اليوم :6 November 2024

بعد مصادرة 7 مليارات دولار من أموالها.. الحكومة الأفغانية تهدد بمراجعة موقفها من واشنطن

بعد مصادرة 7 مليارات دولار من أموالها.. الحكومة الأفغانية تهدد بمراجعة موقفها من واشنطن

تقول الحكومة الأفغانية التي تتزعمها حركة طالبان إذا لم تعد الولايات المتحدة النظر في قرارها بشأن الأموال الأفغانية فسيتعين على طالبان إعادة النظر في سياستها تجاه واشنطن، ورأت أن تجميد احتياطات البنك الوطني انتهاك لجميع الأعراف الدولية.
ويقول المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد للجزيرة نت “إن أحداث 11 سبتمبر/ أيلول (2001) لا علاقة لها بالأفغان، وإن مصادرة الأموال الأفغانية وتوزيعها على عائلات ضحايا الحادث انتهاك صريح بحق الشعب الأفغاني، وقرار الرئيس الأميركي الأخير يتعارض بشكل واضح مع الاتفاقية بين الولايات المتحدة وحركة طالبان”.
ووقع الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي أمرا تنفيذيا يسمح لبلاده بالتصرف في 7 مليارات دولار من أموال البنك المركزي الأفغاني مجمدة لدى مؤسسات مالية أميركية، وسيتم تخصيص نصفها لتعويض عائلات ضحايا 11 سبتمبر/أيلول، والنصف الآخر سينفق في هيئة مساعدات إنسانية للشعب الأفغاني.
وستقدم وزارة العدل الأميركية خطة إلى قاض اتحادي بشأن ما يجب فعله بالمبلغ المجمد، وسط دعوات عاجلة من أعضاء الكونغرس الأميركي والأمم المتحدة لاستخدامها في معالجة الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعانيها أفغانستان، والتي تفاقمت منذ سيطرة طالبان على السلطة في أغسطس/آب الماضي.
وبعد ساعات من توقيع الرئيس الأميركي القرار المتعلق بالأموال الأفغانية، ثارت موجة غضب واستياء كبير بين الأفغان حكومة وشعبا، وأبرزهم الرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي ورئيس لجنة المصالحة السابق عبد الله عبد الله، وطالبوا الرئيس الأميركي بمراجعة قراره.
وقال كرزاي -في مؤتمر صحفي عقده في منزله في العاصمة كابل- “إن الاحتياطات الإجمالية للبنك الوطني ليست ملكا لأي حكومة أو نظام، وإنما ملك للشعب الأفغاني، ولن نقبل القرار الأميركي بالتصرف في أموالنا بهذه الطريقة التي طرحها الرئيس جو بايدن، والشعب الأفغاني ضحية الإرهاب العالمي منذ عقدين وبدل أن يساعدنا العالم نعاقب بهذه الطريقة، وعلى الرئيس الأميركي مراجعة قراره”.
وحسب صندوق النقد الدولي، فقد بلغت الاحتياطات الإجمالية للبنك الوطني الأفغاني بنهاية أبريل/نيسان الماضي 9.4 مليارات دولار أميركي، والتي كانت 500 مليون دولار عام 2002.
يقول الخبير الاقتصادي لطف الله لطف للجزيرة نت “إن القرار الأميركي يفتقر إلى المهنية والشرعية؛ لأن أولا هذه الأموال ليست للحكومات الأفغانية بغض النظر عمن يحكم أفغانستان، ثم إن فيها مليارين للقطاع الخاص، فكيف يتصرف الرئيس الأميركي في أموال الناس بهذه الطريقة؟ ثم إن القرار يحتاج إلى مصادقة المحكمة الفدرالية، وأنا على يقين من أنها سترفضه، وأرى أنه قرار سياسي أكثر من أن يكون اقتصاديا”.
وفي حال تنفيذ قرار الرئيس الأميركي وتوزيع الأموال الأفغانية على عائلات ضحايا أحداث 11 سبتمبر/أيلول ستكون هناك عواقب وخيمة على الشعب والاقتصاد الأفغانيين.
ويقول المحلل الاقتصادي حميد ستانكزاي للجزيرة نت “تنفيذ القرار يؤدي إلى مشاكل اقتصادية ومالية كبيرة سيكون من الصعب على الشعب الأفغاني التغلب عليها، حيث ستعتمد البلاد فترة طويلة على المساعدات الأجنبية، وستفقد العملة الأفغانية سعرها مقابل الدولار والعملات الأجنبية، وسيفقد البنك الوطني قدرته على التحكم في سعر العملة الأفغانية”.
ورغم انتقادات شديدة من قبل الأفغان وعدد من الدول ومنظمات إنسانية، فإن تنفيذ قرار الرئيس الأميركي يحتاج إلى سلسلة من الإجراءات القانونية المعقدة حتى يدخل حيز التنفيذ، وستكون هناك تداعيات سلبية على الشعب الأفغاني في حال إصرار الولايات المتحدة على الضغط على حركة طالبان، لذا عليها أن تبحث عن طرق أخرى وليست مصادرة أموال الشعب الأفغاني، حسب ستانكزاي.
ويقول رئيس معهد الدراسات الإستراتيجية تميم عاصي للجزيرة نت “ستعاني 5 أجيال أفغانية من تنفيذ قرار الرئيس الأميركي بتوزيع الأموال الأفغانية وستتحكم المؤسسات الأجنبية في مصير الأفغان عقودا قادمة”.
أما الكاتب والمحلل السياسي سراج الدين إيثار فيقول للجزيرة نت “إن تنفيذ القرار لا يؤثر على حركة طالبان لأنها تمكنت خلال 4 أشهر من جمع 400 مليون دولار ضرائب من الجمارك، وطالبان قللت حجم الحكومة وعدد الموظفين، إضافة إلى خصم رواتبهم، كما أن 300 ألف عنصر أمني ودوائر أخرى لا تتسلم الرواتب”، مضيفا أن “حركة طالبان تملك الأموال الكافية لتيسير أمورها”.
ويرى عدد كبير من الأفغان أن توزيع المساعدات الإنسانية في أفغانستان عن طريق مؤسسات دولية وأممية هدر للأموال، سواء كانت الأموال التي يقترحها الرئيس الأميركي أو غيرها، لأن هذه المؤسسات تنفق حسب رؤيتها وليس حسب الأولوية الأفغانية.
ويقول وزير المالية السابق خالد بايندة للجزيرة نت “إن تسليم الأموال الأفغانية إلى الأمم المتحدة حتى تقوم بتوزيعها على الأفغان يعد خيانة، لأن الأمم المتحدة أنفقت وتنفق على مكاتبها في أفغانستان من أموال المساعدات التي تخصص للأفغان، وعلى حركة طالبان أن تعارض هذا الأمر، وأن تشرف بنفسها على هذه الأمور”.
وتمتلك أفغانستان حاليا 9 مليارات دولار من الاحتياطات، منها 7 مليارات في البنك المركزي الأميركي في نيويورك، والباقي في سويسرا والإمارات العربية المتحدة وألمانيا ومعظمها مودعة على شكل ذهب.
ويقول رئيس البنك الوطني الأفغاني السابق خان أفضل للجزيرة نت “إن الاحتياطي الأفغاني في البنوك الأجنبية معظمه ذهب وعندما يرتفع سعر الذهب تربح أفغانستان سنويا 800 مليون دولار، وفي الوضع العادي تربح 300 مليون دولار”. مشيرا إلى أن “الأزمة الحالية واستخدام هذه الأموال لأغراض سياسية تجعل أفغانستان تخسر ربحا وهذا يؤثر على الوضع المعيشي وسعر العملة الأفغانية”.
في المقابل، يعاني 3.2 ملايين طفل من سوء التغذية في أفغانستان. وحسب برنامج الغذاء العالمي، فإن 23 مليون أفغاني لا يعرفون من أين ستأتي الوجبة التالية، وتنفيذ القرار الأميركي سيؤدي إلى انهيار النظام الاقتصادي الهش أصلا في أفغانستان.
ويقول المحلل الاقتصادي حكمت جليل للجزيرة نت “إن الوضع المعيشي الصعب الذي يعاني منه الشعب الأفغاني سيؤثر لا محالة على الاستقرار السياسي في البلاد، وسيفكر كثيرون في الهجرة إلى أوروبا، ومنذ وضع تحذيرات مالية على الاحتياطي الأفغاني غادر أكثر من مليون أفغاني أفغانستان إلى دول الجوار وأوروبا”.

المصدر: الجزيرة.نت

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات