الشيخ عبد الحميد: قد انقضى عهد الهتافات ويجب الاتجاه نحو العمل

الشيخ عبد الحميد: قد انقضى عهد الهتافات ويجب الاتجاه نحو العمل
molana3قال فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان مشيرا إلى شهرمولد الرسول الكريم: من القضايا التي ابتلي بها الكثيرون وقد ابتلي بها النصرانيون من قبل هي تعظيم مواليد الشخصيات وإقامة الحفلات لذلك، واعتبار هذه الأعمال، الأسباب الناجحة التي تكون سببا لفلاح الإنسان ونجاحه. والحقيقة أن النجاح والفلاح يكمنان في التأسي بهم وخاصة في التأسي بسيرة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فإن هذه الشخصيات العظيمة من الأنبياء والأولياء لم يولدوا لتحتفل بمواليدهم، بل حملوا رسالات للعالم وكانوا أسباب نجاة البشر وإنقاذهم من الهلاك الأبدي، فيجب اتباع سيرتهم.

وتابع فضيلة الشيخ قائلا: إن الصحابة لم يحتفلوا بمولد النبي في حياتهم ولو لمرة واحدة، ولم يقيموا حفلات الفرح والسرور في مولد النبي صلى الله عليه وسلم، بل كانوا متوجهين نحو إتباع سيرته والعمل على سنته، وقد عملوا على سيرته صلى الله عليه وسلم، ولم يتلقوا أمرا من القرآن أو السنة إلا وقد عملوا به، وكانوا يفتخرون بالعمل على ذلك وبتخلق أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام. وكانوا حريصين بالعمل على اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم. ويشير القرآن إلى ذلك في قوله تعالى “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله”، فباتباع النبي نكون محببين عند الله تعالى. وطريق الوصول إلى محبوبية الله هو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والعمل على سننه؛ كانت حياة النبي مليئة بالبساطة والاستغناء، وكانت فاقدة التكلفات المادية.
واستطرد سماحته قائلا: يزعم البعض أن الاسلام انتشر في العالم بقوة السيف، والواقع أن الاسلام انتشر بعمل الصحابة وأخلاقهم في بقاع واسعة من العالم. فكانت حياة الصحابة متحلية بالأعمال والأخلاق التي كانت سببا لانتصارهم ونشر الاسلام في العالم. ولم تكن في حياة الصحابة الشعارات والدعاوي، بل العمل والإخلاص والتدين والصداقة كان يملأ جميع جوانب حياتهم، وقد كانت هي سبب نشر الاسلام في العالم.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد:  اليوم كثرت الدعاوي ولكن لا وجود للعمل، وقد ابتلينا بالضعف والوهن في البعد العملي، ولا نعمل على جوانب كثيرة من القرآن الكريم، وصار القرآن مهجورا بيننا، ولا يعمل على جميع القرآن. والمسلمون يملكون ثروة عظيمة لو تمسكوا بها يعزون بها في الدنيا والآخرة.
وأشار سماحته إلى الوحدة كأحد أهم مقاصد البعثة النبوية قائلا: كان النبي عليه الصلاة والسلام رسول الوحدة، فكان الناس قبل البعثة في الجاهلية، وكانت القبائل العربية تتحارب فيما بينها، كما أن دولتي إيران والروم كانتا متصارعتين منذ سنوات. ولقد استمرت حرب بعاث بين قبيلتي الأوس والخزرج عشرات السنين، وقد عمت الجهالة وعبادة الأوثان جزيرة العرب. ولكن لما ولد النبي صلى الله عليه وسلم بتعاليم هذا الدين الحنيف، وبضياء هذا الهدي السماوي، أزيلت جذور هذه الحروب ورفعت الأزمات الأمنية، وتوحدت قبائل العرب في الجزيرة باعتناقهم الإسلام والتمسك بتعاليمه وثقافته. قال الله تعالى: “وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ منها” فتمايلت الروم والفرس نحو الإسلام ودخلت في دين الله أقوام مختلفة مع ثقافات متنوعة وسادت الوحدة والمحبة العالم.
وأضاف قائلا:  لقد استطاع النبي عليه الصلاة والسلام أن يوحد الشعوب ويؤلف بينهم بالدراية والتدبير وسعة الأفق، فقد سعى النبي صلى الله عليه وسلم في إصلاح عادات الناس وتقاليدهم فأصبحت حياتهم حياة إسلامية ولم يحارب عاداتهم ولم يكافح تقاليدهم، فلم يغير اللباس ولم يجبرهم على قبول لغة دون لغة؛ لأجل ذلك دخل الكثيرون في لواء الإسلام . ولقد اهتم الإسلام بأتباع الديانات الأخرى من اليهودية والنصرانية، وكانوا يتمتعون بالحرية في ظل الإسلام عند أدائهم الجزية. وقد رضي الجميع بولاية النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الجميع يشعرون بالتضامن والتعاون والأخوة في ظل الإسلام.
وتابع فضيلة الشيخ مشيرا إلى ضرورة الوحدة في العصر الحاضر بين المذاهب المختلفة: الحاجة إلى الوحدة في عصرنا ضرورة يشعر بها جميع الفرق والطوائف الإسلامية، فالمسلمون بجميع مذاهبهم وأقوامهم من السنة والشيعة يحتاجون إلى الوحدة والانسجام، ويحتاجون إلى تعايش سلمي بينهم. وإن تقدم بلادنا كامن في أن يمتلك الناس سعة الأفق والنضج الفكري، وأن لا تكون هناك إساءات إلى المقدسات والعقائد.
وأضاف فضيلة الشيخ: ينبغي أن لا يساء في بلادنا إلى الصحابة الذين هم نجوم الهداية في العالم الإسلامي.
إن عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم كانوا من السابقين الأولين الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم في السراء والضراء، والصحابة هم معالم لمعرفة الحق ومنارات الهدى. وإن المشاجرات التي جرت بينهم كانت منبعثة من اجتهاداتهم، وكل واحد من  الفريقين ينال أجراجتهاده إن شاء الله.
واستطرد سماحة الشيخ : أنا أحذرالتلفزيون ووسائل الإعلام والشخصيات السنية والشيعية من الإساءة إلى المقدسات والإهانة بالمذهب. ربما  نسمع أن كتبا مسيئة إلى مقدسات أهل السنة تنشر في الجامعات بين الطلبة وإنا نطالب المسؤولين بالتصدي لمثل هذه الأعمال، ولتكن الإدارات والوزارات الحكومية خاصة في المناطق السنية على حذرمن أن تصدر منها مثل هذه الأعمال والتصرفات التي  فيها إساءة إلى مقدسات أهل السنة.
وأضاف فضيلة الشيخ مشيرا إلى ضرورة الحرية لأهل السنة: إن الحرية المذهبية من القضايا التي يقدرعلى توفيرها المسؤولون الكبار ومرشد النظام، بأن لا يكون هناك تدخل في قضايانا المذهبية. ولكن لا نعني بأن لا يكون تصرف قانوني مع من صدرت عنه إساءة إلى المذهب الشيعي، ولكن عندما يريد أهل السنة تمجيد أسلافهم وبيان معتقداتهم، أو أرادوا بناء مسجد في ناحية من البلاد أو في  طهران التي هي عاصمة البلاد ومن المناطق التي يكثر فيها تردد أهل السنة يجب أن لا يكون أي مانع من ذلك.  
وأضاف الشيخ قائلا: يحب أهل السنة أن يدافعوا عن وطنهم وعن استقلال أراضيهم وسيادتها، لذلك ينبغي أن لا يمانع من توظيفهم، ونرجوا أن يبادر المرشد إلى حل هذه القضية التي هي سبب لقلق  أهل السنة منذ أكثر من ثلاثين سنة.
وأشار فضيلة الشيخ إلى قلة الجدوى لحفلات التقريب قائلا: نعتقد أن حفلات ومؤتمرات الوحدة تنحصر في الشعارات والهتافات، لأجل ذلك لا نرى لها جدوى ولا نرى لها نتائج إيجابية، وقد انقضى عهد الهتافات وحان وقت العمل على هذه الهتافات؛ فالواجب أن نتجه من هذه الشعارات والهتافات إلى العمل. ونحن أيضا سنسعى حسب طاقتنا في المنع عن الإساءة إلى الشيعة. وليس لأي دولة أو بلد أن تكون لها معاملة تمييزية مع الأقليات، أو أن تحرمها من حقوقها المشروعة. ونحن نقترح لأجل تثبيت الوحدة والتقارب أن يزال خيار “السنة” و”الشيعة” من إستمارات التوظيف ويكتفى في مكانهما  بالإسلام، فإن هذا التفريق تستشم منه رائحة الفرقة والطائفية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات