أكد فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (14 ذي الحجة 1445) على ضرورة تغيير السياسات السابقة.
وقال فضيلته: الإسلام يؤكد على الحرية، ودين الإسلام قريب جداً من الديمقراطية، ويجب أن يكون الشعب قادرين على اختيار رئيسهم كما هو الحال في العديد من البلدان الحرّة، فلا بد من إعادة النظر في الأساليب السابقة، ولا بد من أن يؤخذ في الاعتبار جميع القوميات والمذاهب والاتجاهات.
وأضاف: كانت سيرة الأنبياء أنهم لم يكونوا يصرون على الزلات، وحيثما كانت زلة أصلحوها، ومن واجب الحكومات الاهتمام بمطالب المؤيدين والمعارضين ورفاهية الوطن، وأن تكون مع الشعب وتتشاور مع المعارضين، وتستمع لأصواتهم، فلا يوجد فكر وسياسة أسمى وأفضل وأنجح من اكتساب مرضاة الله والشعب.
وتابع فضيلته مشيرا إلى أن الحكومة ذات اتجاه واحد ومجلس ذات التوجه الموحد لا يفيدان: سعى البعض لجعل اتجاه مجلس الشورى موحدا مع الدولة، بحجة أنه سيكون هناك ضجيج أقل وجدالات أقل في المجلس وأن المجلس سيكون متناغما مع الدولة، لكن أثبتت التجربة أن المجلس ذا الاتجاه الواحد لا يفيد.
وأكد خطيب أهل السنة قائلا: ينجح المجلس إذا كان متنوعا ومتعددا، ويمثل كل الأفكار والأطياف والقوميات، والمجلس كما يوحي اسمه، هو مجلس استشاري وتشريعي، فعندما تتم دراسة الإيجابيات والسلبيات وتطرح الآراء والاحتياجات، ويحضر ممثلو الطبقات المختلفة، ينتخب الرأي الأفضل ويجري إقرار القانون الأفضل ويقع موقع القبول من جميع المجموعات القومية والطوائف والاتجاهات.
وأضاف: هكذا يجب أن تمثل الدولة جميع العرقيات والاتجاهات، ويجب أن تمثل هيئة الدولة التي هي مكان التشاور واتخاذ القرار، جميع أطياف المجتمع، فالدولة الأفضل والأنجح هي التي تمثّل الوطن كله، والشعب سوف يحب مثل هذه الحكومة أكثر.
إيران وطن جميع القوميات والمذاهب والاتجاهات
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى أن إيران بلد متعدد القوميات والمذاهب، وهناك عدد قليل من البلدان في العالم يتمتع بما تتمتع إيران من التنوعات القومية والدينية، وأضاف قائلا: إيران ملك للجميع رجالا ونساءا، ووطن لجميع المذاهب والقوميات والاتجاهات، ولا تنجح في إيران إلا دولة شاملة لجميع القوميات والمذاهب؛ دولة تمثّل الجميع.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد: عندما انتخب محمد مرسي رئيسا لمصر باعتباره إسلاميا، كتبت له رسالة وذكرت في هذه الرسالة أن يراعي المسار التدريجي للإسلام في مصر، ولا يشدد، ويحاول أن يتعامل مع الشعب بلين ورفق، ونصحته باستخدام المتدينين والعلمانيين ومختلف الاتجاهات في الحكومة، وأن يشكل حكومة شاملة حتى لا يجد الأعداء فرصة للاستغلال السيء.
وأضاف فضيلته قائلا: دائما خاطبت المسؤولين في إيران بأنّ التطهير السياسي كان من أكبر الأخطاء، وهذه الفكرة طرحها أناس عديمي الخبرة بأن يتم توظيف من هم من طيف معين، ويتم تجاهل جميع القوميات والمذاهب والتوجهات المختلفة الأخرى.
وقال خطيب أهل السنّة في زاهدان: نصيحتي الناشئة عن إرادة الخير للمسؤولين أن توحيد المجلس والدولة خطوة فاشلة، ولن تجيب في إيران إلا دولة تمثل النساء والقوميات والمذاهب، كما أن المجلس لن يكون ناجحاً إلا إذا تم فيه تمثيل كافة الطبقات والاتجاهات، وسنّة الله تعالى في حكم العالم هي التنوع والتعدد. لقد سبق أن قلت إن المجلس لا يمثل الحكومة بل يمثل الشعب، وعلى الشعب أن يختار ممثليه بحرية، ورئيس الجمهورية أيضا ممثل الشعب.
لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرّتين
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأول من كلمته في خطبة الجمعة بزاهدان إلى “سعة الأفق” كإحدى صفات المؤمنين، وقال: من صفات المؤمن وخصائصه التي تأتي مع نعمة الإيمان، أنه لا ينظر فقط أمام قدميه، بل المؤمن ذو أفق بعيد، ومن صفات المؤمن أنه يحاسب نفسه دائمًا.
وأضاف: وهذه علامة بصيرة المؤمن حيث يفكر ويجتهد في صلاح الدنيا وصلاح الآخرة لنفسه ولغيره، فالمؤمن لا ينسى بأي حال من الأحوال البعث والحشر أمام الله تعالى، وهو دائم التفكير والقلق بشأن هذه القضية، ويحرص على عدم إضاعة حقوق الله وحقوق العباد.
وتابع فضيلته: إن المؤمن دائماً حكيم ويقظ، ولا يستعجل في اتخاذ القرارات في القضايا، بل يحلل القضايا ويتخذ القرارات بعد التفكير والمشورة والبصيرة.
وأضاف: ومن صفات المؤمن أنه لا يلدغ من جحر واحد مرتين، فإذا لدغ من موضع مرة واحدة، فإنه يتجنب الاقتراب منه إلى الأبد.
واستطرد خطيب أهل السنة قائلا: كان الأنبياء عليهم السلام بعيدي النظر، وينبغي للمؤمن أن يراجع أفكاره وسياساته دائما، وينبغي أن يكون هناك دائما دافع في المؤمن لقبول الحق، وينبغي له أن يرى ما هو الصواب وما هو الأفضل من الطرق، ويختار الطريق الذي يؤدي إلى نتيجة أفضل.
تعليقات