يجب على الجميع احترام الصحابة وأهل البيت رضي الله عنهم

يجب على الجميع احترام الصحابة وأهل البيت رضي الله عنهم

فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه اللهتطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان في خطبته يوم الجمعة بعد تلاوة قول الله تعالى “إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا” إلى بيان واقعة صلح الحديبية ومكانة الصحابة قائلا: الآية التي تلوتها أمامكم نزلت في صلح الحديبية وهي تبين مكانة الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ففي السنة السادسة من الهجرة النبوية وبعد مواجهة النبي صلى الله عليه وسلم مع المشركين في غزوة أحد وبدر وأحزاب، رأى النبي عليه الصلاة والسلام في المنام أنه يدخل هو وأصحابه المسجد الحرام آمنين، لا يخافون أهل الشرك، مقصِّرا بعضهم رأسه، ومحلِّقا بعضهم. وكانت مكة آنذاك دارالحرب التي وقفت ضد الإسلام والمسلمين. فلما نبأ النبي الصحابة بهذه الرؤيا أشاروا عليه بالحج ولكن لم يرد في الآية وقت الحج ومنامه.

خرج النبي صلى الله عليه و سلم في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة وبعث عينا له من خزاعة وسار النبي صلى الله عليه و سلم، حتى كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه و سلم: إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين. فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرا لقريش وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته فقال الناس حل حل فألحت، فقالوا خلأت القصواء هلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل. ثم قال: والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها. ثم زجرها فوثبت قال فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضا فلم يلبثه الناس حتى نزحوه وشكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوها فيه، فوالله مازال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه. حتى أتاه عينه قال: إن قريشا جمعوا لك جموعا وقد جمعوا لك الأحابيش وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ومانعوك. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: إنا لم نجئ لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم فإن شاؤوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس. فقال بديل سأبلغهم ما تقول. وجرت هناك مفاوضات بين النبي عليه الصلاة والسلام والمشركين وانتدب النبي له صلى الله عليه وسلم عثمان مفاوضا سفيرا من قبله إلى  مكة، فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف. فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول صلى الله عليه وسلم. ثم بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد قتلوا عثمان رضي الله عنه فغضب النبي والصحابة كلهم، فإن قتل السفراء والدبلوماسيين كان محرما في جميع الأديان والشعوب الماضية أيضا، فتعاهد رسول الله مع الصحابة على الثبات وعدم الفرار وهي بيعة الرضوان، فبايعه جميع الصحابة تحت الشجرة وقد بايع سلمة بن أكوع مرتين، فلما كان من المحتمل أن يكون عثمان حيا فبايع النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان، فضرب بإحدى يديه على الأخرى.
فأنزل الله تعالى الآيات وأعلن مرضاته عن المؤمنين فقال: “لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة” والمؤمنون يشمل جميع الصحابة من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم.

وأضاف سماحة الشيخ عبد الحميد قائلا:  إن هذه المرضاة من جانب الله عزوجل تبقى خالدة في آيات تتلى إلى يوم القيامة، وهي مرضاة أبدية خالدة تختلف عن مرضاتنا نحن العباد، فنحن نعلن اليوم رضانا عن شخص ثم نغضب عليه غدا لأسباب أخرى، ولكن الله يعلم ما في الغد وهو عالم بالآتي وأحواله.

وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد: في الآية بشارة عظيمة للصحاية بأنهم ببيعتهم التي بايعوا النبي عليها تحت الشجرة لن ينسحبوا من أي ميدان فيه نصرة للإسلام والمسلمين. وإن من معتقدات أهل السنة أن الصحابة أفضل الخلق بعد الأنبياء فوق هذا الثرى وتحت الثريا.

لقد نال سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه درجة كبيرة في ذلك الامتحان، واستقام الصحابة على ذلك الامتحان، فإنه كان من الصعب لهم عندما قبل النبي صلى الله عليه وسلم الصلح مع شروط المشركين وكان من ضمن شروطهم أن يرد كل من يأتيهم من المشركين مسلما مؤمنا ولا يردوا من يأتيهم مرتدين من المسلمين، وأن يعودوا هذه السنة إلى المدينة بغير حج وعمرة ويحجوا من عامهم المقبل. فهذه الشروط كانت أثقل وأعظم على نفوس الصحابة رضي الله عنهم ولكنهم تحملوا كل ذلك وإن كانت شاقة على نفوسهم، وكان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قلقا مضطربا فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ فقال: ” بلى”. فقال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: “بلى”. قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ أنرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال: “يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا”. فرجع االنبي والصحابة إلى المدينة وأنزل الله تعالى قوله “إنا فتحنا لك فتحا مبينا” وقد جعل صلح الحديبية فتحا مبينا.  لم يكن فتح مكة فتحا مبينا بل الفتح المبين هو صلح الحديبية. وإن هذه المدة التي من المصالحة بين المسلمين ومشركي قريش الذين كانوا من ألد أعداء الإسلام كانت فرصة لأن يدعو النبي عليه الصلاة والسلام ملوك إيران والروم واليمن وغيرهم بإرسال الرسائل إليهم.

وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: من فضائل سيدنا عثمان رضي الله عنه تجهيزه جيش العسرة في غزوة تبوك. قال النبي صلى الله عليه وسلم َ: «مَنْ يُجَهِّزْ جَيْشَ الْعُسْرَةِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ»، فَجَهَّزهم عثمان حَتَى مَا يَفْقِدُونَ عِقَالاً وَلاَ خِطَامًا. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم” (مرتين). وقد تزوج عثمان بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة تلو أخرى، وفي رواية “لو كان لي أربعون بنتا لزوجت عثمان واحدة بعد واحدة حتى لا يبقى منهن واحدة”. وإن هذه المقولة تدل على منتهى ثقة النبي بعثمان وحبه إياه.

قام عثمان رضي الله عنه بتوسعة مسجد النبي من ماله، ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من يشتري بئر رومة فيكون دلوه فيها كدلاء المسلمين” اشتراها عثمان ووسعها وأوقفها للمسلمين.

وتابع سماحة الشيخ عبد الحميد: إن أعداء الإسلام والمسلمين من اليهود والنصارى والمنافقين دبروا مؤامرة لقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه حيث خرجوا من بيوتهم وأظهروا أنهم يريدون الحج فأقاموا بقرب المدينة وحاصروا بيت عثمان وطلبوا منه أن يتخلى عن الخلافة، ولكنه رفض مطالبتهم نظرا لما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال له “يَا عُثْمَانُ إِنَّهُ لَعَلَّ اللَّهَ يُقَمِّصُكَ قَمِيصًا فَإِنْ أَرَادُوكَ عَلَى خَلْعِهِ فَلاَ تَخْلَعْهُ لَهُمْ”، وكذلك لم يسمح بالقتال وسفك الدماء للمسلمين ولم يرض بأن تسفك دم في مدينة النبي، فاستشهد ونضحت دمه الطاهرة على آية “فسيكفيكهم الله” ولا زالت الآية محفوظة في المتاحف.

وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان في القسم الأخير من خطبة الجمعة إلى واقعة غدير خم وفضائل علي رضي الله عنه قائلا: إن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين وهو من العشرة المبشرة، وقد تربى في حضانة النبي منذ نعومة أطفاره. وقد وردت أحاديث وروايات كثيرة في ذكر مناقب وفضائل علي رضي الله عنه ولا نستطيع الآن أن تطرق إليها لضيق الوقت، لكن طلب كثير من الشباب وخاصة الطلبة أن تبين حقائق في مجال واقعة غدير خم.

واستطرد سماحة الشيخ عبدالحميد قائلا: فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ورجع الناس إلى مناطقهم وكان معه أهل المدينة فقط فتوجهوا نحو المدينة نزل بمنطقة تسمى بـ”غدير خم” وهي مكان بين مكة والمدينة، وخطب فيه خطبة عظيمة بين فيها كثيرا من الأمور، ومن جملتها فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذلك لما شكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعض من كان معه من الجند. فقد أرسله النبي إلى اليمن وقد كره جماعة من الشباب فعل علي في توزيع الغنائم، وبلغ ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، وكان علي على الحق في هذه القضية  فجمع النبي أهل المدينة وأهل اليمن على مكان كان هو مفترق الطرق بين المدينة واليمن وقال لهم: “من كنت مولاه فهذا على مولاه”، وهكذا أعلن النبي صلى الله عليه وسلم حقية فعل علي في تقسيمه الغنائم. هذا كل ما صح وثبت عن هذه القصة.

ويرى أهل السنة أن النبي عليه الصلاة والسلام وإن أشار إلى خلافة أبي بكر الصديق حيث استخلفه في الصلاة  وخالف مع إمامة غيره في الصلاة ولكنه فوض انتخاب الخليفة إلى الناس وهو الأوفق إلى العقل لصلة الخلافة والإمارة بحياة الناس ومصيرهم. ولو نص النبي بخلافة علي في “غدير خم” لاستدل علي بتلك الواقعة مرة في حياته ولقال: إن النبي جعلني خليفة فلماذا لا تقبلوني خليفة؟ مع أنه لم يثبت من علي ولا من غيره من أولاد علي أن يستدلوا بواقعة غدير.

وتابع فضيلته قائلا: ولو أمر النبي بتعيين علي للخلافة لكان من المستحيل أن يخالف الصحابة أمر النبي صلى الله عليه وسلم. فالذين لم يألوا في الإطاعة من الرسول في أشد الأحوال وأشقها كيف يعقل منهم أن يخالفوا الرسول في تولي منصب دنيء من مناصب الدنيا.

وأضاف سماحة الشيخ عبد الحميد: نحن نعتقد أن هذه الخلافات لا تجدي نفعا لنا. “تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ماكسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون”. لماذا نختلف نحن في قضية حدثت قبل 1400 سنة؟ وليس في مقدرة واختيار أحد أن يغير التاريخ الماضي ويحيي الحوادث من جديد. علينا أن نقوم بإصلاح أنفسنا ونتبعهم في سيرتهم. والمسلمون في عصرنا مهاجمون من قبل الأعداء، والواجب عليهم أن يقوموا بالذود عن أصل الإسلام ولا يثيروا المشاعر المذهبية.

واستطرد قائلا: الصحابة أمة لهم منة تثقل على كواهل أفراد هذه الأمة، ويجب على الجميع احترامهم، ومن وظائفنا أن نحبهم. وإن وصيتي لجميع الإخوة أنكم إذا لم تستطيعوا أن تحبوا الصحابة وأهل البيت فاجتنبوا من أن تبغضوهم أو تبقوا في صدوركم غلا أو حقدا بالنسبة لهم، وإن لم تمدحوهم فاجتنبوا من الإساءة لهم.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات