خطبة الجمعة 9 من ربيع الأول

خطبة الجمعة 9 من ربيع الأول

فضيلة الشيخ عبدالحميد حفظه الله

فضيلة الشيخ عبدالحميد حفظه الله

تطرق سماحة الشيخ عبدالحميد إمام و خطيب الجمعة لأهل السنة والجماعة في مدينة زاهدان في خطبته يوم الجمعة إلي بيان "ضرورة المحافظة علی الإيمان والأعمال وإصلاح النفس والإنابة إلی الله عزوجل" محذراً من الغفلة وإهمال عيوب النفوس بالاشتغال إلی عيوب الآخرين.

قال فضيلة الشيخ عبدالحميد حفظه الله تعالی بعد تلاوة آية «يا ايها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لايضركم من ضل إذا اهتديتم» في توضح هذه الآيات: إن الله عزوجل يأمر المؤمنين أن يكونوا محافظين علی إيمانهم وأعمالهم الصالحة لئلا يتضرروا بعد هذه الهداية بإضلال الضالين.
وأكد سماحته: لأجل ذلك لابد أن نكون واعين في حياتنا وعلاقاتنا مع الناس ونجتنب الصحبة والمصاحبة مع العصاة والضالين.
ثم أضاف فضيلته مشيراً إلی مرض كبير ابتلي به أكثر هذه الأمة: إننا اليوم لسنا في فكرة  أعمالنا وعيوبنا ونسينا قول الله عزوجل: «عليكم أنفسكم».
ومع الأسف دائماً نتطلع إلی عيوب غيرنا وإن أبصارنا عاجزة عن رؤِية أقرب العيوب والمعاصي الموجودة في ذواتنا ولكننا نری أبعد العيوب والمعاصي في وجود الآخرين. وانا دائما نسعی في أن نحمل غيرنا مشاكل المجتمع ونجتنب من جعل أنفسنا مسئولين ومقصرين.
ثم بين خطيب الجمعة السبب الرئيسي لهذا الداء قائلاً: والسبب الرئيسي لهذا الأمر أننا نتبع الشهوات ولانستطيع أن نلقي نظرات إلی عيوبنا ومعاصينا. وإننا نتبع خطوات الشيطان ونحن غافلون عن أنفسنا ولأجل ذلك نسينا الحساب والكتاب ونسينا الآخرة فنمر بعيوننا معاصينا بكل سهولة وهذه مصيبة عظيمة مهلكة.
وأضاف سماحته: لابد أن نتفكر أولا في عيوبنا ونتعرف أولا إلی خطايانا ومعاصينا.
روي أن صحابيا طلب من رسول الله صلی الله عليه وسلم أن ينصحه بشيء، فقال له النبي صلی الله عليه وسلم: «إلزم بيتك» يعني لاتغادر البيت من غير حاجة ولاتضيع وقتك، واجلس في زاوية من البيت وابك علی معاصيك.
 إننا اليوم قلما نبكي علی خطايانا بل لاتذرف عيوننا ذلك لأننا نسينا الموت وإننا دائماً نتفكر في عمران هذه الدنيا وصارت الدنيا كل همنا وغمنا وشغلت قلوبنا وأفكارنا دوماً.
واستطرد سماحته مخاطبا الحاضرين: لماذا لانجد في زماننا آهات السحر وبكاء الليل؟ لماذا لاخبر عن الاعتراف بالخطايا الكثيرة بالتوبة والاستغفار؟
لابد أن نتفكر إلی تلك المصائب والمواقف التي تعترض علينا في المحشر، ونتذكر عذاب النار. إننا لم نر عذاب جهنم لأجل ذلك لانخاف منه، ولم نر مناظر الجنة الرائعة لأجل ذلك لانشتاق إليها.
كان للرسول صلی الله عليه وسلم حالة متغيرة عجيبة أثناء أدائه لصلاة الكسوف. ورأی الصحابة أن النبي صلی الله عليه وسلم تأخر ثم تقدم بعد قليل وركع مرتين أوثلاثا في ركعة واحدة واستفسر الصحابة عن ذلك.
أجل! إن النبي عليه الصلاة والسلام رأی كل ذلك وقال: لوتعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً.
وأضاف سماحته مشيراً إلی موقف عذاب الله الشديدة بعد الموت قائلاً: إن عذاب الله شديد. قال تعالی «وإن عذاب ربك لواقع ماله من دافع». إذا غضب الله عز وجل يهلك الدول والأمم، ويجعل الأغلال علی أرجل وأيدي المجرمين والعصاة لكننا مع الأسف غافلين عن عذاب الله عزوجل.
ونحن متجرءون علی المعاصي والذنوب بسبب ضعف إيماننا وعقيدتنا، ونسينا الموت والقبر.
لو أن الله عزوجل أرانا عذاب القبر وشاهدنا الأموات الذين كانوا معنا بالأمس وعاشوا غافلين عن ذكرالله عزوجل، وابتلوا الآن بعذاب القبر، لما كنا غافلين أبداً ولكن الله عزوجل أخفی هذه المناظر ليمكن لنا العيش في الدنيا.
وأضاف سماحته: اليوم عندنا فرصة للتوبة والاستغفار وتدارك الخطايا، قبل فوت الآوان والزمان.
إن المتكبرين هم معجبون بآرائهم لاينظرون إلی خطاياهم ومعاصيهم، ولكن عبادالله المقربين يلومون أنفسهم دائماً. وإن حكاية ذي النون المصري الذي كان من أولياءالله عزوجل معروفة جدا.ً روي أن الناس جاءوا إليه مرة يشكون من قلة المطر، فقال إني أظن أن ذلك بسبب ذنوبي وخطاياي فلابد أن أغادر المدينة لينزل المطر ثم انتقل إلی مدينة أخری ثم أمطر أهل تلك المدينة.
علينا أن نبكي علی عيوبنا ونتوب جميعاً. قال الله تعالی: «وتوبوا إلی الله جمعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون».
التوبة يمحو الخطايا والذنوب ويطفيء نار غضب الله عزوجل، ونتوسل في ذلك إلی أعمال مثل الصلاة والصدقة والخيرات لحل مشاكلنا.
كلما ارتكبنا معصية علينا أن نتداركها بالصدقة ونصلي ونتوب ونبادر إلی الحسنات بعد السيئات. قال الله تعالی: «إن الحسنات يذهبن السيئات».
وفي الختام أشار سماحته إلی سيرة النبي والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وبكائهم آناء الليل قائلاً: إن صحابة النبي صلی الله عليه وسلم كانوا ملتزمين بالصلاة وطاعة الله والدعاء والتوبة والاستغفار في الأسحار. عندما كان يمر النبي صلی الله عليه وسلم ببيت أحد من الصحابة يجده في حالة الركوع أو السجود والدعاء والبكاء والتضرع والصريخ وتلاوة القرآن الكريم.
فلابد أن نحاسب أنفسنا ونعود إلی الله عزوجل ونتوب إليه.
والسلام عليکم ورحمة الله وبرکاته

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات