وقعتْ يوم الجمعة 3 ربيع الأوّل 1444 في زاهدان مركز محافظة سيستان وبلوشستان شرقيّ إيران، كارثة ومجزرة دامية، استشهد فيها خلالَ الساعات الأولى منها أكثر من 40 مصلّياً وأصيب أكثر من 100 شخص بينهم أطفال أيضا، وهي أكثر الحوادث دمويّةً وبشاعةً في تاريخ البلاد ارتكبت بحقّ المصلين من أهل السنة في زاهدان.
نشر العديد من الشائعات والتقارير حول هذه الحادثة، كما حاول المسؤولون والإعلام الحكوميّ إخفاء حقيقة المجزرة بتقديم تقارير كاذبة، وجرت محاولات منهم لتشويه الرأي العامّ وخداعه من خلال نشر الأكاذيب والوثائق المزوّرة وإعلان هذه الجريمة على أنّها عمل إرهابي قامت به الجماعات المسلحة الإرهابية.
بناء على هذا جاء بيانُ فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان لإيضاح حقيقة ما جرى في ذلك اليوم، وشرح تفاصيلها، وتفنيد كافّة الأكاذيب والمزاعم التي بُثت بوجود الجماعات المسلحة في المحل.
حيث قال فضيلته في هذا البيان: “لدينا تقارير أن أشخاصا استقروا في الأطراف على أسطح المنازل، وفي البداية تم إطلاق الرصاص الحي من مخفر الشرطة، وإن قوات الأمن لم تطلق النار على الشباب الذين تجمعوا أمام مركز الشرطة فحسب، بل أطلقت النار على المصلين أيضًا وألقت الغاز المسيل للدموع على الرجال والنساء، حيث استشهدت إحدى السيدات داخل المصلى. ثم يحضر عناصر مسلحون بزي مدني يستهدفون المصلين الذين يخرجون إلى بيوتهم من أبواب المصلى، وأكثر الرصاصات استهدفت رؤوس المصلين وصدورهم، ويعلم أنها من صنع القناصة، وحدثت كارثة مع الأسف، قتل فيها العشرات. عدد القتلى الذين وصلنا أكثر من أربعين شخصا، وهناك جرحى في هذه الحادثة وعددهم كبير جدا، وليست لدينا معلومات دقيقة عن عدد الجرحى، ولكننا نعلم أنهم أكثر من مائة جريح، ويتوفى الكثير منهم، ويزداد عدد قتلى الحادثة، والبعض نقلوا الجنائز إلى القرى، وليست لنا معرفة بعددهم. هناك وقع ظلم، ومن يعطي جواب الرب على هذا الظلم؟ هؤلاء بشر، وهؤلاء مصلون أدوا صلاتهم، وكانوا يعودون من الصلاة إلى بيوتهم، لكن وقعت بحقهم هذه المجزرة التي هي غير مسبوقة في نوعها.”
والحقيقة أن في الجمعة الدامية الماضية وقع ظلم كبير بحق الأبرياء العزّل من أبناء أهل السنّة في مدينة زاهدان الذين حضروا لأداء صلاة الجمعة، وبعد دقائق من أداء فريضة الجمعة تفاجئوا بسماع إطلاق النار، ثمّ تبيّن لاحقاً أنّ عناصر الشرطة كانوا قد أطلقوا النّار على المصلين الذين غادروا الجامع، وساعدتهم على ذلك قوّات الوحدة الخاصة التي يبدو أنها كانت قد استقرّت في مواضع أطراف الجامع من قبل، وكانت تطلق الرصاص الحيّ ليس فقط على الشباب الذين تجمّعوا أمام مركز الشرطة للاحتجاج، بل كانوا يُطلقون الرصاص من فوق مبنى الشرطة على الجامع وعلى كلّ من يعود إلى بيته، إضافة إلى ذلك فكان القنّاصة الذين استقرّوا فوق أسطح المنازل أيضا يُطلقون النّار على العائدين إلى منازلهم من الجامع.
لا شكّ أنّ ما وقع في الجمعة 3 ربيع الأول 1444 في زاهدان كانت جريمة ومجزرة؛ جريمة دمويّة في جانب منها المصلّون الأبرياء من أهل السنة في زاهدان، الذين كانوا يريدون العودة إلى منازلهم، وفي جانب آخر منها رصاصات تستهدف رؤوس المصلين وصدورهم، تطلقها إمّا قوات الشرطة، أو قوات التعبئة، أو القوات الأمنية!
لقد توتّرت أوضاع مدينة زاهدان بعد هذه المجزرة، وتجمع المئات من الشباب الغاضبين على مقتل المصلين بغير حق في مركز المدينة وضواحيها، وكانت الأوضاع والأجواء ذاهبة نحو السوء والتدهور، لكن قام فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنّة في زاهدان، بدعوة الجماهير إلى الهدوء وضبط النفس، حتى لا تزيد أحوال المدينة والمحافظة سوءا، على أمل أن يتمّ التحقيق بجدية في هذا الحادث الدموي.
عاد الهدوءُ والأمن إلى مدينة زاهدان بجهود العلماء هذه الأيام، لكن لم يهدأ غضبُ الشارع بسبب الجريمة التي ارتكبت بحقّهم ولا شكاويهم وشكاوي أهل السنة، ولم يسكن خاطرهم، وتدور في أذهانهم وفي أذهان كلّ من سمع بهذه الجريمة من أبناء أهل السنة أسئلة تنتظر أجوبة مُقنعة من الحكومة والمسؤولين والقوّات الأمنية في البلاد: إذا كانت هناك بضعة شباب تجمّعوا للاحتجاج، فلماذا إطلاق الرصاص الحي على سائر المصلين، وعلى مباني الجامع والجامعة، ومنازل الناس؟ لماذا لم تستخدم قوات الشرطة وغيرها من القوات الأمنية أدوات أخرى تستعمل عادة في البلدان الأخرى لتفريق جموع المتظاهرين مثل الغاز المسيل للدموع والرّصاص المطاطي؟!
تعليقات