اليوم :26 April 2024

تقرير شامل عن حفلة تكريم خريجي جامعة دارالعلوم

تقرير شامل عن حفلة تكريم خريجي جامعة دارالعلوم

Imageقد تعود أهل مدينة زاهدان قديما بالحديث عن حفلة تكريم خريجي جامعة دارالعلوم في نهاية السنوات الدراسية التي تقع في شهر رجب المرجب، لكن أضيفت في السنة الحالية إلی هذا الحديث تساؤلات وأحاديث علی ألسنة الناس في انعقادها وعدم انعقادها، فإذا بالناس في الجامع المكي يسمعون الشيخ عبدالحميد رئيس الجامعة يتكلم عن هذه الحفلة وموعد انعقادها في هذه السنة ويطلب منهم المساعدة والإعانة. “نعم! ستنعقد الحفلة هذه السنة كما كانت تنعقد من قبل، فعلينا أن نأخذ استعدادنا التام وأهبتنا الكاملة”. كلمات تحدثت بها نفوس الشعب وإن لم تتحدث بها ألسنتهم، فقامت قبل أسابيع من تاريخ انعقاد الحفلة كما هي العادة في كل سنة فئات مختلفة لتنظيم الحفلة وتهيئة البيئة المناسبة والمكان المناسب لها. جدير بالذكر أنه متی اقترب زمان عقد هذه الحفلة يشمر كل من أساتذة الجامعة وطلبتها وجماعات متعددة من شباب مدينة زاهدان عن ساق الجد والعمل، فيقام أولا مجلس مركزي يشرف عليه فضيلة الشيخ عبدالحميد رئيس الجامعة وخطيب صلاة الجمعة لأهل السنة في زاهدان، وهذا المجلس المركزي هو الركن الأساسي والمركز الرئيسي لجميع التنظيمات والتدابير المتخذة لكيفية إقامة الاجتماع، فتشكل شعب ولجان مختلفة ويتعين علی كل شعبة وفرع ينشأ مشرف يديره وينظمه ويرتبه، كفرع الاستقبال والاستضافة الذي يقوم بترحيب الضيوف القادمين وإكرامهم وتوجيههم، وفريق إعداد المكان لانعقاد الحفلة. فبسب تزايد عدد المشاركين في هذه السنوات الأخيرة صار تبديل في مكان الانعقاد من الجامع المكي الذي لا يسع هذه الوفود العظيمة من الناس مع اتساعه إلی المصلی (الساحة الوحيدة والواسعة لأهل السنة في زاهدان)، وهذا التبديل قد أصعب عمل ونشاط هذا الفريق، فإن المصلی فضاء واسع غير مسقف وليست فيه من الإمكانيات الضرورية إلا القليل، فينقطع هذا الفريق قبل أسبوع أو أسبوعين من بدء الاجتماع إلی أعمالها من تسطيح أرض وتسقيف سماء المصلی وتقسيم الساحة إلی قسم خاص للضيوف ليسهل إكرامهم واستضافتهم وقسم عام لغيرهم وقسم مخصص لكبار الشخصيات العلمية والسياسية في الجهة الأمامية من المصلی، واستقرت أيضا فئة إعداد الطعام في القسم الغربي من المكان بجميع وسائل وأدوات الطبخ وإعداد وجبات الطعام للضيوف قبل يوم الخميس.

فرغم جميع الظروف الصعبة والموانع افتتحت الحفلة أعمالها بتلاوة آيات من الذكر الحكيم وإلقاء أناشيد متعددة في مدح النبي والصحابة رضوان الله تعالی عليهم أجمعين صباح الخميس، واستمرت إلی يوم الجمعة مساء. أنا لست بصدد إحاطة جميع ما جری في هذه الجلسة العظيمة مخافة الإطالة إلا أن في ذهني نظرات بسيطة أحب أن أنقلها إلی هذه العجالة بالإضافة إلی مقتبسات من الخطب والمواعظ التي ألقيت في يومي الخميس والجمعة.

نظرة إلی الحضور:
Imageإن مشاركة الشعب متزايدة سنويا، فكل سنة أكثر إعجابا ولفتا للأنظار بالنسبة إلی السنوات المنصرمة، وكان المتوقع هذه السنة أن يكون تزايد ملحوظ في مشاركة الناس عامتهم وخاصتهم، وصار كما كنا نتوقع. فقبل موعد الانعقاد فوجئ فريق الاستقبال بتهافت الضيوف القادمين من زوايا إيران الواسعة زرافات ووحدانا. وقد تضايق المضيفون في استضافتهم يوم الأربعاء. لعل السبب في هذه المشاركة المتزايدة تلك الآثار الإيجابية التي شاهدها المشاركون في هذه الحفلة في السنوات الماضية من الوحدة ومساعي وجهود المشرفين عليها في سبيل تقارب المذاهب الإسلامية والأفكار الإسلامية بصدور رحبة وقلوب واسعة، وما شاهدوا من المعنوية والوقار والسكينة والهدوء السائد علی البيئة بسبب حضور ثلة كبيرة من الصالحين، حيث دفعتهم إلی مواصلة الحضور ودعوة غيرهم إلی المشاركة فيها.

نظرة إلی مشاعر المشاركين:
Imageإن مشاعر وتأثرات الحاضرين تتفاوت دائما بعضها مع بعض، فالخاصة من المثقفين والعلماء والباحثين لهم مشاعر ونظرات إلی الحفلة من بعض الزوايا والجوانب، والعامة لهم مشاعر من جوانب أخری، لكن يجتمع الجميع في التحير والدهشة أمام عظمة الحفلة وكثرة الحضور حيث قال رجل من العامة أنا استغرب أن يكون جميع المشاركين من الناس فقط بل فيهم ملائكة نزلوا من السماء شاركونا في هذه الحفلة، ومن كان حضر لأول مرة لقد دهش وتحير تجاه هذا الجمع العظيم الحاشد الذي لم يسبق مثله في هذه البلاد.

نظرة إلی الشخصيات البارزة في الحفلة:
Imageإن تشرف الشخصيات العلمية من أنحاء إيران الواسعة إلی هذه الحفلة يرجع إلی السنوات الابتدائية التي كانت تعقد في الجامع المكي، فكان يصل إلی زاهدان في تلك السنوات كبار أهل العلم من داخل المحافظة من المدن الأخری ومن خارجها من كانت لهم صلة بالجامع المكي، وقد ازداد علی هذا الحضور قرابة عشرة سنوات أو أكثر لأسباب يعلمها الجميع، وجدير بالذكر أن هؤلاء الشخصيات ينتمون إلی المذاهب المختلفة والأفكار المتفاوتة، ومشاركتهم في هذا الاجتماع تعبر عن اهتمامهم بالتقارب الإسلامي المنشود وأنظارهم الواسعة.
قد حضر الحفلة مجموعة كبيرة من علماء خراسان وكردستان وشيراز وبلوشستان وكلستان، كالشيخ شهاب الدين شهيدي والشيخ حسن الأميني والشيخ حسين كركيج وغيرهم ممن نتجنب ذكر أسماءهم هنا مخافة الإطالة في الحديث .

نظرة إلی الشخصيات العلمية من خارج إيران:
{Imageقد قام فريق إعداد الاجتماع بدعوة واسعة موجهة إلی شخصيات علمية بارزة كبيرة من البلاد الإسلامية والعربية، وكانوا يحلمون حضور كثير منهم ويتفكرون في استقبالهم واستضافتهم علی أحسن وجه ممكن. مع الأسف لم يكن الأمر كما توقعوا وقد غشي الناس ركام من اليأس عند ما سمعوا أن معظم المدعوين من المملكة العربية السعودية والهند وباكستان والقطر والأردن لم يمنحوا التأشيرة. فحضر هذه الحفلة من خارج إيران الشيخ أسامة الرفاعي بن عبد الكريم الرفاعي، العالم الفقيه الداعي، أحد كبار علماء دمشق والدعاة في العالم الإسلامي، وكان الضيف الوحيد الذي استطاع أن يلبي دعوة الاجتماع هذه السنة، مع أن حضورهم في السنوات الماضية كان زينة الاجتماع وضياءها، فكان الشعب وخاصة إدارة الاجتماع آسفين علی هذا الفراغ الذي واجهوه هذه السنة متحيرين متسائلين لماذا لم يحضر هذه السنة الضيوف من البلاد الإسلامية الأخری؟

قبسات من الخطب والمواعظ في الحفلة:
Imageالشيخ أحمد الناروئي نائب رئيس الجامعة في الشوؤن الإدارية قال في الجلسة الافتتاحية بعد الترحيب والتحية: الأخلاق الإسلامية هي من أعظم حسنات الإسلام و صفات الدين الحنيف، وهي تعني التخلي عن جميع الرذائل والتحلي بجميع الفضائل، ومحل هذين الضدين مكان واحد وهو قلب الإنسان. قال النبي عليه الصلاة والسلام: ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب. فكما أن الأخلاق الحسنة هي من أعظم الفضائل فالتكبر من أعظم الرذائل وذلك لأن الانسان ينسی خلقه وضعفه فيبتلي به، لأجل ذلك يذكره القرآن ببداية خلقه وضعفه. فعلی المؤمن أن يذكر نفسه بقدرة الله عزوجل بالتأمل في مخلوقاته فيعرف الإنسان لو تأمل قليلا أنه غير مالك لشيء حقيقة وليس شي من متاع الدنيا وزخارفها من الثروة والمال والجمال والقدرة إلا وهي من عند الله عزوجل، واذا شاء نزع منه كل ما يملكه قبل الموت بالزوال أو بعده بذهاب نفسه.
الحسد من الرذائل المذمومة التي قال عنها النبي صلی الله وعليه وسلم: "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب". وفي المثل المعروف الحسود لا يسود، وكذلك الغيبة، كفانا زجرا في ذم الغيبة حيث شبهه القرآن بأكل لحم الميتة، فعلی كل مسلم أن يتجنب مجالس الغيبة كل الاجتناب.

Imageوقال الشيخ عبد الكريم صالح في موعظة رائعة ألقاها صباح يوم الخميس: إن هذه الأمة لها رسالة خطيرة للعالم البشري وهي تلك الرسالة الوحيدة التي علقت بها سعادة الإنسانية، وإن الإسلام هو دين الرحمة والشفقة، ولكن انحطاط المسلمين الخلقي وتراجعهم القيادي جعل العالم البشري حائرا وقلقا وحرمت البشرية تلك الرسالة التي تسعد بها وتنجيها في الأولی والآخرة. وإن هذه الملة تحمل رسالة ذات رأفة وقيمة وتقدم دينا، وأي دين تقدم؟ إنه الدين الذي يحمل نصيحة وخيرا للعالم وشفقة للإنسانية. فيا حاملي الرسالة المحمدية قوموا لإصلاح العالم البشري واحملوا هذه الرسالة التي تقدم الرأفة والرحمة والسعادة و الطمأنينة إلی البشرية إلی العالم بأسره. أين الرجال الذين يشفقون علی الإنسانية ويفكرون في إنقاذ البشرية من براثن الجاهلية المعاصرة ونقلهم من الطريق المفضية إلی الجحيم إلی الطريق الموصل إلی الجنة. احملوا يا رجال الإسلام تلك الرحمة والشفقة التي كان يحملها النبي واشفقوا علی الانسانية المحتضرة، فإن القرآن يحذرنا عن التناسي من هذه الرسالة وينذرنا اذا تغافلنا عن هذه الرسالة. قال تعالی إن كانت إلا صيحة واحدة فإذاهم خامدون. فتعرفوا علی هذه الرسالة يا رجال الإسلام وتقدموا نحو التضحية لإسعاد البشرية والإنسانية إن شاء الله سوف ترون من هذا الينبوع المتدفق المحبة والشفقة والرأفة والرحمة والسخاء، وهذه المصطلحات مختصة بالإسلام فاستعدوا لتقديم هذه المصطلحات ومفاهيمها الأصلية إلی الإنسانية الحائرة.

الشيخ حسين كركيج يتحدث عن دور الصحابة في توجيه المجتمع، فقال:
Image إن الصحابة قد منحهم الله حكمة وبصيرة لا مثيل لها. لقد أثنی عليهم القرآن فقال: "لهم مغفرة وأجر كريم"، ولا مجال لأحد أن يغمز عينيه علی هذه الحقيقة. إن التضحية الرائعة التي قدموها عند الهجرة كانت منقطعة النظير من حيث البلاء والعناء.
فانظروا إلی الموقف الرائع للصديق رضي الله عنه حين بزوغ شمس الإسلام وعند إرساله جيش أسامه وحربه ضد المرتدين، والرسالة التي قدمها المسلمون في عهده إلی العالم المتمدن منادين بكلمتهم الخالدة "إن الله بعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة". وهذه الرسالة فريدة في محتواها ومعناها، فلنتدبر فيها، ونتقدمها إلی العالم الراهن الحائر.
وقال الله تعالی: "يا أيها الذين آمنوا اتقوالله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون".
لا يخفی علی علماء المسلمين وغير المسلمين الرسالة التي قدمها النبي إلی العالم وقد شهد بذلك مفكر غربي أن محمداً الذي كان يرتزق بالقليل ويلبس البسيط ويشظف بعيشه قد فتح العالم حقا إنه سر تلك الرسالة التي تحمل السعادة والخير للبشرية.
وقال الله تعالی: "هو الذي أرسل رسوله بالهدی ودين الحق"، فالهدي كلام المسلمين، ودين الحق عمل المسلمين، فلا شك أن الله مظهر دينه علی العالم علی رغم أنف الكفار بشرط واحد وهو إقبال المسلمين ودخولهم في السلم كافة.
إن معالم الصحابة المباركة الموجودة في أرجاء العالم خير شاهد علی مساعيهم وخاصة جولاتهم في أرض الله لنشر دينه. ومخطئ من يزعم أن الصحابة فتحوا إيران بالسيف بل فتحوها بأخلاقهم الكريمة السامية.

الشيخ شهاب الدين الشهيدي من كبار علماء خراسان:
Imageإن الله تعالی لم يأمر النبي صلی الله عليه وسلم أن يطلب المزيد في شيء غير العلم. لو ألقينا نظرة إلی الجهل نری أن أعظم عار علی الإنسان أن يعيش وهو جاهل حيث حرم من الخيرالكثير الذي اختص به العلماء، فقد قال الله تعالی في الكلام المجيد: "ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً". فالعلم حاجتنا كالطعام والشراب طول العمر. فالمرء لو لم يميز بين الطعام النافع والضار فقد هلك.
إن العلم نعمة أنعمها سبحانه وتعالی علی هذه الأمة حيث كانوا أمة جاهلية فأخرجها منها بالعلم، فإن هذه الميزة لهذه الأمة كان من بدء الوحي لما أنزل الله أول أية وهي اقرأ باسم ربك الذي خلق.
علينا أن ندرس من هذه الآية درساً عظيماً أن هذه الأمة الجاهلية التي كانت تئد البنات لا بد أن تئد الجهل وليكن ذات همة عالية لحصول العلم، لأن رسالة هذا الدين لا ينحصر بهذه الأمة، لأنه لابد أن يأتي أمثال أبي بكر وعمر يحملون رأية الاسلام، وإن هذا لا يمكن إلا لمن له حظ وافر من العلم. وقال سبحانه وتعالی في مقام آخر: «هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون». كلا ! لا يستوي العالم والجاهل، لذلك أيها الناس علی الأقل لابد أن يكون لدينا علم ينير لنا الطريق حتی لا نقع في الحرمات والشبهات ولا نتبع الدجالين.
يقول الإمام الغزالي: إن أقرب الناس إلی الأنبياء العلماء والشهداء، أما العلماء لأنهم يرشدون الناس إلی طريق الأنبياء، لأن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً إنما هم ورثوا العلم فمن أخذ بها فقد أخذ بحظ وافر.

الدكتور صمدي الممثل السابق لمدينة سنندج في مجلس الشوری:
Image إن الحوار يؤدي الدور الأساسي في إزالة المشكلات. لقد بعث الله رسلاً وأمرهم بأن يجادلوا أقوامهم ويقنعوهم لقبول الرسالة. نری في القرآن ذكر الحوار 800 مرة، ونری الرب سبحانه وتعالی يحاور الملائكة في خلق آدم، وفضلاً عن هذا يحاور الشيطان اللعين في ذلك، وأما الملائكة فاعترفوا بالحق بعد سماعهم الحوار، فالإنسان يحصل في ساحة المعمورة علی حقوقه بالحوار.
إن باب الحوار مفتوح في العالم الاسلامي علی مصراعيه لأن منابع المعرفة والعلم عند الإسلام كثيرة، لكن في عالم الغرب منبع المعرفة محصور علی العقل وبه يستدلون ويعرفون ويقبلون المسائل.
الغرب يتهم الإسلام أنه ليس لديكم الحوار. المشكل الرئيسي يرجع إلينا المسلمين لأننا ليس بيننا اتحاد وحوار يوحد بيننا، وهنالك كثير من السؤالات تطرح في العالم الإسلامي أين الجواب عن هذه الاسئلة أيها العلماء؟
فلنعلم أن عدم وجود الحوار بين المسلمين فجوة لم تملأ بعد، فلا بد أن نخطو خطوات بناءة نحو إيجاد الحوار بين المسلمين لحل الأزمات الجديدة في صفوف المسلمين، ونتمسك بالقرآن، ونتلقی دروساً عظيماً في الحوار بين البشر لحل الأزمات.
هذه الحفلات خطوات في مجالات الحوار ونرجو من الحكومة الإيرانية أن تفسح الأسباب الرئيسية لإقامة هذه الحفلات.

الشيخ عبدالعزيز الحنفي:
Image قال الله تعالی: "ونزلنا علیك الكتاب تبیانا لكل شیء وهدی ورحمة وبشری للمسلمین". وقال الرسول عليه الصلاة والسلام في دعائه: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان".
إن رمضان شهر القرآن، وإن القرآن لا يحتاج إلی من يقدمه للآخرين لأن القرآن يفسر نفسه وإنه كتاب حي لم ينقص الزمان من حيويته وروحه، وانه مهما كان كتاب في غاية البلاغة والفصاحة ليمل الإنسان لكن القرآن له حلاوة ونشاط لا ينقطع عبر القرون.
عند ما كان المسلمون متشبثين بالقرآن وكان القرآن في حياتهم الفردية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية كان أبناء الملوك يضربون أكباد الإبل نحوهم في حصول العلم.
والقرآن فيه دروس تبين الطريق سواء كان طريقاً سياسياً أو اقتصادياً وهو دستور البشرية كلها وخير مدد لكل أمة وهو الكتاب الذي يستطيع أن يتولی القيادة البشرية مهما بلغت الأزمات أوجها حتی تقوم الساعة لأن القرآن معين لا ينضب علی مر القرون.
وكما تعلمون أن القرآن دواء لجميع الأدواء الفاتكة التي يبتلی بها الإنسان، وإن القرآن له حقوق لا بد أن نحافظ عليها ويجب أن نستوفيها تماماً ولا ننسی أن القرآن هداية ونور للحياة.

الدكتور مجاهد أستاذ بجامعة سيستان وبلوشستان:
Image إن الله تعالی زين جواهر الإنسان بالمعنويات في هذا العالم وخلق الإنسان بحيث يشعر دائما المعنويات، لكن ما يحصل لنا من مطالعة التاريخ أن في برهة من الزمن قد تسلط بعض الناس باسم الدين علی هذا الجوهر، ففي القرون الوسطی سد العلماء باب هذه المعنويات، ومن جانب أخضعوا الناس علی قبول دين لا يحمل روحا ومعنوية، وذلك هو السبب في ثورة رينسانس التي ثارت الأوروبيون فيها علی الدين وانقطعوا إلی العلم حيث شغفوا به وازدادوا حبا له، لكن في هذا الزمان نری العلماء تراجعوا نحو الدين ثانياً وفهموا أنهم قد أهملوا الدين، فلذا نری العلماء اليوم رجعوا إلی الدين حيث عرفوه بالسلامة في المعنويات، فقالوا: الإنسان موجود اجتماعي معنوي، لهذا نری نتيجة المدارسات لا تهمل أرقام الموت والحياة في حياة الذين لهم باع طويل في المعنويات وصرحوا أن كثيراً من الأمراض القلبية مرجعها القلق والاضطرابات، فهناك فريق من الناس يعيشون مطمئنين وفي الهدوء فتری الاحصائيات أن أرقام الموت في هذ الفريق الثاني قليل، وأن كثيراً من الخوف والقلق والاضطراب ينشأ عن الخوف، والموت لا يؤثر في حياة هذا الفريق الثاني وهم أصحاب المعنويات.
وهناك سؤال يطرحه العلماء وهو أننا نری بلادا ينتمي أهلها إلی الدين لكن نراهم يتجاوز أرقام القلق والاضطراب فيها، فلابد أن نقول لهم أن هناك مذهبان: المذهب الديني والمذهب الظاهري، فلنعلم أن الدين الذي نحن ندعو إليه هو الدين الذي لا يهمل الظاهر دون الباطن ولا الباطن دون الظاهر، لذلك ان هناك كثير من الناس يدعون الإسلام ولما يدخل الإسلام في قلوبهم.

الشيخ إسحاق من محافظة فارس:
Imageاليوم في الجامعات الغربية يعلمون أبناء الإسلام نظرية الداروين (النشوء والارتقاء) بأن الإنسان خلق من القردة في الأصل. نعم أيها الإخوان ليس هناك تأمل في الكون.
ويقولون أن العالم كان قبل كل شيء، يعني كان قديما، لكن نقول كلا إنه أثبت علم الفيزيا أن الكون ليس له قدم لأنه لو كان كذلك لانحدر نحو الدمار والخراب والفناء.
أيها الإخوة لابد لنا أن نتأمل في آيات الكون ونتعرف علی الله تعالی. نحن إننا نتيقن أن هذه الحفلة ليس إلا في مصير وحدة المسلمين ولا تعني فك نظام الجمهورية الإيرانية.

سماحة الشيخ عبدالعزيز سليمي من العلماء الأكراد:
Image إن الشياطين يخططون لإضلال الناس مشاريع مدمرة، ويمشون علی مشاريع خاصة. إن أول خطوة الشيطان الشرك، والخطوة الثانية هي البدعات، والخطوة الثالثة اقتراف الذنوب الكبيرة، والخطوة الرابعة اقتراف الذنوب الصغيرة. إن من معظم الخطوات المدمرة له تضييع عمر الإنسان في الملاهي والملذات الفانية، وأخری إبادة الأولويات والإيمانيات.
إن الشياطين يسعون في بث الاختلافات كي تشغل خواطرهم بأمور يضلوا عن سواء السبيل، فمثلا تقديم الأصول والكليات علی الفروع والجزئيات، وتقديم النوافل والسنن علی الفرائض، والإيقاع في الإفراط والتفريط، والتعسير مكان التيسير، والتسامح والتغافل عن الخصم، والذهاب بهم إلی سماء الخيالات بدل واقع الأمر، والحذر من القدرة والقوة، ولكنهم أخطأوا ولم يفهموا بأنهم «يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون».

الشيخ عبدالباعث القتالي إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة بمدينة بندرعباس:
Image إن الأمر الذي يوصل الإنسان إلی ربه عزوجل التعمق في آياته في الخلوة. قد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «خير الناس في الفتن رجل أخذ بعنان فرسه خلف أعداء الله يخيفهم ويخيفونه أو رجل معتزل في بادية يؤدي حق الله الذي عليه‏»، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات علی شعبة من النفاق».
إننا إن بذلنا جهودنا في تكييف بعض الأشياء علی مستوی مرتفع يوفقنا الله علی ذلك، وإن تكلمنا وكنا واعين عن قضايا العالم وكنا واعين بفصها ونصها ننجح في فعلنا.
أول ما يجب علينا أن نستفيد من الفرص والأوقات، كما يقول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، وخلاصة قوله: ما أنزل علی الأرض غيث إلا فرحت مع أني ليس لي فيها شاه ولا بعير، ولا سمعت بقاض عادل إلا دعوت له بالخير مع أني ليس له علی ذنب ولا جريمة ولاعرفت آية من كتاب الله إلا وددت أن يعرفها الناس كما أعرف.
هذه الحفلات حينما تعقد علينا أن نفرح لأنها لصالح جميع المسلمين.

الدكتور فريدون سبري من العلماء الأكراد:
Imageطالعت القرآن بكامله وأدركت أنه ما فاز الناس إلا بمبادرتهم في مجال العمل، فإن ابراهيم عليه الصلاة والسلام لما يكسر الأصنام يتنعم بعده ويأتي بالصحوة، وإن موسی لما يعبر البحر يغرق أعداءه ويوضح الحق.
علينا أن نصدق إذ أدركنا هذا ونتحمل و نتجشم وعثاء الطريق والكوارث والحوادث.
«يا أيها الإنسان إنك كادح إلی ربك كدحاً فملاقيه».
واعلموا أن السيادة في ديننا هو الخدمة وان الأفكار الصالحة لابد أن توضع في مجال العمل.
إن الأصل والشيء الهام أن ننجح بأنفسنا ونلبس لباس التقوی ونتزين بهذا الزي المبارك.
«من يتق الله يجعل له مخرجا»، يجعل له مخرجاً إن كان في المأزق أو مكان متضيق.
لنسعی أن نتفكرحول الآخرة في هذه الحفلات حتی يجعل الله سبحانه وتعالی لنا مخرجاً.
إننا إذا خرجنا من عبودية الله والتعبد والتذلل لديه نكون عبيد الآخرين، فالواجب علينا أن نعتصم بحبل الله المتين وندع التفرق والتشتت والتمزق.

شيخ الحيث فضيلة الشيخ محمد يوسف حسين بور:
Image لما نزل القرآن في غار حراء تحمل النبي بعده واحدا وعشرين سنة المصاعب والمتاعب وربی رجالاً قل نظيرهم، وقاموا بأعمال يعجز الآخرون عن الإتيان بمثلها. يقول الله عز وجل: «هو الذي أرسل رسوله بالهدی ودين الحق ليظهره علی الدين كله». هنا سؤال: هل نجح النبي صلی الله عليه وسلم في رسالته وهل رأی فوزه؟ يجيب الله تعالی بنفسه وكفی بالله شهيداً: «محمد رسول الله والذين معه أشداء علی الكفار رحماء بينهم تراءهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سیماهم فی وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فی التوراة ومثلهم فی الإنجیل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوی علی سوقه یعجب الزراع لیغیظ بهم الكفار وعد الله الذین آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظیما».
ربی النبي صلی الله عليه وسلم جيلاً كي يساعدوه علی هذا الهدي المنير، فيقول الرب: «والذين معه» أي هم الذين يبادرون إلی حمل هذه الرسالة في حياته وبعد مماته، وقد أدوا واجبهم علی أحسن وجه ممكن.
لما يری صحابي القلق علی وجه النبي صلی الله عليه وسلم يقول: هل تخاف بأن نقول لك ما قال أصحاب موسی. ثم أجابه بجواب سر به النبي صلی الله عليه وسلم. إن مآثر النبي صلی الله عليه وسلم قد سرت إلی الأصحاب. نعم! إذا كان الأستاذ فيه بعض معالم النقص تدب تلك النقائص إلی تلاميذه، وإذا كان النبي صلی الله عليه وسلم نعوذ بالله في رسالته النقص ليسري إلی الأمة مع أنه ليس كذلك. ويقول الله عزوجل : والذين معه أشداء …».
إن الذين تربوا تحت رعاية النبي صلی الله عليه وسلم هم القدوة للآخرين بحكم الآية الآنفة ذكرها، وإن أساس الإيمان هو في جعل الإيمان كإيمان الصحابة.
أرسل الله دينه إلی رسوله، والرسول بلغ إلی أصحابه، والأصحاب إلی التابعين حتی وصل إلينا. الصحابة هم سند القرآن، ولو لم تكن في الصحابة القوة الدينية والصلاحية التامة لاستلزم النقص في القرآن.
لو لم يكن الصحابة لما كنا مسلمين اليوم والفضل يرجع إليهم في إسلامنا.
كما نحب القرآن يجب أن نحب الصحابة أيضا، وكما نحب الرسول وأهله فلنحب الصحابة الآخرين أيضا.

الشيخ محمد قاسم القاسمي أستاذ الحديث بجامعة دارالعلوم:
Image«یا أیها الذین آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون . واعتصموا بحبل الله جمیعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله علیكم إذ كنتم أعداء فألف بین قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم علی شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك یبین الله لكم آیاته لعلكم تهتدون».
جاء في هاتين الآيتين أمران من الله جل وعلا يوجههما إلی المؤمنين وهما الأمر بالتقوی، والثاني الأمر بالاتحاد والاتفاق.
في بداية الآية يأمر المؤمنين بتقوی الله وبترك نواهيه والعمل بأموامره، ثم يأمرهم بالاعتصام بحبل الله، أي القرآن. "واذكروا" إشارة إلی خصومة الأوس والخزرج قبل الإسلام. ولا تكونوا كالذين تفرقوا … بعد وضوح الآيات والبينات، ومن لم يفعل ذلك يأتي عليه العذاب، من ضيق العيش في الدنيا وعذاب النار في الآخرة، ولأجل أن تحفظ الأعمال أمر بالتقوی.
"اتقوا الله": من كان علی يقين بمحبته الله وعظمته تأثر بعظمته وتيقن أن كل شيء في يده ولا شيء في يد غيره فهو يتقي الله حق تقاته. "واتقوا يوماً ترجعون فيه إلی الله":هذه الآية الأخيرة التي نزلت علی النبي صلی الله عليه وسلم. خذوا هذه الآية وتكون هذه الآية شعار حفلتنا هذه.
كان كل الصحابة رضي الله عنهم وعلی رأسهم الخلفاء الراشدون علی أعلی درجة اليقين والتقوی.
التقوی هو أصل كل شيء ورأسه وميزان الأعمال وفيه البركة والرحمة. يقول الله عز وجل لو أن أهل القری آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض… الآية. أما الطرق الخمسة للحصول علی التقوی. 1-اختيار أسباب التقوی (لترك المعاصي لابد أن نجتنب أسباب المعاصي، وللعمل بالصالحات لابد أن نختار أسباب الصالحات). 2- كثرة ذكر الله جل وعلا شأنه. 3- اتباع سنة النبي صلی الله عليه وسلم. 4- صحبة أهل الله والصالحين. 5- الدعوة إلی الله تعالی.

الشيخ حسن الأميني أحد علماء كردستان الإيرانية:
Imageكما تعرفون أن هناك في العالم الإسلامي عراقيل ومشاكل من أشهرها مشاكل المسلمين في فلسطين وأفغانستان والعراق، ونحن نعلن أن هذه المشاكل مشاكلنا جميعاً. ورد في الحديث: «من رأی منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان». فإن لم نقدر علی حمل السلاح والجهاد فلا بد أن نعلن استنكارنا لهذه المظالم من قبل أعداء الإسلام ونقف أمام الأعداء.
نحن أهل إيران ندين كل المظالم في العالم ونرفضها ولكن لا بد أن يری الأعداء أننا صادقون في دعوانا بإصلاح ذات البين داخل بلادنا، فكل مقولة وكل عمل يسبب القلق في البلاد محرم ومرفوض ومردود علی صاحبه.
لما نقف عند السيرة النبوية عليه السلام وقفة تأمل نری الرسول عليه الصلاة والسلام يتنازل عن بعض مواقفه ويصالح الأعداء للمصالح الداخلية للمسلمين، كما نری في صلح الحديبية. قال الله تعالی: «ولكم في رسول الله أسوة حسنة».
لا شك أن الأعداء أخذوا عدتهم وأهبتهم للهجوم علی بلادنا الإسلامية ولكن لابد أن لا يخفی علينا بعض المصالح الداخلية، فنحن أهل السنة في إيران نشكل ثلث سكان إيران كلها والجميع يعرفون بالتأكيد أن الثورة قد تمت علی أيدي جميع الطوائف والمذاهب الإيرانية، وكان بود أهل السنة أن يتمتعوا من الحرية المذهبية، وقد جاء في الدستور أن أهل السنة أحرار في أمورهم التعليمية والتربوية ولا يستطيع أحد أن يتدخل في أمورهم المذهبية والتعلمية، ولكن مع الأسف الشديد نری أن بعض المسئولين يصدرون أوامر مخالفة للدستور.
نحن أهل السنة بيننا أحناف وشوافع …. لكن لا يتدخل أحد في أمور مذهب غيره مثل الصلاة والصيام .. أقول بالصراحة إن كان الدستور محترما لا بد أن يكون كله محترما لا أن نعمل ببعضه ونرفض البعض الآخر.
أقول لمسئولي الحكومة عليكم أن تكونوا حماة محافظين علی تنفيذ جميع مواد الدستور. مع الأسف الشديد نری أن الحكومة قد تجاوز الحد وصادقت علی قرار مغاير للدستور يسمح للدولة بالتدخل في شؤون المدارس الدينية لأهل السنة وتفويض أمورها إلی الدولة.
أقول لمسئولي الحكومة انكم مسئولون لتنفيذ الدستور لا لإلغاءه. و في الأخير أقول من جانب أهل السنة أننا نحن أهل السنة نرفض أي تدخل في أمورنا المذهبية، فإن أمورنا المذهبية كالحد لنا ومن الخطوط الحمراء التي لا يسمح لأحد أن يتعداها. وأما الأمر الثاني الذي تخطی المسئولون عنه هو وضع العراقيل أمام المساهمة في مثل هذه الحفلة. لا ندري أي مضرة تواجه الحكومة من هذه المساهمة؟!
وفي الأخير أخاطبكم أهل السنة أن لا تسمحوا لأحد أن يفرق صفوفكم الموحدة ويوقع بينكم العداوة والبغضاء، بل اتحدوا أكثر من قبل وتحابوا وكونوا كاليد الواحدة.

المهندس فروزش ممثل مدينة زاهدان في مجلس الشوری الإسلامي:
Imageإن هذا الاجتماع قام علی أساس التقوی والمعنوية ولا بد أن يعتنی بمثل هذه الحفلات ويعطی لها المكانة اللائقة، فإنها أحد المقومات الرئيسة لتقوية مباني الوحدة والتقارب.
إن الغرب استطاع أن يسيطر علی العالم باستخدام الوسائل والإمكانيات الحديثة، فعلی العلماء أن يؤدوا دورهم ويقوموا بواجبهم ويزودوا أنفسهم بقدرة علمية فائقة تمكنهم من تحليل الأوضاع والمسائل المستجدة، حينئذ يتحقق الهدف المنشود، لأن العلماء لو لم يدخلوا ميدان الكفاح و تناسوا مسئوليتهم تجاه العالم الإنساني حينئذ يفقدون ثقتهم عند الشعب ويولي الشعب المسلم وجهه شطر الغرب.
يجب علينا أهل السنة توحيد كلمتنا وتأسيس مؤسسة تهتم بشؤون السنة وتملأ الفراغات الكبيرة علی الصعيد العلمي والثقافي والدعوي.
وعلی الحكومة أن تنشط وفق الدستور وتعطي الحرية المذهبية للسنة، فإن التخطي عن الدستور خيانة إلی المجتمع و بالجملة خيانة إلی شعب وحكومة إيران.

الشيخ أسامه عبدالكريم الرفاعي من كبار علماء السورية:
الحمد لله رب العالمين
Imageأما بعد: إني طالما أری أوجاع هذه الأمة وآلامها! وجميع البلدان الإسلامية من شرقها إلی غربها كلها أوجاع وآلام، وكلها تعاني أوجاعا وآلاما علی السواء، ولكن خلف هذا اليأس آمال. لماذا وصل المسلمون إلی هذا الانحطاط ولماذا يشتكي المسلم في كل بقعة من بقاع الأرض؟! فهذه الأوجاع والآلام أين الفراغ وما هو الحل؟ ضعف في نفوس المسلمين حب الله ورسوله. وهل فتح المسلمون العالم بغير حب الله والمشاعر المتوقدة في قلوبهم من حب الله ورسوله؟ وقد قرأتم في كتب السيرة عن الصحابية حين شاع أن النبي قتل كيف فقدت امرأة وعيها؛ قيل لها قتل زوجك وابنك ووالدك، قالت اتركوهم، أين رسول الله؟ ماذا فعل برسول الله؟
وما إن رأت النبي صلی الله عليه وسلم قرت عيناً وقالت كل مصيبة دونك جلل. ولو حبة من هذه المحبة شربته قلوبنا لأحدثنا ثورة في العالم. فأنتم يا مسلمون لو قمتم بأداء مسئوليتكم ولم يتسرب اليأس إلی قلوبكم سيكون إن شاء الله النصر حليفكم وستكونون فاتحين تجاه سلاح الغزو الفكري، والمهم أيها المسلمون أن نحافظ علی كياننا و أن نحافظ علی نساءنا وأولادنا وشبابنا لئلا يكونوا فريسة الغزو الفكري. أجل! مليون نسمة من المسلمين قد قتلوا في العراق ولكنهم لم يتخاذلوا ولم يتقاعسوا فانتصروا علی العدو.
أيها الإخوة! المسلمون في أنحاء العالم معكم ويواسونكم في سورية وفي كافة أنحاء العالم، لذلك يجب أن لا نيأس ونعمل ناشطين في الصعيد العلمي والثقافي فإن كلمة واحدة تجمعنا وهي العقيدة.
لا نستطيع أن نستجيش هذه المحبة إلا أن نأخذ بالأسباب كلها، ومن أول هذه الأسباب ذكر الله تعالی، وتلاوة القرآن، والصلاة علی النبي صلی الله عليه وسلم، وملازمة العلماء واتباعهم.
ثم أيها الإخوة أذكر جرحاً آخر يعانيه أمتنا ألا وهي فقدان الميادين العسكرية التي يعانيها المسلمون حاضراً في أنحاء العالم، وهذا ما أثار بأساً في طبقات المسلمين وفقدت الأمة كثيراً من رجالاتها وأراضيها. أجل! فإنها لو فقدت رجالها وقوتها ولكنها دافعت عن عقيدتها وكيانها ونشرت الدعوة، فإنها مفلحة حقاً. اذكر لكم مثلاً واحداً: حينما غزی التتار العالم الإسلامي وقتلوا من المسلمين ما شاءالله أن يقتلوا، يقول ابن خلدون إن القاعدة أن أمة لو انهزمت وغلبت ستكون مقلدة للأمة الغالبة عقيديا واجتماعيا ولكن الأمة الإسلامية لم تقلد التتار بل غلبت عليها. وما هو السر؟ إن السر هو نشر الدعوة وقيام العلماء بدورهم في توجيه المجتمع وبفضل كتاب الله وسنة رسوله.
إن أعداءنا في الشرق والغرب يفطنون أن هذه الأمة طالما لو انهزمت عسكرية فإنها ستقوم مرة أخری، لذلك فإنهم تسلحوا بسلاح آخر ألا وهو سلاح الغزو الفكري، واستخدمو وسائل الإعلام والدعايات في التشكيك في القرآن وحقيقة الإسلام.

نظرة إلی ختام الحفلة:
Imageإن الحفلة أنهت أعمالها قبيل صلاة الجمعة بتوزيع الهدايا والجوائزعلی الخريجين، وكانت خطبة الشيخ عبدالحميد حفظه الله رئيس جامعة دارالعلوم التي أذكرها كختام مسك لمقالي هي الخطابة الأخيرة في هذه الجلسة، حيث بدأها بتلاوة هذه الآية: «ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه» وقراءة حديث «كلمتان خفیفتان علی اللسان، ثقیلتان فی المیزان، حبیبتان الی الرحٰمن: سبحان اللہ و بحمدہ سبحان اللہ العظیم» (الحديث الأخيرفي الجامع الصحيح للإمام بخاري رحمه الله تعالی)، ثم تابع قائلاً: قبل أن اطرح الموضوع أرحب بحضور المساهمين خاصة الضيوف الكرام في هذا الاجتماع الرائع كما أرحب بالشعب المتحمسين والحاضرين في هذا الاجتماع، وأرجو من الله تعالی أن يرضی عن المثقفين والعلماء وعامة الناس وأن يشكر سعيكم وأرجو من الله أن يزيد في قوتكم. وأخص بالذكر وجود الشخصية الكبيرة الشيخ أسامة الرفاعي حفظه الله الذي تشرف بالحضور في هذا الاجتماع.
انكم شددتم الرحال وتجشتم وعثاء السفر وقد مننتم بهذا علينا فنشكركم علی هذا. لا شك أن كل هذا يدل علی احترام وتعظيمكم العلم بارك الله فيكم. ونحن نشعر بالارتياح حين نری شعبنا مقبلين إلی العلم ويستقبلون أهله. لقد تلوت آية من القرآن الكريم وعلی ضوءها أذكر لكم بعض المباحث.
أجل! إن الله تعالی قد من علينا كثيراً وعلينا أن نذكر هذه الآلاء الجزيلة في كل حين، «ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله»، فإن الله تعالی يخاطب الجميع أن يذكروا الله تعالی هل من خالق غير الله, فإذا كان الله هو الخالق الوحيد فجدير هو أن يعبد ويشكر؛ ومن بين آلاء الله الكثيرة علينا أنه قد منّ علينا نحن الأمة محمد صلی الله عليه وسلم منة خاصة بوجود محمد والقرآن الكريم و إنها خصيصة لهذه الأمة لا يشاركها فيها أمة أخری، وإن الله تعالی قد نوه بذكرهذه النعمة في آ يات مختلفة من القرآن الكريم.
يا أهل القلوب! اذكروا نعمة الله تعالی واشكروه علی ما أنعم عليكم. نحن أمة الإسلام لسنا أمة مادية فانية بل أمة خالدة باقية في الأولی والآخرة. إن أكبر نعمة الله تعالی هي الدين، أما المناصب الدنيوية يعطيها الله لمن يشاء، ولكن نعمة الإسلام لايعطيها إلا لمن يحبه ويختاره لها. أجل! لقد منح الله تعالی الأروبيين والامريكيين نعمة المادة ولقد بلغوا أوجهم في الرقي المادي ولكنهم حرموا الهداية وحرموا دين الإسلام فلا تغتبطوا بهم، ولا تلقوا إليهم بالا، ولا تحسروا علی ما آتاهم الله من الدنيا.
والله إنكم أكثر الناس ثروة وتجارة لأن تجارتكم خالدة وتجارتكم فائقة، تجارتكم تروي غليلاً وتشفي عليلاً في الدينا والآخرة فاشكروا الله تعالی علی هذه النعمة علی أننا أبناء محمد صلی الله عليه وسلم وأبناء إسماعيل وإبراهيم عليهما السلام. نعم إن هؤلاء الأنبياء وأصحاب النبي وبينهم الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم كلهم ضحوا بأنفسهم حتی وصل الدين إلينا. فالدين أيها الرجال! لا ينتشر إلا بالتضحية والجهود الجبارة.
فوصيتي إليكم أيها الشعب أن تعضوا علی الدين بالنواجذ، ولا تسمحوا أن يتخلل إليكم الوهن ولو أصبتم في أموالكم وأنفسكم وأولادكم.
الدين محفوف بالأخطار ويحتاج إلی التضحية وبذل الجهود، فعضوا علی الدين يا أبناء الإسلام بالنواجذ ولا تتغافلوا عن الصلاة خاصة. إن من أهم أموركم الصلوة…. إن أهم ما يجب علی المسلم هو العناية بالصلاة وإن الأمة قد أصبحت تضيع الصلاة، وتبتعد عن أوامر الله تعالی. قال الله عزوجل: «إن الصلاة تنهی عن الفحشاء والمنكر». إن الصلاة اليوم ضائعة بين أوساط المسلمين.
ديننا لا ينحصر في الصلاة بل جميع ما ثبت عن النبي صلی الله عليه وسلم من الآداب والسنن من ديننا، ولا بد أن نعتني بها اعتناء بالغاً.
إن سنة النبي صلی الله عليه وسلم جانب هام من الدين فلا تدبروا إلی السنة واحذروا أن تعصوا الله ورسوله. ويحذركم الله نفسه. فكونوا عاضين علی الدين كما كان شأن الصحابة الدين لم يهملوا جانبا من الدين وضحوا لأجله بأموالهم وأنفسهم.
قووا دينكم بأداء الصلاة وإيتاء الزكاة. «الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقنهم ينفقون». لقد ضاعت واجبات الدين وسننه وفرائضه مع الأسف الشديد، وإني أوصيكم أن تعتنوا بهذه الجوانب.
أحسنوا بالوالدين فإن رضی الله منوط برضی الوالدين، ومع الأسف اليوم قد عم في مجتمعاتنا عصيان الوالدين وإن الله يسخط علی رجل يعصي والديه.
اليوم قد رفع الغرب شعار الحقوق ولكن الإسلام هو الذي أعطی البشرية حقها، وإذا ضيعنا الحقوق فليس معنی ذلك أن الإسلام يهمل جانب الحقوق، كلا! ولكن الذنب يعود إلی المسلمين. فاعملوا بحقوق الإنسان، وعاملوا عباد الله وفق المنهج النبوي، وتجنبوا عن العادات والتقاليد الغربية، وخذوا من النبي صلی الله عليه وسلم دينكم في جميع الشئون الاجتماعية والأخلاقية والسياسية، من حفلات الزواج والمو ت والحفلات العامة.
تجنبوا المخدرات التي تقوض دعائم المجتمع روحيا وماديا. وعلی المرأة أن تعتني بالحجاب وتلتزم الجلابيب ولا تتبرج تبرج الجاهلية الأولی.
ليس التقدم في أن نتبع الغربيين ونخطو خطواتهم، بل التقدم هو في الإسلام والدين. أدوا الحقوق ولا تكونوا من الظالمين في الحقوق.
لاتنتهكوا أعراض الناس في طلب الأقراض وقد حذر النبي صلی الله عليه وسلم عن انتهاك الأعراض و الحرمات. «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» (أو كما قال صلی الله عليه وسلم).
تمسكوا بالعلم علی المستويين العصري والديني فقد حرض النبي صلی الله عليه وسلم علی الجانب العلمي فإننا بأشد حاجة إلی العلوم العصرية.
أوصيكم أيها السنة المتواجدون علی الحدود أن تلتحقوا بالجامعة العصرية وتنافسوا مع طلاب الجامعات في طهران ومشهد و… وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
وفي الأخير أكد فضيلة الشيخ عبدالحميد حفظه الله علی الوحدة بين المسلمين قائلا: نحن أهل السنة من أبناء هذا البلد، ونطلب من الدولة أن تعطينا حقوقنا كاملة، فلنا حقوق كسائر الشعب الإيراني ولابد أن يعطی كل منا حقوقه، فإن تاريخنا يثبت أننا لم نتجاسر في إيران علی غيرنا فلِمَ إذاً تضاع حقوقنا.
إن أهل السنة لديهم قدرات واستعدادات إنسانية فائقة يستطيعون أن يشغلوا مناصب كبيرة في الدولة، ولكن الحكومة قد أهملت هذا الجانب. إن أكثرية أهل السنة الساحقة متفقة علی ضرورة الوحدة بين المسلمين ونحن لانطلب من الحكومة آمال كبيرة، بل نطالب الحكومة بالمساواة والعدل وبعض الجوانب العلمية والنشاطية ونرجو من الحكومة أن تهتم بأمورنا، وتنظر إلی الجميع بمنظار واحد، بمنظار العدل والمساواة. والشيء الآخر المطلوب من الحكومة هو الاحترام إلی كياننا الاعتقادي فإننا لن نسمح للأحد أن يهجم علی كياننا كما لا نسمح للسنة أن يتجاوزوا إلی كيان الشيعة، وهذا الأمر يتطلب من الحكومة أن تراعي المساواة. والشي الثالي: هو أن تعطينا الحرية علی نطاق الدستور ونرجو من قائد الثورة أن يراعينا ويراعي حريتنا وحقوقنا وأن يعطي الحوزات العلمية لأهل السنة استقلالها التام.
إننا نطمئن الحكومة علی أن مدارسنا تنشط علی دائرة الدستور ولن تتجاوز هذه الدائرة، ومرة أخری أوكد أن علی الحكومة أن تراعي الدستور ونطمئن الدولة أننا لا نتجاوز نطاق الدستور المرسوم للحكومة إن شاءالله.
وإني أقدم شكواي إلی الحكومة حيث لم تصدر التأشيرة للعلماء الوافدين من خارج إيران كما منعت بعض الوافدين من الداخل.
وفي الأخير أشكر هذا الشعب الغيور الذي شارك في هذا الاجتماع العظيم برغبة وحماس، كما أشكر أهل زاهدان الذين تكفلوا نفقة الاجتماع وضحوا بأموالهم دون أن تنفق دارالعلوم توماناً واحدا، وأرحب بجميع الإخوة المساهمين من أنحاء إيران وخارجها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات