اليوم :19 March 2024

نبذة من حياة العالم الرباني، الشيخ بايجان آخوند قزل رحمه الله

نبذة من حياة العالم الرباني، الشيخ بايجان آخوند قزل رحمه الله

كان الأستاذ "بايجان آخوند قزل" من كبار علماء أهل السنة في منطقة "تركمن صحرا" في محافظة كلستان. ولد الشيخ سنة 1343 من الهجرة تقریبا في حوالي "آجي ياب" في مملكة تركمانستان في أسرة ملتزمة متدينة؛ وأنهى دراسته الابتدائیة فی موطنه حتی الصف السادس فی المدارس الحكومیة، وكان تلمیذا ذكیا یفوق الآخرین من زملائه فی دراسته، ولم یبلغ الأستاذ الرشد حیث استشهد والده فی السجن الشیوعي المضاد للدین، وترعرع الشیخ حتی وصل إلی ستة عشر من عمره، وعندما وصلت المضایقات السیاسیة والمذهبیة للنظام الشیوعي وتضییق الخناق علی المتدینین ذروتها، رأی له عمه الخیر فی الذهاب إلی إیران لصیانة دینه ومذهبه وفرارا من الشیوعیین.
وهاجر الأستاذ الی إیران وحیدا بعیدا عن أسرته مع تحمل العناء والمشقة فی هذه الرحلة الإیمانیة فی ستة عشر من عمره، ولما أتی إلی إیران، لقی أخاه من أمه وأصبح تحت تكفله و تلمذ سنتین ونیف فی الكتاب عند الأستاذ "ملا قره توماج" ثم فی التاسع عشر من عمره التحق رسمیا بالمدرسة الشرعیة فی قریة "آخونلی اوبه" (مراد بردی الحالیة) وانتفع من مجالس أساتذة الكبار مثل "آرتیق آخوند" (چراغ مغصم) جوغان والأستاذ "عزیز آخوند" جوغان، وكان أساتذته یعتنون به عنایة خاصة.
وظل الشیخ طالبا للعلم اثنی عشر سنة وتخرج فی الواحد وثلاثین من عمره، ثم بعد أشهر سافر فی حوالی سنة 1376 من الهجرة بدعوة الأستاذ "مشهد آخوند ایری" موسس مدرسة نعمان كتوك، وبإشارة من أساتذته الی قریة كتوك لیعین الشیخ مشهد آخوند في أمر التدریس فی المدرسة المذكورة، وتولی إدارة المدرسة وأخذ زعامة أمورها وربی فیها العلماء الكثیرين.
وكان الأستاذ عالماً متواضعاً، داعیاً الی الله بقوله وعمله، وطالباً للحق، وقد كان الشیخ یهتم ویعتنی بإصلاح مجتمعه الذی یعیش فیه، وجاهد لإصلاحه. وفی ستین ونیف من عمره وجد ضالة قلبه التی كان یتفقد منها لإصلاح مجتمعه، وهو التعارف بإخوة جماعة الدعوة، فقام بنصرتهم وإجابة داعیهم، فصحبهم وحسن صحبته حتی غیّر منهج مدرسته إلی منهاج دعویٍّ ممتزج بالدرس.
وفی حداثة لقائه، خرج معهم لسنة فصارت الدعوة بعد ذلك حیاته، وكان لا یخطو عنها خطوةً ولا یأخذ بلومة لائم ولا بسخریة ساخر، وما كان یبالي بقیل الناس وقال التی تحول بین مقاصده وبین همّه لإصلاح المجتمع، وتكوین بیئة إسلامیة علی أساس التقوی.
وقد أعطی الله الشیخ مزیات ومواهب وصفات قلما اجتمعت تلك الخصال فی رجل واحد، ولا یمكن فی هذه السطور الموجزة الإحاطة بجمیع صفاته وخصائله الحمیدة؛ فمنها أنه كان منخفض الجناح لأسرته و تلامذته، وما شوهد منه غضب قط فی أمر دنیوي، وما اشتكی قط من قلة المعاش، وكان متوكلا علی الله، حتی رزقه الله رزقا واسعاً، وأفرج عن كرَبه الدنیویة، ومع ذلك ما اغتر به، فأخذ طریق الاقتصاد فیه.
ثم بعدما أیقن الرشد من أبنائه، فوّض أمر المدرسة إلیهم تاما وباتّاً، ولكن ما تقاعد عن أمر الدعوة حتی أن ضعف جسمه وعجز عن الخروج.
ومن میزاته أیضا أنه لم یكن یتخلف عن الصف الأول فی الصلوات الخمس، ولم یدخل علیه أحد إلا رآه مصلیاً وذاكرا لله تعالی، أو تالیاً لكتاب الله المجید، حتی ابتلی بمرض الوفاة بأشهر من قبل أن یرحل عن الدنیا، فأعجزه عن الخروج إلی المسجد لصلاة الجماعة، وألزمه الفراش، إلی أن أدركته المنیة بعد الظهیرة في یوم السبت 22 من جمادی الأولی 1433 من الهجرة النبویة، وتوفي الشیخ وهو ذاكر لله تعالی.
اللهم ارحمه وعافه، وأكرم نزله ووسع مدخله، وأبدله دارا خیرا من داره، وأهلا خیرا من أهله، اللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا أجره.

تعليقات

تعليق واحد لـ : “نبذة من حياة العالم الرباني، الشيخ بايجان آخوند قزل رحمه الله

  1. رحمة الله عليه ويسكنه جنات النعيم.. آمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات