ارتحال الشيخ محمد عمر السربازي
علي وداع المصلح الكبير و الداعية الي الله الشيخ محمد عمر السربازي رحمه الله
ان الجموع التي كانت يومياً تقدم علي الشيخ من انحاء ايران مثل خراسان، كردستان، هرمزگان، تركمن صحرا، حتي يوم الاربعاء يوم وفاته- و قبله بيوم كان جمع من خراسان لقيتهم في زاهدان قالوا: نحن ذاهبون الي- كوه ون- لزيارة الشيخ محمد عمر لكي نتغذي روحياً و ننشط في العبادة و العمل، بديهي آن اناساً مثل هذه الجموع اصيبوا بوفاة الشيخ مصيبة عظمي و فقدوا طبيباً حاذقاً لمعالجة امراضهم الباطنية.
============================================= ابو عفرآء العثماني
صباح يوم الاربعاء 25من صفر 1428 هـ .ق بعد صلاة الفجر فوجئنا بنبأ ارتحال الشيخ الكبير العلامة مولانا محمد عمر السربازي رحمه الله.
اهتزّت مدينة زاهدان والمراكز العلمية في انحاء ايران و البلاد المجاورة. وقع الخبر كصاعقة بين جماهير الناس من التلاميذ و المسترشدين و الأحباء، تبادلت التعازي و الرسائل الإلكترونية بنبأ وفاة الشيخ من البلاد النائية و الدانية، فلم تمض ساعة او ساعهتان بعد الفجر حتي اتجهت السيارات و الحافلات نحو قرية- كوه ون- الواقعة بين الجبال علي طريق سرباز.
الطريق الجبلية التي تتفرع بين الجبال نحو قرية- كوه ون- مركز نشاطات الشيخ العلمية و الإصلاحية طريق ملتوية بين الجبال و الاودية غير معبدة، امتلئت بالسيارات و الناس القادمين لتشييع جثمان الشيخ الراحل.
ضاقت الطرق و الاودية المسطحة بالسيارات فنزل الناس و بينهم الشيوخ و الشباب، العلماء و الطلاب، الكبار و الصغار مسرعين نحو القرية الصغيرة، الحقيرة الساذجة مشياً علي الاقدام لا يعرفون الفتور الملل.
منظر عجيب رائع و جمع غفير حاشد، قلل الجبال و سقف البيوت غطيت بالناس و الإودية و السهول امتلئت قبل ذالك، لو كان أحد ينظر من بعيد من فوق جبل او من جوف طائرة محلقة علي هذاالجمع النازل في هذه القرية لظنّ أنّ الارض ارتدت ثوباً ابيضاً او نزل ثلج مكثف متراكم.
الطرق المنتهية الي قرية- كوه ون- ما زالت تسيل بالجموع القادمة، لكن الشيخ عبد الرحمن السربازي شقيق شيخنا الراحل اعلن شروع صلوة الجنازة رعاية لما كان يعتاده الشيخ رحمه الله بعدم تأخير الصلواة علي الجنازة و امر الناس ان يقتدي كل واحد من المكان الذي يمكنه و مئآت من الناس فاتتهم صلوة الجنازة للزحام و انقطاع الطرق.
لحظات توقفت و تأملت علي هذا التشييع الذي لم يشهد بلوشستان مثله و تساءلت لماذا؟
هذه الجبال الجرداء و المنطقة النائية لا آثر عن الحضارة الحديث و لا عن التقدم المادي كيف جذبت هذه القلوب و أخذت بأصحابها تجرّ اليها؟
تساءلت من أين هذه المحبّة و العشق لم يسمع احد من هذا الجمع بوفاة الشيخ الا و تحرك من مكانه حتي يكون مساهماً في وداع الشيخ رحمه الله؟
واضع آنهم لو كانوا يؤخرون التشييع يوما لكان يشترك في التشييع من المدن البعيدة و البلاد المجاورة جمع غفير.
لا يخفي علي احد ان الخدمات الاصلاحية و التربية الروحية و العلمية و تعليم ابناء الأمة بين تلك الجبال بعيداً عن زخارف الحياة و جمال المادية الرعناء التي قام بها الشيخ محمد عمر رحمه الله قريب من نصف قرن يعلّم و يربّي يدعوو يكافح، كانت لها آثارها و دورها الواضح في حياة الاف من الناس علي مستوي الطبقات المختلفة داخل البلاد و خارجها.
الذين تابوا علي يدا الشيخ و بايعوه علي ترك المعاصي و المنكرات و التمسك بالكتاب و السنة و آداب الشريعة ليس عددهم قليل.
لا توجد مدينة من مدن أهل السنة في ايران الا و أحباء الشيخ و المسترشدون بارشاده، المتأثرون بتربية والمتمسكون بعهده و بيعته يترحمون عليه و يبكون علي فراقه.
كاتب هذه السطور كشاهد عيان علي الجهود الإصلاحية التي قام بها هذا الرجل الكبير يشهد أني رأيت علي مستوي الطبقات المختلفة سواء من طلاب الدين و العلماء، اهل الدعوة و التبليغ شباب الجامعة و المثقفين و جماهير الناس حتي اهل المعاصي و المنكرات، لما راجعوا الشيخ و تلمذوا علي يديه و تلقوا منه التربية الروحية انقلبت حياتهم و فتحت لديهم آفاق جديدة و تغيروا تغييراً جذرياً.
لا شك أن الله عز وجل هو أعلم بامر عباده و هو قادر علي كشف الهموم و جبر الجروح وان يقيض علي هذه الامة من الرجال والشخصيات من يهدي ابناء هذه الامة و يرشدهم نحو الخير و السعادة و لكن الفراغ الهائل الذي تركه شيخنا الراحل و الفجوة العميقة التي يحسها و يشعر بها كل من كان له ادني صلة بالشيخ رحمه الله قد يهز الاوساط العلمية و المراكز التربوية و يجعل اهل العلم و الدعوة قلقين مضطرين.
ان الجموع التي كانت يومياً تقدم علي الشيخ من انحاء ايران مثل خراسان، كردستان، هرمزگان، تركمن صحرا، حتي يوم الاربعاء يوم وفاته- و قبله بيوم كان جمع من خراسان لقيتهم في زاهدان قالوا: نحن ذاهبون الي- كوه ون- لزيارة الشيخ محمد عمر لكي نتغذي روحياً و ننشط في العبادة و العمل، بديهي آن اناساً مثل هذه الجموع اصيبوا بوفاة الشيخ مصيبة عظمي و فقدوا طبيباً حاذقاً لمعالجة امراضهم الباطنية.
في هذه العجالة الصغيرة لا يستطيع كاتب هذه السطور ان يوضح جميع جوانب حياة الشيخ العلمية و سوف نقدم الي القراء الكرام ترجمة شاملة عن حياة الشيخ (رح) و قدراته العلمية في المجالات المختلفة من الحديث و التفسير وذكر مؤلفاته الموجودة الكثير لكننا اخترنا فقط الجانب الإصلاحي و التربوي و اقبال الناس عليه و توبتهم بيده رحمه الله و اثره العميق و دوره المهم في المجتمع الإسلامي.
جزي الله شيخنا الراحل عن الإسلام و المسلمين خيرا الجزاء
ابو عفراء العثماني
تعليقات