الشيخ عبد الحميد: مخافة الله تعالى من أغلى الثروات

الشيخ عبد الحميد: مخافة الله تعالى من أغلى الثروات
molana_28تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان في خطبة هذه الجمعة بعد تلاوة قول الله تعالى “وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ  أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ”، إلى أهمية التقوى والخوف من الله تعالى قائلا: من أهم الأمور التي طرحت، والتي شدد عليها القرآن الكريم وسنن الأنبياء وسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم هي مخافة الرب وخشيته.

أنتم تعلمون أن جميع المشكلات والأزمات تنشأ من المعاصي والذنوب وتضييع حقوق الله وحقوق الناس، فنتيجة هذه المعاصي هي الغفلة وعدم الخوف من الله تبارك وتعالى. ربما نمارس أعمالا غير مناسبة ونرتكب معصية ولا نفكر في عاقبتها وما يترتب عليها.
وأضاف فضيلته: إن زلة واحدة ارتكبها آدم عليه السلام كانت نتيجتها أن أخرجه الله تعالى وزوجته من الجنة إلى الأرض؛ قال الله تعالى: “فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ”.
فإخراجهما من الجنة وإبداء سوآتهما من عواقب زلتهما. فقد كان كل شيء موفرا لهما في الجنة، لكنهما أخرجا أنفسهما من هذه النعيم بارتكاب الزلة. في هذه القصة درس لجميع أبناء آدم وخطاب للجميع لو أنهم عصو الله وابتلوا بالمعاصي والذنوب يواجهون مشاكل في الدنيا، لذلك جميع هذه المشكلات في الدنيا تأتي نتيجة المعاصي التي يرتكبها البشر.
وتابع فضيلته قائلا: علّمنا الله تعالى أن نترك المعاصي لو أردنا أن نعود وندخل الجنة مرة أخرى، ونخاف الله تعالى ونتقيه، ونفكر في عواقب الذنوب ونتائجه، وبطش الرب وعقابه عليها. لأن كل ما يرتكبه العباد من المعاصي والذنوب نتيجة عدم خوفهم من العزيز القهار، فمخافة الرب تبارك وتعالى من أغلى وأهم الثروات.
واستطرد فضيلته قائلا: إن ما ابتلي به بعض رؤساء الأنظمة في البلاد الإسلامية الذين ترونهم يتأسفون على أعمالهم كلها، هي نتيجة أخطائهم التي ارتكبوها في حياتهم. فهؤلاء الرؤساء الذين جاءت شعوبهم إلى الميدان وهم يهتفون وينادون ضدهم، وقد سلبوا الراحة منهم فإنهم لم يستمعوا لنصيحة الناصحين وواصلوا أخطائهم تجاه شعوبهم وتضييع حقوق هؤلاء الشعوب المظلومة، لذلك اليوم هم مصابون بالقلق والاضطراب نتيجة معاصيهم.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: يوم القيامة عندما يدخل المجرمون جهنم ويذكر الله معاصيهم وذنوبهم، يتحسر ون في النار قائلين “يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا”، فيتحسرون على غفلاتهم وعلى إتباعهم وساوس الشيطان ونزعاته. ففي النار صرخات عالية ومرفوعة عندما يرى المذنبون أعمالهم ويرون ظلمات الذنوب والمعاصي، ويرون آثارا سوداء في وجوههم من المعصية والذنوب.
وأضاف إمام وخطيب أهل السنة مشيرا إلى أهمية التقوى: إن الله تعالى دعانا إلى التقوى والورع مرات عديدة في القرآن الكريم، وبيّن مكانة المتقين؛ “إن للمتقين مفازا”، والله تعالى يوصل المتقين إلى الفلاح والنجاح، وهو يحب المتقين وهو مع المتقين، ويحب العبد الذي يخاف من تضييع حق العبد، ولا يتكاسل في تأدية الزكاة ودفع عشر أموال الزراعة، ويصل الأرحام، ويراعي حق الجار والأقارب، وإنه تعالى يحب الإنسان الذي يرحم على الغير.
وأضاف فضيلة الشيخ: إن الله تعالى ينتقم منا للحيوانات ويسئلنا عن حقوقها يوم القيامة. نُسئل عن الحيوان الذي ننتفع به ولا نعطيه حقه فضلا عن حقوق الناس.
فالزوجان كل واحد  يُسئل عن حقوق الآخر، والأباء يُسئلون عن حقوق الأبناء، والإخوة والأخوات كل واحد منهم يُسئل عن حقوق الآخر.
واستطرد فضيلته قائلا: الواجب على كل إنسان أن يراعي الحقوق ويكون حذرا عاقلا لا يبتلى بالكبر والاستعلاء والغرور، فقد خلقنا الله تعالى وعلمنا ما لم نعلم، وأعطانا العقل والذكاء، وعلمنا ومنحنا نِعَم لا مثيل لها، وأكرمنا في الدنيا وأعطانا النعم المادية والروحية. لذلك علينا أن نؤدي حقوق هذا الرب، ونضحي بأنفسنا وأموالنا لأجله، فإن أمرنا بتضحية أموالنا وأنفسنا فهو صاحب الإحسان والإكرام علينا ونقوم بالتواضع والعجز أمامه ونعتذر إليه.
وتابع قائلا: قال الله تعالى: “والذين إذا فعلوا فاحشة” أي: إرتكبوا قتلا، أو استعملوا محرمات، أو أكلوا الربا، أو عصوا الوالدين “أو ظلموا أنفسهم” العاصي في الحقيقة يظلم على نفسه بالمعصية حيث يجعل نفسه موضع قهر الله وغضبه، ومستحقا لعذاب الله، فهو لا يرحم على نفسه، فصفة المتقين والصالحين أنهم يذكرون الله ويعتذرون إليه ويتوبون عن المعصية .
والتوبة أن يقلع عن المعصية ويجمع على عدم العودة إليها، ويعمل بالحسنات، فإن الحسنات يذهبن الحسنات. والتوبة مقبولة عند الله إذا روعيت شروطها. ويجب التوبة مرات عديدة من معصية واحدة، لأننا لا ندري هل راعينا الشرائط أم لا؟ و لابد من توبة صادقة والإقلاع عن المعاصي تماما.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: مع الأسف كثرت آلات وأسباب المعاصي في زماننا، وإن كانت هذه الآلات والأسباب لها منافع مفيدة يجب أن تستمل فيها، لكنها ربما تكون  أسباب معصية وظلمة بسبب الغفلة والاستفادة غير الصحيحة، فهذه الفضائيات التي تبث برامج مثيرة وهذه الجوالات التي سهلت الاتصالات، كلها من هذه الآلات التي سهلت الوصول إلى المعاصي والذنوب والوقوع في مصائد المفسدين.
فهناك الكثير من الناس الفاسدين يريدون إفساد الشباب والفتيات، وهناك رجال فاسدون في الأخلاق، فعلى الجميع الحذر واليقظة. ففي كل هذه الآلات الجديدة تهديدات لمجتمعاتنا، والطريق للنجاة منها هي طريق التقوى والورع، وأن نختار الصبر والاستقامة.
وتابع فضيلة الشيخ مشيرا إلى الابتعاد عن جميع أنواع المعاصي قائلا:من السفاهة والجهالة أن يصر الإنسان على المعصية، لأنه لا أحد من العقلاء يتجرأ على إلقاء نفسه في النار، لذلك يجب التوبة في كل لحظة من الحياة، فنحن لا ندري كم ارتكبنا من الخطايا والذنوب في حياتنا، ولابد من التوبة الصادقة، فالله تبارك وتعالى ربما يعاقب على القليل، وربما يغفر بالصغير من الأعمال، فالذنوب سواء كانت صغيرة أو كبيرة يجب التجنب منها، فالنار الحقيرة ربما تحرق إنسانا أو ثيابا، والنار سواء كانت صغيرة أو كبيرة فيعتبرها الجميع خطرا. الثعبان سواء كان صغيرا أو كبيرا فهو خطير جدا.
وأضاف  قائلا: كل شعب يواصل على الاستغفار لا يعذبهم الله تعالى. ولا بد من المواصلة على الاستغفار، ففي رواية مسلم “والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة”. قال الله تعالى: “وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون”.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في نهاية خطبته إلى الصداقة بين الشباب والفتيات الأجنبيات كلعنة إلهية وعادة أروبية انتشرت في المجتمعات الإسلامية قائلا: إن الصداقة وعلاقة الحب بين الشباب والفتيات الأجنبيات محرمة في الشريعة، وهي معصية تؤدي إلى المعاصي التي هي أعظم وأكبر، وقد تؤدي إلى القتل وإراقة الدماء. فالشريعة حرمت الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية، وهذه لعنة إلهية شاعت في المجتمعات، وهي ثقافة الفساد وعادة الأروبيين الذين يسعون أن تشيع الفاحشة في المجتمعات الإسلامية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات