قبل ايام فوجئنا بنبأ أنّ مفتي أهل السنة في ايران كما ورد في الإعلام علی رأس وفد زار الأزهرالشريف والتقی بفضيلة الشيخ الطنطاوي، وبعد محادثات جرت بينهما ادّعی الوفد المذكور أن أهل السنّة فی ایران يشكلون عشرين في المائة من السكان، ولهم عشرون ممثّلا في البرلمان، ولديهم المناصب القيادية ولهم مساجدهم ومدارسهم الخاصّة بهم.
ثم أعرب الشيخ الطنطاوي عن ارتياحه بما يتمتّع أهل السنة في ايران من الحرية والوحدة الوطنية وعدم أي معاناة.
فقد كان لهذا الّلقاء ردود فعل واسعة في المجلّات والمواقع العربية والفارسية، وقد تلقّاه عدد من المجلّات والمواقع الحكومية بحفاوة وحرارة بالغتين تركز علی بيان الوحدة وما يتمتّع به اهل السنة من الحقوق والمناصب القيادية في ايران.
نحن في هذا المجال بعد أن نشكر فضيلة الشيخ الطنطاوي لاهتمامه بقضايا اهل السنّة في ايران، نريد أن نلفت نظر الشيخ إلی أمور يمكن أن تكشف من ورائها حقيقة ما يتمتّع به اهل السنة في ايران وحقيقة ما تلقّاه الشيخ في هذا الّلقاء من الوفد الايراني.
إنّنا مع احترامنا الخاص بمكانة الازهر الشريف، نتأسّف جداً علی عدم الدقة والرعایة وقبول هذا الوفد كممّثل من جانب السنة فی ایران.
ادّعی الوفد المذكور أنّ اهل السنّة في ايران لديهم المناصب القيادية ولهم مساجدهم ومدارسهم.
نريد أن نتأمّل قليلاً علی المناصب القيادية لدی السنة في ايران كما زعم هذا الوفد من جانب السنة.
ماهي المناصب القيادية؟
إنّ الدستور الإيراني يصرّح بأنّ منصب رئاسة الوزراء يخصّ لمن هو جعفري العقيدة كما أنّ المرأة لا يمكن لها أن ترشّح نفسها لمنصب رئاسه الوزراء، كذلك غير الجعفري في العقيدة لايمكن له أن يكون مرشّحاً لهذا المنصب.
هذا عن منصب رئاسة الوزراء حيث أن الدستور الإيراني والقانون الأساسي حرّم هذا المنصب علی السنة.
أمّا الوزراء وهيئة الدولة فمنذ انتصارالثورة حتی الآن لم تعرف السنة ولم تقدّر لها وهي تشكل عشرين في المائة من السكان أي وزيرٍ في الدولة.
إنّ العالم لم يسمع حتی الان منذ ثلاثين سنة أنّ وزيرا سنّياً اونائب وزيرٍ رغم العدد المذكور وهو عدد ليس بقليل يحتلّ منصب الوزارة او النيابة عن الوزير، وأنّ وزارة الخارجية والاستخبارات لا تستخدم أحداً من السنّة، وأنّ تصفية اهل السنة وإخراجهم من القوات الأمنية ورجال الأمن امرٌ قد تحقّق وانتهی.
والحال أن في افغانستان والدول الاخری الّتي تكون نسبة الشيعه فيها أقل من السنة يكون للشيعة وزراء لا وزيرٌ واحدٌ.
بعد منصب الوزارة نتأمّل علی منصب المحافظ في المحافظات:
المحافظات في ايران تبلغ تسعاً وعشرين، منها ما تكون فيه الأغلبية الساحقه لأهل السنة، وهي المحافظات التي تقع علی الحدود مثل بلوشستان وكردستان. إنّ هذا المنصب مثل منصب رئاسة الوزراء والوزارة ولو لم ينصّ الدستور والقانون بتحريمه علی السنة ولكن عملاً منذ ثلاثين سنة لم يفوض إلی السنة ولم يتحمّلوا وجود محافظٍ واحد في هذه المحافظات ذات الأغلبية للسنّة.
أمّا الممثلون في البرلمان كما ادّعی الوفد المذكور يوجد للسنة عشرون ممثلاً، هذا صحيح ولكن هل فكر هذا الوفد وهل وضّح لسيادة الشيخ انّ عدد السكان في ايران من اهل السنّة يقتضي أن يكون لهم خمسون ممثلاً وأنّ هذا العدد العشرين بعد كم تصفيةٍ وتطهيرٍ وصلوا إلی البرلمان؟
وهل وضّح أنّ النخب الحقيقين هم الذين لم تؤيدهم الحكومة وتردّ هيئة الرقابة كفائتهم وصلاحيتهم.
علی مستوی السفراء الأمرالذي دائماً الحكومات تحاول أن تختار بعض السفراء من الأقليات المذهبية حتی يكون في البلاد المجاورة شاهداً علی رعاية الوحدة الوطنية وحسن المعاملة مع القوميات المختلفة كما نشاهد في كثير من الحكومات السنية تختار السفير من الأقلية الشيعة لديها، مع الأسف العصبية الشديدة ومحاولة عدم اعتبار السنة حتی كأقلية في ايران وإزالة هويتها وإثبات أنّها شرذمةٌ قليلةٌ لا اعتبار لها ولا قيمة في المعادلات السياسية والقضايا الحكومية لم تسمح للسلطات الحكومية أن تختار سفيراً واحداً من السنة وجعلت منصب السفارة ايضاً محرّماً علی السنة.
بنظرة عابرة علی ادارة الجامعات والمراكزالعلمية في المدن ذات الأغلبية السنة نری المشرفين والرؤساء ينتخبون من الأقلية الشيعة من تلك المدينة او يبعث من مدينة أخری، الامرالّذي يدلّ علی أنّ الحكومة لا تثق برجال السنّة ومثقفيهم وأنّها تحاول أن تسترد المناصب الّتي فوّضت إليهم في بدايه الثّورة وقبلها، والحال أنّ نُخب اهل السنة ومثقّفيهم لديهم من الكفائة والجدارة ما لا توجد لدی كثير من الرؤساء الذين فوّضت اليهم المسؤليات عصبية وحمية.
هذه نماذج عن المناصب السياسية والتربوية الّتي حرّمت علی اهل السنة لا لشئٍ أخرسوی أنّهم ينتمون إلی العقيدة السنية كما يظهر هذا الامر في الاستمارات الّتي تستخدم لانتخاب المتعلّمين وطلاب الجامعات والذين يريدون الاستخدام في الجيش أو الحرث الثوري او الشرطة او المسؤليات النّظامية الأخری فيها التركيز والسؤال عن المذهب الذي ينتمي إليه الرجل.
هنا نتسائل ما معنی المناصب القيادية لدی اهل السنة في ايران؟
أين هذه المناصب؟ فضلا عن انها قياديه.
هل يوجد من اهل السنة وزير واحد؟ أونائب وزير؟
هل يوجد من اهل السنة محافظٌ واحدٌ؟
وهل يوجد من اهل السنة سفيرٌ واحدٌ؟
اما كان لفخامة شيخ الازهر أن يسأل الوفد المذكور كم وزيراً من السنة في ايران وهم يشكلون عشرين في المأة؟ ثم يعرب عن سروره وارتياحه بما يجري علی السنة في ايران.
أشار الوفد المذكور إلی المساجد للسنة في ايران، نعم! لا ننكر وجود المساجد؛ إنّ السنة مسلمون يهتمّون بالجماعة ومساجدهم الحمد لله ممتلئة بالمصلّين، ولكن نسی
أن يشير إلی عدم السماح لبناء مسجدٍ واحدٍ للسنة في طهران، الموضوع الذي وافق عليه القائد الفقيد اية الله الخميني، ومنذ ثلاثين سنة لم تسمح الحكومة، وأخيراً منعوا من إقامة الصلاة في إحدی السفارات التي كان مسلموا السنة المقيمون في طهران ولا يقلّ عددهم من مليون نسمة يجتمعون في هذه السفارة ويقيمون الصلاة.
بديهي أنّ أمر الصلاة والعمل علی حسب العقيدة ووجود المدراس الدينية والدعوة إلی الله بين الشعب السنّي ممّا يعدّ من الأحوال الشخصية وصرّح الدستورالأيراني بحرية الطّوائف الدينية والمذهبية علی اختلاف مناهجها وعقائدها في نشاطاتها وعملها وأداء واجباتها الدينية.
أخيراً إنّّنا نطلب من الذین یشكلون هذه الوفود ویهیئون هذه الاسفار واللقاءات ویعرضون قضایا اهل السنة علی الإعلام والشخصیات وعلی المحافل العلمیة والسیاسیة أن لایحیدوا عن الحقیقیة والصدق وأن لایشهدوا غیرالحق والواقع، فإن مع اليوم غداً وإنّنا نحاسب علی كلماتنا وشهاداتنا، وسوف نتمثّل أمام الربّ جلّ وعلا الخبير بما في الصّدور العليم بما نخفي ونعلن وإنّنا لانتلفظ بكلمة إلاّ يتلقّاها الرقيب العتيد.
ابوعفراء العثمانی
تعليقات