مدينة “بيرجند” أكبر مدينة في جنوب “خراسان” (شرق إيران)، ومركز محافظة “خراسان الجنوبية”، وهي من المدن التاريخية والمشهورة لإيران. يبلغ عدد سكان هذه المدينة إلى 200 ألف نسمة. يشكل أهل السنة قرابة 45 ألف من هذا العدد حسب الإحصائيات التي تقدمها المصادر المحلية.
لكن مع الأسف يواجه أهل السنة في “بيرجند” كالكثير من مناطق أهل السنة في إيران، أوضاعا سيئة تعود جذورها إلى الضغوطات والمضايقات المفروضة عليهم من بعض الجهات والمؤسسات في البلاد.
أهل السنة في بيرجند كالمناطق والمدن الأخرى التي يعيش فيها أهل السنة، ليسوا على أوضاع جيدة في مجال النشاطات الدينية والمذهبية والثقافية، ويواجهون مشكلات ومضايقات.
قام موقع “سني أون لاين” في تقرير موجز إلى البحث عن المسائل والمشكلات الدينية والمذهبية لأهل السنة على لسان بعض سكان هذه المدينة.
مدينة بيرجند فيها مسجد واحد لأهل السنة
أحد سكان “بيرجند” الذي قضى أربعين سنة من عمره في هذه المدينة وله تعلق قوي بالمسجد والصلاة، يشكو في حواره مع مراسل “سني أون لاين” قلة المساجد في هذه المدينة قائلا: أهل السنّة في “بيرجند” لهم مسجد واحد، وهو أيضا أسس قبل الثورة، وكلّ ما استطاعوا التغيير فيه بعد الثورة تداركا لضيق المكان بسبب تزايد المصلين هو إضافة طابقين فوقه.
يضيف هذا الناشط الديني والثقافي في بيرجند: بسبب ضيق المكان في المسجد الوحيد لأهل السنة، يصطف الكثير من المصلين لأداء صلاة الجمعة والعيدين في الشوارع، ما يؤدي إلى الحرج لهم في الشتاء والصيف وسبب إيذاء المواطنين.
وصرح قائلا: من المثير للغرابة أن الكثير من المسؤولين يحضرون أحيانا الجمعة أو الاجتماعات التي تعقد بمناسبات أخرى في المسجد الجامع لأهل السنة في بيرجند، ويخطبون ويشاهدون الأوضاع عن قريب، لكنهم رغم المطالب العديدة المطروحة إليهم من جانب العلماء وعامة الناس، لا يقومون بشيء ولا يرفعون خطوة لحل هذه المشكلة.
“بيرجند” مدينة بلا مصلى للعيدين
ويشير أحد الشباب من أهل السنة في “بيرجند” إلى قضية مصلى أهل السنة في هذه المدينة، ويضيف قائلا: منذ خمس عشرة سنة وطرحت قضية مصلى العيد في “بيرجند” مع رؤساء المحافظة وحكام المدينة في رسائل مكتوبة وبطريقة شفهية، لكن إلى الآن لم يجدوا جوابا مقنعا.
ويتحدث هذا الشاب عن مصلى الشيعة الذي اكتمل بنائه في مكان واسع جدا، والذي أنفقت الحكومة سبع مليارات تومانا لبنائه وإعماره حسب قول البعض، ويؤكد قائلا: لسنا نتوقع المساعدة المالية من الحكومة وسائر المؤسسات لبناء المصلى، لكننا نريد فقط أن يؤذن لنا بتخصيص مكان لأجل هذا الهدف ليمكن لنا أن نعبد الله ونصلي العيدين بارتياح وراحة البال.
مصليات معدودة بنشاطات محظورة
لما اطلعنا على أن مدينة “بيرجند” تعاني من قلة المساجد، سألنا بعض الأهالي: فماذا يفعل عشرات الآلاف من أهل السنة الذين يسكنون في مختلف أنحاء هذه المدينة لأداء الصلاة؟
يردون: يوجد داخل المدينة 13 مصلى، وهذه المصليات في الحقيقة أماكن استاجرها المواطنون أو اشتروها، لكننا مأذنون فقط بإقامة الصلاة فيها، ولا يؤذن لنا أن نستخدم مكبرات الصوت للأذان.
يشير أحد التلاميذ وله محبة خاصة مع العلماء وجلسات الوعظ وحلقات تعليم القرآن والأحكام الدينية، إلى المضايقات الموجودة في هذه المصليات، ويستطرد قائلا: لا يسمح في هذه المصليات بإلقاء الخطب وعقد الجلسات، وحلقات تعليم القرآن الكريم للتلاميذ، وإنما يؤذن بها فقط في عطلة الصيف، ولا يؤذن في وقت آخر.
ويضيف: نشاطات الدعوة والتبليغ أيضا محظورة في المصليات، بحيث تم إغلاق مصلى عقب الاستقبال لجماعة من منهم وإيوائهم في المصلّى.
الشرط الغريب لإصدار الترخيص للمصليات
بجانب كافة القيود والمضايقات الموجودة في بناء المسجد والمصليات في مدينة “بيرجند” ذات الأقلية السنية، شرطُ إصدار الترخيص لبناء المصلى أثار استغرابنا وزاد في تأسفنا، وهو شرط غريب. فلإصدار الترخيص يجب أن يبلغ عدد ساكني المنطقة التي يطلبون الترخيص لإقامة مصلى للجماعات الخمسة فيها إلى مائة عائلة على الأقلّ، وأن تقدم إلى الجهات المعنية قائمة كاملة من سكان تلك المنطقة وأسماء العوائل الساكنة وعناوين منازلهم!
فموجز الكلام أننا حينما قمنا بدراسة الأوضاع الدينية والمذهبية لأهل السنة في “بيرجند” عن قرب وبطريقة عاجلة وميدانية وسمعنا هذه المضايقات، ومن ناحية أخرى حينما تذكرنا تلك المواد من الدستور التي صرحت بشأن الحريات الدينية والمذهبية والتعليمة لأبناء أهل السنة، أدركنا أنّ مشكلات أهل السنة في “بيرجند” ليست إلا ثمرة من ثمرات ضيق النظر، وفرض الرغبات الذاتية لبعض المسؤولين.
تعليقات