اليوم :30 April 2024

فضيلة الشيخ عبد الحميد: العلم والأخلاق وعدم التكلف من أبرز ميزات الصحابة

فضيلة الشيخ عبد الحميد: العلم والأخلاق وعدم التكلف من أبرز ميزات الصحابة
molana24تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان بعد تلاوة آية “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ  وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ  فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”، إلى بيان مكانة القرآن السامية قائلا: كلما نتلو كتاب الله ونكون في مواجهة هذا الكلام الإلهي، نشعر بأنه كلام  يفوق كلام البشر، ولا شك أن لكلام الفصحاء والبلغاء مكانته، ولكن كلام الله تعالى بحلاوته وفصاحته وعذوبته يفوق كل كلام للبشر.

وأضاف قائلا: نحن عاجزون عن شكر ربنا عزوجل على إنزاله هذه النعمة العظيمة التي هي أكبر ميثاق وأكبر حبل سماوي وأكبر سلم لإيصالنا إلى الله تعالى ولإيصالنا إلى الجنة.
وتابع فضيلته: من شكر هذه النعمة أن نسعى لفهم آياته ونبادر إلى تلاوته والعمل به، ونبذل أموالنا لنشرتعاليمه ورسالته.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى أثر القرآن في نجاة البشرقائلا: إن القرآن كتاب ميسر فهمه، بحيث يمكن بسهولة تامة فهمه لكل شخص؛ والقرآن نعمة عظيمة وهو شمس الهداية التي إذا طلعت على مجتمع تضيء ذلك المجتمع. وكل مجتمع ابتعد عن القرآن يبقى أهله في ظلام وضلالة. فلنراجع القرآن كثيرا ولا نتخذ ه مهجورا في بيوتنا.
من شكاوي القرآن عدم الاهتمام إلى تلاوته، فالقرآن لا يتلى في البيوت إلا قليلا، وإن يتلى أحيانا فليست تلك تلاوة مستمرة مواظبة عليها. ومن نتائج عدم اهتمامنا بتلاوة القرآن الكريم أننا نخسر دائما في حياتنا، فإننا كلما استفدنا من القرآن أكثر يكون أجرنا أعظم وأكبر وحيانتا أفضل. ومن المستحيل أن ينجو مجتمع بشري من سخط الله تعالى بغير القرآن الكريم وبغير اتباع هدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم؛ ولا يمكن الوصول إلى الله تعالى إلا بالقرآن الكريم. ولو كان موسى حيا لاختار طريق النبي وهديه منهجا له في الحياة وطريقا للنجاة من سخط الله تعالى، كما أن ذلك ورد في الحديث الشريف “لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي”.
واستطرد فضيلة الشيخ قائلا: إن القرآن والسنة تراثان عظيمان ومصدران عظيمان لهداية البشر، تركهما الرسول من بعده، ونحن إن تمسكنا بهما فإننا نكون مُبعَدين عن العذاب والضلال والإفلاس الروحي. والقرآن هدي لجميع العالمين، وكذلك السنة النبوية الشريفة هي نوروهداية لجميع البشر.
وأضاف سماحة الشيخ عبد الحميد: من المشاكل التي نحن فيه، أننا نحسب أن الدين ينحصر في الصلاة والزكاة، ونسينا الجوانب الأخرى؛ والحقيقة أن الدين الإسلامي أوسع من هذا، وهو يشمل جميع أبعاد حياتنا، وله تعاليم وبرامج وتوجيهات لجميع شعب الحياة.
فلو كانت تجارتنا غير موافقة لأحكام الشريعة بأن أكلنا مثلا الربا وابتلينا بأكل الرشاوي وغيرها من المعاصي في المعاملات، أو أسرفنا الأموال والأرزاق وفي مجاورتنا أو مدينتنا من لا يملك لقمة للعيش، فقد تغافلنا عن بُعد كبير من الإسلام، ولا بد من إعادة النظر في إسلامنا.
وأشار فضيلة الشيخ إلى شمولية الإسلام قائلا: إن الإسلام علّمنا المسئولية تجاه عباد الله، وعلّمنا الالتزام بالأخلاق الحسنة والمبادئ الإنسانية، وعلّمنا حقوق الزوجة والأولاد وحقوق الناس وحقوق رب العالمين، وهو دين شامل واسع، وفيه تعاليم وتوجيهات وإرشادات لجميع شؤون الحياة، ويجب أن تكون حياتنا في إطار هذا الدين الشامل، وفي إطار السنة النبوية الشريفة.
وتابع فضيلة الشيخ مشيرا إلى الصحابة رضي الله عنهم وأهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام كنموذجين ناجحين في العمل بالقرآن والسنة قائلا: يزعم كثير منا أن الصحابة وأهل البيت كانوا مثلنا، ولكن الواقع أن الصحابة كانوا أفضل الخلق بعد الأنبياء. ورد في الحديث الشريف “إن الله تعالى نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد – صلى الله عليه وسلم – خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد – صلى الله عليه وسلم – فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه”. فكان الصحابة وأهل البيت اصطفاهم الله لخاتم المرسلين، وإنهم كانوا أناسا طيبة قلوبهم، وأقوياء في الإيمان والعمل، فجعلهم صحبا لنبيه، وكانت لديهم صلاحية وأهلية لصحبة الرسول عليه الصلاة والسلام. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا، قوم أختارهم الله تعالى لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا حقهم وتمسكوا بهديهم فإنهم على الهدي المستقيم”.
وتابع فضيلة الشيخ موضحا مصداق أهل البيت عند أهل السنة والجماعة: إن أهل البيت عندنا يشمل أزواج النبي كما أنه يشمل ذريته، وهناك أدلة من القرآن والسنة تثبت ذلك.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: فكما أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان محورا ومنارا للهداية فالصحابة أيضا أصبحوا معالم ومنارات للهداية من بعده، وذلك لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا أول من طلعت عليهم شمس الهداية، ثم تأثرت الدنيا بهم، وكانوا نماذج من سنة النبي عليه الصلاة والسلام وصورا ناطقة من تعاليم وهدي القرآن الكريم، لذلك تأثرت بهم الدنيا، وانتشر الإسلام في أرجاء العالم  نتيجة أعمالهم والتزامهم بالأخلاق الإسلامية.
وتابع قائلا: يزعم البعض أن الاسلام انتشر في العالم بقوة السيف. والأمر خلاف ذلك؛ لأن انتشار الدين في العالم كان نتيجة أخلاق الصحابة رضي الله تعالى عنهم وتحليهم بتعاليم القرآن والسنة. وإنما كان جهاد هم وقتالهم ضد الحكام الجائرين الذين اتخذوا الناس عبيدا لأنفسهم، وكان قتالهم مع الملوك الظالمين المستبدين لأجل إزالة الظلم والجور وتحرير الناس، وإخراجهم من عبودية الحكام، وأن يتمتع الناس بالحرية الإسلامية. ولم يكن جهادهم ليكرهوا الشعوب على قبول الشريعة والإسلام، بل الدين انما انتشر بأخلاقهم الكريمة ومعاملتهم الحسنة في العالم. والدليل على ذلك أن هناك بلادا كثيرة دخلت في الإسلام بكاملها ولم يكن هناك أي قتال بينهم وبين المسلمين، ولكن لما رأى أهل تلك البلاد تعاليم النبي السامية، تأثروا بها وأسلموا.
وأضاف سماحة الشيخ  في بيانه مشيرا إلى بعض ميزات الصحابة قائلا: إن من ميزات الصحابة  أنهم كانوا يكثرون من تلاوة القرآن الكريم، فكانوا يتلونه داخل الصلاة وخارجها، وكذلك كانوا يكثرون من ذكر الله تعالى، وأقاموا صلتهم مع الله من خلال صلتهم الوطيدة بالقرآن الكريم، وكانت لهم صلة بالرسول في جميع ساعات حياتهم من خلال عملهم بسنته صلى الله عليه وسلم.
وتابع فضيلته مشيرا إلى خصائل أخرى من خصائل الصحابة رضي الله عنهم وحقوقهم على الأمة الإسلامية قائلا: من الميزات الأخرى التي اتصفت بها الصحابة رضي الله عنهم هي البساطة والعلم والأخلاق الكريمة وعدم التكلف في الحياة، والتزامهم العمل بتعاليم الرسول عليه الصلاة والسلام، كما أنهم كانوا أبعد الناس من النفاق والمنكرات، حيث أصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عاداتهم في حياتهم اليومية. فإنهم كانوا نجوم سماء الهداية الذين تربوا على يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وتلمذوا عليه، فأحسن النبي عليه الصلاة والسلام تربيتهم وتزكيتهم. فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قدوة في التربية والتعليم، وكان معلما مثاليا، وتلاميذه أيضا أصبحوا مثاليين لما أنهم تلقوا تربية إسلامية صحيحة على معلم مثالي كامل. ولصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم حقوق كثيرة على كل مسلم؛ وأدنى هذه الحقوق أن نحترمهم ونُكنّ لهم المحبة في صدورنا.

وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في القسم الأخير من خطبة هذه الجمعة إلى حضور مجموعة من ممثلي أهل السنة في مجلس الشورى في الجامع المكي، مخاطبا إياهم: الممثلون لأهل السنة والجماعة في مجلس الشورى هم الواسطة بين المجتمع السني والمسئولين في المركز، وليست لدى أهل السنة كتلة أو مؤسسة رسمية غيرهم ليرفعوا من خلالها مشاكلهم إلى مسؤولي الحكومة في العاصمة غير الممثلين في المجلس. وللممثلين وظائف قانونية رسمية، فيجب عليهم متابعة قضايا الشعب ومشاكلهم وجعلها موضع اهتمام واعتناء. ثم إن ممثلي أهل السنة كلما كانت الوحدة بينهم أقوى، سيكونون أنجح في حل معضلات شعبهم ومجتمعهم. وإنهم بالوحدة ومتابعة قضايا أهل السنة سينجحون في حلها.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات