اليوم :9 October 2024

فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

البرلمان هو “بيت الشعب” وليس بيت الحكومة

البرلمان هو “بيت الشعب” وليس بيت الحكومة

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (6 ذو القعده 1444)، إلى الفلسفة الوجودية لمجلس النواب، مشددا على ضرورة “الاستقلال” و”الحرية” لنواب المجلس.
وقال فضيلته: يجري الحديث هذه الأيام في البلاد عن البرلمان وأعضاء مجلس النواب. نحن نطرح شكاوى الشعب وتوقعاتهم من نواب البرلمان. ما هي الفلسفة الوجودية للمجالس والبرلمانات في العالم؟ لا نتحدث عن الأنظمة الاستبدادية، بل نتحدث عن الأنظمة الديمقراطية التي يعتبر فيها البرلمان مركز تمثيل الشعب، والبرلمان يُعرف في بلادنا باسم “مجلس الشورى الإسلامي” و “بيت الشعب”، فالبرلمان ليس مركز الحكومة وبيتها، بل بيت الشعب.
وتابع فضيلته قائلا: الفلسفة الوجودية للبرلمان ونوابه ليست متابعة قضايا الكهرباء والمياه والطرق، وهذه ليست مهمات البرلمان والنواب إطلاقا، بل هي من واجبات الدولة. ولما أن الشعب لا يمكنهم الوصول إلى الوزير أحينا، فمن الجيد لو أن الممثل قام بمتابعة مثل هذه القضايا، لكن هذا ليس واجب الممثل وفلسفة وجود البرلمان. يجب على البرلمان الدفاع عن حقوق الشعب والإشراف على مسار الحكومة وتنفيذ الدستور وإقامة العدل وتوفير الحريات. يجب على النواب الإشراف على السياسات الداخلية والخارجية والنظر فيما إذا كان يتم تطبيق العدل والقانون في البلاد أم لا. الممثل ليس شخصا عاديا، بل يجب أن يكون الممثل شخصًا مثقفًا وصاحب رأي.

يواجه الشعب مشكلات، لماذا لا يرفع صوت مؤثر من مجلس النواب؟!
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إنه خطأ سياسي كبير أن نعتقد أنه يمكن إدارة البلد والبرلمان بتفكير واحد؛ البرلمان مكان للأفكار المتعددة والاتجاهات المختلفة، ويجب أن يكون في البرلمان من الأفكار ما تساوي عدد القوميات والأفكار في المجتمع. يجب أن يكون الممثل مستقلًا وحرًا، فالممثل غير المستقل لا خير فيه. تواجه البلاد العديد من المشكلات، لماذا لا يسمع صوت من النواب؟! كل هذه الإعدامات الواسعة النطاق التي تضر بالوطن والشعب، وكل هذا التمييز والظلم موجودان في البلاد، فلماذا لا يعلو صوت من بيت الشعب؟! إذا كان النائب غير مستقل لا يملك حرية، فلن تتحقق فلسفة البرلمان والتمثيل إذن.
وصرح فضيلته قائلا: الشعب فقدوا هدوئهم وراحتهم، وهناك مشكلات اقتصادية في البلاد. صار المعلمون والمتقاعدون والمؤظفون والعمال والنقابات والطبقات المختلفة يصرخون كل يوم، لكن لا يرفع صوت مؤثر من البرلمان. على النواب زيارة مراكز الاحتجاز لمعرفة ما يجري هناك، فالدستور يمنع التعذيب والاعتراف القسري، لذلك يجب على الممثل أن يراقب ما إذا كان يتم تطبيق القانون في مراكز الاحتجاز أم بعض الأشخاص يفعلون ما يريدون. النسوة اللاتي تم اعتقالهن أخوات وأمهات لهذا الشعب وشرف وكرامة كل واحد منا، فهل تحفظ كرامتهن في السجون والمعتقلات؟ العلماء الذين لهم كرامة واحترام، فهل يراعى احترامهم في السجون؟ الأكاديميون والطلاب والشباب المسجونون هل تُحفظ كرامتهم؟ يجب على الممثل مراقبة هذه القضايا والأمور وماذا يفعل النائب الذي لا يستطيع أن يقوم بهذه الأعمال في البرلمان؟! الكرامة والعزة أعظم من الكهرباء والماء وبناء الطرق.
وتابع فضيلته قائلا: الدستور يعتبر الاحتجاج السلمي حق الشعب. على النوّاب أن يرصدوا سبب تعرض العديد للضرب والقتل عندما احتج الشعب سلميا، ونموذج من ذلك ما وقع هنا في مدينة زاهدان، بينما الشعب أتوا هنا للصلاة. أعمال التخريب والشغب مخالفة للقانون والشريعة ولا أحد يوافق عليها، لكن الاحتجاج السلمي حق للشعب، والدستور صرح بذلك. يجب على النواب إما تغيير الدستور أو العمل على هذا الدستور الذي فيه مشكلات كثيرة. هذا الدستور فيه نقاط ضعف كثيرة ولكن فيه أيضا نقاط إيجابية وجيدة، ويجب تطبيق هذه النقاط الإيجابية، ولو أنها طبقت لكانت المشكلات قليلة اليوم.

لم نشهد في البلاد “حكومة الكفاءة الدينية”
وأنكر فضيلته وجود “حكومة الكفاءة الدينية” في البلاد، قائلا: لو كان النواب مستقلين ومن اتجاهات مختلفة، لما ظهرت كثير من هذه المشكلات. البعض يتحدثون عن حكومة الكفاءات الدينية، أي كفاءة دينية؟! لم نر كفاءة دينية في البلاد. وتابع قائلا: إنكم لم تعينوا كفاءات القوميات ومؤهليهم وزيرا بل على مستوى المدير العام، بل تبحثون عن شخص يكون مخلصا ووفيا لكم ويعمل من أجلكم، فالنتيجة تكون هذا الوضع الراهن. يجب أن تتركوا التمثيل والوزارة والأمور لأهلها، ثم تشاهدون التغييرات التي ستحدث، عندما يُعهد بالأمر إلى شخص غير أهل فهو سيوقع نفسه وإياكم في المشكلات، وسيكون الشعب في مصيبة وبلاء.

لو كانت هناك حرية تعبير لما كان الصحفيون في السجون / يجب أن يتمتع المحامون بالحرية
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: تصرفوا مثل البلدان الأخرى في العالم، وانظروا كيف يختارون الرئيس والممثلين والوزراء. عندما يمرّ الشخص من عشرات الموانع والعراقيل التي تضعونها أمامهم، فهذه هي النتيجة التي نشاهدها، حيث أن هناك عندنا برلمان وتوجد في البلاد قضايا ونشأت مشكلات للشعب، وأنت في البرلمان لست ممثل الحاكم والحكومة، بل أنت تمثل الشعب، فكم وقفت بجانب الشعب ودافعت عن حقوقه في هذه المشكلات؟ إلى أي مدى دافعت عن العدل وحرية التعبير؟ فلو كانت حرية التعبير فلماذا يلقى الصحفيون في السجون؟!
وتابع فضيلته قائلا: قرأت خبرا صدمني وهو أن الأمين العام لقنابة المحامين أعلن عن استدعاء سبعين محاميا. في أي منطقة على وجه الأرض يستدعون سبعين محاميا؟ واجب المحامي هو الدفاع عن حقوق الشعب؛ فعندما تستدعون هؤلاء المحامين ويضع النظام القضائي بعضهم في السجن، فمن يجرؤ على القيام بمهنة المحاماة؟ هذه التصرفات ليست معقولة، يجب أن يتمتع المحامون بحريتهم.
وأكد فضيلته قائلا: يجب أن تكون هناك حرية التعبير والقلم. عندما أقول “يجب”، فهذا ليس أمري، بل حرية التعبير والقلم حكم الشريعة الإسلامية، والحرية جزء من السياسة الإسلامية. كان الناس يعرضون مطالبهم على النبي صلى الله عليه وسلم، ففي غزوة بدر لما أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعسكره في منطقة، قال أحد الصحابة لرسول الله: يا رسول الله، أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتعداه، ولا نقصر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟»، فقال النبي محمد: «بل هو الرأي والحرب والمكيدة»، فأشار على النبي بتغيير موضع معسكره ليحولوا.
وأردف خطيب أهل السنة في زاهدان: في الحكومة الإسلامية، الحكم الوحيد الذي يكون مقدسا هو الذي تؤيده الشريعة، أما الرأي الشخصي للحاكم فلا يستيطع أن يكون حكما. كانوا ينتقدون عليا رضي الله عنه رغم مكانته العالية، ورغم أنه كان من أولياء الله تعالى، وكان الخلفاء الراشدون جميعا هكذا. عندما نقول “حكومة إسلامية” يجب أن تكون على سيرة هؤلاء الكبار، لا وفقا لأهوائنا وآرائنا.
واستطرد فضيلته قائلا: سبق لي أن عبرت عن بعض الأمور عن “الإسلام السياسي” و”السياسة الإسلامية” وقلت: إن هناك نظريتين ورأي الجمهور أن السياسة يجب أن تخضع للدين. في “السياسة الإسلامية” يحرم الكذب وأي عمل مخالف للشريعة، وليس لأحد سلطة خاصة إلا تنفيذ القانون. لكن في “الإسلام السياسي”، وهو رأي أقلية من المسلمين، كل ما تتطلبه السياسة هو الإسلام أيضا. يجب أن تكون السياسة إسلامية، فكما أن الصلاة والصوم والحج وسائر العبادات يجب أن تخضع لأحكام الإسلام، وإذا لم تكن خاضعة للإسلام فلن تقبل.

ظاهرة السفور لا يمكن حلها بأي قانون أو قرار / يجب الحفاظ على كرامة ومكانة المرأة
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى قضية السفور في البلاد، وقال: أصبح السفور في البلاد اليوم هو الشغل الشاغل للمسؤولين والعلماء. كانت النسوة في إيران يرتدين الحجاب، فماذا حدث حيث خلعن الحجاب؟! الحقيقة هي أن هذا هو نتيجة التصرفات السيئة، فالنساء اللواتي لا يرتدين الحجاب اليوم، كن يرتدين الحجاب في الماضي. الحجاب والستار من لباس المسلمين وأهل المشرق، لكن المسؤولين أثاروا في النساء الكراهية والأحقاد.
وصرح فضيلته: اسمعوا هذه الرسالة من مواطنكم أن هذه الظاهرة لن تحل بأي قانون أو قرار، بل تزداد سوءًا. يجب التحقق مما تسبب في استياء المرأة وعليكم بتوفير مرضاتها والشعب. لا تعاملوا النساء بعنف فإنه لا يجدي. عاملوهنّ بكرامة واحترام.

الشعب هم أولياء النعمة، فشاوروهم
وأضاف مدير دار العلوم زاهدان قائلا: عندما توجد العلة وتحاربون المعلول، فهذه من المسلّمات في العالم أن هذه الحرب لا جدوى منها. شعب إيران الآن جائع و يساوي 53 مليون تومان، ألف دولار، بينما كان مليون تومان لدينا ألف دولار في السابق. تلقت الحكومة الدولار من النظام السابق وهي تساوي سبعة تومانات، لماذا وصلت إلى 53 ألف تومان؟ الشعب جائع ويشكون من انعدام الحرية والعدالة، فإن قمتم بحل هذه المشكلات، سيتم حل المشكلات الأخرى.
واستطرد فضيلته قائلا: اسألوا الشعب، فالشعب هم الأصل وأولياء النعمة، ولو كنت مكانكم لكنت تركت كل شيء للشعب وكنت أقول إنني أستسلم لرأي الجمهور، فإذا كان الجمهور 80 مليوناً ، يجب الخضوع لما يريد هؤلاء، فعندئذ تحل المشكلات.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات