كان قد أكد الرئيس روحاني في مقابلته التلفزيونية التي قدم فيها تقريرا عن أعمال دولته خلال مائة يوم، على دور القوميات والمذاهب في انتصاره وضرورة الوحدة.
إن كان المحللون السياسيون نوهوا بامتلاك روحاني ثقة النفس العالية في تقديم تقارير العمل، ولكن ما كان شاغرا مكانه في تقريره وقد شمله التغافل مثل السابق، هو حقوق القوميات والمذاهب التي أجلست روحاني على كرسي القدرة بأمل التغيير والتطور في الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وقد اكتفى مرة أخرى لتأدية حقهم بالشكر اللساني والتمجيد قولا.
لا أريد الخوض في الأخلاق الذاتية للسيد روحاني، حيث يوصف بالمتكبر الذي لا يعتني بداعميه أو بغيرهم، لأن هذه الصفة إذا كانت قبيحة في العامة فهي للابسي رداء الدين أقبح، ولا أتطرق أيضا إلى قضية حقوق المواطنة والرؤية الأمنية التي هي بحث مبسوط آخر، بحيث يقول البعض لما أن المحافظ هو رئيس مجلس أمن المحافظة وتطرح القضايا الأمنية في ذلك المجلس، والجمهورية الإسلامية لا تثق بأهل السنة، فلا يمكن لشخص سنيّ أن يكون رئيس المحافظة.
وإن كان في هذه الأوضاع المتفشية في المجتمع لقد انكسرت أبواب الأسرار، ولم تعد الأسرار مختومة بعد، لكن ما هو المهم والمقصود، هو العلاقة بين “التمييز” و”الوحدة”.
هل يمكن أن ندعي الوحدة في مجتمع يوجد فيه التمييز؟
لا شك أن الوحدة في ظل التمييز لا تخلو من وجهين؛ إما الشخص الذي يُمارَس التمييز ضده، شخص غبي لا يعقل حقيقة باسم التمييز والشقاق والمساحة، وإما شخص يفهم كل ذلك، لكنه جعل في أذنيه القطن خوفا أو حفاظا لمنافعه الذاتية العاجلة.
لكن إذا كان انتبه الشخص لمفهوم حقوق “المواطنة” و”التمييز” و”الوحدة”، لا يقبل كلام الرئيس روحاني، بل لن يقبل كلام أي شخص آخر.
فقبول الوحدة والرضا بها في ظل التمييز، ليس إلا سذاجة وحماقة، ويكون أشبه بتقسيم إرث أموال شخص ذكره “الشيخ قانع” الشاعر الكردي الكبير في أبيات شعر، حيث يخصص الأخ الأكبر كل البيت ميراثا له، ومن السقف إلى السماء خصصه لأخيه الأصغر.
لذلك مع وجود هذا التمييز الذي ليس من حقي دخول البيت، ولا أملك من أمور إدارته شيئا، لكن في حفظه ونظافته أبذل كل الجهد، هو تصور غبي عن الوحدة.
منذ أربعين سنة [من عمر الثورة في إيران] ندّعي الوحدة، لكن لا يثق بعضنا ببعض، ونستفيد من آراء القوميات والمذاهب، لكن مباشرة بعد أخذ أصواتهم نكتفي بالقول “جزاكم الله خيرا، انتهت مهمتكم، انطلقوا إلى أعمالكم”.
كان هناك منصب فخري باسم “مستشار رئيس الجمهورية” في عهد الرئيس أحمدى نجاد، لكن تمّ إزالته أيضا. كل هذه المؤتمرات التي تعقد للوحدة في طهران، إن طلب ضيف أجنبي منا أن نأخذه إلى مسجد أهل السنة، ماذا نقول في جوابه في مدينة يسكن فيها أكثر من مليون من أهل السنة؟!
السيد روحاني!
الوحدة المصطنعة اللسانية لا تقنع قلبا، ولا تداوى ألما، وهي أوهن من بيت العنكبوت.
إن كنتم تريدون وحدة صادقة بين الشعب الإيراني، فأفضل الأعمال إنهاء التميزات، وإزالة الرؤية الأمنية، وإسهام كافة الإيرانيين في إدارة البلاد، وإيجاد الثقة المتبادلة.
تعليقات