اليوم :29 March 2024

الشيخ عبد الحميد لصحيفة “زاهدان”: فتوى مرشد الثورة بشأن حرمة الإساءة إلى مقدسات أهل السنة لم تلق اهتماما في الداخل

الشيخ عبد الحميد لصحيفة “زاهدان”: فتوى مرشد الثورة بشأن حرمة الإساءة إلى مقدسات أهل السنة لم تلق اهتماما في الداخل
shaikh-abdolhameed-interviewأجرت صحيفة “زاهدان” التي هي إحدى أهم الصحف في محافظة سيستان وبلوشستان، حوارا مع فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان ورئيس منظمة اتحاد المدارس العربية الإسلامية لأهل السنة في بلوشستان، رد فيه فضيلته على عدة أسئلة وجهت إليه في قضايا مختلفة تتعلق بأهل السنة في إيران، بدءا من نتائج وآثار فتوى المرشد الأعلى للثورة التي حرم بموجبها الإساءة إلى مقدسات أهل السنة في المستويين الداخلي والخارجي. وفيما يلي نص هذا الحوار:


أخيرا أصدر قائد للثورة فتوى حرم بموجبها الإساءة إلى الخلفاء الراشدين والصحابة والأزواج المطهرات رضي الله تعالى عنهم. ماهي وجهة نظركم بالنسبة إلى هذه الفتوى؟

هذه الفتوى كانت هامة، نظرا إلى الظروف العالمية ونظرا إلى جهود الأعداء لإثارة الفرقة والطائفية بين الأمة، حيث يستغلون القنوات الفضائية والمواقع ووسائل الإعلام في سبيل ذلك، وقد شهدنا أيضا داخل البلاد إساءة الكثيرين لمقدسات أهل السنة، وكان هناك قلق عالمي خاصة عندما أساء شخص كويتي لأم المؤمنين عائشة الصديقة في لندن وشخص آخر في لبنان ارتكب نفس الإساءة، ففي مثل هذه الظروف كانت رجاء الأمة من مراجع الشيعة رد فعل واسع بالنسبة إلى هذه الإساءات، وكانت فتوى مرشد الثورة جاءت في أوانه، وكانت لها رد فعل واسع في العالم الإسلامي وكانت مؤثرة خارج البلاد، وقدم الكثيرون تمجيدهم وشكرهم لها. ولكن مع الأسف داخل البلاد لم تلق قبولا واهتماما ورواجا مطلوبا، فكان المرجو من الإذاعة والتلفزيزن والصحافة المحلية التركيز على هذه الفتوى ودراسة جميع جوانبها ونتائجها وآثارها، ليمكن ممانعة العناصر المتطرفين. لقد طالب أهل السنة في رسالة من مجلس الشورى تقنين هذه الفتوى، ولكن مع الأسف المجلس لم يهتم لا بالفتوى ولا بمطالبة السنة. وهناك الآن شكاوي وانتقادات كثيرة موجهة إلى الإذاعة والتلفزيون بسبب بث بعض الأفلام والمسلسلات التي تشتمل على الإساءة والإهانة إلى أصحاب الرسول ورموز أهل السنة.

ما هي وجهة نظر أهل السنة بالنسبة إلى أهل البيت وأئمة الشيعة؟

أهل البيت عند السنة منقسمون إلى فريقين، فمنهم من هو في عداد الصحابة أمثال علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء والحسنين رضي الله تعالى عنهم، ولهؤلاء عند أهل السنة مكانة خاصة لأجل النسب والصحبة. والفريق الآخر من أهل بيت النبوة من لم تكن لهم صحبة مع الرسول مثل غالب الأئمة الإثني عشر عند الشيعة، فأهل السنة يعظمهم ويحترمهم أيضا، وليس في أهل السنة من لا يحب أهل البيت. فمحبة أهل البيت من معتقدات السنة ويعتبر أهل السنة  محبة أهل البيت جزءا من الإيمان. ولايسيء أهل السنة أبدا إلى الذين يعتبرهم الشيعة أئمة، وقد أصدرنا فتوى صرحنا فيها حرمة إراقة دماء الشيعة واستباحة أموالهم وأعراضهم، وكذلك بذلنا وسعنا أن لا تكون إهانة إلى الشيعة، كما أنه لا يسيء أحد إلى مقدساتهم، وإذا أريق دم شيعي نحن نقلق منه كثيرا.
فالوحدة هي منهجنا وسبيلنا، ولا نتركها، وليس ما نقوله شعار، ولا نعتبر هذه الأخوّة والوطنية سياسة، بل هي من ثوابتنا.

نود أن نعرف رأيكم على الخصوص بشأن قضية “استشهاد” السيدة فاطمة رضي الله تعالى عنها.

إن شخصية السيدة فاطمة شخصية لها حرمة ومحبة ومكانة عظيمة في سويداء قلوبنا. ولا شك أنها كانت أفضل بنات الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت تشبه الرسول خَلقا وخُلقا، وكانت الرسول تحب فاطمة كثيرا. وهي زوج علي بن أبي طالب وأم الحسنين رضي الله تعالى عنهم، ومكانتها بين ذرية الرسول والصحابة ممتازة. وقد سماها الرسول سيدة نساء الجنة.
ولكننا نعتقد أنها توفيت ولم تستشهد، ونعتقد أن الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يحترمانها ويعظمانها، فقال أبوبكر رضي الله عنه: “لأن أصل قرابة رسول الله خير من أن أصل قرابتي”.
ومن عقيدتنا أن للسيدة زهراء مكانة لو جمعنا كثيرا من شهداء العالم لما وصلت مكانتهم إلى منزلة السيدة فاطمة رضي الله تعالى عنها، لأن مكانتها هي مكانة الصديقين التي فوق مقام الشهداء.

رغم وجهات نظركم والمباحث التي طرحتموها، تطرح  أيضا أراء مختلفة من قبل بعض المواقع ووسائل الإعلام، وبعض تصرفاتهم يثير الشك والسؤال. لماذا الوضع هكذا؟

هؤلاء يرون القضايا كلها من منظار السياسة ويعتقدون أن كل المسائل سياسية، وتريد هذه الصحف والمواقع تشويه وجوه وسمعة كل من ليس معهم، ولهم كلمة مسموعة بين الناس. فمثلا اتهمتني صحيفة بأني أدعم قناة “نور” الفضائية وأن المملكة العربية السعودية أسست مركزا لهذه القناة في زاهدان، وأشاعوا بأني من مؤسسي هذه القناة، مع أنه ليس للسعودية مركز هنا، ولست أنا في صلة مع قناة النور، ويمكن أن يجروا معي مقابلة مرة أو مرتين في السنة أو ينشروا من خطبي التي خطبتها في مواضع متعددة لأجل اجتذاب السامع وهذا لا يختص بقناة النور، فلي مقابلات مع سائر القنوات، وأعتقد أنه من الحق أن تكون الحرية للجميع لتصدر الكلمات الصحيحة والصائبة. لكن المواقع المختلفة في المحافظة دائما اتهمتني وافترت علي ولا تقصد إلا التخريب، وهي قضية تثير العداوة في المجتمع و تخل بالوحدة والأخوة بين الأمة، لأنها تعكر صفو قلوب الناس.
إن قال أصحاب هذه المواقع عني كلمة صدق فأنا استقبل قولهم وأدعو لهم أيضا. ومن العجب أنهم يسمون أنفسهم بالأصوليين، مع أن الكذب مخالف للأصول الإسلامية. وقد قلت مرارا أننا لا ننتمي إلى أي جهة، والوسطية والاعتدال والصدق منهجنا، ونحن مخالفون للكذب والانحراف.

هناك انتقادات حادة لأسفاركم من قبل البعض. من فضلكم أوضحوا لنا القضية؟

دُعيت في السنوات الأخيرة إلى بعض المؤتمرات وشاركت فيها، وقد شارك آية الله التسخيري الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية أيضا في أكثر هذه المؤتمرات، وعندما وجدت فرصة في هذه المؤتمرات تحدثت فيها عن الوحدة ولم أتطرق أبدا إلى القضايا الاختلافية، وأعتقد أن من عنده مشكلة لابد أن يقوم بحلها داخل البلاد ولا ينبغي أن تصل القضايا الوطنية إلى الخارج، والغيرة الوطنية لا تسمح لنا أن نطرح مشكلات البلد في الخارج. أنا لست عضوا في مجمع التقريب، ولكن عملي في الخارج كان في سبيل التقارب والوحدة. وعندما أعلن آية الله تسخيري عدم حضوره في مؤتمر بسبب حضور ممثلي الصهاينة فيه أنا أيضا لم أشارك فيه، وفي مؤتمر آخر كان ممثل إسرائيل يلقي محاضرة وخرج جميع أعضاء مجمع التقريب من الجلسة وأنا قلت لا أدخل في الجلسة حتى تنتهي محاضرته. ودائما كنت محتاطا في أسفاري كما أني كنت اتجنب المقابلات مع الصحف والمجلات. وإن كانت عندنا شكاوي أو انتقادات، رأيت من المناسب أن أطرحها في داخل البلاد. وقد حاول بعض وسائل الإعلام أن أعطيهم فرصة للمقابلة ولكني رفضت ذلك.
رغم أن رحلاتي إلى الخارج كانت واضحة تماما، والزيارت كلها كانت واضحة أيضا، لكن جاء انعكاسها في الداخل من قبل وسائل الإعلام المتطرفة بشكل تظهر كأن لنا أهدافا سلبية من هذه الرحلات. وهذا يدل على أنه لا يتحمل بعضنا البعض مع الأسف، لذلك نجد اللجوء إلى الاتهام والافتراء بدل الحقيقة.

اعتقل صهران لفضيلتم خلال الشهر الجاري. ماهي أسباب إعتقالهما؟

أشعر بأن ضغوطا أكثر بإمكانها أن تفرض على أهل السنة في البلاد. وأن معظم هذه الضغوط  تفرض على علمائهم وخاصة عليّ شخصيا.
انعقد مؤتمر في تركيا وكان من المقرر أن يشارك فيه ثلاثة من علماء السنة من إيران حيث تم منعهم واحتجاز جوازات سفرهم في مطارطهران الدولي، رغم أن المؤتمر كان إسلاميا ودينيا، ولم يكن في المشاركة ضرر لنا ولا للأمة المسلمة. ثم الاستدعاء الواسع للعلماء إلى المحكمة الخاصة لرجال الدين في مدينة “مشهد”، وإلقاء القبض على بعض أقاربي الذين لم يقترفوا جريمة ولم يصدر منهم ما فيه ضرر للنظام أو الوحدة الوطنية، نماذج من زيادة الضغوط على أهل السنة أخيرا.
إن اتجاهي واتجاه من معي من الأقارب، هو اتجاه معتدل، ونحن ملتزمون بمراعاة الدستور، وأوصي الجميع دائما بمراعاة القانون، وتجنب مجاوزته. وكانت شكاوينا وانتقاداتنا موجهة إلى نقض الدستور والقانون، وقد قدمنا نصيحتنا للمسؤولين بالالتزام بالدستور.
أعتقد أن لهذه الضغوط ثلاثة أسباب: السبب الأول هي انتقاداتي الصريحة في الجلسات العامة ومقابلاتي مع بعض الإذاعات. مع أني أعتقد أن الانتقادات سبب للتقدم والنمو والازدهار، وعلامة لإعتدال الحكومة والمسؤولين؛ ودائما أقول ويل ليوم يمنع فيه العلماء والمفكرون من النصيحة والانتقاد. فلو خلت مملكة من ممالك العالم من الانتقاد، لآل نظام حكمه إلى الزوال والخراب، وتسود الغفلة والاستبداد تلك المملكة. وأنا شخصيا أقبل الانتقاد الموجّه إليّ وأراه سببا لإصلاحي؛ وإنتقاداتي دائما كانت بنّاءة ومفيدة، ولم تكن انتقادات هدامة وفي سبيل التخريب، ولا أعتقد التخريب؛ وأكثر ما أكدت عليه في انتقاداتي هي العدالة، وأرى أن لا نخاصم الذي يدعوننا إلى العدالة ولا نعتبره مناهظا للنظام، ولم نمد أبدا يد المودّة إلى الجماعات المتطرفة المسلحة.
أتأسف دائما على عدم توظيف أهل السنة في القوات المسلحة ليخدموا للوطن، ويحافظوا معا من الحدود، ويضحوا بأرواحههم لأجل الدفاع عن سيادة الأراضى ويكسبوا المفاخر.
السبب الثاني لزيادة هذه الضغوط، هو قرار تنظيم المدراس الدينية لأهل السنة والجماعة الصادر من قبل المجلس الأعلى للثورة الثقافية الذي يهدف إلى تنظيم المدارس الدينية لأهل السنة.
التنظيم مصطلح جميل، ويلقى قبولا واستقبالا من قبل كل شخص في العالم، ولكن هذا التنظيم الذي اقترح علينا، يسلب استقلال مدارسنا الدينية، ويتفق أكثر أهل السنة على  أن القرار المذكور سالب للحرية المذهبية ويعتبرونه تدخلا سافرا في الشؤون التعليمية والدينية لهم.
في محافظتنا أيضا اتفق العلماء والمثقفون على احتفاظ المدراس الدينية بالاستنقلالها التعليمي، ويجب أن يتجنب التدخل في قضاياها التعليمية، يمكن للحكومة أن تواصل مثل السابق إشرافها على نشاطات هذه المراكز. فأهل السنة وفقا لما ورد في الدستور يرون من حقهم أن يتمتعوا بالحرية المذهبية.
والسبب الثالث لهذه الضغوط هو الاتجاه الذي نشأ أخيرا حيث يُعتبَر انتقاد عمل المسؤولين والدولة وتصرفاتهم أو طرح الشكوى، مخالفة ومناهظة للحكومة والنظام، ولا يرون فرقا بين أعمالنا وانتقاداتنا مع الأسف، ولا يتحملون انتقاداتنا الناشئة من النصح والإخلاص، ويعتبرونها مناهظة وعداوة ومخالفة للنظام.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات