اليوم :9 October 2024

نور الإسلام يسطع على اليابان

نور الإسلام يسطع على اليابان

المجتمع الياباني يعتبر من بين المجتمعات الأكثر شيخوخة في العالم، حيث تتناقص معدلات الإخصاب بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية، ثم مرة أخرى في منتصف السبعينات عندما رفضت النسوة ترك أماكن العمل والعودة إلى المنزل، بينما يمثل معدل الحياة الأعلى في العالم، ومع حلول سنة 2007م وعندما يتوقف سكان اليابان عن الازدياد سيكون 20% من السكان بحسب قولهم فوق سن 62 سنة، وتقوم الحكومة في اليابان بعقد مناقشات مكثفة لإيجاد الحلول المناسبة لهذه الأزمة كما يعتبرونها.
 


 
           ها نحن نعود إليكم لنتابع التجوال فوق أرض اليابان وبين صفحات تاريخها مستهدفين  الوصول إلى الكيفية التي أشرق بها نور الإسلام هناك واليوم نلتقط أطراف الحديث من الحلقة السابقة لنتابعها اليوم.
 

          فالمجتمع الياباني يعتبر من بين المجتمعات الأكثر شيخوخة في العالم، حيث تتناقص معدلات الإخصاب بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية، ثم مرة أخرى في منتصف السبعينات عندما رفضت النسوة ترك أماكن العمل والعودة إلى المنزل، بينما يمثل معدل الحياة الأعلى في العالم، ومع حلول سنة 2007م وعندما يتوقف سكان اليابان عن الازدياد سيكون 20% من السكان بحسب قولهم فوق سن 62 سنة، وتقوم الحكومة في اليابان بعقد مناقشات مكثفة لإيجاد الحلول المناسبة لهذه الأزمة كما يعتبرونها.
 

 
          ويعلن الأكثرية من اليابانيين أنهم لا يتبعون أي ديانة معينة، وخاصة الشباب يعتقدون أنه يجب إبعاد الديانات والمعتقدات عن الإيحاءات التاريخية، ويرجع هذا الحذر إلى الدور الذي لعبته الديانة التقليدية للبلاد “الشنتو” في تجنيد الشعب أثناء الحرب العالمية الثانية، ورغم هذا تبقى تعاليم الشنتو والبوذية مرسخة في كل جانب من جوانب الحياة اليابانية اليومية.
 
          ولم تعرف اليابان عن الإسلام شيئاً إلا منذ أربعة قرون، وتعتبر هذه فترة حديثة إذا ما قيست بمسيرة الإسلام التاريخية، ويبرر ذلك عدة أسباب تتعلق بطبيعة العزلة اليابانية، والمد الإسلامي نفسه.
 

          فالدعوة الإسلامية التي انطلقت من جزيرة العرب توجهت باتجاهات العالم الأربع، إلا أنها كانت حثيثة في خطاها تجاه الشرق الأقصى حيث عبرت إيران فأفغانستان فالصين ثم الهند فماليزيا ثم إندونيسيا والفلبين والعجيب أنه مع كل هذه الفتوح إلا أنها لم تدخل اليابان.
 

          واليابان نفسها لم تكن منفتحة على العالم الخارجي وبالتالي لم تحتك بالمسلمين ودولهم، وكانت أول معرفة عارضة وقعت منذ 400 سنة عندما ترجمت بعض كتب الغربيين إلى اللغة اليابانية، وعرف المثقفون ورجال السلطة شيئاً عن الإسلام ولكن بشكل ضبابي.
 

          وهناك أيضاً أن العالم الإسلامي نفسه انشغل بعد وصوله إلى الفلبين بمعركة الدفاع عن الذات والوجود بعد سقوط الأندلس والتفات الأسبان والبرتغال لمحاصرته شرقاً، فقد دخلت الجيوش الأسبانية مانيلا وقتلت سلطان سليمان وكانت سبب حادثة القتل هذه سبباً من أسباب معرفة اليابان بالإسلام وبالنوايا الغربية التوسعية في وقت واحد، وقد انعكس مقتل سلطان سليمان بشكل سلبي على المنصرين الغربيين ومن استجاب لهم في اليابان نفسها.
 

          وقد قام التجار اليابانيون بنقل ما فعلته جيوش أسبانيا في ” أمان الله”- التي حرفت فيما بعد إلى مانيلا- وكيفية قتلهم لسلطان سليمان إلى حكومتهم، وقد ساهم ما نقله موظف رسمي التقى بقبطان سفينة أسبانية جانحة على الشواطئ اليابانية بأن الغرب انتشروا في جنوب أمريكا بسبب إرسال المنصرين من قبل الجيوش، فإذا ما استطاعوا نشر النصرانية أرسلوا جيوشهم وبعدها لم يكن لأي أمة احتلوها أمل في الفكاك من قبضته، لعبت هذه الرواية دوراً هاماً في تعزيز الروايات السابقة عن الغزاة الأسبان وما فعلوه في الشعوب التي احتلوا أراضيها.
 
 
          كانت كل الروايات السابقة إضافة إلى كل ما وقع من مذابح في الفلبين كافية ليأمر الإمبراطور بإيقاف عمل المنصرين، وإكراه اليابانيين الذين تنصروا على العودة إلى ديانة آبائهم، وعادت الإمبراطورية إلى العزلة لمدة زادت عن 250 عام خوفاً من استقلالها الذي تهدده جيوش المنصرين وجيوش المقاتلين.
 

          ولم يعد من اتصال بين اليابان والعالم الخارجي إلا من خلال بوابة التجارة في البر الصيني، ولم يكن الاحتكاك العابر كافياً للفت نظر اليابانيين إلى الإسلام، كما أن المسلمين أنفسهم لم يلتفتوا إلى اليابان ولم يولوها اهتمامهم كما فعلوا في المناطق الأقرب منها إليهم جغرافياً كالهند والصين على سبيل المثال، وبقيت صورتها مشوشة في كتاباتهم، فهل هي “واق الواق” كما ورد عند بعض الرحالة العرب..؟، العلم عند الله.
 

          من كل ما سبق ذكره يتضح لدينا أن اهتمام اليابانيين بالإسلام تأخر إلى أواخر القرن المنصرم، وكان ذلك عندما بدأوا بالاهتمام بمعرفة العالم حولهم، ووجدوا دولة واحدة مستقلة في آسيا هي الدولة العثمانية، وأدركوا أن كثيراً من سكان آسيا مسلمون.
 
          وقد تطور هذا الاهتمام في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، وتم تبادل وفود بين الدولتين، ففي عام 1890م وصلت الباخرة العثمانية “أرطغرل” وعلى متنها حوالي 600 ضابط وجندي وبحار في زيارة ودية إلى اليابان، وغرقت في طريق عودتها في بحر اليابان، وقضى 550 من طاقمها نحبه بسبب إعصار مدمر، فأرسلت اليابان إحدى سفنها تحمل الأحياء من الباخرة التركية إلى إستامبول وكان هذا أول اتصال إسلامي رسمي باليابان، ثم أقام اليابانيون للضحايا صرحاً ومتحفاً تخليداً لذكراهم بحسب عاداتهم في مثل هذه الظروف، ومازالوا يحتفلون كل 5 أعوام في التاريخ نفسه بهذا الحدث، حيث تزور باخرة تركية على متنها وفد يمثل جميع القطع العسكرية التركية مكان الحادث نفسه، ويخرج السكان المحليون لإقامة المراسم وكأن الحادثة وقعت بالأمس القريب.
 
          ومن المعروف أن هذه الاحتفالات كانت من قبل تبدأ بقراءات دينية يابانية، وفيما بعد أوقفت تلك الطقوس وصار الاحتفال يبدأ بتلاوة القرآن الكريم.
 
          خلاصة القول أنه بعد سنة من حادثة غرق السفينة أي في عام 1891م قام صحفي ياباني بجمع تبرعات مالية لأسر ضحايا السفينة أرطغرل، وزار عصمة الخلافة العثمانية وهناك طلب منه السلطان عبد الحميد البقاء لتعليم بعض ضباط الجيش اللغة اليابانية، وعلى أثر ذلك أسلم وتسمى بـ”عبد الحليم نوده”، ولعله أول ياباني مسلم معروف.
 
 
          وفي عام 1892م قام صحفي آخر بزيارة مماثلة لتلك التي قام بها “نوده” إلى إسطامبول وقد من الله عيه أيضاً بنعمة الإسلام ولعله ثاني ياباني مسلم معروف، وفي عام 1900م قام مدير شركة نصراني ياباني بزيارة بومباي ولفتت نظره عمارة أحد المساجد وكان سبباً في سؤاله عن الإسلام ثم اعتناقه له لاحقاً وتسمى بـ” أحمد أريكا” وقد شارك في ترجمة معاني القرآن الكريم، ساهم إسهامات كبيرة في الدعوة الإسلامية في اليابان.
 
          وفي كتاب “الرحلة اليابانية” ذكر “علي أحمد الجرجاوي” مؤلف الكتاب أنه قام بزيارة اليابان عام 1906م-1907م ومعه مسلم صيني والتقيا هناك في طوكيو بمسلمين “روسي وتركي” وكونوا جمعية إسلامية وحينها أسلم على أيديهم 12ألف من مختلف شرائح المجتمع الياباني.
 
          وفي عام 1909م وصل إلى اليابان داعية تتري الأصل بقي فيها ستة أشهر ودعا إلى الإسلام، وألف كتاب “عالم إسلام” وقد ترجم هذا الكتاب إلى العربية، وفي نفس العام أسس أول حاج ياباني حج عام 1909م مع المسلمين الجدد العائدين من الحرب “جمعية مسلمي اليابان”، وهي أول جمعية إسلامية معروفة في البلاد ومازالت تعمل حتى الآن.
 
          وفي الفترة مابين 1914م-1919م أقام في اليابان أستاذ للغة الأوردو في جامعة “طوكيو” وفي نفس الوقت هو داعية من الهند، وكان له دور كبير في مساعدة الداعية التتري- الذي سبق ذكره – في عمله الإسلامي.
 
          وخلال التوسع الياباني في الحرب العالمية الثانية في الصين وغيرها من دول شرق آسيا أسلم عدد كبير بسبب الاحتكاك المباشر بالمسلمين في البلدان المفتوحة.
 
          ومن المعروف أن أول تجمع إسلامي في اليابان أقامه المهاجرون التتار الروس في أوائل القرن العشرين حوالي عام 1921م، ثم أسس بعض التجار المهاجرين من الهند مسجد كوبه عام 1935م، ومما يدعو للدهشة أن هذا المسجد كان المبنى الوحيد الذي بقي بعد أن ضرب المنطقة أحد الزلازل المدمرة في أواخر القرن العشرين والذي نجم عنه تدمير الكنائس والمعابد والمؤسسات التجارية في تلك المنطقة وبقي المسجد دون غيره فسبحان الله…..!!!
 

نكتفي بهذا القدر مع وعد باللقاء في الحلقة القادمة بإذن الله.
 
 
  نقلا عن مفكره الاسلام

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات