دعا فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في الثامن عشر من رجب ١٤٤١، في فيديو قصير، إلی دراسة علل تفشي فيروس كورونا، وضرورة الالتجاء إلى الله الذي أنزل هذا الضرّ، والذي يقدر علی رفعه.
وقال فضيلته: «يجب أن نتأمل بأن الذين يُعتقد فيهم أنهم يشفون المرض، ويبرئون الأعمی، ويهبون الأولاد لمن لا أولاد لهم، لم ينصرونا اليوم في مصيبة كورونا، ولا يستطيعون نصرنا، لأن هذه الآفات والبلايا ينزلها الله تعالی، وهو الذي يرفعها. إن الله تعالی هو الذي يشفي المريض، وهو الذي يبرئ الأكمه، وهو الذي يملك الضر والنفع، والقرآن صرّح بهذا».
ثم تابع فضيلته قائلا: «يجب أن ندعو الله، ونتوسل به، وندعوه بأسمائه الحسنی، ونتوسل بها، ونتوسل بالخيرات والصدقات. يجب أن نتوسل بمَن أنزل هذه الآفة، وبمن يقدر علی رفعها، فلا مجيب سوی الله، ولا كاشف لهذا الضر سوی الله تعالی، وإلی هذا يشير القرآن الكريم: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو}».
ثم أضاف فضيلته: «يقول الله تعالی لحبيبه: {قل لا أملك لنفسی نفعا ولا ضرا}؛ حينما لا يملك الرسول الأعظم ضرا ولا نفعا لنفسه، فكيف يملك ذلك من هو دونه، والأولياء جميعا مقتطفون من ثمرات دعوته».
لکن مع الأسف البالغ لم يتحمل البعض هذا الشطر من البيان التوحيدي القرآني الواضح للشيخ، فقاموا يتهمون الشيخ بما هو بريء منه، ويحملون كلامه علی محامل باطلة لحاجة في نفوسهم، فمنهم من يصرح قائلا: إن الشيخ أنكر التوسل والشفاعة، وآخر يقول: أنكر الشيخ الأسباب والأطباء والأدواء، ويقول ثالث: إن الشيخ أنكر آيات من القرآن و…
والحقيقة أن شيخَنا لم ينكر التوسّل ولا الشفاعة ولا غير ذلك؛ شيخُنا أنكر أنْ يُعبد مع الله غيرُه. شيخُنا أنكر أن يُعطی لغير الله شيءٌ من تلك الصفات والأعمال التي خصّها الله تعالی لنفسه. شيخُنا أنكر أن يُضيّع أعظمُ حق الله علی عباده وهو أن يعبدوه ولا يشركوا معه أحدا في عبادته ولا في ذاته ولا في صفاته. شيخُنا أنكر أن یُدعی غيرُ الله كما يُدعی الله، وأنْ تطلب الحاجة من غير الله في موضع لا تطلب إلا من الله.
شيخنا أنكر أن يستغاث بغير الله كما يستغاث بالله وفي ظروف لا يستغاث إلا بالله العظيم القادر علی كشف الضر وإجابة المضطرّ.
شيخُنا أنكر أن يُنذر لغیر الله، ويُطاف قبرُه كما يُطاف بيتُ الله، لأن النذر والطواف عبادتان خصهما الله لنفسه لما قال: {وليوفوا نذورهم ولیطوفوا بالبيت العتيق}.
شيخُنا أنكر أن يکون لغير الله علمٌ محيط شامل كعلم الله، لأن العلم المحيط الشامل الذي يحيط بالمشهود والمغيب صفة خاصة بالله تعالی، فقال عز وجل: {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله}.
إن شيخنا أنكر أن يكون لغير الله تصرّفٌ في الكائنات کتصرّف الله، لأن القدرة المطلقة من الصفات الخاصة بالله تعالی لم يجعلها لأحد من خلقه.
إن شيخَنا فضيلة الشيخ عبد الحميد لم يأت بإنكارٍ من عنده، وإنما ذكّر الجميع بما أنكره القرآن الكريم وسائر الكتب والصحف السماوية، وبما أنكره الأنبیاء والمرسلون والصديقون والصحابة وأهل البيت جميعا من قبلُ، فقد أنكروا جميعا أنُ يُجعل لغير الله شيءٌ من الأعمال والصفات التي خصها الله تعالی لنفسه علی لسان أنبيائه ورسله، والتي صرّح بذلك القرآن الكريم بأوضح بيانٍ وأصفی كلام لا يشوبه ظنّ ولا تأويل ولا مجاز ولا نسخ ولا أي شيء آخر.
تعليقات