خطبة الجمعة 17 من محرم

خطبة الجمعة 17 من محرم

ويفهم من هذا مدی بفعد البعض من الإسلام حيث يكرهون اللحية ويسألون عن أسباب إطلاقها، وكثيراً ما حلقوا لحی البعض في السجن، ونحن نذكرهم أن تحليق لحية الآخرين بغير رضاهم من الكبائر؛ وكذلك في الخدمة العسكرية يضيق الأمر علی الجنود حتی يحلقوا لحاهم ويجب أن لايكون هناك تضييق لمن أراد أن يطلق لحيته من الجنود وهذا الأمر يتطلب أن يعاد فيه النظر…

 

 

********************
خطبة الجمعة 17 من محرم


بدأ فضيلة الشيخ عبدالحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان خطبته يوم الجمعة بتلاوة هذه الآية المباركة: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفرلكم ذنوبكم والله غفور رحيم»، ثم توجّه إلی المستمعين بالقول: اريد أن أتكلم في هذه الدقائق اليسيرة حول الآية التي تلوتها أمامكم، سائلاً المولی الكريم أن يوفقني لبيان ما يحب ويرضی خالصاً لوجهه الكريم، وأن يوفقنا جميعاً للعمل به.
وتابع قائلاً: إن الله تعالی بيّن في هذه الآية أمراً موجوداً في قلوب الناس وهذا الأمر هو المنشود للعالمين وهو حبّ الرب والخالق.
لو سألتم المشركين والمجوس والبوذيين والقبوريين ومن الذين يعبدون غير الله عن مطلوبهم ومنشودهم في العالم، ليجيبون بأنهم يطلبون حب الله تعالی ومرضاته، كما قال المشركون: «وما نعبدهم إلا ليقربونا إلی الله زلفی».
وأضاف قائلاً: جميع من في هذه المعمورة من البشر يسعون للحصول علی مرضاة الله تعالی وحبه، لأن الله تعالی هو الخالق والمالك للعالمين وإنهم يعترفون بوجود الرب كخالق لهم ومنعم عليهم، إلا شرذمة قليلة من الناس حيث لايؤمنون بوجود الربّ والخالق، ولكنهم قليلون جداً.
إن الله أنزل في القرآن آية وخاطب العالمين أنكم إن تريدون مرضاة الله تعالی وأن يحبكم الله فضلاً عن حبكم إياه، فإن طريقه اتباع سيد المرسلمين محمد صلی الله عليه وسلم؛ ووالله ليست نجاة دون اتباع الرسول صلی الله عليه وسلم.
وأردف قائلاً: الشريعة هي الشريعة المحمدية لأن الشرائع الماضية قد نسخت، وإن الكتاب السماوي المنزل من الله هو القرآن الكريم لأن جميع الكتب السماوية السابقة قد نسخت، وإن خاتم النبيين هو محمد صلی الله عليه وسلم لأن النبوة قد ختمت ببعثته صلی الله عليه وسلم، وكذلك الشريعة قد ختمت بشريعته، ولم يبق طريق للنجاة والحصول علی مرضاة الله تعالی إلا باقتفاء آثاره صلی الله عليه وسلم.
 اتباع السنة والشريعة واتباع سيد المرسلين يجلب مرضاة الله تعالی.
يقول أحد العلماء والدعاة ومن الشخصيات الإسلامية: إن لكل شيء وأمر خاصية، وخاصية العمل بالسنن واتباع محمد صلی الله عليه وسلم هي حب الله تعالی؛ فمن يريد أن يحبه الله تعالی وأن ينظر إليه بالرحمة، عيله أن يعمل بالسنن ولو كان أمراً صغيراً في عينه.
لابد أن نعمل بكافة السنن ولانحقرها، ونمارس كل عمل علی أنه سنة.
لو زرتم جاركم في منزله فعليكم أن تنووا ممارسة سنة من السنن؛ ولو عدتم المريض، عليكم أن تكون نيتكم اتباع الرسول صلی الله عليه وسلم، لأن هذا الأمر من سنن النبي صلی الله عليه وسلم كما أنه صلی الله عليه وسلم عاد يهودياً في مرضه، وإياكم أن تكون نيتكم في ممارسة مثل هذه الأمور السمعة والرياء أو المنافع الدنيوية، بل يجب أن تكون نيتكم اتباع الرسول صلی الله عليه وسلم.
واستطرد قائلاً: إذا شيّعتم جنازة وصليتم علی الميت، لابد أن تكون نيتكم اتباع سنن الرسول صلی الله عليه وسلم، وهذه النية تضاعف الأجر والثواب وتجلب مرضاة الرب سبحانه وتعالی.
لوعزّيتم مصاباً أو قدّمتم التهاني إلی العريس يجب أن تنووا العمل بسنة النبي صلی الله عليه وسلم، لأنه صلی الله عليه وسلم قدّم تهانيه إلی العريس ودعا لهما؛ وكذلك إذا دفعيتم إلی الوليمة فعليكم إجابتها عملاً بالسنة النبوية.
ولو أحسنتم إلی زوجتكم عليكم أن تنووا العمل بالواجبات الشرعية ولأن هذا العمل من سنن الرسول صلی الله عليه وسلم حيث أنه قال: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي».
وأردف سماحته قائلاً: ساووا بين أولادكم ولاتؤثروا البعض منهم علی البعض واعدلوا بينهم ولاتفضلوا الأبناء أمام البنات ولا البنات أمام الأبناء.
واستطرد بالقول: مع الأسف البالغ، كثير من الأشخاص يتزوجون ويتركون الزوجة الأولی مع أولادها، وهذا الأمر يسبب كسر قلوب الأولاد وهي ممارسة تناهض السنة والعدل.
يستفيد البعض من هذه الرخصة الشرعية ( تعدد الزوجات )، ويقول البعض إن تعدد الزوجات سنة من سنن الرسول صلی الله عليه وسلم، وهذا ظن باطن، لأنّ تعدد الزوجات ليس بسنة بل هو رخصة أجازها القرآن، وإنها تستفاد من قوله تعالی: «فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنی وثلاث ورباع». وأما تعدد زوجات النبي صلی الله عليه وسلم فكان لأجل حكمة خاصة وكان من خصوصيته صلی الله عليه وسلم.
وتابع بالقول: هؤلاء يستفيدون من الرخصة الشرعية ولكن لايراعون العدل بين الزوجات وإن صنيعهم هذا خلاف للشريعة الإسلامية وترك العدل من المحرمات.
وأضاف قائلاً: يجب أن ننظر إلی كافة الأولاد بعين واحدة ولانؤثر البعض علی الآخرين ولانتركهم علی حالهم غير مبالين بهم حتی لايزيغهم عن طريق الحق بعض الأصدقاء غير صالحين؛ ولو تركناهم غير مبالين بهم وبأحوالهم حتی صاروا من المدمنين أو من قطاع الطريق فهذا نوع قتل للأولاد وإنّ القرآن نهی عن قتل الأولاد.
وأردف: إذا جلستم علی المائدة يجب أن تبدأوا ببسم الله ولاتنسوا الأكل بطريق السنة، واحمدوا الله بعد الفراغ من الأكل؛ ولاتأكلوا الطعام بنية اللذة بل يجب أن تستحضروا النية علی أن تكون بهدف التقوّي علی طاعة الله تعالی.
إذا أردتم النوم عليكم باستحضار نية السنة وناموا علی ذكر الله واستيقظوا علی ذكره ويجب أن يكون ذكر الله في بداية كل أمر ونهايته.
واستطرد بالقول: عليكم أن تجعلوا نيتكم من التجارة كسب الحلال الذي هو فريضة بعد الفريضة.
يجب أن تأتي أحكام الشرع في جميع شئون حياتنا حتی تكون الحياة حياة طيبة.
إذا عملتم بهذه الأمور وأخلصتم نياتكم إذاً تكونون من الشرفاء الأعزاء في الأرض ويحبكم الله.
إخوتي الأعزة! لاتنحصر السنن في السواك فحسب وإن السواك الذي يوافق السنة يجب أن يكون معكم في الحضر والسفر واستخدموه في اليوم حينما تتوضئون للصلوات. قال النبي صلی الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم ومرضاة للرب».
وتابع سماحته قائلاً: وأما في يوم الجمعة فعليكم أن تلبسوا أحسن ثيابكم وتطيبوا واستخدموا السواك عملاً بالسنة النبوية، وكذلك الاغتسال في يوم الجمعة من السنن وقد وردت فضائله في الأحاديث النبوية الشريفة.
عليكم بالسنة وإياكم والبدعة لأن السنة نور وضياء والبدعة ظلمة وشقاوة؛ السنة عطرة والبدعة نتنة؛ فاجتنبوا من البدع واسعوا إلی السنن النبوية حتی تفوزوا في مختلف الميادين والأصعدة.
وأضاف سماحة الشيخ عبدالحميد قائلاً: الذين يطلقون لحاهم عليهم أن تكون نيتهم من هذا الأمر اتباع سنة الرسول صلی الله عليه وسلم.
إني أتعجب من البعض في الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيث جاءت إلينا شكاوي أن بعض الجنود يسئلون أصحاب اللحی عن أسباب إعفاء اللحی.
نعم! هذه الحكومة حكومة إسلامية، والعار كل العار علی الذي يعترض علی إعفاء اللحية، سواء كان المعترض من الشرطة أو من المسئولين الآخرين.
وأردف: إطلاق اللحية سنة؛ ولو طالعتم حياة علي بن ابي طالب رضي الله عنه وسائر أهل البيت لتجدون أنهم كانوا يطلقون لحاهم، وكذلك جاءت صفة لحية الرسول صلی الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث، وحثّ صلی الله عليه وسلم المؤمنين علی إعفاء اللحية، وكذالك قائد الثورة يطلق لحيته.
نعم! لو أطلق البعض لحيته ومارس الذنوب والجرائم فمن حقه أن يؤاخذ لأجل ذنبه وجريمته لا لأجل لحيته.
وتابع بالقول: ويفهم من هذا مدی بفعد البعض من الإسلام حيث يكرهون اللحية ويسألون عن أسباب إطلاقها، وكثيراً ما حلقوا لحی البعض في السجن، ونحن نذكرهم أن تحليق لحية الآخرين بغير رضاهم من الكبائر؛ وكذلك في الخدمة العسكرية يضيق الأمر علی الجنود حتی يحلقوا لحاهم ويجب أن لايكون هناك تضييق لمن أراد أن يطلق لحيته من الجنود وينبغي أن لاتصير الخدمة العسكرية بحيث لايمكن لأحد أن يعمل بالسنة، وهذا الأمر يتطلب أن يعاد فيه النظر.
وأشار سماحة الشيخ عبدالحميد إلی رفض أهلية كثير من المرشحين للانتخابات التشريعية المقبلة قائلاً: مع الأسف قد رفضت أهلية كثير من المرشحين في هذه المحافظة وفي سائر المحافظات، وحدث هذا الأمر في نطاق واسع.
تذكر وزارة الداخلية أننا رفضنا أهلية أكثر من 30 % من المرشحين ولاتذكر أنه من هم المرفوضة أهليتهم؟
نعم! إنهم رفضوا أهلية القادرين والموثوقين عند الناس والمحنكين والمثقفين الذين يتمتعون بفكرة قوية سالمة إلی جنب علمهم، لأن الناس ليسوا سواء في قوة التفكير والإدراك.
هذه خسارة عظيمة للبرلمان ولكافة البلد.
نتيجة هذه الممارسات أن الدورة الثامنة من مجلس الشوری الإسلامي تكون دورة ضعيفة؛ وإذا حرم أصحاب الأفكار النيرة ومن له رأي ونظر ثاقب في الأمور من الخوض في الانتخابات، يتشكل مجلس الشوری من الضعفاء، وتتوجه خسائر هذه القضية إلی الشعب وإلی البلد وتضعف تلك الدوافع التي كانت تجبر الناس علی الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات السابقة، وكذلك الانسجام الإسلامي يتحمل خسائرفادحة.
وأردف فضيلته بالقول: لأجل هذا نحن ندعو لجنة الرقابة علی الانتخابات ومجلس رقابة الدستور أن يعيدوا النظر في رفض أهلية المرشحين حيث وقع في نطاق واسع؛ وكذلك علی كبار المسئولين أن يفكروا حول هذه القضية، لأن الأوضاع الراهنة في المنطقة وفي العالم تتطلب الانسجام والحضور الواسع للناخيين عند صناديق الإقتراع، وهذا الأمر إنما يتحقق إذا لم ترفض أهلية المرشحين الذين يحبهم الناس ويثقون بهم.
وتابع قائلاً: إني أوصي كافة الأحزاب من المحافظين و الإصلاحيين وأقول: إذا فاز حزب من الأحزاب وأخذ بزمام السلطة فعليه أن لايضيق افقه بالنسبة إلی الآخرين ولايقطع طريق مشاركتهم في الميادين السياسة، كما نشاهد في العالم أنه إذا فاز حزب في الانتخابات وغلب علی الآخرين فإنه لايقطع طريق المشاركة لسائر الأحزاب.
واستطرد: كل حزب كان واسع الأفق والصدر فإن الشعب يؤيد ذاك الحزب.
وأردف بالقول: إني كمواطن إيراني لايميل إلی حزب سياسي، أوصي كافة الأحزاب أن يسمحوا المجال للآخرين لخوض الانتخابات ولايضيقوا المجال عليهم كما أن الانتخابات في كافة البلاد حرة ويستطيع كل حزب أن يخوض الانتخابات دون أي رقابة، وينبغي أن يبقی هذا الباب مفتوحاً علی مصراعيه أمام كافة الأحزاب.
أوصي الكافة أن لاتتسرب العنصرية والطائفية في هذا المجال، وهذا الأمر ما ألحق بنا الخسائر الفادحة، وينبغي أن نراعي المساواة بين كافة القوميات والمذاهب.
وأضاف سماحته قائلاً: إني أشكو من المسئولين في مدينة زاهدان حيث قلت لهم قبل ذلك أنكم إذ تدعون شيوخ العشائر للرقابة والإشراف علی الانتخابات ينبغي أن تراعوا العدالة وتساووا بين الشيعة والسنة، لأن الشيعة والسنة يعيشون جنباً إلی جنب في هذه المدينة وكل يدّعي الأكثرية، ولكن إذ يدعون بعض الأفراد للإشراف علی الانتخابات ينبغي أن يكون المعيار هو المذهب أو القومية؛ فإن جعلوا القومية هي المعيار، ينبغي أن يقسّم الأمر بين البلوش والبيرجنديين والسيستانيين؛ وإن جعلوا المذهب معياراً في هذا المجال ينبغي أن يقسّم الأمر بين الشيعة وأهل السنة؛ وتراعی النسبة الأكثرية والأقلية في هذه القضية، ولايكون هنا مثل العراق حيث يقال إنها تتشكل من الشيعة وأهل السنة والأكراد، وهذا أمر مضحك، لأن الأكراد إما من السنة أو من الشيعة.
وأضاف: يجب أن يجعل هذا الأمر موضع العناية الخاصة حتی لانشعر بالقلق، ونحن نوصي دائماً أن تراعی هذه الأمور للمحافظة علی الوحدة والاتحاد.
نسأل الله تعالی أن يحل هذه المشكلة.

وفي الأخير أدان سماحة الشيخ عبدالحميد الهجمات الوحشية التي شنها الكيان الصهيوني ضد إخواننا المسلمين المضطهدين في غزة حيث قد فرض علی سكان تلك المنطقة حصاراً ظالماً مشدداً، ودعا فضيلته المسلمين أن لاينسوا إخوانهم الفلسطينيين في هذه الأوضاع المأساوية التي يعيشون فيها، وطالب من الامم المتحدة والبلاد الإسلامية أن يقفوا أمام الكيان الصيوني ولايسمحوا لهذا المحتل الغاصب أن يواصل اعتداءاته علی الفلسطينيين.
وأبدی سماحته رأيه حول المشكلة الفلسطينية بالقول: إني اعتقد أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هي زوال اسرائيل من خارطة العالم، لأن هذا الكيان الغاصب غدة سرطانية في قلب العالم، وبزوال هذه الغدة ستحل جميع المشاكل في العالم عامة وفي الشرق الأوسط خاصة، ويذوق العالم حينذاك طعم السلام والأمن.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات