أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (16 رجب 1446) إلى “التطوّرات والظروف الجديدة في الشرق الأوسط”، مطالبا مسؤولي البلاد إلى اتخاذ سياسات جديدة من أجل إزالة العقوبات والتهديدات، والتعامل مع العالم أجمع.
اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أدخل الفرح في قلوب شعوب العالم
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتابع قائلا: إن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة، والذي عملت العديد من الحكومات الكبيرة والصغيرة على تحقيقه، كان سببا للفرح، ليته تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في البداية قبل أن يفقد ما يقرب من خمسين ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال حياتهم، وقبل أن يحدث هذا القدر من الدمار الواسع النطاق.
وأضاف: لا شك أنه رغم ذلك، من دواعي السرور أن يتم التوصّل إلى وقف لإطلاق النار، ومنع وقوع المزيد من الضحايا والخسائر في الممتلكات. لقد جلب وقف إطلاق النار الفرحة لشعب غزة ولكل شعوب العالم.
على الأطراف الالتزام بوقف إطلاق النار
وتابع خطيب أهل السنة في مدينة زاهدان موصيا الأطراف بـالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار: نصيحتنا للأطراف هي الالتزام بوقف إطلاق النار، والالتزام بجميع بنود الاتفاق حتى لا تنشأ أي مشكلات أخرى.
وتابع قائلا: نأمل أن يتم التوصل إلى السلام وحل دائم في المستقبل، وأن ينال الشعب الفلسطيني المظلوم حقوقه.
على المسؤولين اتخاذ سياسات جديدة في ظل الظروف الجديدة في الشرق الأوسط
أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى التطورات الجديدة في الشرق الأوسط وقال: نظراً للأحداث الأخيرة التي وقعت في الشرق الأوسط، فقد نشأت ظروف مختلفة وخاصة في هذه المنطقة وستحدث تطورات جديدة في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف: العديد من البلدان بدأت تتكيف مع الظروف والتطورات الجديدة في الشرق الأوسط، ومن المناسب لمسؤولي البلاد أن يأخذوا هذه الظروف الجديدة في الاعتبار أيضاً في سياساتهم الخاصة حتى لا تنشأ مشكلات جديدة للبلاد.
وتابع فضيلته قائلا: هناك أعداء ومخالفون كثيرون لإيران؛ ومن ثم فإن الأمر يتطلب من المسؤولين أن يبتكروا سياسات وآليات جديدة حتى لا تتورط البلاد في حرب وعقوبات إضافية. تحيط المشكلات الاقتصادية هذه الأيام بالشعب، لقد فقدت العملة قيمتها، ولقد فرض التضخم وارتفاع الأسعار من جهة والجفاف من جهة أخرى ضغوطاً على الشعب، وليس من الممكن للشعب الإيراني أن يتحمل المزيد من المشكلات، ويجب أن ترفع المشكلات الحالية عن كاهل الشعب أيضاً.
ما المانع من إجراء “استفتاء” على بعض القضايا؟
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: إن الأنبياء عليهم السلام كانوا يتشاورون؛ و لقد ورد في القرآن الكريم: {وشاورهم في الأمر}، أمر الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه، لذلك ينبغي للمسؤولين وصناع القرار ألا يتشاوروا فقط مع مجموعة معينة من الناس الذين لا يتحدثون عن المشكلات والحقائق، بل يشاوروا أيضاً أولئك الذين يعبرون عن آرائهم بصراحة.
وأضاف فضيلته قائلا: بالإضافة إلى المسؤولين في الوزارات والدوائر وأعضاء مجلس النواب، هناك أيضًا خبراء من الآكاديميين والمدارس الدينية وشرائح مختلفة يمكنهم تقديم النصائح والمقترحات الجيدة.
وصرّح خطيب أهل السنة في زاهدان متسائلا: ما المانع من إجراء “استفتاء” وطلب رأي الجمهور عندما لا يستطيع المسؤولون اتخاذ القرار بشأن بعض المشكلات و الأزمات؟ وإن الاستفتاء يجري في الكثير من البلدان.
الشعب الإيراني يريد التعامل مع العالم كله
وصرّح فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: نوصي المسؤولين أن يتعاملوا ويتحاوروا مع الشرق والغرب، والدول الإسلامية وغير الإسلامية. يريد الشعب الإيراني التعامل مع العالم. يجب أن يُفتح باب التفاوض والحوار.
وأكد فضيلته: لا بد من اتخاذ إجراءات أساسية لمنع العقوبات وغيرها من المخططات والمؤامرات؛ لأن الموضوع هو إنقاذ البلد، وأفضل سياسة هي الاستسلام لمطالب الشعب.
على المسؤولين أن لا يوقعوا عقودًا استراتيجية مع أي دولة
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد مشيرا إلى زيارة رئيس الجمهورية إلى روسيا قائلا: نصيحتنا للمسؤولين عدم توقيع اتفاقيات إستراتيجية مع أي دولة، خاصة أن توقيع اتفاقيات دفاعية يضر بالبلاد، ولكن لا حرج في توقيع العقود العادية والعقود التي تتوافق مع المصالح الاقتصادية للشعب والبلاد.
وتابع فضيلته قائلا: الحفاظ على الاستقلال من أهم وأعظم مصالح البلاد، عليكم أن تتعاملوا مع الشرق والغرب، مع الصين وروسيا والغرب وغيرها من بلدان العالم؛ هذا في مصلحة بلادنا، ولكن لا تجعلوا أنفسكم محتاجين إلى أي بلد ومتوكلين عليه.
في قضية الجمعة الدامية نطالب بـ«العدالة»
وفي جزء آخر من خطابه، أشار فضيلة عبد الحميد إلى آخر حكم قضائي بشأن قضية الجمعة الدامية في زاهدان، وقال: نُشر في الآونة الأخيرة خبر بعنوان حكم المحكمة حول الجمعة الدامية على وسائل التواصل الاجتماعي، مما أثار الارتباك والقلق، وتساءل كثيرون أيضًا لماذا لم نذكر شيئًا عن هذا الأمر حتى الآن.
واستطرد خطيب أهل السنة قائلا: ما تم نشره في مواقع التواصل الاجتماعي، فقد قيل بحسب تصريح رئيس محكمة سيستان وبلوشستان؛ ردا على سؤال وجّه إليه، وقد بين أيضاً الحكم الذي صدر، والمفروض أن يجلس جميع الأطراف معاً ويتناقشوا بحضور أهل العلم والخبراء حتى لا يضيع حق أحد.
ملف قضية الجمعة الدنيا ملف فيه القصاص، ولا بد من محاسبة عواملها
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد: في الحكم السابق الذي أصدرته المحكمة بشأن قضية الجمعة الدامية اعترض محامو ذوي الشهداء على هذا الحكم مستشهدين بالدستور، وتحدثنا نحن أيضا من المنبر في نفس الوقت وقلنا: إن في هذه القضية في وجهة نظرنا يجب القصاص، ولا شك أننا نركز على احترام الحقوق، وعندما يتم اتخاذ الحكم الصحيح، فإن الجميع سيقبلونه.
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: بعد الحكم السابق، قلنا: يجب على علماء الطائفتين، من قضاة وحقوقيين وخبراء، أن يجلسوا معاً ويناقشوا القضية، فإذا أقنعتمونا بأنه لا يجب قصاص، فإننا سنقنع الشعب بأننا نريد العدالة وبالتالي لا يجب القصاص، أو نقنعكم بوجوب القصاص، وكان من المفترض أن يعقد هذا الاجتماع وكنا نتابعه، ولكن المسؤولين الذين كانوا هناك في ذلك الوقت لم يحضروا الاجتماع وبقيت القضية على حالها.
وتابع فضيلته قائلا: إن القضية التي طرحت من قبل ويطالب بها الشعب الآن هي أن تتم محاسبة المسؤولين عن هذه الحادثة من غير استثناء أحد.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: قد أثيرت الآن قضية الجمعة الدامية مرة أخرى في مواقع التواصل الاجتماعي، ولقد أرسلنا وجهات نظرنا وآرائنا إلى السلطات، وتحدثنا أيضًا مع رئيس المحكمة القضائية في المحافظة، ومع مسؤولين آخرين، ومن المقرر أن يعقد اجتماع بحضور الأطراف ورئيس القضاء والقضاة والخبراء والمحامين، لمناقشة الموضوع حتى لا يضيع حق أحد.
وأكد فضيلته قائلا: خلاصة التوضيحات التي قدمتها أنه لا داعي للقلق وأن هذه القضية لا تزال قيد المتابعة والتحقيق، والنقطة المهمة هي أنه يجب حفظ حقوق أولياء الدم، والجرحى بشكل كامل ويجب أن يتم تحقيق رضاهم.
الشّعب الإيراني يشعر بالقلق والحزن إزاء تكاثر عمليات الإعدام
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان أيضا إلى صدور أحكام “الإعدام” الجديدة وقال: صدرت في الآونة الأخيرة أحكام بالإعدام ضد بعض الأشخاص، بينهم عدد من النساء. ننصح المسؤولين عن محبة وإرادة خير أنه يجب إيقاف السياسات الماضية، من أجل التغيير وخاصة الإعدامات.
وأضاف: إن الشعب الإيراني وسائر شعوب العالم تشعر بالحزن والقلق إزاء هذه الإعدامات، ويجب على المسؤولين تجنب أي تصرف من شأنه أن يؤذي مشاعر الشعب الإيراني.
الإعدامات السياسية وخاصة إعدام النساء خطيرة
وأكد خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: إن الإعدامات السياسية، وخاصة إعدام النساء، وكذلك الإعدامات التي تتم بتهمة الاتجار بالمخدرات خطيرة. لا حرج في القصاص، لكن لا تجوز الإعدامات الأخرى التي ليست من أحكام الله ولم تكن تُنفَّذ في العصر الأول، بل تُنفَّذ بناءً على رؤية خاصة للإسلام والشريعة الإسلامية، واجتهادات بعض المجتهدين؛ لأن هذه الاجتهادات والاستنباطات لها مخالفون كثيرون.
تعليقات