اليوم :24 April 2024

الرجاء والعمل

الرجاء والعمل
rajaالرجاء إذا لم يقارنه العمل يكون غرورا. نقل عن ابن القيم  رحمه الله تعالى أن العاصي لا يكون راجيا (ذلك لأن الرجاء لابد من مقارنته بالأعمال الصالحة، وفي غير هذه الصورة يعد اغترارا وجهالة)، فالأحاديث التي وردت حول الرجاء وحسن الظن  بالله تعالى فهي في الحقيقة تعلمنا العبادة والعمل، لأن الرجاء ينشأ منه، وإلا فرجاء رحمة الله ورضوانه مع فقد العمل يعد غرورا. وفي الآية الكريمة “وغركم بالله الغرور”.

قصارى الكلام أن الله رحيم بعباده كريم كما هو غني، وهو يبسط نعمه وكرمه ورحمته على عباده المحتاجين الذين يمدون يد الحاجة والطلب إليه. فهو لا يبسط على من هو يرى نفسه مستغنيا عن نعم الله كارها للأعمال. قال الله تعالى: “أنلزمكموها وأنتم لها كارهون”. وتتضح لنا من الأحاديث أن القيام بعمل ما ثم تركه من جانب العبد علامة على زوال الطلب فيه، والتي قد تبلغ درجة الكراهة. لأجل ذلك جاء المنع في الحديث الشريف عن ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل ثم تركه”، يعلم من هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام كان كارها لحالة ذلك الشخص، لأجل ذلك أمر عبد الله أن لا يكون مثله. فترك العمل والعبادة بعد الشروع فيه يذم شرعا. وبعد الإكمال أيضا لا ينبغى التقليل في ذلك العمل في القادم أيضا. فعندئذ يكون التقليل من جانب الله عزوجل، والسرفي ذلك أن الله تعالى يعاملنا بمثل ما نعمل.
فمثلا لو أن شخصا يتردد إلينا يوميا ثم ترك المجيء فنحن نتضايق على عدم مجيئه، ومثل هذه المعاملة تكون هنا أيضا. ربما يعترض على هذا واحد بأننا نتضايق على عدم مجيء ذلك الشخص بسبب أننا لا نعلم الغيب ونحن نحكم بالظاهر وبرؤية الآثار والعلامات. فمن الممكن أن الصديق الذي ترك المجيء إلينا  لم تقل محبته بالنسبة لنا، ولكننا حكمنا بترك تردده إلينا على ضعف محبته لنا  وأصبحنا متضايقين. ولكن الله تعالى عالم بأحوالنا وهو عالم بأن المحبة لا زالت موجودة في قلوبنا وإن قل العمل، فلماذا يقل الالتفات من جانبه.  والجواب أن الله تعالى عالم بأنه لا يترك العمل بعد القيام به إلا من يأتي تغيير في نفسه أيضا. ولا يأتي التغيير في سلوك الفرد إلا بعد  تغير في حالته الذاتية.
نعم إذا كان هناك عذر من السفر والمرض وجاء نتيجة ذلك تقليل في العمل فهذه القلة العارضة في العمل مرفوعة شرعا، شريطة أن لا يأتي نقص في العمل بالضروريات، وفي مثل هذه الحالة يكرم الله العبد وإن قل عمله بكتابة الأعمال قدر ما كان يكتب له في حالة الصحة والعافية.

تعريب من خطب حكيم الأمة أشرف علي التهانوي رحمه الله

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات