اليوم :30 April 2024

أعمال الإنسان تقرر مصيره

أعمال الإنسان تقرر مصيره
الشيخ عبد الحميد حفظه اللهقال فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان في خطبته يوم الجمعة: إن الله تعالى خلق الإنسان بحيث يمكن له أن يكون أشرف المخلوقات باتباعه الأحكام الشرعية والتعاليم النبوية، كما أنه سيكون في أسفل السافلين إذا اتبع النفس الأمارة والشيطان، ويكون حينئذ بيعدا عن الرحمة الإلهية.

وأضاف فضيلته: لقد يبلغ الإنسان في أخلاقه والصفات الكريمة الحميدة إلى درجة يكسب بها رضى الله تعالى، فتنزل عليه صلوات من ربه وتغشاه الرحمة الإلهية، حيث يقول الله عنهم:”أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة”. ومن ناحية أخرى ربما يسقط في الأسفلين وفي نارجهنم التي هي بئس المأوى والمصير، ويقول الله عن مثل هؤلاء: “غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا”، والسبب في ذلك أن هذا الإنسان عندما لا يبتعد من الرذائل الأخلاقية وعندما يبتلى بالكبر ويستبد برأيه وإعجابه بنفسه ورأيه ويستكبر على غيره، وعندما يكون بخيلا حريصا على حب المال والجاه والمنصب، وعندما يربي في وجوده الحسد وتصيبه الرياء في العبادات والطاعات، ويكون منافقا في أفعاله وأقواله ويعتدي على عباد الله، ولما لا يتربى على آيات القرآن الكريم وتعاليم الأنبياء، ونشأت الصفات الرذيلة والسيئة والقبيحة في وجوده نتيجة ذلك، ترده هذه الصفات وتسقطه في الأسفلين.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد خطبته بذكرمثالين من القرآن الكريم عن رجلين ممن أصابهما غضب الله وسخطه نتيجة عصيانهما وظلمهما وتكذيبهما لآيات الله قائلا: خاطب الله نبيه بأن يتلو على أمته نبأ إبنى آدم فقال: “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ”. وكان السبب في القبول من أحدهما وعدم القبول من الآخر هو الإخلاص فيه من جانبه وعدم الإخلاص من جانب الآخر. وكذلك عن بلعم بن باعوراء، فقال تعالى: “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ”. فبلعم بن باعوراء الذي أعماه حب الدنيا وحب المنصب فأخلد إلى الأرض وأخزاه الله تعالى و مثَّله بالكلب في اللهث، لتركه العمل بكتابِ الله وآياته التي آتاها إياه، إذْ كان سواء أمرُه، وُعِظَ بآيات الله التي آتاها إياه، أو لم يوعظ، في أنه لا يتَّعظ بها، ولا يترك الكفر به، فمثله مثل الكلب الذي سواءٌ أمره في لهثه، طرد أو لم يطرد، إذ لا يتركُ اللهث بحال.
وأضاف فضيلته قائلا: وهؤلاء هم مصاديق قول الله تعالى “أولئك كالأنعام بل هم أضل”، لأنهم لم يعرفوا ربهم ولم يصلحوا أنفسهم، ولم يعملوا الصالحات التي تطهر الإنسان.
وأشار فضيلة الشيخ إلى دور الصلاة والزكاة كركنين أساسيين من بين الأعمال الصالحة على تكوين شخصية المرء قائلا: إن هذه الأعمال الصالحة ومن أهمها الصلاة والزكاة لها أثر بالغ على تكوين الإنسان وتطهيره من الرذائل، والحد الأدنى الذي لابد من القيام به من هذه الأعمال الصالحة هي الفرائض. مثلا بالنسبة إلى الصلاة، فالصلوات الخمسة تجب أدائها بالالتزام بآدابها وسننها. ولكن يجب أن لا يقتصر في أداء الصلوات الخمسة فقط، ولنعلم أنه لا يمكن صلاح المجتمع إلا بأداء الفرائض، فلما أن الصلاة تساعد على صلاح المجتمع فرضها الله على عباده وهي أول فريضة توجه نحو العبد بعد إيمانه بالله تعالى. فعلينا بالمواظبة على هذه الفريضة والمحافظة عليها ولنكون مراقبين على أن يكون أبناؤنا أيضا محافظين على أداء الصلوات.
وتابع فضيلة الشيخ: نحن نفكر في الأمور المعيشية لأبنائنا وأهلنا كي لا يبقوا جائعين، فالواجب علينا أن نفكر أيضا في آخرتهم، وأن لا يبتلوا بعذاب الله وسخطه.
واستطرد سماحة الشيخ مشيرا إلى أهمية الزكاة: إن فريضة الزكاة كثاني فريضة في أركان الإسلام التي ورد ذكرها بعد الصلاة في القرآن الكريم، تطهر الإنسان من مجموعة من الرذائل وهي البخل وحب المال التي هي من صفات أهل النار. وإن هذه الزكاة في الحقيقة نجاة من جميع هذه الرذائل والصفات السيئة الكثيرة الأخرى، وأقل ما يفعله الشخص في النفقات هي أداء هذه الفريضة. ومن لم يخرج هذه الزكاة من ماله فهو بخيل.
وأضاف فضيلته في بيان مراتب المنفقين في سبيل الله تعالى قائلا: الحد الأعلى لإنفاق المال في سبيل الله تعالى ما قام به سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه حيث أتى بجميع ما كان يمكله لينفقه في سبيل الله تعالى إلى رسول الله تعالى. ثم المرتبة الوسطى هي التي فعلها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث جاء بنصف ماله. وهاتان الدرجتان خارجتان من طاقتنا، ولكن يجب الإبتعاد عن البخل بإنفاق شيء من المال في سبيل الله تعالى.
لقد كثر الفقراء والمساكين في مجتمعنا وربما يراجعنا أناس لا يقدرون على شراء الخبز ويراجعنا أيضا من لا يملك معيشة يومه، وإن مثل هذه المواضع ميدان لتجول الأغنياء والأثرياء وأصحاب الأموال بالتصدق والإنفاق عليهم. ولندخر قسطا من أموالنا لهؤلاء المحتاجين والفقراء. وتابع فضيلة الشيخ مشيرا إلى الدرجة الأخيرة والأدنى في إنفاق المال: إن هذه الدرجة الأخيرة هي الدرجة الأدنى في التصدق، ومن كان في هذه الدرجة فهو في الحقيقة قريب من البخل، ولنواصل جهودنا أن نبقى بعيدين عن البخل وخارجين من ميدان البخلاء. قال الله تعالى: “خذ من أموالهم صدقة تطهرههم وتزكيهم بها”.
ونظرا إلى عدم قدرة البعض على التصدق فهل هم محرومون من أجور المتصدقين، قال فضيلة الشيخ مشيرا إلى هذه القضية قائلا: ومن لا يملك ما يصدقه في سبيل الله فهناك بدائل للتصدق بالمال، وقد وردت هذه البدائل على لسان النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الشريف: “كل سلامى عليه صدقة كل يوم يعين الرجل في دابته يحامله عليها أو يرفع متاعه صدقة والكلمة الطيبة وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة ودل الطريق صدقة”.
ثم أضاف فضيلة الشيخ في نهاية خطبته قائلا: إن الرحمة الإلهية إنما تشمل من تحلّى بهذه الصفات التي مرت ذكرها، ولكن من طغى وعصى الله تعالى وارتكب المعاصى والذنوب فينزل عليه غضب الله تعالى وقهره وسيكون مصيره إلى النار وعقابها.
ونظرا إلى أن مظان المعاصي في حياتنا كثيرة، ربما فعلنا معصية ولا نذكرها، وربما صدرت منا خطايا أخرى لا نذكرها، فلابد من التوبة والاستغفاردائما. لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: “إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة”. ولنواصل التوبة والاستغفار إلى آخرالعمر.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات