أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (18 صفر 1446) إلى احتجاج فئات مختلفة من الشعب الإيراني وخاصة الممرضات، على الوضع الاقتصادي والمعيشي، معتبرا واجب الحكومة في حل المشكلات الاقتصادية والسياسية الحالية للبلاد ثقيلا جداً.
وأضاف قائلا: هناك مشكلات في بلادنا، ويحتج بسببها الممرضون والعمال والمتقاعدون والمعلمون وفئات مختلفة، وأصبحت الحياة صعبة على مختلف فئات الشعب، وتعقدت الحياة على جماهير الشعب، والبعض الذين لا يحتجون، ليس أنهم بلا مشكلات، بل لا يحتجون خوفا من الاعتقال.
وأشار فضيلة الشيخ إلى مشكلات الممرضين بصفة خاصة وتابع قائلا: الممرّضون يقفون بجانب الشعب في أصعب المواقف، ولا ينعمون بالهدوء في المستشفيات، ويتحمّلون المشقة أثناء خدمة المرضى، والممرضون يقدمون حقًا خدمات رائعة للبلد وخدماتهم قيمة للغاية، وفي أيام كورونا حيث هرب الناس من المساجد وأغلقت أبواب المسجد الحرام والمسجد النبي، لكن الأطباء والممرضين لم يهربوا من المستشفيات وبقوا مع المرضى وقدموا خدمات.
وقال خطيب أهل السنّة في زاهدان: والآن يحتجّ الممرضون على رواتبهم، لأن هذا المبلغ لا يكفي لمعيشتهم، فالتضخّم مرتفع للغاية، ولا يمكن للممرضين أن يعيشوا براتب عشرة أو خمسة عشر مليون تومان. في الماضي كان الممرضون يعيشون براتب مليونين وثلاثة ملايين تومان، في ذلك الوقت كانت ثلاثة ملايين تومان تساوي ثلاثة آلاف دولار، أما الآن فاثني عشر مليون تومان يعادل مائتي دولار، فمن يستطيع أن يعيش على مائتي دولار؟! والحقيقة أن احتجاج العديد من الممرضين على تأخر رواتبهم وعدم دفعها في الوقت المحدد، هي مأساة كبيرة أخرى.
كان على إيران أن تنافس البلاد الأوروبية
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: فقدت عملة البلاد قيمتها، وأصبحت الحياة صعبة على الشعب وأصبحت حياة البعض تنهار، والعمال يصرخون أيضا بسبب مشكلاتهم. لماذا لم يصرخ هؤلاء العمال في الماضي؟ لم يكن هناك انتحار في الماضي. في الماضي لم نسمع أن الممرضين والأطباء ينتحرون، لكنهم اليوم ينتحرون.
وأضاف: نسمع أن بعض المعلمين أيضاً يتجهون نحو حرف ومهن أخرى، لأنّ رواتبهم لا تكفي، فكيف للتعليم والجامعات أن تعلم أبناء الشعب، وتنافس دول الجوار ودول العالم الكبرى بهذا الوضع وبهذا الموقف من المعلمين؟! إيران بلد يجب أن تنافس البلدان الأوروبية اليوم، لأنّها تتمتع بثقافة وحضارة عريقة.
على المسؤولين وأعضاء البرلمان زيارة السجون والتحدث مع السجناء السياسيين
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد: هناك العديد من السجناء السياسيين لم يرتكبوا أي جريمة إلا أنهم انتقدوا حالة البلاد، فيجب التحدث إلى هؤلاء الأشخاص، وعلى مسؤولي النظام ورئيس الجمهورية والبرلمانيين زيارة السجناء السياسيين في السجون والتحدث معهم.
وأضاف قائلا: على المسؤولين زيارة السجون ومراكز الاحتجاز؛ فالسجناء لديهم شكاوى، ويجب الاستماع إلى شكاواهم حتى لا تضيع حقوق أحد في المعتقلات والسجون، ولا يتعرض أحد للصفع والإهانة ظلما؛ هذا هو العدل وهذا ما يريده الإسلام.
لا يمكن أن نحافظ على “الحق” بـ”الظلم”
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لا يمكن أن نحمي “الحق” بـ”الظلم”، ولكن الحق يحفظ بالحق، ويتم الحفاظ على الدين بالعدل والانصاف والصدق والأمانة، والدين اختياري في حياة الشعوب، ومن لا يريد أن يعتنق الدين فلا نستطيع أن نجبره، لقد أعطى الله تعالى العباد الاختيار.
وأضاف فضيلته: لا داعي للّجوء إلى الأكاذيب والأباطيل والخرافات وغيرها من الطرق لنشر الدين، بل يمكن عرض الدين على الناس بالإقناع والتشجيع والإثبات والعقل والاحترام.
مسؤولية القيادة والحكومة في الوضع الحالي للبلاد ثقيلة جدا
واستطرد خطيب أهل السنة قائلا: يمر الشعب الإيراني اليوم بأصعب الظروف، ومسؤولية دولة بزشكيان والقيادة بأكملها والمسؤولين في هذا المجال ثقيلة للغاية، ولحل هذه المشكلات لا بد من البحث عن حلول جدية.
وأضاف فضيلته قائلا: ما لم يتم تغيير السياسات الداخلية وتنفيذ العدالة باعتبارها المطلب الرئيسي للشّعب الإيراني، وما لم تضمن حرية التعبير والقلم والحريات السياسية والأنشطة السياسية، لن يكون من الممكن حل المشكلات.
من أجل تحسين اقتصاد البلاد، يجب علينا إقامة العلاقات مع الدول المتقدمة
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: على حكومة السيد بزشكيان التي تمت الموافقة على حكومتها وباشرت عملها، أن تهتم بالسياسات الخارجية إضافة إلى السياسات الداخلية، ومن أجل تحسين اقتصاد البلاد، يجب علينا إقامة علاقات مع الدول المتقدّمة بالإضافة إلى العلاقات مع الدول التي تعاني من مشكلات اقتصادية، وإن علاقاتنا مع العالم أجمع يجب أن تكون جيدة وقائمة على الاحترام المتبادل.
وأضاف فضيلته قائلا: السياسات الداخلية والخارجية لها تأثير كبير على الاقتصاد وهي مرتبطة ببعضها البعض، وما لم يتم تغيير وتعديل هذه السياسات، فلو جمعنا أعظم المديرين والاقتصاديين في العالم، لن يتمكنوا من تنظيم اقتصاد البلاد.
ليس للحكومات التدخل في كافة شؤون حياة الشعب
وتابع خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: مسؤولية ثقيلة أخرى لبزشكيان هي إحياء الرقابة على الإدارات والأجهزة وهيكل الدولة، فهناك العديد من الدوائر صارت تعمل مستقلة وتهجم على المصليات وتمنع المواطنين من الصلاة، أو تعكر صفو أعمال الناس، وهناك الكثير ممن يعتبرون أنفسهم في السلطة ممثلين عن الشخص الأول في البلاد، لكنهم يفعلون ما يريدون، ولا يتقيدون بأي قانون أو حرمة واحترام، ويمارسون السلطة والقوة.
وتابع فضيلتُه قائلا: التدخّل في الحياة الشخصية للمواطنين حرام ومخالف للقانون. لماذا لا يطبق القانون؟! لا يُمنح هذا الإذن في أي قانون أو في أي بلد لأي شخص بالدخول إلى سكن المواطنين، وهناك شكاوي حول تفتيش الحسابات المصرفية للمواطنين بسبب الانتقاد وإيقاف جميع الخدمات لهؤلاء الأشخاص بهدف جعلهم في مأزق! الحكومة لها نطاق عمل ووجهتها الخاصة، وليس من حق الحكومات التدخل في كافة شؤون حياة الشعب.
لماذا لا يتم إيقاف الضابط الذي يطلق النار عشوائيا؟!
وانتقد خطيب أهل السنة إطلاق الضباط النار على الأبرياء، وقال: أحيانًا نسمع عن إطلاق النار على امرأة وقتلها، أو عن إطلاق النار على فتاة أو العديد من الشباب وإصابتهم. لماذا لا يتم إيقاف هؤلاء الضباط الذين يطلقون النار بحرية هكذا؟!
أمام السيد بزشكيان طريق صعب
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: في رأينا أن الدكتور بزشكيان أمامه طريق صعب، ولا يمكن السير في هذا الطريق وحل المشكلات دون سياسات صحيحة ودون التضحية ومرافقة الشعب وأركان النظام.
وأضاف قائلا: نأمل أن يتمكّن السيد بزشكيان الذي دخل هذا الطريق الصعب في ظل هذه الظروف وحصل على جلب أصوات الشعب، من إزالة المشكلات الاقتصادية والسياسية للشعب، وأن يمنع التدخلات والمضايقات غير الضرورية التي يعاني منها الشعب.
لندعو من أجل متضرري زلزال مدينة نيكشهر
وأشار خطيب أهل السنة في ختام كلمته إلى الزلزال الأخير الذي ضرب مدينة نيكشهر وقال: مناطق “أبجاه” و”بنت” في مدينة نيكشهر تشهد هزات منذ حوالي 20 يومًا وهذه الهزات تحدث يوميًا. إن هذه الهزات التي لم يذكر أي خبير حتى الآن أي سبب آخر لحدوثها، هي تحذير لنا جميعا، ويجب الاستغفار والدعاء بأن يرفع الله تعالى هذا البلاء عن أهل هذه المنطقة.
تعليقات