك تسيئين إلى نفسك وتظلمينها لو اقتنعتِ بالدون, وزهدت في الزعامة العالمية!
ولكن كيف السبيل إلى ذلك, والزعامة ليست بالأمر الهين, وهنالك بلاد أوسع مساحة وأغنى في الوسائل والإمكانيات, وأكثر عدداً وعدة؟!
إن السبيل الوحيد إلى ذلك يا سورية أن تحملي الرسالة التي حملتها في عهدك الأول, عهدك الزاهر الذهبي, وأن تتبني تلك الدعوة التي تبنيتها في القرن الأول، فتتملكك كما تملكتك في العهد الأول, وتخلصين لها اليوم كما أخلصت لها بالأمس, وأن تجعلي العالم يشعر بحاجته إليك, ويثق بإخلاصكِ ونفعكِ، واحملي إليه رسالة الدين السماويّ الذي أكرمك الله به منذ ثلاثة عشر قرناً, يوم كنتِ تعانين من ظلم الرومان وحيفهم, ما يعاني كثير من الشعوب اليوم من الظلم والاستبداد, وشرور الاستعمار.
إن الأمم يا سورية, لا تسود باللغات والثقافات, ولا تسود بالمدنيات والقوميات, إنما تسود بالرسالات والدعوات والأهداف والغايات, وكلما كانت هذه الأهداف والغايات أسمى وأعلى، وأبعد عن الأغراض الشخصية أو الحزبية أو الإقليمية وأعرق في الإنسانية, كانت سيادة هذه الأمم التي تحتضن هذه الرسالات, وتدين بهذه الغايات أعمقَ وأرسخَ وأوسعَ وأقوى, ولا تزالين تملكين هذه الرسالة, وهي الرسالة التي حملتها إلى العالم غزاة العرب ودعاتهم في العقد الثاني من القرن الأول, ولا تزالين تعرفين هذه الغاية السامية التي خرجوا لتحقيقها من جزيرة العرب.
دعي التردد يا سورية, فلا أضرَّ على الأمم من التردد..
وخذي بالعزم, والأمر الجزم..
واحملي راية الإيمان والدعوة في الخارج, وراية الإصلاح والتربية في الداخل..
وحاربي فساد الأخلاق والتحلل, والميل الزائد إلى الملاهي, والرخاوة والترف, فلا بقاء لأمةٍ، ولا قوةَ على عدوٍّ بانحلالِ الأخلاقِ, ورخاوةِ الأجسامِ، والترف الفاحش، واذكري أنّ من أسباب انتصار العرب تقشفَهم في الحياة, واحتمالهم للمشاقّ, ومن أسباب انكسار الرومان تنعمهم في الحياة وغلوهم في المدنية, ولا تنسي أنك دائماً على الحدود فلا تضعي السلاح، ولا تميلي إلى الدعة والراحة, ولا تمكّني الغواة والذين تجارتهم في الأخلاق والأعراض من إفساد شبابك وإضعاف العقيدة والقوة المعنوية.
لقد كانت لنا قومية نعتزُّ بها يوم جاء رسلك ودعاتك إلى بلادنا, وكانت لنا لغةٌ لا نعدل بها لغة, كانت لنا عصبيةٌ نقاتل في سبيلها, فتخلينا عن كل ذلك واندمجنا في الأمّة الإسلامية العظيمة, وعكفنا على دراسة اللغة العربية الكريمة, وتركنا العصبية القومية والحمية الجاهلية..
فالله الله يا سورية الإسلامية ..
لا تتمسكي بما أبعدتِنا منه من النـزعاتِ الجاهلية والقومياتِ الضيقة, ولا تقعي في الحمأة التي أخرجتِنا منها.
لقد طار صقر قريش من أرضك, فأسس في الغرب دولة وحضارة بقيت مدرسة الغرب ثمانية قرون, ولا يزال الغرب يدين لها في معرفة مبادئ الحضارة ومبادئ العلم والحكمة, فأقبلي يا سورية مرة ثانية إلى الغرب برسالتك وأنت في مركزٍ تستطيعين فيه أن توجهي الغرب في حضارته وحياته، وتكملي بإيمانك وروحك ما ينقصه من إيمان وروح.
لقد كان اللائق أن تكون الاستفادة بينك وبين الغرب متبادلة, وأن يكون التصدير بقدر التوريد, فإذا أخذتِ منه مما يفوقك فيه وسبقك إليه من مصنوعات وآلات؛ فكان اللازم أن تصدّري إليه وتـَهبينه مما تفوقينه فيه من مبادئ وغايات، ومما تفردتِ به من وحي ورسالات..
وإن الحضارة المثلى التي فيها سعادة الإنسانية هي التي تجمع بين الغايات الفاضلة والدوافع الحسنة, وبين فرص العمل وقواه التي يتمكن بها الإنسان من تحقيق هذه الغايات والوصول إلى هذه الأهداف..
ولا شك أن هذه الحضارة لا تظهر إلى الوجود في هذا العصر ما لم يتعاون الشرق والغرب بعضهما مع بعض، ولم يسهما في تكوينها وإبرازها, ذلك بإيمانه وهذا بتنظيمه وعلومه, فاعرفي يا سورية ضخامة مسؤوليتك، وعظم الدور الذي تستطيعين أن تمثليه.
أما بعد: فقد كان لك على بلادنا فضل, ولا يزال, وذلك عن طريق محمد بن القاسم الثقفي (72-95ه) , الذي سار إلى الهند بجيوش المجاهدين ودعاة الإسلام المؤمنين, في عهد الوليد بن عبد الملك (50-96ه)(670-715م) الخليفة الأموي, فأحبته الهند وخلدت ذكراه, وذاق كثير من أهلها طعم الإيمان, وكان دخوله فيها فاتحة عهد جديد.
وما دفعني إلى هذا الحديث إلا تقديرُ هذه اليد البيضاء والحقِّ القديم, ولعلي قمت بذلك ببعض الواجب, ووفيت شكر النعمة.
والسلام عليكِ ورحمة الله وبركاته

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات