أعرب فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (21 ربيع الثاني 1446)، عن أسفه الشديد لاستمرار الحرب في غزة ولبنان، واصفا مشاهدها بـ “المفجعة” التي لا تطاق، وأكد على ضرورة “وحدة الدول الإسلامية” و”جهود الدول الإسلامية وغير الإسلامية” لوقف إطلاق النار ومنع الحروب وإراقة الدماء.
التعاطف مع الإنسانية ومنع الحروب وسفك الدماء واجب إنساني
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: للأسف، قُتل ويقتل اليوم الكثير من الناس في غزة وفلسطين ولبنان، وفي الحرب بين روسيا وأوكرانيا تكبد الجانبان خسائر فادحة. لماذا لا يحاول من يملكون القدرة منع الحروب ووقف إطلاق النار والحوار بين الأطراف المتحاربة؟! على الجميع أن يسعوا جاهدين لتحقيق العدل واحترام حقوق الدول والشعوب والأقليات والقوميات. أين المجتمع الدولي والدول التي تهتف شعار التقدم والحضارة وتتحدث عن ثقافة الأمم، لتتدخل في هذه الحروب وتضغط على كافة الأطراف للقبول بوقف إطلاق النار والحوار وتطبيق العدل؟!
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: قال الله تعالى: «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا» لذلك التعاطف مع الإنسانية ومنع الحروب وسفك الدماء واجب إنساني.
المشاهد التي تحدث في غزة مؤلمة
وشدد خطيب أهل السنة في زاهدان على ضرورة “وحدة البلاد الإسلامية”، وقال: إن مسؤولية الدول الإسلامية في هذا المجال ثقيلة للغاية. لا شك أن الدول الإسلامية لديها خلافات، لكن رغم هذه الخلافات لماذا لا تتوحد على تنفيذ وقف إطلاق النار ومنع الوحشية وسفك الدماء في الأراضي المقدسة؟! على البلاد الإسلامية أن تتحد معا، ونظرا إلى الثروات التي قدمها الله تعالى لها، بحيث بيد البعض من هذه البلاد شريان الحياة الاقتصادي العالمي، يجب أن يقوموا بالضغط على كل طرف من الأطراف التي لا تقبل بالحق ووقف إطلاق النار، ويوقفوا هذه الحرب والنزيف.
وأضاف: إن مشاهد مفجعة تحدث في غزة، وهو أمر لا يمكن أن يقبله العالم ويتسامح معه، وقد استشهد الليلة الماضية نحو 200 فلسطيني في هجوم إسرائيلي على غزة، والقتلى في هذا الهجوم هم من النساء والأطفال والمدنيين العزل. أي قلب يستطيع أن يتحمل خسارة الأرواح والأموال وتشريد الأبرياء في فلسطين ولبنان؟!
وأضاف: على البلاد الإسلامية وغير الإسلامية والدول الغربية والشرقية أن توقف الحروب وسفك الدماء في فلسطين وغزة ولبنان وروسيا وأوكرانيا رغم خلافاتها.
القوى الغربية والشرقية وراء مصالحها الخاصة
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: لقد أثبتت التجربة أن الدول والقوى الشرقية والغربية لا تسعى إلا لمصالحها الخاصة، ومن أجل مصالحهم الخاصة أقاموا علاقات مع البلدان الضعيفة وأثاروا هذه البلاد بعضها ضد البعض، وهم أنفسهم قد لا يدخلون في هذه الصراعات، لكنهم يريدون الاستفادة من هذه الصراعات.
وأكد فضيلته قائلا: لا ينبغي لأي دولة أو حكومة أن تنخدع بالدول والقوى الشرقية والغربية، بل قوة جميع هذه الدول والحكومات هي أن تتوكل على الله عز وجل وتبحث عن تأييد الله تعالى، وتقف إلى جانب شعوبها وتحقق رضا الشعوب؛ يخاطب الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: “يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين”.
أفضل حاكم هو من يستمع للشعب ويتواضع أمامهم
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: نصيحتي للمسؤولين في بلادنا أن يعتمدوا على الله والشعب، فهذا الشعب من رحمة الله وقوته، لذلك كونوا معتمدين على الشعب واهتموا بحاجاتهم ومشكلاتهم. يتعرض المواطنون في هذه الأيام لضغوط اقتصادية شديدة، والسياسة الصحيحة هي أن يستمع المسؤولون إلى هؤلاء الشعب ويحسنوا حياتهم وسبل عيشهم.
واستطرد فضيلته قائلا: يقول الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: “واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين”، أي تواضع تجاه المؤمنين، وأفضل حاكم من يستمع للشعب، ويتواضع أمامهم، إذا كان “الله” و”الشعب” إلى جانبك، فلن تحتاج إلى أحد، ولن يجرؤ أحد على فعل أي شيء ضدك، ولكن إذا هجر “الله” و”الشعب” أحدًا، فلن يكون له ملجأ آخر.
على المسؤولين حل مشكلة أهالي تفتان
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من كلمته في خطبة الجمعة، إلى مطالب أهالي منطقة تفتان فيما يتعلق بنشاط استخراج الذهب في هذه المنطقة، وقال: إن أهالي تفتان الذين عاش أجدادهم في هذه المنطقة يشعرون بالقلق هذه الأيام ولهم كلمتهم، وإن قلق أهل تفتان أن بيئتهم يتم تدميرها، وتدمر حياتهم، وتجفف مراعيهم وزراعتهم ومياههم الجوفية، وهذه مخاوف معقولة.
وأكد فضيلته قائلا: نصيحتنا للسلطات هي الاستماع لهؤلاء المواطنين؛ فإن كان ما يقولونه خطأ فأقنعوهم، وإن كان صحيحا فتعاملوا معهم بالصواب، والأولوية هي للشعب وليس للشركات التي تأتي إلى هذه المنطقة من أماكن أخرى لمصالحها الخاصة واستغلال المناجم والكنوز.
وأضاف: لا ينبغي اللجوء إلى القوة في أي قضية من القضايا؛ دعوات الناس الطيبة يمكن أن تسبب لنا السعادة والنصر، وآهات الناس ودعواتهم السيئة تسبب لنا مشكلات.
لقد أكدنا دائماً على “الحوار”
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأخير من كلمته: إن أفضل طريقة لحل قضية أو مشكلة هي الحوار، ولقد أكدنا دائما على الحوار، ونحن نقوم بذلك عمليا، فعندما حصلت حادثة الجمعة الدامية أعلنا أننا أهل حوار ولسنا ضد التفاوض والحوار أبدا، ونحن مستعدون لسماع كلام الآخرين والتعبير عن رأينا أيضا، أما اللجوء إلى القوة والضغط والاستدعاء فلا ينفع…
وأضاف: حتى الآن لم نرفض طلب أي شخص أراد التحدث، لكني شخصيا أعطيت وقتا لهذه القضية وسمعت كلام الجميع، ووصل كلامي إلى السلطات. كما ذهبت بالنيابة عنا وفود وتحدثت مع أناس على مستوى المديرين والنواب واستمعوا إلى كلامهم أيضاً.
وأكد خطيب أهل السنة في زاهدان على ضرورة الإيثار لحل القضايا وقال: لن تحل قضية ما لم يكن هناك إيثار، فإذا لم يكن كل طرف مستعدًا لتخطي شيء ما، فلن يتم حل المشكلات، وعندما يكون الحوار مفتوحا وتطرح حقوق الشعب، يجب احترام حقوقهم، ومن المهم أن نوسع قلوبنا للحوار.
تعليقات