أكدت فرنسا -اليوم الأحد- حظر تحليق طائراتها العسكرية في أجواء الجزائر، وهوّنت من تداعيات القرار على عملياتها في منطقة الساحل الأفريقي، ويأتي ذلك بعد أن استدعت الجزائر سفيرها من باريس ردا على تصريحات مسيئة لها منسوبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
فقد أكد الجيش الفرنسي اليوم غلق المجال الجوي الجزائري أمام طائراته العسكرية، وقال متحدث باسمه إن الجزائر أغلقت أجواءها أمام رحلتين، معتبرا أن ذلك “لن يكون له عواقب كبيرة” على العمليات في منطقة الساحل الأفريقي التي يتمركز فيها آلاف الجنود الفرنسيين.
وفي وقت سابق اليوم، أفادت مصادر للجزيرة بقرار الحظر الذي اتخذته السلطات الجزائرية في إطار الرد على التصريحات المنسوبة لماكرون.
وكانت الرئاسة الجزائرية قالت -في بيان نشر مساء أمس السبت- إنه “على خلفية التصريحات غير المكذبة لعدد من المصادر الفرنسية المنسوبة للرئيس الفرنسي، ترفض الجزائر رفضا قاطعا أي تدخل في شؤونها الداخلية كما ورد في تلك التصريحات”.
وأضاف البيان “أمام هذه التصريحات اللامسؤولة، قرر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الاستدعاء الفوري لسفير الجزائر بفرنسا محمد عنتر داود للتشاور”.
وحسب البيان الذي نقله التلفزيون الرسمي، فإن تصريحات ماكرون تمثل “مساسا غير مقبول بذاكرة 5 ملايين و630 ألف شهيد ضحوا بأنفسهم عبر مقاومة شجاعة ضد الاستعمار الفرنسي” بين عامي 1830 و1962.
وأضاف أن “جرائم فرنسا الاستعمارية التي تعدّ ولا تحصى هي إبادة ضد الشعب الجزائري، وهي غير معترف بها (من قبل فرنسا) ولا يمكن أن تكون محل مناورات مسيئة”.
وكانت صحيفة “لوموند” (Le Monde) الفرنسية نقلت تصريحات قالت إن ماكرون أدلى بها أثناء استقباله يوم الخميس الماضي أحفاد عدد من الشخصيات التي كان لها دور في حرب استقلال الجزائر.
وتحدث ماكرون -وفقا للصحيفة- عن “تاريخ رسمي” للجزائر “أعيدت كتابته بالكامل”، “وهو لا يستند إلى حقائق” إنما يتكئ على “خطاب يرتكز على كراهية فرنسا”.
وطعن ماكرون في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي للبلاد عام 1830، وتساءل مستنكرا “هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟”.
ورأى أن الجزائر كانت تحت استعمار آخر قبل الاستعمار الفرنسي، في إشارة إلى الحقبة العثمانية بين عامي 1514 و1830.
وقال “أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماما الدور الذي لعبته في الجزائر والهيمنة التي مارستها والقول إن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون وهو أمر يصدقه الجزائريون”.
وهذه المرة الثانية التي تستدعي فيها الجزائر سفيرها لدى باريس منذ مايو/أيار 2020، عندما استدعت سفيرها صلاح البديوي فورا بعد بث وثائقي يتعلق بالحراك الشعبي في الجزائر على قناة “فرانس 5” (France 5) والقناة البرلمانية.
وفي تصريحاته يوم الخميس، تطرّق ماكرون إلى قرار بلاده تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة لمواطني الجزائر والمغرب وتونس، وقال إنه يستهدف المسؤولين لا الطلاب ولا مجتمع الأعمال.
وأضاف أن الهدف هو “إزعاج من في السلطة” لرفضهم استقبال المهاجرين غير النظاميين الذين ترغب فرنسا في ترحيلهم، حسب قوله.
وقد أعلنت باريس يوم الثلاثاء تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة لمواطني المغرب والجزائر وتونس، مبررة خطوتها بـ”رفض” الدول المغاربية الثلاث إصدار تصاريح قنصلية لإعادة مهاجرين ترغب فرنسا في ترحيلهم من أراضيها.
وإثر ذلك، استدعت الخارجية الجزائرية السفير الفرنسي لديها لإبلاغه اعتراض السلطات على تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين سنويا إلى النصف.
المصدر : الجزيرة.نت
تعليقات