انتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنّة في مدينة زاهدان، في خطبه الجمعة (11 صفر 1446)، عدم وجود أهل السنة، ووجود امرأة واحدة فقط في الوزراء الذين اقترحهم الرئيس مسعود بزشكيان.
وتابع فضيلته قائلا: شطر كبير من الشعب الإيراني ممن صوتوا في الانتخابات، قلقون هذه الأيام، فإن ما كان مؤثراً حقاً في الانتخابات ودفع الشعب إلى صناديق الاقتراع، هي الكلمات الجيدة التي ألقاها السيد بزشكيان في خطاباته ومناظراته، والتي أشار فيها إلى الكثير من الحقائق عن آلام الشعب والتمييز في البلاد.
وأضاف: لقد مضى حوالي 45 عامًا ويعاني القوميات والمذاهب والنساء والعلماء وعامة الشعب، وحينما وعد السيد بزشكيان بتشكيل حكومة “الوفاق الوطني”، بدّل اليأس إلى الأمل لدى الجميع بكلامه.
دولة “الوفاق الوطني” هي التي يكون فيها أهل السنّة والنساء
وصرّح فضيلته قائلا: إن نصف الشعب الإيراني لم يصوتوا، وقالوا: لا يُسمَح لبزشكيان بتنفيذ تلك البرامج التي وعد بها حتى لو أراد، والآن بعد أن اختارت الحكومة الوزراء، يشعر الناس بالقلق من عدم الوفاء بالوعود التي قطعها الرئيس باقتراح هؤلاء الوزراء.
وأضاف قائلا: هذه الدولة ليست دولة “الوفاق الوطني”، لأن معنى الوفاق الوطني أن تكون النساء وأهل السنة في الحكومة، ويجب أن يكون المؤهلون والكفاءات حاضرين في الدولة.
في الخطوة الأولى من الدولة الرابعة عشر لم تتحقق توقعات الشعب
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: لم تتحقق توقعات الشعب في الخطوة الأولى من هذه الدولة، والكثير ممن شاركوا في الانتخابات، يشعرون بالقلق. أهل السنة والنساء لم تكن لهم مكانة في هذه السنوات الـ 45 بعد الثورة، وقد مضى هناك 300 وزير في حكومات مختلفة ولم تكن فيهم إلا امرأة واحدة فقط، والآن تم ترشيح امرأة واحدة فقط، في حين أن النساء يشكلن نصف سكان إيران، وكان يتوقع أن تكون لدينا عدد من الوزيرات.
واستطرد قائلا: من بين أكثر من 300 وزيرا مضوا في دول مختلفة حتى الآن، لم يكن هناك وزير واحد من أهل السنة، بينما أهل السنة جميعاً من الشعب الإيراني الأصيل، وقد ضحوا في كل الحروب على حدود البلاد، ولقد تعاونوا في الحفاظ على سيادة البلاد، واحترموا الوحدة الوطنية، في حين أن هناك العديد من الأشخاص المؤهلين الجديرين في أهل السنّة.
يتوقّع الشعب من السيد بزشكيان “الاستقالة” إذا لم يتمكن من الوفاء بوعوده كما وعد
وأكّد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: السيّد بزشكيان طلب فرصة من الشعب الإيراني، ولذلك نأمل أن يتمكن من الوفاء بالوعود التي قطعها؛ وهذا لصالح الحكومة وأيضًا لصالح بزشكيان نفسه.
وأضاف قائلا: على بزشكيان أن يبحث عن تغييرات؛ لأن الشعب صوّت لصالح إحداث تغييرات، والشعب الإيراني لن يوافق على أي شيء آخر غير إحداث تغييرات على المستوى الرفيع، وتغييرات في وجهات النظر.
وأشار خطيب أهل السنّة قائلا: خلال الانتخابات أعلن الرئيس بزشكيان في وسائل الإعلام أنه سينفذ الوعود التي قطعها في هذه الحكومة، وإذا لم يتمكن من الوفاء بوعوده فسوف يستقيل، ولطالما اشتكيت من عدم وجود سابقة في الجمهورية الإسلامية يستقيل فيها رئيس أو وزير أو مسؤول بسبب التقصير في أداء مهامه، ومؤخراً انسحب رئيس وزراء اليابان بسبب مسألة تافهة لم يتمكن من إكمالها، ونرجو أن يكون في تاريخ الجمهورية الإسلامية على الأقل هناك رئيس استقال من منصبه بسبب عجزه أو عدم الإذن له بالعمل.
يجب أن تكون الرؤية وطنية، والرؤى القومية والطائفية تثير مشكلات
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: فضلا عن الحكومة حتى رؤساء المحافظات لم يكونوا من أهل السنة عبر تاريخ الجمهورية الإسلامية، إلا في فترة قصيرة في بداية الثورة كان محافظ سيستان وبلوشستان من أهل السنة، ونصيب أهل السنة في المناصب العامة وفي المحافظات قليل جدًا.
وأكد قائلا: البعض يقول إنك تطالب بالزيادة، ولكن هذا ليست مطالبة بالزيادة، ومن حق جميع الطوائف أن تكون لها حقوق، وإحدى هذه الطوائف هي أهل السنة، وحرمانهم من حقوقهم تمييز، ولا ينبغي أن يكون كذلك. عندما تكون وجهة النظر قومية وطائفية، فإنها تثير مشكلات؛ فيجب أن تكون الرؤية وطنية.
الأولوية في مطالباتي هي القضايا الوطنية
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: الأولوية في مطالبي هي القضايا الوطنية؛ نحن لا نرتاح جيدًا على الإطلاق، حينما الممرضون الذين يجتهدون في المستشفيات يعانون مشكلات. هؤلاء يعترضون ويشعرون بالقلق لأن رواتبهم ليست كفافا أو لم تدفع رواتبهم لعدة أشهر، لذلك فهم يتعرضون لضغوط شديدة، هكذا العمال والمتقاعدون والمدرسون الذين يعانون من مشكلات كثيرة.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إن هذا الوضع يحتاج إلى تفكير أساسي، ويجب التخطيط بجدية لجميع طبقات المجتمع وليس لطبقة واحدة فقط، وإذا كان هناك أي اعتراض واحتجاج، فهذا لا يعني أنه هو وحده المتورط في هذه الصعوبات والمشكلات، بل هذا ابتلاء عام يشمل جميع الطبقات والفئات، فمشكلات الشّعب الإيراني هي مشكلاتنا جميعا، ونأمل أن يتم اهتمام خاص بالشعب الإيراني، وأن تحل جميع المشكلات بشكل كامل.
على الحكومة الباكستانية التعامل مع الاحتجاجات السلمية لشعب بلوشستان
وخاطب فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من كلمته الحكومة الباكستانية وقال: في الآونة الأخيرة تم تنظيم تجمعات عامة في ميناء “جوادر” وبعض مدن بلوشستان الشرقية. نصيحتي لحكومة باكستان هي أن تعتني بالاحتجاجات السلمية للشعب، وهذه التجمعات والمطالب سلمية ومطالبها لا يمكن إنكارها.
وصرح فضيلته قائلا: أقيمت التجمعات والاعتصامات للشعب بشكل سلمي وبعيدا عن العنف، وأرى هذا فرصة لباكستان، وينبغي للمسؤولين الباكستانيين أن يولوا اهتماما خاصا لمطالب الشعب، من خلال الجلوس إلى طاولة المفاوضات، والنظر في المطالب المهمة للشعب وحلها، بما في ذلك قضية المفقودين، وينبغي إيلاء الاهتمام لهذه القضية وغيرها من المشكلات في مجال البنى التحتية التي يشير إليها الشعب.
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: في العالم المعاصر وفي الدول الديمقراطية والحرة، تقام المسيرات السلمية يوميًا؛ وفي هذه الحالة لا يُقتل أحد، ولا يُرى شر، ولا يُحرق أي متجر، ولا يُضرم النار في أي شيء، كما يتفاوض المسؤولون مع المتظاهرين ويحلون المشكلات، وهذا يساهم أيضًا في تعزيز الأمن.
منع جرائم القتل واجب على الجميع
وفي الجزء الأخير من كلمته خلال خطبة الجمعة في زاهدان، انتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد بشدة من “تزايد جرائم القتل بغير حق” في المجتمع، وأبدى قلقه تجاه هذا، وأضاف قائلا: إن تزايد جرائم القتل في المجتمع يعني زيادة الغفلة عن الله تعالى، ولقد حذر القرآن الكريم من القتل بغير حق، حيث قال تعالى: “ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما”. لا فرق بين أن يكون هذا القتل الظالم صدر من جانب الحكومة أو من قبل بعض عامّة الناس.
وشدد فضيلته على ضرورة منع القتل بغير حق، وقال: إنّ منع القتل بغير حق ليس واجب العلماء فقط، بل هو واجب الجميع، رجالاً ونساءً، وأولياء أمور، وشيوخاً. لا بد من أن نحمي الشباب الأعزاء الذين هم أمل مستقبلنا، ونقدم النصائح لهم ونحذرهم من تبعات هذه التصرفات، ونمنع عمليات القتل بغير حق.
وأضاف قائلا: يجب أن نحذر الشباب من أن من يرتكب جريمة قتل ظلما سيعاقب، وبطبيعة الحال، يجب أن يتم هذا القصاص على يد السلطات القضائية، كما أنه إذا قُتل والد القاتل أو أخوه أو طفل أو أحد أقاربه فهذا أمر قبيح للغاية، وفي الحقيقة لقد حدثت جريمتا قتل ظلما، والقاتلان كلاهما يتعرضان لغضب الله ولعنته.
ينبغي للقوات المسلحة أن تكون حريصة على عدم إطلاق النار على الأبرياء
وتابع خطيب أهل السنّة: يجب على القوات المسلحة أيضًا أن تحرص على عدم إطلاق النار على المواطنين دون داع، فالمواطنون يسافرون على الطرقات، وينبغي أن يكون التدريب في القوات المسلحة قوياً بحيث لا يطلقوا النار على الأبرياء أو بمجرد الاشتباه في شخص أو مركبه، كما حدث مرات عديدة عندما اشتبهت لهم سيارة وأطلقوا النار وقتلوا شخصًا أو أشخاصًا وتبين فيما بعد أن هؤلاء الأشخاص أبرياء، فإذا اشتبهوا في سيارة وكان الخطر واضحا، فما عليهم سوى إطلاق النار على إطار السيارة.
وأضاف: في مثل هذه الحالات ليس الضابط الذي يطلق النار مذنباً ومجرما فحسب، بل يجب أن يحاسب الشخص المسؤول أيضاً، ولا يكفي أن يقول إنه غير راضٍ عن هذا العمل. يجب علينا جميعا أن نشعر بالمسؤولية عن حدوث عمليات القتل غير المشروعة ونقوم بواجبنا.
تعليقات