أوصى فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (13 جمادى الأولى 1446) السلطات بـ “استخدام الخطاب اللين والحكيم” و”التعامل والتسامح مع العالم”، مؤكدا أن الشعب الإيراني لا يمكن أن يتحمل المزيد من العقوبات، ومن شأن الحكمة والتدبير الصحيح أن يمنع الحرب والمزيد من العقوبات.
أسوأ الأقوال والأفعال ما تكون سببا لكراهية الناس من الدين
وأكّد فضيلة الشيخ عبد الحميد في بداية خطابه على ضرورة التجنب من أي قول أو فعل يؤدي إلى التشكيك في الدين وكراهية الناس منه، وتابع قائلا: أسوأ الأقوال والأعمال ما يكون ظالما وجائرا، ويكون سببا لابتعاد الناس عن دين الله عزّ وجل. ورد في الحديث أن اثنين من الصحابة أطالا جماعة الفجر والعشاء، وأثار ذلك اعتراض بعض المصلين، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم من فعل هذين الصحابيين غضبًا لم يغضب مثله قط، وذكر هذه القضية في الخطبة وقال في جمع من الصحابة: “إن منكم منفرين”.
وأضاف خطيب أهل السنة: من المهم ألا نجعل الناس يكرهون الدين بسبب أعمالنا، بل ندعو الناس إلى الدين الإلهي بالأخلاق والأعمال الصحيحة والمحبة والمحافظة على حرمات الناس، والإسلام الحقيقي هو أيضًا أن يكون سلوكنا وأفعالنا وكلامنا عادلا ومنصفا، ولا نكذب لأن الكذب أكبر انحراف في الكلام، والكذب كلام غير عادل.
على العلماء والمسؤولين وعامة الناس الحذر في أقوالهم وأفعالهم
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد: إن لكلام كل واحد منا كمسلمين أثر، فإذا قال إيراني كلمة عادلة، وتصرف بشكل عادل في العالم، فهذا سيجعلنا جميعا سعداء وفخورين، ولكن إذا ارتكب أحد أبناء وطننا الظلم وقطع الطريق، وظلم، وقام بالاختطاف، وارتكب القتل وأعمالاً غير مشروعة، فقد ارتكب أعظم الظلم علينا، ومثل هذا المواطن يضر بنا، لأن عمله مغاير للأخلاق الإسلامية والإنسانية.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: إذا كان من سمّى نفسه مسلماً، وهو من أهل المسجد، يصلي ويعبد وكان حسن الأخلاق والعمل، كان سبباً في هداية الناس ومحبتهم للدين، وإذا كان سيئاً في عمله كان سبباً في كراهية الناس من الدين، وإن صلى الليل وحجّ البيت كلّ عام، لذلك ينبغي علينا جميعا من علماء ومسؤولين وعامّة الناس، أن نكون حذرين في أقوالنا وأفعالنا، وألا نتصرف بما يثير كراهية الناس من دين الإسلام والنبي الكريم والصحابة وأهل البيت والتابعين؛ لأن هذا أعظم الظلم، والجريمة التي لا تغتفر.
حالات الانتحار متزايدة في البلاد
وأعرب فضيلة الشيخ عبد الحميد عن أسفه لـ”تزايد حالات الانتحار” في البلاد، وتابع قائلا: للأسف كثرت حالات الانتحار في البلاد في الآونة الأخيرة، وينبغي أن نعلم أن دين الإسلام هو دين الرحمة، ونبي الإسلام هو نبي الرحمة، فلا ينبغي لتصرفات الناس أن تجعل الإنسان يكره الدين والحياة لدرجة أنه يقبل على الانتحار أو يرتكب عملاً غير مشروع.
وتابع فضيلته قائلا: نحن المسلمين، علينا تبليغ أحكام الإسلام وأوامره بأسلوب لا يثير الكراهية والاشمئزاز في المجتمع، ولا ينبغي لنا أن نتصرف بطريقة تكون سببا لأذى الناس.
يجب أن نتصرف بأسلوب لا يثير استفزاز المجتمع الدولي ومشاعر شعوب العالم ضد الشعب والوطن
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: أستغرب جداً أن البعض لا يهتم بإثارة مشاعر شعوب العالم، بينما يجب علينا دائما أن نكون حذرين ونتكلم ونتصرف بأسلوب لا يتم استفزاز المجامع الدولية والمنظمات الحقوقية ومشاعر شعوب العالم ضد شعبنا وحكومتنا وبلدنا.
واستطرد فضيلته قائلا: أمر الله تعالى سيدنا موسى وهارون عليهما السلام بأن يقولا لفرعون قولا لينا، واليوم أيضا يجب علينا أن نستخدم الخطاب اللين والقول الحكيم أمام فراعنة العصر. لقد أقام الشعب الإيراني ثورة، ولكن ليس معنى الثورة التحدث بعدوانية وقسوة والوقوع دائمًا في الحروب والصراعات، بل الثورة تعني إحداث “تطور” في الأخلاق والسلوك والاقتصاد، وأكبر ثورة هي الثورة الأخلاقية.
الحكمة والتدبير الصحيح من شأنهما منع الحروب والعقوبات المتزايدة
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد: نظرا إلى الأحداث الأخيرة التي شهدها العالم، نشعر أنه سيتم توجيه المزيد من المشكلات والعقوبات الشديدة نحو البلاد في الأيام القادمة، لذلك نصيحتنا الخالصة للمسؤولين أن يخططوا بواقعية ويأخذوا الحقائق بعين الاعتبار.
وأضاف قائلا: الشعب الإيراني الآن في ظروف تجاوزت الخط الأحمر، ولا يمكنه تحمل المزيد من العقوبات والمصاعب. إن الحكمة والتدبير الصحيحين يمكن أن يحولا دون وقوع الحرب والمزيد من العقوبات.
ينبغي إعطاء دولة بزشكيان المزيد من الصلاحيات في مجال السياسة الخارجية
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: مما يثير السرور والفرح أن خطاب المسؤولين في الآونة الأخيرة تهدف إلى مواجهة مخططات ومؤامرات الأعداء الذين يسعون إلى تشديد العقوبات ضد الشعب الإيراني.
وأشار: نطالب بأن يُمنح لدولة بزشكيان مزيد من الصلاحيات في مجال السياسات الخارجية حتى تتمكن من حل المشكلات بالتخطيط والتعامل والتسامح اللازم مع العالم؛ يجب أن نكون متسامحين ونتعامل مع العالم؛ وهذا تعليم قرآني يتوافق مع الثقافة والحضارة الإيرانية.
على الأوروبيين والمجتمع الدولي عدم تكرار الطريق الخاطئ السابق
ووصف فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من خطبته الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بأنه السبب الرئيسي للصراعات طويلة الأمد في الشرق الأوسط والعالم، وقال: نصيحتنا للعالم ألا يكرروا الطرق الخاطئة الماضية، وأقول بصراحة: إن الغربيين والعديد من المنظمات العالمية والدولية يسيرون في الطريق الخاطئ، وإن جميع التصرفات العدائية والصراعات المستمرة منذ 70 عاما في الشرق الأوسط بما في ذلك استمرار الاحتلال الإسرائيلي والعدوان في فلسطين وغزة، تسير في هذا الطريق الخاطئ.
وأضاف: التحليل والدراسة الصحيحة أن الإرهاب الدولي وانعدام الأمن في الشرق الأوسط وأجزاء أخرى كثيرة من العالم، يعود إلى الخلافات والصراعات المستمرة في فلسطين منذ أكثر من سبعين عاما، كما أن الأميركيين ودول الشرق الأوسط أهدروا أموالاً طائلة لأنهم لم يتحركوا في الاتجاه الصحيح.
الحل الأمثل لوقف الصراعات في الشرق الأوسط هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة
وقال خطيب أهل السنّة: إن الطريق الصحيح لجميع الأطراف، سواء مؤيدي إسرائيل أو مؤيدي فلسطين هو محاولة إنهاء الاحتلال والعدوان الإسرائيلي بدلاً من الاستجابة للمشاعر، حتى يتمكن الفلسطينيون من الحصول على دولتهم وحكومتهم المستقلة، وعلى الأوروبيين والأميركيين الضغط على إسرائيل حتى تعيد حقوق الفلسطينيين إليهم، وعلى العالم أجمع أيضاً أن يعترف بالدولة الفلسطينية.
وأضاف: هذا الحل يصبّ في مصلحة جميع الدول، ويمكن أن يضمن أمن الشرق الأوسط والعالم أجمع، وبهذا الأسلوب تنتهي أيضاً الشكاوى من «القوات الوكيلة»، لأن وجود القوات الوكيلة يتم تبريرها بسبب هذه الخلافات، وإذا تم حل الخلافات فلا حاجة لهذه المجموعات والقوات.
يجب الحفاظ على أمن وسلام المحافظة
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد في ختام كلمته على الحفاظ على أمن سيستان وبلوشستان، وتابع قائلا: للأسف، ظهرتْ مشكلات أمنية في المحافظة في الآونة الأخيرة، ونصيحتي للجميع أن يحافظوا على أمن المحافظة والمنطقة.
وأضاف: المحافظة يجب أن تكون آمنة، ومن لديه أي مطالب فليتابعها عبر الحوار. يجب على الجميع أن يقتصروا على التعليقات والانتقادات البناءة ويجب أن تجد محافظتنا المزيد من السلام، وأؤكد على الجميع أن يحافظوا على أمن المنطقة لئلا نشهد إنفلاتاً أمنياً عبر الحدود.
تعليقات