أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنّة في زاهدان، في خطبة الجمعة (9 رجب 1446) إلى “المشكلات الداخلية والخارجية” التي تعاني منها البلاد، وقال إن حلّ هذه المشكلات يتطلب “إدارة قوية” و”تغييرات سياسية جادة”.
ما زال الشعب ينتظر “تحقيق العدالة” و”إزالة التمييز” و”إحداث التغيير”
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: يواجه الشّعب الإيراني مشكلات عديدة هذه الأيام، ولا يزال بعض المشكلات الماضية قائمة، ولم يتمكن المسؤولون حتى الآن من حلها، بحيث تراكمت المشكلات.
وأضاف قائلا: في السنوات الأخيرة، خرج غالبية الشعب من رجال ونساء، وطوائف مذهبية وقوميات، إلى الساحة، واحتجوا مطالبين بالعدالة، والقضاء على التمييز، وتوفير الحقوق السياسية والدينية وحريات التعبير، كما احتج العديد من الفئات، مثل العمال والمتقاعدين والممرضين والمعلمين والمربين من أجل رواتبهم، ولا تزال هذه الاحتجاجات مستمرة، ولا يزال الشع ينتظر تحقيق مطالبهم وإجراء التغييرات وحل المشكلات.
المشكلات الاقتصادية تصبح أكثر خطورة يوما بعد يوم، ولم يتمكن المسؤولون من إيجاد حل
وتابع خطيب أهل السنّة في زاهدان مشيرا إلى “الأزمة الاقتصادية” في البلاد: إن المشكلات الاقتصادية والمعيشية من المشكلات التي تعاني منها جميع فئات وأطياف الشعب الإيراني المختلفة، بما في ذلك سكان المدن والقرى، ويشعر الآباء بالخجل من أهلهم بسبب عدم قدرتهم على توفير نفقات معيشتهم.
وأضاف: المشكلات الاقتصادية أصبحت أكثر خطورة يوما بعد يوم، وللأسف فإن السلطات لم تتوصل حتى الآن إلى حل لهذه المشكلات، وربما السلطات غير قادرة على حلها.
النزاعات في الساحة الخارجية تشكل “تهديدًا خطيرًا” للبلاد
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى “القضايا والمشكلات الخارجية للبلاد” باعتبارها مصدر قلق آخر للشعب الإيراني، قائلا: إن القضايا والنزاعات الخارجية لإيران مع الدول الأخرى أصبحت اليوم تهديداً خطيراً. هناك مثل مشهور يقول: “قضية ولا أبا حسن لها”، لقد تبدلت المشكلات الراهنة للبلاد إلى معضلة وقضية، لا يوجد رجل قوي مثل علي رضي الله عنه لحلها.
وصرّح فضيلته قائلا: إن حل قضايا ومشكلات البلاد الداخلية والخارجية يحتاج إلى إدارة قوية تدير المشكلات الداخلية، وتحلها من خلال الاستسلام لإرادة الشعب و تدير المشكلات الخارجية وتحلها من خلال التعامل اللين ورؤية واسعة.
لقد فشلت السياسات القديمة؛ لا بد من تغيير هذه السياسات “فورًا” و”بشكل كامل”
وأضاف خطيب أهل السنّة في زاهدان: إن المشكلات الخارجية الراهنة تهدد البلاد، وهناك مخاوف أن تتعرض المنشآت النووية في البلاد التي أنفقت عليها مليارات الدولارات للهجوم. تعد المراكز النووية والعسكرية والاقتصادية والبنى التحتية من ثروات الوطن، وإذا تعرضت هذه المراكز والبنى التحتية للهجوم في ظل الوضع الحالي للبلاد، حيث نهب بعض الموارد والثروات من قبل الأفراد وبعضها استولت عليها أيدي المؤسسات والمنظمات والشركات، ستزداد معاناة الشعب الإيراني وسيظهر العديد من المشكلات للبلاد.
واستطرد فضيلته قائلا: نصيحتنا الصادقة هي أن تدرس السلطات بجدية حلاً في هذا الصدد، وتطلب المشورة من الشعب والخبراء. لقد فشلت السياسات السابقة، ولا بد من تغيير هذه السياسات على الفور وبشكل كامل.
وصرّح فضيلة الشيخ عبد الحميد: إن حل مشكلات البلاد الراهنة هو التغيير الجاد في السياسات الداخلية والخارجية، وإن هذا التغيير من شأنه أن يمنع هجمات العدو، وأهم من ذلك يمكن أن يحول السخط الداخلي إلى مرضاة.
الفرصة محدودة جدًا، ولا ينبغي تجاهل التطوّرات الأخيرة في سوريا
وقال خطيب أهل السنّة في مدينة زاهدان: الفرصة محدودة للغاية، والآن هو الوقت المناسب للتحول وتغيير السياسات، ولا يعلم ما إذا كانت هناك فرصة للتحول والتغيير في المستقبل أم لا. إن التطورات الأخيرة في سوريا، والتي يحاول البعض تصويرها كحدث عادي، كانت حدثاً كبيراً جداً لا يمكن تجاهله بسهولة.
وأضاف: التطوّرات في سوريا ليست خافية على أحد، في سوريا لم يكن الشعب يريد في البداية إسقاط الحكومة، بل كان يريد التغيير، ولكن بدلاً من الاستماع إلى الشعب والاستجابة لمطالبهم، قامت السلطات السورية بقمعهم، وعندما وصل الشعب إلى نهاية الخط، واضطر الملايين منهم إلى الهجرة، دعموا التطورات الأخيرة في سوريا وسيطروا بسرعة على البلاد، والآن ارتفعت قيمة العملة السورية على الفور، حيث أعلنت الحكومة السورية الجديدة أنها أجرت تغييرات، وتسعى إلى إقامة علاقات جيدة مع العالم، ولا تريد حربا ولا صراعا مع أي دولة، كما أنها منحت أيضا الحريات للقوميات والطوائف والمرأة.
ينبغي على المسؤولين أن يفكروا في التصدي لحرب مدمرة
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: نأمل أن تفكر السلطات في حل يتصدى لحرب مدمرة، وربما يقول المسؤولون إن لدينا القدرة الدفاعية؛ فإذا كان بوسعهم منع الحرب والدفاع عن الثروات، فهذا رائع، ولكن إذا كانت قوتنا الدفاعية ضعيفة، فستكون ذلك خسارة كبيرة للبلاد والشعب.
واستطرد فضيلته قائلا: إنما أذكر هذه القضايا هنا لأنني أولاً وقبل كل شيء، لا أملك وسائل إعلام رسمية للتعبير عن هذه القضايا، والسياسيون يحتاجون إلى سماع القضايا السياسية. ثانياً، تتجه البلاد نحو ظروف خطيرة تتطلب إجراءات جدية من جانب السلطات.
نعرب عن تعازينا لأسر ضحايا حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية
وفي جزء آخر من خطبته، أشار خطيب أهل السنة إلى ذكرى إسقاط الطائرة الأوكرانية، وتابع قائلا: إن إسقاط الطائرة الأوكرانية في طهران كان حدثاً مريراً ومؤسفاً للغاية، وقد أدت هذه الحادثة إلى وفاة عدد من مواطنينا الأعزاء.
وأضاف قائلا: مرت خمس سنوات على إسقاط هذه الطائرة، وعائلات ضحايا هذا الحادث تقيم حاليا ذكرى أحبائهم، وفي حين نعرب عن تعازينا لأسر الذين فقدوا أرواحهم في هذه الحادثة، فإننا نأمل أن تتم الاستجابة لطلبهم المشروع بإجراء تحقيق عادل ونزيه، حتى تكون سببا لتسلية ذويهم.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: نحن على يقين من أنه لو تم إجراء تحقيق عادل ونزيه في الأيام الأولى لتحطم الطائرة الأوكرانية، لما استمرت هذه القضية إلى يومنا هذا.
تم التعامل مع قضية الإهانة الأخيرة بشكل عاجل
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان أيضا إلى الإساءة الأخيرة لأحد المداحين، وتابع قائلا: إذا تمت معالجة القضايا على الفور، فسوف تحل المشكلات بسرعة، كما هو الحال في قضية الإهانة الأخيرة من قبل أحد المداحين، فقد تم التعامل معها على الفور وعولجت المسألة، وقد ألقي القبض على الشخص الذي قام بالإهانة واعترف بخطئه؛ وتجاوزنا أيضًا عن خطئه وانتهى الأمر.
وأضاف: إن تمت معالجة القضايا بسرعة وحيادية وعدالة، فقد أظهرت التجربة أن الشعب الإيراني شعب مسامح وسيتنازلون عن حقوقهم.
كانت وفاة الشيخ جليل الله خسارة للعالم الإسلامي
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان إلى رحيل الشيخ “جليل الله مولوي زاده”، أحد علماء أفغانستان البارزين، وتابع قائلا: كان الشيخ “جليل الله مولوي زاده” عالماً وشخصية بارزة، ومخلصا، ألف العديد من الكتب في مختلف المجالات العلمية، وقد أقام في زاهدان مدة من الزمن، وكانت له علاقة وثيقة مع العلامة عبد العزيز رحمه الله (مؤسس جامعة دار العلوم زاهدان)، وشعب زاهدان.
وأضاف: إن رحيل الشيخ جليل الله كان خسارة ليس فقط لأهل هرات والشعب الأفغاني، بل للعالم الإسلامي أيضاً. العلماء الصالحون والمخلصون ينفعون العالم أجمع. نسأل الله تعالى أن يرفع درجات هذا العالم الجليل، وأن يمن على أهل هرات الأعزة وجميع الشعب الأفغاني بالصبر والأجر.
وفي الجزء الأخير من كلمته أعلن خطيب أهل السنة في زاهدان موعد انعقاد حفلة تكريم خريجي جامعة دار العلوم زاهدان، وتابع قائلا: ستعقد حفلة تكريم خريجي جامعة دارالعلوم زاهدان في 29 رجب 1446، كما نصح المصلين بالدعاء ودعم هذه الحفلة الدينية.
تعليقات