اليوم :30 April 2024

التاريخ خير شاهد على أن الحسين لم يرض بالخضوع والذل

التاريخ خير شاهد على أن الحسين لم يرض بالخضوع والذل
molana9تطرق سماحة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب لأهل السنة في زاهدان  في خطبته يوم الجمعة بعد تلاوة آيات من سورة البقرة إلى بيان معنى وفضيلة الصبر وأقسامه قائلا: الدنيا دارالامتحان للبشر. خلق الله البشر بين الشر والخير وجعله في امتحان بأمره إلى أمور ونهيه عن بعض الأمور، ومن استطاع أن ينجح في هذا الامتحان سيصل في الآخرة إلى عيش حقيقي ونعم الجنة.

وأضاف خطيب الجمعة مشيرا إلى أنواع الصبر الثلاثة قائلا: النوع الأول من الصبر أن يكون المرء صابرا على شهوات النفس ووساوس الشيطان. في هذا المجال يجب أن نتجنب شهوات النفس وأوامر الشيطان ونقبل على الصلاة والعبادة والطاعة. والنوع الثاني من الصبر أن يكون الإنسان صابرا على المعاصي والذنوب. تظهر المعاصي والآثام أمام الإنسان فيكون صابرا في تركها والتجنب منها. والنوع الثالث من الصبر هو الصبر على البلايا والمصائب والمكاره. فهذه المصائب والبلايا من الممكن أن تكون في الأموال أو الأنفس. في جميع الأحوال مسؤولية الشخص المسلم هو الصبر والاستقامة.
وتابع بالقول: إن قوة صبر كل إنسان هو بقدر قوة إيمانه. كان سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام صابرا على استهزاءات قومه، وكذلك سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان صابرا في جميع ابتلاءات الرب وفتنه، وكذلك كل من سيدنا لوط وغيرهم من الأنبياء كانوا قد صبروا واستقاموا في المكاره والبلايا والفتن، فهذا سيدنا موسى كم كان يبلغ مدى صبره أمام فرعون المتكبر الجبار؟! وإن نبينا عليه الصلاة والسلام لقد كان في صبره على البلايا والفتن أسوة لنا جميعا في مكة المكرمة وفي زمن الهجرة منها إلى المدينة وفي المدينة عندما حاصره وأصحابه الأعداء، فإنه اختار الصبر قائلا: “اللهم لاعيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة”، وإن في كل شبر من أراضي المدينة أثر من آثار صبر النبي وأصحابه من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم.
وأضاف: إن سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما سبط النبي عليه الصلاة والسلام  صبر واستقام في سبيل الله، وإن صحراء كربلاء دليل واضح على مصابرة الحسين وثباته أما الباطل وشاهد على  ظلم الذين قتلوه، والتاريخ خير شاهد على أن الحسين رضي الله عنه لم يرض بالخضوع  والذل أمام عباد الجاه والمنصب، ولم يترك الميدان مستسلما لأناس فاسقين فجار، بل فضل أن يقتل في سبيل الحرية والدين، وهو أسوة لجميعنا، وكل الفرق الإسلامية متفقين على أن الحسين رضي الله عنه أسوة، وأهل السنة والجماعة أيضا يرون في قيام الحسين رضي الله حجة وبرهانا للآخرين، وإن ورعه رضي الله عنه وصلاته وصومه وخلقه الحسن أسوة للجميع ونموذج لهم جميعا، وهو ولد علي وفاطمة وسبط الرسول عليه الصلاة والسلام.
واستطرد: إن أهل السنة يرون جميع أهل البيت والصحابة من المهاجرين والأنصار أسوة لهم. إنهم إما كانوا ذرية النبي وعشيرته أو تلامذته الذين تربوا في مدرسته، وتحركوا قائمين على سيرته العطرة، ولم يكونوا مختلفين إلا في أمور جزئية تنشأ من الاختلاف في النزعات والآراء الذاتية في البشر، ولكنهم كانوا متفقين في سبيل الله والدعوة إلى الإسلام والجهاد في سبيل الله عزوجل حتى اللحظة الأخيرة من حياتهم. وهذا الدرس من الاستقامة والصبر قد وصل إلينا من جانبهم.
وتابع فضيلة الشيخ: أمرنا القرآن الكريم أن نختار الصبر في المشاكل والبلايا  ونستعين بالصبر والصلاة، وفي الحقيقة الصبر أكبر شعبة من شعب الصبر. كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقبل إلى الصلاة في المكاره والمصائب، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يلجئون إلى الصبر والصلاة في مثل هذه الأحوال. (يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة)
الصبر والصلاة في الحقيقة توصلنا إلى الله تعالى. وإن الله تعالى يقص لنا أنباء الأمم الذين ابتلو بعذاب الله ثم يقول “إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور”، إن تلك الأمم أصابهم عذاب الله تعالى بسبب كفرانهم النعم وفي ذلك دروس وعبر للقادمين.
وبشر الله الصابرين ورضي من جملة يترددونها عند المصيبة وهي ” إنا لله وإنا لله إليه راجعون” وهي أغلى كلمة لتهدئة النفس وتسكينها عند المشاكل. يجب أن نجري هذه الكلمات على اللسان عند المصيبة.
واعتبر خطيب الجمعة في الجامع المكي في زاهدان استشهاد الحسين رضي الله عنه حادثة مؤلمة ومصيبة سوداء في التاريخ الإسلامي قائلا: إن هذه الحادثة ترينا شناعة فعل مرتكبيه من أصحاب السلطة والجاه.
ومن المؤسف جدا أن تراق دماء زكية طاهرة مثل هذه بسبب الحفاظ على القدرة والسلطة، وأن يقتل فلذ كبد النبي عليه الصلاة والسلام بهدف إزالة الموانع من الوصول إلى منافع الدنيا العاجلة.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: المهم لنا الآن هو سيرة الحسين رضي الله تعالى عنه وتعامله وقيامه في الليالي وتلاوته لكتاب الله والذكر والمقاومة في سبيل الله وتكبد المحن والمشاق في سبيل الله. هذه سيرة الحسين الذي يجب أن نتبعها. جعلنا الله تعالى من أتباع الحسين الصادقين وسائر أهل البيت وذرية النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، ويحشرنا مع الحسين والحسن والخلفاء الراشدين الأربعة.
واستطر خطيب الجمعة قائلا: مخطئ من يزعم أننا أهل السنة لا نبالى إلى أهل البيت وأولاد النبي عليه الصلاة والسلام. لو كنا في زمنهم لكنا وقفنا بجانب الحسين رضي الله تعالى عنه، ولكنهم “أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم”، وقد كتبت أعمالهم لهم، وسينالون أجور أعمالهم، وإننا لن ندخل الجنة بأعمال الحسين، بل هو يدخل الجنة بعمله، وكذلك لسنا ندخل الجنة بأعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، بل إن كان هناك دخول في الجنة فذلك يكون بسبب أعمالنا. فلا بد من اتباعهم في أعمالهم وسيرتهم وأخلاقهم، وإن جميع دعاوي المحبة بهم كاذبة بعيدة عن الحق ولا تنفعنا شيئا إذا لم تكن حياتنا العملية وفقا لحياتهم وسيرتهم.
وقال فضيلة الشيخ: لولا نرتدي السوداء في هذه الأيام مثل ما يفعله الشيعة، ذلك بسبب أن الفقه الذي ننتمي إليه لم يجوز ذلك. وإن إحياء ذكرى التعاوي غير جائزة في فقهنا ومذهبنا. وهنا اختلافات بين الفرق الإسلامية كما أن لدينا مشتركات كثيرة، فدائرة الخلافات أيضا واسعة.
وأضاف سماحته قائلا: ليس في فقهنا ذكريات الإحياء للتعزية، وإن مجموع أيام التعزية عندنا ثلاثة أيام، ولا يجوز للمرأة أن تحد فوق الثلاثة إلا على زوجها، فهي تحد أربعة أشهر وعشرة أيام لزوجها تترك فيها الزينة والطيب.
وأضاف فضيلة الشيخ مشيرا إلى صوم تاسوعا وعاشوراء قائلا: إن صيام هذين اليومين أفضل صوم في السنة بعد رمضان، وقد كان هذا الصوم في الأمم الماضية أيضا، ومن المناسب أن نصوم يوما قبل عاشوراء أو يوما بعده للاجتناب من التشابه باليهود والنصارى.
وفي نهاية الخطبة قال فضيلة الشيخ مشيرا إلى وفاة آية الله منتظري من المراجع الكبار للشيعة: إن وفاة أية الله على المنتظري كانت حادثة ومصيبة للمجتمع السني والشيعة.  كان فضيلته شخصية كبيرة من الناحية الفقهية، ولقد تاثرت الحوزات الشيعية بسبب وفاته، وكانت لسماحته مكافحة ونضال ضد النظام السابق، ولذلك يستحق الاحترام وفائق الشكر من قبل الشعب الإيراني.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات