اليوم :26 April 2024

تحقيق المقطعات

تحقيق المقطعات

{المّ}: توجد كلمات مركّبة من الحروف في أوائل بعض السورة تسمّى في الإصطلاح بالحروف المقطعة، ويقرأ كل حرف بالسكون هكذا: ألف، لام، ميم.
قال بعض المفسرين: إنها أسماء للسور. وقال البعض: إنها أسرار لا يعلم معانيها إلا الله، فلعل النبي صلى الله عليه وسلم علم معانيها ولكنه لم يؤمر بتعليمها للأمة، ولأجل ذلك لم يؤثر عنه ما يبين معانيها، وهو مُختار الإمام القرطبي في تفسيره، وإليكم ملخّص ما قال:”اختلف أهل التأويل في الحروف التي في أوائل السور، فقال عامر الشعبي وسفيان الثوري وجماعة من المحدّثين هي سر الله تعالى في القرآن ولله في كل كتاب من كتبه سرّ، فهي من المتشابه الذي انفرد الله تعالى بعلمه، ولا يجوز أن تتكلم فيها، ولكن نؤمن بها ونقرأ كما جاءت. وروي هذا القول عن أبي بكر الصديق وعن علي بن أبيطالب رضي الله عنهما. وذكر أبوالليث السمرقندي عن عمر وعثمان وابن مسعود رضي الله عنهم أنهم قالوا: الحروف المقطعة من المكتوم الذي لا يفسر”.
ونقل ذلك ابن كثيرعن القرطبي وغيره ورجحه. وأمّا ما نقل عن بعض السلف بشأن معاني هذه الحروف فذلك من قبيل التمثيل والتذكير والتسهيل. ولا يقال أن ذلك مراد الله بهذه الحروف قطعا ويقينا، ولا يقال أنه باطل وخطأ يقينا. هكذا قال أهل العلم، والله تعالى أعلم.
{ذلك الكتاب لا ريب فيه}: ذلك للإشارة إلى البعيد، والمراد بالكتاب هو القرآن، ومعنى الريب الشبهة أو الشك. ثم الريب له صورتان: الأولى أن يكون في الكلام خطأ فيصير محلا للريب والشبهة. والثانية أن يكون الخطأ في فهم المخاطبين، وهذا الأخير لا يقدح في نفس الكلام، وإنما يعود إلى زيغٍ في قلوب المخاطبين وأفهامهم، وهذا ما ذكره الله تعالى في القرآن بقوله {وإن كنتم في ريب مما نزلنا}. فلا ريب في حقية الكتاب وصدقه وإنما العيب في الذين في قلوبهم زيغ وفي أفهامهم عوج.
كم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم
{هدى للمتقين}: الهداية الخاصّة التي تسبب النجاة في الآخرة هي للمتقين، وإن كان نزول القرآن لهداية البشر والعالمين جميعا.
قد بينا في تفسير سورة الفاتحة أن الهداية لها درجات ثلاثة؛ الدرجة الأولى تشمل كل كائن حي. والثانية تختص بالمؤمنين. والثالثة تختص بالمقربين. وهذه الدرجة الأخيرة لها درجات ومراتب لا نهاية لها. وقد ذكرت في القرآن هدايتان، الهداية العامّة والهداية الخاصّة، أمّا الخاصة التي ذكرت هنا فهي تخصّ المتقين، ولا يقال أن حاجة غير المتقين إلى الهداية أشدّ من حاجة المتقين إليها، لأنه لا يلزم من هذه الخصوصية أن القرآن ليس بهدى لغير المتقين.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات