اليوم :28 March 2024

الشخصيات المعتدلة فرصة للنظام لا تهديد!

الشخصيات المعتدلة فرصة للنظام لا تهديد!

أصبح اليوم مفهوم الاعتدال والوسطية ضحية الشعارات الجافة والدعايات المموهة للكثير من الأنظمة المستبدة والديكتاتورية والأحزاب المتطرفة التي جعلت الإسلام سلما للوصول إلى كرامي الحكم مما جعل لهذه الكلمة مفهوما غير المفهوم الذي دعا إليه الإسلام. فالإسلام لا يعرف التطرف والإرهاب، والإسلام لا يعرف الغلو والجفاء، فهو وسط في كل شئ. وعلى أن العلماء هم حملة العلم الشرعي وينفون عن الإسلام ما يعلق به من غبار الجاهلية ويصونون الإسلام من تحريف الغالين وانتحال المبطلين ويقومون في وجه الطغاة والمستبدين بما منحهم الله تعالى من نور البصيرة ومن الحكمة التي دعا إليها القرآن فإن ما يتخذه العلماء الربانيون تجاه الأحداث والأوضاع يتفق وروح الإسلام والشريعة الربانية لا إفراط فيها ولا تفريط. والتاريخ قد أثبت بأن الربانيين من العلماء والمتصفين بالوسطية والاعتدال هم الذين استطاعوا أن يغيروا الأحداث ويجنبوا الأمة الإسلامية من مزالق الحياة. وهم الذين كان لكلمتهم أثر ولدعوتهم بقاء ولرسالتهم استمرار. وإن مثل هؤلاء الشخصيات هم الذين تكفلوا في كل عصر ومصر صيانة الدول الإسلامية من الانهيار والسقوط النهائي والتاريخ يشهد بذلك وما دور الإمام ابن تيمية في الشام والإمام المجدد الشيخ السرهندي والإمام الشاه ولي الله الدهلوي في الهند عنا ببعيد.
وإن فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله تعالى من هؤلاء الأفذاذ الذين لعبوا دورا إيجابيا متزنا في كثير من الأصعدة على حد سواء بما فيها الدينية والسياسية والاجتماعية وقد اعترف بذلك القريب والبعيد، الصديق والعدو، الحكومة والشعب، وإن فضيلة الشيخ بمواقفه المعتدلة قد أحبه الشعب السني والشيعي، وصفّق له الشعبان في كثير من القضايا العالقة التي أدلى بها في ضوء ما حباه الله تعالى من الحنكة والبصيرة والحكمة. وإن ما يتمتع به الشعب السني وبخاصة في إقليم سيستان بلوشستان من الأمن والراحة كله بفضل جهود فضيلة الشيخ عبد الحميد فأهل السنة مع ما عانوا من العنصرية والتمييز الطائفي وما قاسوا من الاضطهاد لم يرفعوا يوما السلاح ولم يناهضوا الحكومة بل طالبوا بحقوقهم عبر الطرق المشروعة وإن مرد الفضل في ذلك يعود إلى ما اتخذه فضيلة الشيخ عبد الحميد من المواقف المرنة تجاه القضايا والأوضاع الساخنة. يقول فضيلة الشيخ في إحدى خطبه في يوم الجمعة: “أهل السنة يرون أنفسهم جزءا من الشعب الإيراني ولم يكونوا أبدا وراء التخريب والفتنة والعنف، ولا يرغبون في العنف والفتنة، وإنما يطالبون بالعدل والمساواة”
وإن جهود فضيلة الشيخ لم تقتصر على مطالبات أهل السنة فحسب بل جل ما يهمه الشعب الإيراني بغض النظر عن انتماءاته الفكرية والعقدية، لذلك فهو يرى الشعب من حيث إنه بشر وإيراني قبل أن يرى ما يحتضن من أفكار وآراء وديانات ويعتقد أن الحكومة يجب أن تتعامل مع الشعب على أنه رعيتها لا على أساس الدين والمذهب. وفي حواراته وخطبه يدعو إلى تطبيق الدستور وإعطاء الشعب حق حرية التعبير وإزالة البطالة والمشكلات المعيشية التي يعانيها الشعب عامة . يقول: “يجب أن يكون الشعب أحرارا في إطار الدستور. البطالة و المعيشة من المشكلات الأخرى التي يجب على المسؤولين أن يتخذوا تدابير لحلها. الحريات المدنية هي من الحقوق الأخرى التي يجب توفيرها للشعب وفقا للدستور، ويجب الاهتمام بمطالب الشعب”.
ويرى فضيلة الشيخ أن إيران للجميع، ولا تخص لمذهب دون آخر، أو لون وعرق دون آخر، فلا حق لسني أن ينال من شيعي على أساس أنه ينتحل مذهب الشيعة وبالعكس. ولا يسوغ لفارس أن يتعرض لبلوش أو كرد على أساس أنه بلوشي أو كردي وبالعكس. إن أساس التفاضل عند الشيخ هو ما دعا إليه الإسلام .إن أكرمكم عند الله أتقاكم. الآية. لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى. الحديث. إذن مدار التفاضل هو التقوى وهو أمر يكون بين العبد وربه. ويرى فضيلة الشيخ أن الحكومة التي تدعي أنها بنيت على أساس الإسلام ينبغي أن يكون التفاضل عندها وتقاسم المناصب والوظائف على أساس المؤهلات التي يتصف بها الرجل من أي عرق أو لون أو مذهب كان.
إن مثل هذه الشخصيات هم في الحقيقة بمثابة العضد والمعين للحكومة والنظام، وهم فرصة للنظام في وقت تعيش بلادنا حالة من الاختناق والاضطراب والاحتراب واليأس. وليس من الإنصاف أن نرى طائفة من المتشددين والمتزمتين يمنعون مثل هذه الشخصية الكبيرة من السفر إلى المدن المجاورة ويضيقون عليه الخناق ثم لا نرى أي إدانة أو إبداء من الأطراف الحكومية. إن هذه التصرفات قد تثير مئات من التساؤلات، وتدفع أهل السنة إلى المزيد من اليأس والتشاؤم وربما تعكس أثرا سلبيا على المجتمع الإيراني. والتعرف الحكومة الجديدة التي يقودها الرئيس روحاني أنها لم تصل إلى سدة الحكم يوم وصلت إلا بعد تأييد فضلية الشيخ عبد الحميد، فلتكن منصفة في اتخاذ القرارات وتولية المناصب وترشيح الوظائف والاحترام بالشخصيات المؤثرة المعتدلة التي تعضد الحكومة وتكون سدا أمام التحديات التي تعترض الحكومة. وهل تجاهلت الحكومة توصيات المرشد الأعلى فيما يتعلق بالمذاهب والفرق وتولية المناصب؟!

المصدر: مجلة الصحوة الإسلامية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات