اعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة، في خطبة الجمعة (2 ربيع الأول 1446) في مدينة “سوران” في محافظة سيستان وبلوشستان، الثروة والغنى، والمنصب، والصحة والعافية، من النعم التي يبتلي الله الإنسان بها، مؤكدا على أن الإنسان يجب أن يغتنم هذه النعم وفرصة الحياة في الدنيا لبناء الآخرة والوصول إلى الجنة.
وأضاف قائلا: إن الله تعالى جعل الدنيا دار ابتلاء وامتحان، والله تعالى هو خالق الخير والشر، وهو يختبر ويمتحن الناس بالخير والشر وبالحسنات والسيئات. إن فلسفة وجود أفعال هي معصية وكذلك أفعال هي طاعة وعبادة، هي أن الإنسان يُختبر بها، وصرح القرآن الكريم في آيتَي “وبلوناهم بالحسنات والسيئات” و”نبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون” بهذه الحقيقة.
وتابع قائلا: إن الله تعالى يبتلي أناسا بالأموال والثروات لينظر هل يشكرون الرب أم لا، ويختبر بعض الأشخاص بمشكلات ومشاق في الحياة لمعرفة ما إذا كانوا يصبرون عليها أم لا، ويبتلي آخرين بالنعم ليرى هل يقعون في الغفلة أم لا؛ يريد الله تعالى أن يختبر إيماننا وصبرنا مع هذه المصاعب.
وأضاف مدير دار العلوم زاهدان: إنّ الله تعالى خلق الدنيا للإنسان، وعلينا أن نستخدمها بالشكل الصحيح والأمثل لمصلحة الآخرة، فإذا تم استخدام أموال الدنيا وثروتها بشكل صحيح، يمكن للمرء بهذا المال والثروة أن يؤدي أفضل أنواع العبادات، ويبني الآخرة، ويشتري الجنة، بشرط ألا تستخدم هذه الثروة في طريق الفساد والإثم والظلم.
وتابع قائلا: في بعض الأحيان يختبر الله تعالى الإنسان بمنصبه ووظيفته ليرى هل هذا الشخص يجلب الخير والنفع للناس أم يضرهم. الضابط الذي في يده سلاح يختبره الله تعالى في سلوكه؛ هل يوجه هذا السلاح نحو العدو وقاطع الطريق والذي يرتكب الظلم، أم يستهدف بهذا السلاح ناقل الوقود أو العامل.
وأضاف: إن الذين يتولون مسؤوليات عليا مثل الرئاسة يختبرهم الله تعالى أيضًا، فإن الله تعالى ينظر إلى سلوك جميع المسؤولين والعلماء والوجهاء وجميع البشر، فكل هذه المناصب هي نعم الرب تبارك وتعالى ويختبر الله الإنسان بهذه النعم.
واستطرد: إن الله تعالى يحب العباد الذين يتجنبون المنكرات ويعبدون الله، وكذلك يمنعون الآخرين من المنكرات وينشرون المعروف في المجتمع. إن الله تعالى يحب العباد الذين يرحمون العباد، ويشفقون عليهم في الدنيا والآخرة، والله تعالى يحب من يعلم غيره العلوم الدينية والعصرية.
“الجنة” و”النار” نتائج أعمال الإنسان في الدنيا
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: في الواقع، أحداث الدنيا وحياة الدنيا نماذج من الجنة والنار، فإن الطمأنينة والجنة لكل إنسان هي خيرات عمله في الدنيا وما يتحمله من مشاق وصعوبات في سبيل الله تعالى. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث: «حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره»، إن الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، ومراعاة حقوق الله وحقوق الناس، والحفاظ على حرمة وكرامة جميع البشر، أمور صعبة على النفس البشرية، ولكن تحمل هذه المشاق والصعوبات يدخل الإنسان الجنة، وفي نفس الوقت هناك متعة في تحمل هذه المشاق؛ لأنها عبادة وطاعة لله تعالى، والإنسان الذي صلحت نفسه يستمتع بهذه العبادات، وضميره مرتاح أنه عبد الله.
وأضاف: من تحمل في الدنيا المشاق والمصاعب سيفتح الله عليه أبواب الجنة يوم القيامة، ويبدّل ما تحمله من مشاق في الدنيا إلى راحة له ومرضاة الله عنه في الآخرة، أما الذين وقعوا في الإثم والعدوان في الحياة الدنيا ولم يلتزموا بتعاليم الدين وقيوده، وفعلوا ما اشتهت قلوبهم، واستمتعوا من هذه الطرق، فعندما يحضرون يوم القيامة أمام الرب، فإنه تعالى سوف يلقي هؤلاء الناس مع الشيطان في جهنم ويعذبهم أشد العقوبات، والجحيم هو في الواقع نتيجة لأعمال الإنسان في الدنيا.
على العلماء أن يكونوا مع الشعب
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأخير من كلمته في خطبة الجمعة بسوران: أيها الشعب الأعزاء! إياكم والغفلة، كونوا مستيقظين؛ فمن ينتفع بالنعم ولا يرى الله، فهو كالنائم، لأنه لو كان يقظا حقا لرأى الله بقلبه، وعلم أن الله هو الذي أنعم عليه بهذه النعم.
وأضاف: أيها الناس، كونوا مع الله وعيشوا من أجل الله، وكونوا عادلين، وسيروا على طريق الحق، وكونوا مع الحق؛ وقد أمر الله تعالى بذلك فقال: “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين”، عاهدوا أن تكونوا صادقين وألا تكذبوا أبدًا. للأسف قل الصدق في المجتمع الذي نعيش فيه اليوم وكثر الكذب والافتراء.
واستطرد رئيس منظمة اتحاد المدارس الدينية لأهل السنة في محافظة سيستان وبلوشستان: نصيحتي للأخوات أن يلتزمن بتعاليم الدين ويعتنين بأولادهن، لأن تربية الأبناء في الغالب مع الأمهات، وينبغي أن تكون أجواء البيت دينية ويكون فيها تعليم القرآن والصلاة، فعلموا أولادكم العلم والمعرفة، ويجب على العلماء أيضًا أن يعيشوا من أجل الله وأن يكونوا مع الناس وبجانبهم، لأن هذا يسبب التدين في المجتمع والحفاظ على دين الناس.
تعليقات