أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان، في خطبة الجمعة (29 ذي القعدة 1445)، إلى تسجيل المرشحين للدورة الرابعة عشرة للانتخابات الرئاسية، متسائلا حول صلاحيات رئيس الجمهورية: ماذا يظن هؤلاء الذين أتوا إلى الميدان، هل يستطيعون تحسين الاقتصاد؟ هل يمكنهم تطبيق المساواة؟ إن كانوا لا يقدرون على ذلك، عليهم أن يفكروا في الأمر قبل الموافقة على صلاحيتهم أو رفضها.
وأضاف فضيلته قائلا: نسمع في وسائل الإعلام أنّ عدداً كبيراً من الأشخاص رشّحوا أنفسهم لرئاسة الجمهورية، فهل يعلم هؤلاء أين وصلت البلاد أم لا؟ فهل لديهم خطة لحل هذه المشكلات؟ فالذي يتحمّل مسؤولية يجب أن ننظر فيه كم فكر حول هذه المسؤولية.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى الأوضاع الراهنة في البلاد قائلا: البلاد تواجه أكبر أزمة وهي أزمة الفساد المالي والاقتصادي، ولا نعلم أن الشعب الإيراني واجه مثل هذه المشكلات طوال تاريخ إيران، وأن تفقد عملتهم قيمتها وتصير من أكثر العملات عديمة القيمة في العالم، رغم هذه الموارد الهائلة التي هي ملك الشعب الإيراني، والعالم أجمع بحاجة إليها، لماذا وصل الأمر إلى هنا؟!
وأضاف: إيران تعتبر من البلاد الغنية بالموارد في العالم، لكن مع الأسف عملة جميع البلدان الفقيرة هي أكثر قيمة من عملتنا، ولم تتمكن الحكومة الثالثة عشرة والسابقة من السيطرة على التضخّم، ولم تتمكن من فعل أي شيء، وعلى الرغم من أنهم وعدوا خلال الانتخابات بتحسين معيشة الناس واقتصادهم، إلا أنهم لم يتمكنوا من فعل أي شيء، بحيث تزايدت حالات الإفلاس والانتحار كثيراً في البلاد، وعندما يأتي الفقر يأتي معه الفساد، والفقر وقلة التقوى سبب جزء كبير من الفساد.
رئيس الجمهورية لا يتمتع بالصلاحيات الكافية لضمان الحرية والعدالة
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى توقعات الشعب الإيراني من الرئيس القادم قائلا: هل الشخص الذي يريد أن يصبح رئيساً لديه خطة معقولة لتحقيق توقعات الشعب؟ هل يستطيع أن يفعل شيئاً حيال ذلك، أم أنه يعطي مجرد وعود مثل الماضي ولا يستطيع فعل أي شيء؟ الشعب الإيراني يشكو من التمييز، والذي يتحمل مثل هذه المسؤولية الثقيلة، هل يستطيع إزالة التمييز عن الشعب الإيراني؟ هل يتم منح هؤلاء الأشخاص السلطة لفعل شيء ما؟
وتابع فضيلته قائلا: يجب على الرئيس القادم أن يعرف ما يطالبه الشعب الإيراني، فالشعب الإيراني لا ينتمي إلى أي بلد أجنبي، وإن احتجوا واعترضوا لم يكن ذلك بسبب التمرد ولكن بسبب وجود مشكلات، والشعب يريد الحرية، فهل فكّر الرئيس القادم في مدى قدرته على توفير الحرية وتحقيق العدالة وإزالة التمييزات القومية والطائفية؟ هل يستطيع التركيز على مبدأ الأهلية وتوظيف الكفاءات من المواطنين داخل البلاد وخارجها، من مختلف المجموعات العرقية والدينية؟ نحن لم نشاهد التوظيف حسب الكفاءات في إيران إلا قليلا جدًا، ولقد تولت المناصب مجموعة من غير الأكفاء.
وأضاف: ماذا يظن هؤلاء الذين أتوا إلى الميدان أنهم يستطيعون تحسين الاقتصاد؟ وهل يمكنهم تطبيق المساواة؟ فإن كانوا لا يقدرون على ذلك، عليهم أن يفكروا في ذلك قبل الموافقة على صلاحيتهم أو رفضها؟
يعتقد الشعب أن هؤلاء المرشحين غير قادرين على فعل شيء لهم
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد مشيرا إلى أن يأس الشعب من المشاركة في الانتخابات: الشعب فقدوا الأمل للأسف، ويعتقدون أن المرشحين لا يستطيعون فعل أي شيء؛ لأنهم في الماضي لم يفعلوا شيئا، ولقد صوّتنا في الماضي للإصلاحيين، لكنهم لم يستطيعوا إزالة التمييزات العالقة، ولم يستطيعوا تنفيذ ما هتفوا به في حملتهم الانتخابية، كما أنهم فشلوا في استخدام المؤهلين، وهؤلاء يتم التحكم بهم من مكان آخر ولا يستطيع الرئيس فعل أي شيء.
وأضاف قائلا: أذكر أنني ذهبت إلى وزير الخارجية في الدولة الـ12 وقلت أن لديكم 180 سفارة وقنصلية في العالم، فاختاروا 10 سفراء من السنّة، ويبقى سائر السفراء من الشيعة الذين عينتهم، فقال: إننا تشاورنا مع الرئيس وسنرسل خمسة سفراء، فأعطونا قائمة، قدمنا قائمة، لكن قال وزير الخارجية: نحن لا نملك كل الصلاحيات ونحن جانب واحد من القضية، فإذا وافقت الأطراف الأخرى على هذه القائمة، يمكننا ذلك، وإلا فليس هناك ما يمكننا القيام به. قلنا: عينوا خمسة أشخاص على الأقل. لكن في النهاية، عينوا شخصين أحدهما كان هناك من قبل، وهو قد تم إعفائه أيضًا لاحقًا.
لم نجد أي إرادة ممن صوتنا لهم في الماضي على حل المشكلات الوطنية والمذهبية / إذا لم يتمكن الرئيس القادم من حل المشكلات، فهذا مجرد تكرار للماضي
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان فيما يتعلق بدعم السنّة للمرشح الأصولي في الفترة السابقة: نحن لم نصوت ببساطة في هذه الدولة أيضاً. قلنا أننا لن نعطي الأصوات احتسابا وثوابا لأي شخص. أخبرني المحافظ في ذلك الوقت أن الإخوة الشيعة يصوتون احتسابا وثوابا، قلنا: إن لدينا مشكلات ولا نصوت من أجل الأجر والثواب؛ نصلي ونصوم لنحصل على الأجر، ولكن نحن نصوت لشخص يستطيع حل مشكلاتنا.
وأضاف قائلا: في الماضي أخذنا وعودنا من كل من صوتنا لهم من الإصلاحيين أو الأصوليين، أخذنا منهم الميثاق لإزالة التمييزات والمشكلات القومية والدينية، ولكن بعد ذلك لم نر أي عزم وإرادة منهم على حلها، وتبين أنهم لم يفعلوا أي شيء. في المرة الأخيرة التي صوتنا فيها، قال الأصوليون: إنكم صوتتم للإصلاحيين في كل مرة، وهذه المرة صوتوا للأصوليين لتروا ماذا سيفعلون. كما تم أخذ المواثيق والوعود فيما يتعلق بكافة القضايا الوطنية؛ لأن القضايا الوطنية هي الأولوية الأولى بالنسبة لنا، ونحن نفضل التعامل مع قضايا الشعب الإيراني برمته بدلا من القضايا المحلية والمذهبية، لكن لم يتم القيام بأي شيء ولم نر نجاحاً للمصلحة الوطنية، وخاصة قضية الاقتصاد والمعيشة. هذا هو رأينا ولم نحصل على أية نتائج من الوعود سوى المشكلات التي واجهناها.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إذا لم يتمكن الرئيس القادم من حل المشكلات، فلن يكون ذلك إلا تكرارا للماضي. ومن المهم أن يتمتع الرئيس بالصلاحيات وأن يتمكن من إجراء تغييرات في مجال تحقيق مرضاة الشعب.
وتابع: من يتولى إدارة البلاد يجب أن يعلم أن الشعب لن ترضى حتى تستعيد العملة قيمتها، فلو كانت العملة ذات قيمة، لما رأينا اليوم احتجاجات العمال والمعلمين والمتقاعدين، ولا بد من إعادة النظر في السياسات الداخلية والخارجية. ظروف البلاد أصبحت صعبة للغاية. وقد هرب العديد من النخب والمتخصصين من البلاد. إن الوطن والشعب هو المهم. الوطن يريد رئيساً يقطع كافة الأيدي من الموارد الوطنية وثرواته، وإذا لم يتمكن الرئيس القادم من القيام بهذه الأمور، فلن يتمكن من النجاح أبداً.
لا بد من إعادة النظر في حكم الإعدام الصادر بحق الشيخ محمد خضر نجاد
وأعرب فضيلة الشيخ عبد الحميد عن أسفه على تأييد المحكمة العليا لحكم الإعدام الصادر بحق الشيخ محمد خضر نجاد، من علماء السنة البارزين في كردستان، قائلا: تلقينا نبأ مؤسفا وهو أن الشيخ محمد خضر نجاد، أحد علماء كردستان البارزين والصالحين حكم عليه بالإعدام. نحن نأسف بشدة أن يُحكم على عالم تقي وصالح بالإعدام، ونتمنى أن يعيدوا النظر في هذا الحكم، نحن وشعب كردستان لا نعرف من هذا العالم إلا الخير.
وصرح فضيلته قائلا: أمل الشعب كله هو توفير أسباب الإفراج عن جميع العلماء المسجونين، نحن ننصح بكل خير وتعاطف أن لا يبقى سجين سياسي في السجن، فهؤلاء السجناء لصالح الوطن والشعب.
تعليقات