اليوم :19 April 2024

هل المسلمات المحجبات مستهدفات بالعنصرية في أستراليا والهند؟

هل المسلمات المحجبات مستهدفات بالعنصرية في أستراليا والهند؟

توصلت دراسة أسترالية جديدة إلى أن معظم ضحايا الإساءة العنصرية الموجهة ضد المسلمين في أستراليا كنَّ من النساء اللواتي يرتدين الحجاب، وأن غالبية الجناة كانوا من الرجال.
وأجرت الدراسة التي قادتها وأشرفت عليها الدكتورة ديريا إنير من جامعة تشارلز ستورت، مسحا لقرابة 250 حادثة تشهير واعتداء ديني وعرقي عبر الإنترنت وخارجه، من يناير/كانون الثاني 2018 إلى ديسمبر/كانون الأول 2019.
واعتمدت الدراسة على بيانات تم التحقق منها من سجلات الإسلاموفوبيا في أستراليا، وهي خدمة يديرها المجتمع المدني تأسست عام 2014، لتحليل 138 حادثة اعتداء جسدية و109 حالات اعتداء عبر الإنترنت، وذلك كما ذكرت منصة “إيه إيه بي” (AAP) الأسترالية التي نشرت أهم ما ورد في الدراسة قبل أيام.
تقول الدكتورة إنير: “المحجبات والوحيدات والنساء مع الأطفال، معرضات أكثر للخطر باعتبارهن أسهل الأهداف للجناة الجبناء”.
وأضافت “من بين الضحايا الـ103، كان 85% منهن يرتدين الحجاب، و48% بمفردهن، و15% مع أطفال، و12% مع نساء أخريات”.
وقال الباحثون إن ما يقرب من ثلثي حوادث الاعتداء الجسدي (63%) وقعت في الأماكن العامة، وارتكبها رجال (74%).
وجاء في الدراسة أن “السلوكات المسيئة للمحجبات تعكس أيضا عدم التسامح تجاه المسلمين، وخاصة تجاه النساء اللواتي يعبّرن عن إيمانهن عن طريق ارتداء الحجاب”.
وحللت الدراسة -التي صدرت في الذكرى الثالثة لمذبحة كرايست تشيرتش التي حدثت في نيوزيلندا- كيف ألهمت تلك الهجمات الدامية المزيد من المتعصبين البيض لممارسة الانتهاكات العنصرية عبر الإنترنت.
وكان مسلح أسترالي قومي أبيض قد قتل 51 مصليا مسلما في مارس/آذار 2019 في مسجد كرايست تشيرتش، وفي الأسبوعين اللاحقين للهجوم، ارتفع خطاب الكراهية عبر الإنترنت تجاه المسلمين في أستراليا بنسبة وصلت إلى 65%.
وحدثت معظم حالات الإساءة للإسلام التي تم فحصها عبر الإنترنت -والبالغ عددها 109 حالات- على منصة فيسبوك (83)، وهي منصة شائعة بين الجماعات اليمينية والنازية الجديدة في البلاد.
وقال الباحثون الذين أرفقوا لقطات فيديو من الانتهاكات التي تتم عبر الإنترنت ضد المسلمين بما في ذلك التهديدات بالقتل، إن الأحزاب السياسية وقادة اليمين المتطرف في أستراليا كان لهم “دور رئيسي في خلق أجندات الكراهية عبر الإنترنت التي أعاد إنتاجها مديرو وأتباع الجماعات اليمينية المتطرفة”.
وقالت الدكتورة إنير: “إن طبيعة هجمات كرايست تشيرتش وأصلها وتأثيراتها على الإنترنت، تثبت أن التعامل مع العنف عبر الإنترنت باعتباره أقل أهمية وواقعية هو وهم بكل تأكيد وغير مفيد”.
ودعت إلى اتباع نهج شامل في التعامل مع التمييز العنصري، يأخذ في عين الاعتبار شدة وقوة شبكات الكراهية الافتراضية.
وخلصت الدراسة إلى أن الإسلاموفوبيا ليست مشكلة إسلامية فقط، “ولكنها خطر على التماسك الاجتماعي في أستراليا كلها، وهو ما يتطلب مشاركة وطنية شاملة إذا أرادت أستراليا أن ترقى إلى مستوى تراثها المتعدد الثقافات الذي عرفت به عبر تاريخها الحديث”.
هذا في أستراليا، أما في الهند فإن الأمر لا يقل عنصرية وسوءا، حيث تتم ممارسة العنصرية ضد المحجبات بشكل سافر في المجتمع، وبالذات في العمل، حيث ترفض كثير من الشركات الهندية توظيف المسلمات المحجبات بحجة أنهن “غير جيدات للعمل”، وذلك بحسب ما ذكرت منصة “ذا واير” (TheWire) في تقرير لها مؤخرا، روى بعضا من قصص معاناة المحجبات في الهند، ومن هذه القصص قصة وفاء.
في العام الماضي، أجرت وفاء -الفتاة المسلمة التي تبلغ من العمر 30 عاما- مقابلة عبر الإنترنت للحصول على وظيفة في شركة علاقات عامة، وقد سارت الأمور على ما يرام، بل كانت هناك تلميحات إلى أنه يمكن أن يتم استدعاؤها من أجل إجراء مقابلة شخصية في مقرّ الشركة، ولكن عندما كشفت أخيرا أنها ترتدي الحجاب، ساد الصمت أولا، ثم السؤال: “هل ستتمكنين من حضور الحفلات؟”، ولم ينتظر المحاور الجواب ليقول بحسم “لن تبدو جيدة للأعمال”، أي لن تحضر أي حفل وهي ترتدي الحجاب، ثم لم تسمع وفاء منهم شيئا بعد ذلك.
وبحثت وفاء عن عمل في مكان آخر، حيث تقدمت بطلب للحصول على وظيفة “كاتبة محتوى” مع شركة تنتج محتوى مكتوبا عن الهندوسية.
لم يمنع اسمها موظفي الموارد البشرية في الشركة من الاتصال بها لإجراء مقابلة، لكن بعد أن قالت وفاء إنها ترتدي الحجاب، قال المحاور إنه سيعود إليها بعد التحدث إلى مديره، ولم تسمع شيئا منه مرة أخرى.
وقالت وفاء: “لقد حدث هذا عدة مرات، حيث يتم الحكم على مظهري الخارجي أكثر مما هو داخل رأسي.. إنه شعور سيئ لأنه لا يتم الحكم عليّ على أساس مؤهلاتي، بل من ملابسي”.
وتضيف وفاء إن المجتمع الهندي “يجعلني أشعر أنني مختلفة، إذ لا يتم استجواب الأشخاص من الديانات الأخرى الذين يرتدون رموزا دينية ظاهرة. رجال السيخ -على سبيل المثال- يرتدون العمائم، وكذلك قسم من النساء السيخ، كما يرتدي الهندوس التيلاك إذا أرادوا ذلك، لكن لا يُطلب منهم إزالة رموزهم الدينية قبل مجيئهم إلى المكتب”.
لقد كان ارتداء الحجاب اختيار وفاء الشخصي، فلم يجبرها عليه أحد من أهلها وأقاربها، وحين كانت في السنة الثالثة في الكلية، كانت تستعرض شعرها الحريري الطويل أمام رفاقها، وكان قرارها ارتداء الحجاب مبنيًا على الراحة: فالحجاب يبعد الشمس عن رأسها وعنقها وكتفيها في صيف دلهي الحار، ويضمن لها الدفء في الشتاء. وكررت قائلة “لقد كان اختيارا شخصيا.. أخبرني بعض الأصدقاء والمعارف أنني سأبدو أجمل من دون الحجاب، لكن لدي الحق في ارتداء ما يعجبني أنا لا ما يعجب الآخرين”.
وهناك قصص كثيرة في الهند تشبه قصة وفاء في مجتمع يحتوي على أكثر من 180 ديانة، ومع ذلك يبقى للمسلمين وضع خاص في المجتمع الهندي الذي يعلن أنه يحترم الحرية والأديان وحق الاختلاف.

المصدر: الجزيرة.نت

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات