أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان، في خطبة الجمعة (٩ ربيع الأول ١٤٤٦) بمدينة زاهدان، إلى مشكلات الشعب وخاصة الفئات الفقيرة، في مجالي نفقات التعليم والعلاج، معتبرا منح التعليم والعلاج للشعب مجانا من واجبات جميع الحكومات.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: يجب أن تتوفر العدالة في التعليم للجميع في العالم، ويجب الاهتمام المتساوي إلى الجميع. هذا من واجبات الحكومات وأنظمة العالم أن تجعل التعليم مجاناً حتى يتمكن أبناء الشعوب في كل بلد من الحصول على حق متساو في التعليم؛ فإذا لم يكن التعليم مجانا، يمكن للأغنياء دفع تكاليف تعليم أولادهم، أما أولئك الذين لا يملكون المال، فسيحرم أطفالهم من التعليم.
ينبغي توظيف الأشخاص الأكثر كفاءة في الجامعات والمدارس
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: من الواجبات الأخرى على الحكومات توظيف أفضل الأشخاص وأكثرهم قدرة وكفاءة في الجامعات والمدارس التعليمية حتى يتمكنوا من مساعدة أطفال وشباب البلاد في هذا المجال.
واستطرد: يجب إعطاء أعلى الرواتب لمدرسي وأساتذة الجامعات حتى يتمكنوا من التعليم بنشاط وحيوية، لأن العلم والتعليم أساس التطور والتقدم ويجب أن يدفع ثمنهما.
يجب على الحكومات تقليل تكاليف التعلم
وأكد خطيب أهل السنة على ضرورة تقليل تكاليف التعلم، وتابع قائلا: ارتفعت تكاليف التعلم كثيراً في بلادنا، وينبغي للحكومة أن تخفض هذه التكاليف، وينبغي وضع سياسات صحيحة في الحكومة ووزارة التربية والتعليم حتى يتم إزالة التكاليف والنفقات الباهظة عن كاهل الناس.
وأضاف قائلا: الكثير من العوائل لا تملك القدرة على دفع الرسوم الدراسية وإعداد القائمة التي تقدمها المدارس التعليمية مثل الزي المدرسي وغيره، وبسبب عدم القدرة على إعداد هذه القائمة يحرم أطفالهم من التعليم، كما تواجه العديد من الأسر صعوبة في توفير نفقات أبنائهم في الجامعات، ولا تستطيع العديد من الأسر تحمل الرسوم المدرسية لبناتها ونتيجة هذه التكاليف الباهظة هو حرمان أطفال شريحة كبيرة من المجتمع من التعليم.
وأضاف: لقد تحدث السيد الدكتور بزشكيان بشكل جيد عن التعليم والتدريب، فمن مطالب الشعب، ولا سيما الطبقة المستضعفة من المجتمع، تقليل تكلفة التعليم، وينبغي وضع السياسات والتخطيط الجيد حتى يتمكن الشعب من دفع رسوم التعليم.
يجب أن تدار الحوزات العلمية (المدارس الدينية) والمساجد بالتبرّعات الشعبية
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: ينبغي للمسلمين أن يرسلوا أبناءهم الموهوبين إلى المدارس الدينية لتعلم العلوم الدينية، وعلى الشعب أن يدفعوا احتياجات المدارس الدينية والعلماء الذين يدرّسون العلوم الشرعية، حتى تزول هموم الأساتذة ومشكلات المدارس الدينية.
وتابع فضيلته قائلا: من الضروري أن أشير هنا إلى نقطة، وهي أننا نعتقد أنه لا ينبغي للحكومة أن تنفق الأموال على المدارس الدينية، بل يجب أن تدار الحوزات العلمية والمساجد بأموال الشعب وتبرعاتهم حتى لا تكون تابعة لأي حكومة. لقد أثبتت التجربة أن الطريقة الأفضل والأكثر اعتدالاً هي الحفاظ على استقلالية العلماء والمعاهد العلمية حتى يتمكنوا من توجيه النقد البناء للأنظمة والحكومات.
تكلفة العلاج في البلاد مرتفعة للغاية
وأكّد فضيلة الشيخ عبد الحميد على توفير العلاج مجانا للشعب، وتابع قائلا: جميع الأنظمة في العالم ملزمة بتوفير العلاج مجانا للشعوب، والآن في بلدنا تكاليف العلاج مرتفعة للغاية، وعلى الحكومة أن تتعاون مع الجميع، وخاصة الفئات الفقيرة، حتى ينعموا بالصحة والعافية.
وأضاف قائلا: هناك نقص كبير في قطاع الصحة والعلاج في البلاد، والعديد من الأدوية نادرة أو غير متوفرة. الصحة حيوية ومهمة مثل الأمن، ويجب أن تحظى باهتمام كبير.
العدل حاجة كل مجتمع وأحد الأصول المهمة في الأديان والحضارات
وأعرب خطيب أهل السنة في زاهدان في جزء آخر من كلمته في خطبة الجمعة، عن أهمية إقامة العدل والإنصاف، وقال: إن تطبيق العدل أمر حيوي ومهم للغاية، والعدالة حاجة كل مجتمع وأحد الأصول المهمة للأديان والثقافات والحضارات.
وتابع: المكلف بالعدل ليس فقط الحكومات والأنظمة، بل كل شعوب العالم مكلفة بإقامة العدل، ونحن جميعا ملزمون بمراعاة العدل في عملنا.
وأضاف: يجب أن نراعي العدل في الأسرة بين الأبناء والبنات والأهل. العدل يجعل الحياة أحلى، وإذا كان موقف الوالدين تجاه أطفالهم متساويًا وعادلاً، فسيشعر أفراد الأسرة بالهدوء، وإذا كان المدير العام والمدير في المكتب والمدرسة والجامعة والمدرسة الدينية عادلين لا يفرقون بين العاملين والموظفين، ولا يفضلون أولادهم وأقاربهم على غيرهم، يعم الأمن والسلام ذلك المكتب والجامعة والمنطقة. لا ينبغي تفضيل ابن المسؤول وابن آية الله الفلاني ونجل المرجع والشيخ والمفتي والرئيس على ابن الفقير والقروي.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لا يتحقق السلام والوحدة والأخوة والأمن إلا إذا توفرت العدالة. عندما تتساوى الرؤية في نظام ما، سواء كان إسلاميًا أو ديمقراطيًا، وعوملت أصحاب القوميات والديانات المختلفة معاملة متساوية، وتم احترام حقوق المواطنة للجميع، وتمتع المؤيدون والمعارضون والمنتقدون بحقوق متساوية، في مثل هذا النظام سيكون الشعب في سلام وراحة.
وتابع فضيلته: إذا أطلقوا على نظام اسم الديمقراطية، ولم تكن هناك عدالة ولا احترام للحقوق في ذلك النظام، فلا فائدة من مجرد الاسم، وإذا كان هناك نظام يسمى بالإسلامي، ولكن لم تكن فيه رؤية متساوية إلى الجميع ولم يتم تطبيق العدالة، فلن ينعم الشعب بالسلام أينما كان هذا النظام في العالم.
الوحدة والأخوة تتحقق بـتطبيق العدالة واحترام الحقوق
واستطرد خطيب أهل السنة قائلا: الأخوة لا تتحقق بالشعارات، بل بتطبيق العدالة والنظرة المتساوية إلى الجميع، وتطبيق القانون واحترام الحقوق. العدالة والإنصاف أمران مهمان. إذا لم يكن هناك عدل وإنصاف في حياة المرء، فلن يقبل الله تعالى منه أي صلاة أو حج أو فريضة، وينبغي لنا جميعا أن نكون منصفين وأن نراعي العدل والإنصاف في التعامل مع أصدقائنا وأعدائنا.
وأضاف قائلا: على جميع المسؤولين أن يتصرفوا بالإنصاف، وأن يهتموا بالعدل والإنصاف بين المؤهلين من الرجال والنساء، والقوميات والديانات، فإذا خسر المسؤولون مصالحهم، خير من أن يخالفوا العدل والإنصاف.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: أشار القرآن الكريم في آية: “ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا” إلى وجوب مراعاة العدل والإنصاف مع العدو والمخالف، وأن لا تحمله العداوة مع شخص أو قوم على عدم العدل والإنصاف معه، فإذا راعينا تعاليم القرآن وسيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين في كل الأمور، ستحصل مرضاة الشعب.
على حكومة السيد بزشكيان أن تتخذ خطوات جادة في مجال العدالة والإنصاف
وأكد خطيب أهل السنة قائلا: نأمل أن تتخذ حكومة السيد بزشكيان خطوات جادة في مجال العدالة والإنصاف. لم تعد تفيد طريقة غير تطبيق العدل، ولن تحل أي مشكلة بالضغوط والعنف والسجن والإعدام، بل تزداد حالات الكراهية والغضب، وإن العدالة والسياسات الصحيحة والشاملة التي تشمل حقوق الشعب كلها من شأنها أن تكون مؤثرة.
عليكم بالتعليم والتدين والاقتصاد السليم
ووجّه فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأخير من كلمته، نصيحة لعامّة الشعب، قائلا: نصيحتي لكم أن تهتموا بالتعليم والسعي لتعلم العلوم الدينية والعصرية أولا. ثم اهتموا بـالتدين، فإذا وجد التدين والتقوى وحب الدين في حياة الشعب وكان الشعب متدينين وورعين، فسيعيشون حياة مريحة مطمئنة، فلنتوكل على الله في كل الأحوال ونطيع أوامره.
وأضاف قائلا: النقطة الثالثة التي أؤكد عليها هي الاقتصاد السليم، وفي هذا السياق، يجب على الحكومة أن تسعى في زيادة سيولة البلد من خلال التخطيط وتغيير للسياسات الماضية، وعليكم أيها الشعب أن تبحثوا عن مهنة سليمة وتكسبوا رزقاً حلالاً. أكل الحرام والرشوة والربا وغيرها تقود المجتمع نحو الدمار والخراب، ولا بد من تجنب هذه المعاصي.
تعليقات