غالبا ما يسيطر نوع من الالتباس على العلاقات الأميركية الباكستانية، وما يراه أحد الطرفين يبدو مختلفا لدى الطرف الآخر. وتعد قضية عافية صديقي آخر الأمثلة التي تظهر ذلك.
داخل الولايات المتحدة، تشتبه السلطات الأميركية في أن صديقي، وهي عالمة باكستانية متخصصة في علم الأعصاب، درست من قبل في معهد ماساتشوستس للتقنية، لها علاقات مع تنظيم القاعدة. وأدانتها محكمة داخل نيويورك خلال فبراير (شباط) بمحاولة قتل ضابط في الجيش الأميركي عندما كانت مسجونة عام 2008 داخل أفغانستان. وتواجه حكما بالسجن مدى الحياة عندما تصدر المحكمة قرارها في مايو (أيار).
وداخل باكستان، تعتبر رمزا وطنيا على الشرف والتضحية، ويتحد ساسة من مختلف الأطياف وإسلاميون ووسائل إعلام إخبارية وجمهور تتزايد مشاعره العدائية تجاه أميركا من أجل تبرئتها.
وفي مشهد نادر يظهر هذه الوحدة، تعهد رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني، الذي وصف صديقي بأنها «ابنة الأمة» والقيادي المعارض نواز شريف، بالمضي قدما من أجل إطلاق سراحها. وخلال الأسبوع الماضي، وافق أعضاء في مجلس الشيوخ على قرار يطلب إعادتها إلى باكستان. وقد قامت أختها، فوزية صديقي، وهي طبيبة أمراض عصبية تعلمت ودرسّت في جامعة جونز هوبكنز، حملة من أجل عافية صديقي. وخلال الأسابيع الأخيرة، نزل المئات من المواطنين، ومن بينهم حرفيون وناشطون في مجال الحقوق المدنية، إلى الشوارع تأييدا لها.
ودفع ذلك الحكومة الباكستانية، التي يتزعمها حزب الشعب الباكستاني، إلى طمأنة مناصري صديقي علنا بأن الحكومة سوف تمضي في مساعدتها القانونية التي بلغت مليوني دولار فعلا.
وأثارت الحكومة الباكستانية قضية صديقي مع مسؤولين أميركيين، وكانت آخر مرة في فبراير خلال زيارة قام بها ريتشارد هولبروك، المبعوث الخاص إلى المنطقة.
وقال مساعد مقرب من جيلاني: «أكد رئيس الوزراء للوفود الأميركية الزائرة أن إطلاق سراح عافية صديقي سوف يؤثر بقدر كبير على صورة الأميركيين لدى المواطنين». ويحدث ذلك كله من دون إمعان النظر في مواقف متناقضة ترتبط بصديقي، المشتبه في أن لها علاقات بتنظيم القاعدة، والتنظيم الجهادي المعروف باسم جيش محمد.
وفي المقابل، وصفت وسائل الإعلام الإخبارية الباكستانية محكماتها بأنها «محاكمة هزلية»، ودليل على الظلم الذي يعانيه المسلمون داخل الولايات المتحدة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2010. وأدينت صديقي في 3 فبراير بسبعة تهم، من بينها محاولة اغتيال مسؤولين أميركيين.
وتقول سامينا أحمد، مديرة داخل باكستان لدى مجموعة الأزمة الدولية: «لا يوجد لدى المواطنين هنا معرفة كبيرة بها وما قامت به، غير أنها امرأة باكستانية، ولذا فإن رد الفعل أساسه القومية الباكستانية».
ولم تجب محاكمة صديقي، التي ركزت فقط على تهم تتعلق بعملية أسرها داخل أفغانستان، عن الكثير من التساؤلات المرتبطة بمزاعم تورطها في نشاط إرهابي أو علاقاتها بتنظيم القاعدة.
وكان لها تاريخ طويل في القضايا الجهادية، حتى عندما كانت طالبة في معهد ماساتشوستس للتقنية، وبعد ذلك في جامعة برانديز. واتهمها مكتب التحقيقات الفيدرالي بفتح صندوق بريد في 2002 باسم مسجد خان، المشتبه في عضويته لتنظيم القاعدة، والمحتجز حاليا في السجن العسكري الأميركي في غوانتانامو. وبعد أن طلقت من زوجها الأول، الدكتور محمد أمجد خان، والد أطفالها الثلاثة، تزوجت عمار البلوشي، قريب خالد شيخ محمد، الذي اعترف بأنه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر في مطلع 2003، وذلك حسب ما ذكرته وثائق قانونية داخل الولايات المتحدة.
وعندما أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي إخطارا دوليا في حقها وحق زوجها الأول في مارس (آذار) 2003، اختفت من منزل عائلتها في مدينة كراتشي الباكستانية. وألقي القبض على زوجها الثاني، وسُجن في غوانتانامو. وبعد اتهامه بلعب دور في تمويل هجمات الحادي عشر من سبتمبر، فهو من بين خمسة متهمين من المقرر محاكمتهم داخل الولايات المتحدة خلال الأشهر المقبلة بسبب هذه الهجمات.
ومنذ 2003 حتى 2008، اختفت صديقي، ولم تتسن معرفة الأماكن التي كانت تترد عليها، واكتنف الغموض مكان أطفالها الثلاثة. واتهمت أختها الاستخبارات الباكستانية بتسليمها إلى مسؤولين أميركيين، وقالت إن أختها نقلت إلى القاعدة الجوية الأميركية بغرام داخل أفغانستان، وتعرضت للتعذيب هناك. ولهذا صدى على نطاق واسع داخل باكستان، ولكنه قوبل برفض من جانب مسؤولين أميركيين.
وقال زوجها الأول، الدكتور خان، الذي استجوبه مسؤولون باكستانيون وآخرون تابعون لمكتب التحقيقات الفيدرالية، إنه خلال فترة اختفائها كانت صديقي تختبئ داخل باكستان، وإنه رآها مرتين.
وذكر عم لها في شهادة خطية أنها زارته في يناير (كانون الثاني) 2008 في إسلام آباد، وأنها طلبت إليه المساعدة من أجل الوصول إلى حركة طالبان داخل أفغانستان.
وألقي القبض عليها في يوليو (تموز) 2008 في مدينة غزني الأفغانية مع ابنها الأكبر، الذي كان يبلغ حينها 12 عاما، والذي قال لمحققين أفغان إنهما وصلا عبر طريق من كوتة، شمال غرب باكستان، قبل يومين. ويقول الإدعاء إنه عندما كانت صديقي في السجن، أمسكت ببندقية كانت على أرضية مركز الشرطة، وأطلقت النار على ضباط في الجيش وعملاء لمكتب التحقيقات الفيدرالي، ولم تنل من أي منهم.وخلال الشهر الماضي، قال وزير الشؤون الخارجية الباكستاني إن الأدلة ضد صديقي واهية، وذلك حسب ما أوردته تقارير إخبارية محلية. لكن، قال مسؤولون باكستانيون بارزون إنه من المستحيل تقريبا الدفاع عنها أمام محكمة قانونية.
وشبه دبلوماسي غربي قضيتها بقضية عبد القدير خان، العالم النووي الباكستاني المتهم بإدارة شبكة لنشر الأسلحة النووية، وهو حاليا رمز للبطولة القومية.
ولا شك في أن قضية امرأة باكستانية محافظة ومتعلمة تنتمي إلى الطبقة الوسطى، ونأت بنفسها عن الغرب وتحدت أميركا، سيكون لها صدى بين الجمهور الباكستاني. وتقول رافيا زكريا، الكاتبة في صحيفة «الفجر» الناطقة باللغة الإنجليزية: «يمثل إظهار عافية صديقي كرمز للمرأة الباكستانية التمرد النسوي المقبول لدى المجتمع الباكستاني المتأسلم». وتضيف: «إن ترك زوج والتزوج بآخر، والسفر وحيدة، وترك الأطفال يواجهون صعابا، هذه أشياء مرفوضة لولا أنها تهدف في النهاية إلى تحدي الولايات المتحدة».
وداخل باكستان، تعتبر رمزا وطنيا على الشرف والتضحية، ويتحد ساسة من مختلف الأطياف وإسلاميون ووسائل إعلام إخبارية وجمهور تتزايد مشاعره العدائية تجاه أميركا من أجل تبرئتها.
وفي مشهد نادر يظهر هذه الوحدة، تعهد رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني، الذي وصف صديقي بأنها «ابنة الأمة» والقيادي المعارض نواز شريف، بالمضي قدما من أجل إطلاق سراحها. وخلال الأسبوع الماضي، وافق أعضاء في مجلس الشيوخ على قرار يطلب إعادتها إلى باكستان. وقد قامت أختها، فوزية صديقي، وهي طبيبة أمراض عصبية تعلمت ودرسّت في جامعة جونز هوبكنز، حملة من أجل عافية صديقي. وخلال الأسابيع الأخيرة، نزل المئات من المواطنين، ومن بينهم حرفيون وناشطون في مجال الحقوق المدنية، إلى الشوارع تأييدا لها.
ودفع ذلك الحكومة الباكستانية، التي يتزعمها حزب الشعب الباكستاني، إلى طمأنة مناصري صديقي علنا بأن الحكومة سوف تمضي في مساعدتها القانونية التي بلغت مليوني دولار فعلا.
وأثارت الحكومة الباكستانية قضية صديقي مع مسؤولين أميركيين، وكانت آخر مرة في فبراير خلال زيارة قام بها ريتشارد هولبروك، المبعوث الخاص إلى المنطقة.
وقال مساعد مقرب من جيلاني: «أكد رئيس الوزراء للوفود الأميركية الزائرة أن إطلاق سراح عافية صديقي سوف يؤثر بقدر كبير على صورة الأميركيين لدى المواطنين». ويحدث ذلك كله من دون إمعان النظر في مواقف متناقضة ترتبط بصديقي، المشتبه في أن لها علاقات بتنظيم القاعدة، والتنظيم الجهادي المعروف باسم جيش محمد.
وفي المقابل، وصفت وسائل الإعلام الإخبارية الباكستانية محكماتها بأنها «محاكمة هزلية»، ودليل على الظلم الذي يعانيه المسلمون داخل الولايات المتحدة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2010. وأدينت صديقي في 3 فبراير بسبعة تهم، من بينها محاولة اغتيال مسؤولين أميركيين.
وتقول سامينا أحمد، مديرة داخل باكستان لدى مجموعة الأزمة الدولية: «لا يوجد لدى المواطنين هنا معرفة كبيرة بها وما قامت به، غير أنها امرأة باكستانية، ولذا فإن رد الفعل أساسه القومية الباكستانية».
ولم تجب محاكمة صديقي، التي ركزت فقط على تهم تتعلق بعملية أسرها داخل أفغانستان، عن الكثير من التساؤلات المرتبطة بمزاعم تورطها في نشاط إرهابي أو علاقاتها بتنظيم القاعدة.
وكان لها تاريخ طويل في القضايا الجهادية، حتى عندما كانت طالبة في معهد ماساتشوستس للتقنية، وبعد ذلك في جامعة برانديز. واتهمها مكتب التحقيقات الفيدرالي بفتح صندوق بريد في 2002 باسم مسجد خان، المشتبه في عضويته لتنظيم القاعدة، والمحتجز حاليا في السجن العسكري الأميركي في غوانتانامو. وبعد أن طلقت من زوجها الأول، الدكتور محمد أمجد خان، والد أطفالها الثلاثة، تزوجت عمار البلوشي، قريب خالد شيخ محمد، الذي اعترف بأنه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر في مطلع 2003، وذلك حسب ما ذكرته وثائق قانونية داخل الولايات المتحدة.
وعندما أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي إخطارا دوليا في حقها وحق زوجها الأول في مارس (آذار) 2003، اختفت من منزل عائلتها في مدينة كراتشي الباكستانية. وألقي القبض على زوجها الثاني، وسُجن في غوانتانامو. وبعد اتهامه بلعب دور في تمويل هجمات الحادي عشر من سبتمبر، فهو من بين خمسة متهمين من المقرر محاكمتهم داخل الولايات المتحدة خلال الأشهر المقبلة بسبب هذه الهجمات.
ومنذ 2003 حتى 2008، اختفت صديقي، ولم تتسن معرفة الأماكن التي كانت تترد عليها، واكتنف الغموض مكان أطفالها الثلاثة. واتهمت أختها الاستخبارات الباكستانية بتسليمها إلى مسؤولين أميركيين، وقالت إن أختها نقلت إلى القاعدة الجوية الأميركية بغرام داخل أفغانستان، وتعرضت للتعذيب هناك. ولهذا صدى على نطاق واسع داخل باكستان، ولكنه قوبل برفض من جانب مسؤولين أميركيين.
وقال زوجها الأول، الدكتور خان، الذي استجوبه مسؤولون باكستانيون وآخرون تابعون لمكتب التحقيقات الفيدرالية، إنه خلال فترة اختفائها كانت صديقي تختبئ داخل باكستان، وإنه رآها مرتين.
وذكر عم لها في شهادة خطية أنها زارته في يناير (كانون الثاني) 2008 في إسلام آباد، وأنها طلبت إليه المساعدة من أجل الوصول إلى حركة طالبان داخل أفغانستان.
وألقي القبض عليها في يوليو (تموز) 2008 في مدينة غزني الأفغانية مع ابنها الأكبر، الذي كان يبلغ حينها 12 عاما، والذي قال لمحققين أفغان إنهما وصلا عبر طريق من كوتة، شمال غرب باكستان، قبل يومين. ويقول الإدعاء إنه عندما كانت صديقي في السجن، أمسكت ببندقية كانت على أرضية مركز الشرطة، وأطلقت النار على ضباط في الجيش وعملاء لمكتب التحقيقات الفيدرالي، ولم تنل من أي منهم.وخلال الشهر الماضي، قال وزير الشؤون الخارجية الباكستاني إن الأدلة ضد صديقي واهية، وذلك حسب ما أوردته تقارير إخبارية محلية. لكن، قال مسؤولون باكستانيون بارزون إنه من المستحيل تقريبا الدفاع عنها أمام محكمة قانونية.
وشبه دبلوماسي غربي قضيتها بقضية عبد القدير خان، العالم النووي الباكستاني المتهم بإدارة شبكة لنشر الأسلحة النووية، وهو حاليا رمز للبطولة القومية.
ولا شك في أن قضية امرأة باكستانية محافظة ومتعلمة تنتمي إلى الطبقة الوسطى، ونأت بنفسها عن الغرب وتحدت أميركا، سيكون لها صدى بين الجمهور الباكستاني. وتقول رافيا زكريا، الكاتبة في صحيفة «الفجر» الناطقة باللغة الإنجليزية: «يمثل إظهار عافية صديقي كرمز للمرأة الباكستانية التمرد النسوي المقبول لدى المجتمع الباكستاني المتأسلم». وتضيف: «إن ترك زوج والتزوج بآخر، والسفر وحيدة، وترك الأطفال يواجهون صعابا، هذه أشياء مرفوضة لولا أنها تهدف في النهاية إلى تحدي الولايات المتحدة».
المصدر: الشرق الأوسط
تعليقات