اليوم :20 January 2025

فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

السياسات الليّنة أنجح من السياسات المتشددة

السياسات الليّنة أنجح من السياسات المتشددة

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، امام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (27 جمادى الأولى 1446)، إلى التأثير الإيجابي لـ”الكلمات والسياسات اللينة” مقارنة بـ”السياسات والتصرفات المتشددة”، مؤكدا على ضرورة “نيل مرضاة الشعب” و”إعادة النظر في القوانين والسياسات بما يتوافق مع مصالح الشعب والوطن”.
وتابع فضيلته قائلا: إن الله تعالى لا يحب الشدة والتغلظ، بل يحب اللين والتلطف؛ أوصى الله تعالى نبيه موسى وهارون عليهما السلام حينما أرسلهما إلى فرعون، فقال: «فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى».
وأضاف: إن وصية الله هذه لنبي الله موسى عليه السلام هي في الواقع نصيحة لجميع أهل العالم أن الخطاب اللين والمواقف والسياسات اللطيفة خير من الخطاب الغليظ والمواقف والسياسات المتشددة والقاسية، وتدل تجربة تاريخ الدعاة والمصلحين والحكومات أننا إذا دخلنا بالرفق والأخلاق الحميدة سنحصل على نتائج أفضل. نصيحتنا لجميع الحكومات هي أن الكلمات والتصرفات المتشددة لا تجدي نفعًا، ويجب دائمًا استخدام التصرفات والخطابات اللينة.

لا بد من مراعاة الظروف العالمية عند تشريع القوانين
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: النصيحة التي كنت أوصي بها من قبل، أنه تمت الموافقة على السياسات والقوانين من قبل المجلس التشريعي أو مجلس صيانة الدستور، وبعض هذه السياسات والقوانين ثبت فشلها، لذلك يجب تغييرها، لأن استمرار القوانين والسياسات التي لم تنجح أدى إلى خسائر كثيرة.
واستطرد قائلا: القوانين التي يضعها البشر تفيد لفترة زمنية محدودة، ولا يمكن أن تفيد إلى الأبد، ويجب أن تتغير حسب الظروف المتغيرة لحياة الإنسان؛ بل الأحكام والشرائع الإلهية نسخت في الكثير من الأحيان، بحيث نسخ الله تعالى الحكم السابق وأنزل حكما جديدا بعد مدة من الزمن. وبالطبع مع وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وإغلاق أبواب الوحي، لا يمكن تغيير تلك الأحكام والقوانين التي هي نصوص صريحة إلى يوم القيامة، لكن القضايا الاجتهادية بإمكانها أن تتغير.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: للأسف بعد مرور 45 عاماً على وضع بعض القوانين والمبادئ في البلاد، لم يتغير الكثير منها ولو قليلاً، وهذا هو سبب التخلف. هذه الكلمات هي حقائق أقولها وأنا أريد الخير للجميع. نحن نعيش في هذا العالم، ويجب أن ننظر إلى أحوال العالم، ونرى ما هي القوانين التي تصبّ في مصلحة الشعب والوطن، فيجب على البرلمانيين، وكذلك الحكومة التي تنفذ القانون، والمؤسسات الأخرى والمعنيين بوضع القوانين، أن يجعلوا أحوال العالم نصب أعينهم.

نرحّب بموافقة مجلس أمن المحافظة على إزالة نقاط التفتيش
ورحّب فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من خطابه بـ”إزالة العديد من الحواجز في مدينة زاهدان وأجزاء أخرى من المحافظة”، وقال: نرحب بإزالة الحواجز التي كانت موجودة حول مدن المحافظة، وخاصة زاهدان، وقد بذل محافظ سيستان بلوشستان الجديد ومجلس أمن المحافظة جهودًا في هذا المجال.
وأضاف: أنا متأكد على أن التشدد والضغط لن يجديان نفعاً لأجل تثبيت الأمن، لكن ما قام به مجلس أمن المحافظة من إزالة نقاط التفتيش سينجح في مجال “الوحدة” و”الأمن”، و”الوحدة” و”الأمن” مقولتان تؤثر كل منهما على الأخرى. نحن أيضا نوصي ونؤكد على الحفاظ على أمن المحافظة والبلاد. الأمن هو بداية أي تطوّر، وإن تطوير المحافظة وتقدمها ممكن أيضًا في ظل الأمن.
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: لدينا أيضاً شكوى من القوات الأمنية أنه قبل زيارة الرئيس للمحافظة كانت هناك مضايقات حول الجامع المكي وجامعة دار العلوم، وتمت إزالتها بعد زيارة الرئيس، لكنها الآن استؤنفت، ونصيحتنا أن هذه الضغوط لن تجدي نفعاً، وإذا أردتم الأمن فافعلوا ما فعله مجلس أمن المحافظة وهو إزالة نقاط التفتيش.
وأكد فضيلته قائلا: في الوضع الحالي يجب علينا جميعا أن نتخذ خطوات من أجل تأليف القلوب وضمان الأمن. والآن بدأ حراك شعبي في المنطقة والمحافظة لبسط الأمن، وإن أحد القضايا المهمة التي أركز عليها في رحلاتي إلى مدن المحافظة هو الحفاظ على الأمن.

رضى الشعب أعظم خدمة لأي نظام وحكومة
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد مؤكدا على “نيل مرضاة الشعب الإيراني”: يجب علينا أن نكسب قلوب الشعب الإيراني، بما في ذلك النساء والقوميات والطوائف، وألا نثير استياء الشعب. يجب على الجميع أن يسعوا ليتمتع الشعب بالحرية.
وتابع قائلا: أعظم خدمة لأي حكومة ونظام، إسلامي أو غير إسلامي، إنما يقدمها من يكسب قلوب الشعب، وأكبر ضربة لأي نظام وحكومة هو من يسبب سخط الشعب وكراهيتهم، وهذه قضية لا أعتقد أن أحداً سيختلف معها.

نحن طلاب العدل/ ينبغي الشك في إسلام من لا يؤمن بالعدل
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: نحن طلاب العدل ونسعى للعدل، ولقد قلنا مرات عديدة أن إسلامنا هو الإسلام الوسطي المعتدل، ونحن ضد التطرف، ونعتقد أنه لا قيمة لشيء بغير العدل والإنصاف.
وأضاف: الجميع يؤمنون بالعدل والإنصاف، ومن لا يقبل العدل فليشك في دينه وإسلامه، وقد أدخلت بعض الطوائف الإسلامية “العدل” ضمن المبادئ، وأدخلته بعض الطوائف الأخرى ضمن الواجبات والأركان. نحن متعاطفون مع المحسنين للوطن والعباد، ونخشى أن يكره الناس الدين والإسلام.

الإعدامات بسبب المخدرات لم تنتج سوى ترك العوائل بلا أولياء
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: من القوانين التي أثارت قلق الشعب واضطرابهم، وكانت لها عواقب عالمية على البلاد هي التصرفات المتشددة والاعترافات القسرية وزيادة عمليات الإعدام.
وأضاف: كل هؤلاء الذين يتم إعدامهم إيرانيون ومواطنون لنا، وعندما اقترح بعض المسلمين على النبي صلى الله عليه وسلم قتل المنافقين الذين كانوا يتجسسون على المسلمين، لم يقتل صلى الله عليه وسلم ولا واحدا من المنافقين، وقال إذا قتلت هؤلاء المنافقين، سيقول العالم أن محمداً يقتل أصحابه.
وقال خطيب أهل السنة: إن عمليات الإعدام التي تم تنفيذها حتى الآن لأجل مكافحة المخدرات لم تسفر عن أي نتائج سوى أن الأسر الإيرانية أصبحت بلا أولياء ومعيلين. هكذا عمليات الإعدام السياسية فيها أيضًا مشكلات. لذلك أطلب السلطات أن يستخدموا السجن وغيره من أساليب العقاب للشخص الذي يرتكب الجريمة وليس الإعدام. وبالطبع فإن تطبيق “القصاص” هو حكم الله تعالى، وعمل صحيح إلا أن يعفو أولياء الدم.

لا بد من دراسة أسباب زيادة حالات الانتحار في البلاد
وأعرب فضيلة الشيخ عبد الحميد عن أسفه لـ”زيادة حالات الانتحار” في البلاد، وقال: “للأسف كثر الانتحار في البلاد والبعض خاطوا شفاههم. لا بد من دراسة هذه القضايا ومعرفة أسباب هذه الظاهرة؛ لماذا الأطباء والمتخصصون والأطفال ينتحرون، وإذا كانت هناك مشكلات وضغوط وتقييدات في هذا المجال فلا بد من معالجتها وحلها.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات