الشيخ عبد الحميد: علينا أن لا نضيّع الفرص في الأشهر الأخرى من السنة

الشيخ عبد الحميد: علينا أن لا نضيّع الفرص في الأشهر الأخرى من السنة

تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان في خطبة هذه الجمعة بعد تلاوة قول الله تعالى “أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ”، إلى بيان ضرورة تدارك الفرص والأوقات قائلا: الفرص والأقات أعظم ثروة منحنا الله تبارك وتعالى، وبإمكاننا أن نصرفها في منافعنا المادية وضرورات حياتنا، كما أننا نستطيع أن نشتري بها مرضاة الرب تبارك وتعالى ونكسب بها الجنة.
وأضاف فضيلته قائلا: الآية تطرقت إلى هذه القضية، فالكثيرون ممن ضيعوا أعمارهم وأوقاتهم ولم يقضوها في دينهم وآخرتهم، بل ضيّعوها في اللعب واللهو، يطلب مثل هؤلاء من الله تعالى أن يرجعهم ليعملوا من جديد، فيقال ردا على هؤلاء: ألم تعطوا فرصة كافية للحياة؟ أو لم تأخذوا منا الفرصة؟ ألم نعطكم عمرا بالقدر الذي كان بإمكانكم أن تأخذوا النصائح؟ وكذلك يقال لهم: “جاءكم النذير”، وكانت لديكم دوافع وبواعث للفكر والتدبر، ولكنكم لم تنتبهوا لها. فجاء الرسل والأنبياء واحدا بعد واحد فلم تسمعوا لكلام الأنبياء والرسل ولم تلتفتوا لكلام ورثة الأنبياء أيضا.
وجاءكم النذير من الشيب والشيخوخة، ومروركم بالمقابر، فرايتم الجنائز تحمل، وكانت فيها رسالة لكم. ذهبتم إلى التعزية فكانت فيها رسالة لكم.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: جميع مراحل الحياة إنذارات لنا، وفي كل ما نشاهد في الدنيا رسالات لنا بأن الدنيا غير باق، لذلك يجب علينا أن نفكر في الآخرة، ويجب أن نتذكر بمشاهدة كل آية نرى من آيات الله تبارك وتعالى. قال الله تعالى: “ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد”.
فنحن الذين بلغنا الستين والسبعين من العمر ونتفكر في أمورنا المادية وفي حياتنا العاجلة، فهل فكّرنا في القبر الذي نبقى فيها آلاف سنين، وهل فكّرنا في المحشر الذي يستمر لآلاف سنين، وهل فكّرنا في الجنة والنار الخالدتين؟ إن كل هذه تطلب منا أن نفكّر فيها، ونفكّر في أعظم ثروة نملكها كيف ننفقها، وفي الوقت الذي نملكه الآن وهو يمر بسرعة.
واستطرد فضيلته: قال النبي صلى الله عليه وسلم “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ”.  الكثيرون فقدوا صحتهم، وكل همّهم أن يستعيدوا سلامتهم وعافيتهم، وهذا غبن كبير أن يضيع الإنسان سلامته ولا يستفيد منها جيدا. الفراغ إن كان بقدر تسبيح واحد ولم يفعله الإنسان يعتبر مغبونا فيه، لأن الفرصة بمرورها لن ترجع إلينا. فكلما وجدتم فرصة اقضوها في مصلحة دينكم أو دنياكم.
وتابع فضيلته: الفرصة الآن عندنا وبيدنا ونستطيع أن نصرفها في منافع الآخرة والوصول إلى الله تبارك وتعالى، ومن المؤسف أننا لا نذكر الموت ولا الآخرة. إن عبد الله بن عمر مر بقبر فاستقبل القبلة وصلى ركعتين؛ فلما سأله أصحابه، قال إن صاحب هذ القبر لو أعطي الآن فرصة لصلى ركعتين وأنتم تعلمون أن الصلاة خير العبادات والطاعات.
يحكى عن الحسن البصري وهو من كبار تلاميذ سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه كان  يقول عن الصحابة رضي الله عنهم: “أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم”.
وأضاف فضيلته: شهر رمضان كانت فرصة قيمة. لقد صارت أوقاتنا قيمة فيه بالعبادات والطاعات. كنا نصوم نهار هذا الشهر، ونقوم لياليه بالصلاة والتلاوة ونأكل السحور. انقضى هذا الشهر، فلا نضيع الفرص في الأشهر الأخرى من السنة. ربما غفر الله لنا معاصي فلا نعود إليها بعد رمضان، لقد أطلق سراح الشيطان والنفس التي كانت تحت أقدامنا في رمضان. فقد جاءت النفس إلى الميدان وجاء كذلك الشيطان لينتقما منا في الأشهر الأخرى من السنة. لنعلم أننا تبنا، وكل من تاب، عليه أن يلتزم توبته فلنستقم ولنثبت على أن لا نعود إلى المعاصي والذنوب.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: قيام الليل والتزام عبادة السحر من ثمرات رمضان، فعلى العلماء والطلاب الجامعيين والنسوة والرجال كلهم أن لا يتركوا قيام الليل الذي تعودوه في رمضان. ووصيتي لكم أن لا تنسوا مطالب السحر والاستغفار والعبادة التي حق الله تعالى، لأن هذا الوقت وقت الاستغفار ووقت التوبة، فلا تفوتك فرصة غالية مثل هذه الفرصة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات